العدد 70-71 -

العددان 70-71، السنة السادسة، شعبان ورمضان 1413هـ، الموافق شباط وآذار 1993م

الوصايا الأميركية

جوزيف سماحة الحياة 07/02/93

عندما وصل جورج بوش إلى البيت الأبيض في 1988 انتقل معه إلى الإدارة فريق كامل كان سبق له أن أعد تقريراً حول السياسة الأميركية الواجب تنفيذها في الشرق الأوسط. ولم يطبق هؤلاء حرفية ما ورد في التقرير المشار إليه البناء من أجل السلام إنما  حاولوا الاقتراب منه قدر الإمكان.

اليوم، مع وصول بيل كلينتون إلى الرئاسة، يصل معه فريق جديد يملك هو الآخر وجهة نظره المصاغة في كتيب موضوع في إطار «مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» وهي المعروفة بقربها الشديد من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. إذا كان وزير الدفاع ليس اسبن، ومدير التخطيط في الخارجية صموئيل لويس، والمندوبة إلى مجلس الأمن مادلين أولبرايت، أعضاء في هذه المؤسسة فإن مارتن انديك هو في آن معاً مديرها السابق والمسؤول في مجلس الأمن القومي عن ملف الشرق الأوسط.

لذا يبدو مهماً، الاطلاع على فحوى ما ورد تحت عنوان «متابعة السلام، نحو استراتيجية أميركية في عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية»:

1- التقدم نحو السلام ممكن لأن العرب، ككل، مهزومون. الانتصار الأميركي ضد الاتحاد السوفياتي وضد العراق وفر قدراً من الهيمنة يفتح نافذة مؤقتة يجب استغلالها.

2- الاستقرار في المنطقة ضروري للولايات المتحدة ولأمن إسرائيل.

3- شهدت المرحلة الأولى من عملية السلام إنجازات مؤكدة. غير أن سلبيات من شابتها وثمة عناصر قد تتدخل لعرقلتها. يحتكر العرب كل ما يعرقل المسيرة حتى الآن وكل ما هو قابل لعرقلتها لاحقاً: بقاء صدام حسين في السلطة، التسلح السورين العنف في الأرض المحتلة، الرغبة الفلسطينية في تغيير صيغة مدريد، نشاطات «حزب الله».

4- لا تجوز معاملة لبنان، في المفاوضات بصفته بلداً قائماً بذاته، إنه مجرد ساحة اختبار لحسن النوايا ولبناء الثقة بين سورية وإسرائيل.

5- يجب إرغام سورية على التفاوض مع إسرائيل لا مع أميركا. إلى ذلك، يجب الإيحاء لها بأنها لا تملك خيار الحرب وأن البديل الوحيد من السلام هو العزلة والإحباط. وبما أن سورية الحالية عاجزة عن تقديم السلام إلى إسرائيل فإن من الأفضل البحث عن حل مرحلي لا يتضمن انسحاباً شاملاً من الجولان.

6- فلسطينياً، يفترض الاستمرار في سياسة إبعاد منظمة التحرير وتشجيع الوفد على الاستقلال عنها من غير أن تعلب الولايات المتحدة دور العراب للوفد المذكور. إلى ذلك لا يمكن القبول بالمطالب الفلسطينية التي توحي بممارسة السيادة في المرحلة الانتقالية إذ أن هذه واجبة البقاء في أيدي إسرائيل.

7- تغيرت الاعتبارات الاستراتيجية في العالم والمنطقة، غير أن إسرائيل تبقى حاجة أميركية بسبب العداء المستمر للغرب في العالم العربي. وبما أن تل أبيب مطالبة بتقديم تنازلات قد تهدد أمنها فإن الوسيلة الوحيدة لإقناعها بذلك هي تجديد علاقات الثقة بينها وبين واشنطن. ومن علامات ذلك، مثلاً، اعتبار قضية الهجرة قضية إنسانية بحتة وعدم ممارسة أي ضغط في هذا الموضوع. كما أن من واجب الولايات المتحدة الاكتفاء بما فعلته على صعيد تعديل موازين القوى في المنطقة، والامتناع عن أي تدخل في مسار المفاوضات إذا كان هذا التدخل يرمي إلى الضغط على إسرائيل لاتخاذ مواقف معينة.

8- العنصر الحاسم الذي يحدد العلاقات الأميركية ـ العربية هو الرغبة التي تبديها الأطراف العربية في السلام بناء على الشروط المشار إليها واستعدادها لأخذ هموم إسرائيل الأمنية في الاعتبار. في هذا المجال، وتأميناً للمصالح الأميركية، يجب على الولايات المتحدة أن تبذل الجهد المطلوب من أجل منع قيام أي تحالف بين العراق وسورية وإيران.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *