هل يعود بوش لضرب العراق كعمل انتخابي
1992/08/01م
المقالات, كلمات الأعداد
1,757 زيارة
إذا تعاملنا مع السؤال بالمنطق يرجح لدينا أن بوش لا يقدم على ضرب العراق الآن لأسباب منها:
1- الأميركيون يكرهون زج أنفسهم وأولادهم في الحروب فقيامة الآن بحرب يضره انتخابياً.
2- قيامة بحملة جديدة على العراق يثبت على نفسه أن حملته السابقة كانت فاشلة أو ناقصة، ويثبت أن رأي قائده العسكري (شوارتسكوف) كان أصح من رأيه، إذ كان رأي (شوارتسكوف) أن لا يقف القتال حتى يحتل بغداد ويسقط نظام صدام.
3- لو كان يريد هجوماً جديداً فعلاً على العراق لما كان ضيّع الفرصة التي قدّمها العراق حين رفض لمدة 17 يوماً تفتيش وزارعة الزراعة.
هذه أسباب منطقية ومعقولة، ولكن السياسة لا يجوز الاكتفاء بالمنطق حين التعامل معها. السياسة يكون التعامل معها بالواقع وليس بالمنطق وحده. فما هو الواقع الآن بخصوص هذه المسألة؟
الانتخابات الأميركية قريبة، وشعبية بوش في الحضيض حسب جميع الاستطلاعات، والأمر الملحّ عنده الآن هو: ماذا يفعل من أجل استعادة شعبيته وتأمين فوزه؟
عند نجاحه في حرب الخليج قبل عام ونصف كانت شعبيته 92% والآن هي بحدود 30% وقد لاحظنا أن الأمم المتحدة أرسلت هذا الأسبوع مجموعة من خبراء الأسلحة للتفتيش في العراق، العراق قال بأنه لن يسمح بتفتيش مباني الوزارات، وأميركا، بلسان بوش ومساعديه، تقول بأن التفتيش سيحصل لأي مكان وفي أي وقت ولن نصبر كما صبرنا في المرة السابقة. ففي 7/8/92 قال بوش: «صدام سيذعن للقرارات الدولية» وقال: «سنتحدث بثقة كأمة (أميركية) وكمجتمع دولي صادق في رؤية القرارات الدولية نافذة». وفي 9/8/92 قال سكوكورفت: «أعتقد بأن قول الحكومة العراقية أنه لن يسمح للمفتشين بعد الآن بدخول الوزارات هو كلام مرفوض. فالقرار 687 يؤكد الحق في تفتيش أي مكان في أي وقت» وقال بأن صبر أميركا سيكون أسابيع وأقل من أيام.
ناطق باسم الخارجية البريطانية قال في 7/8/92: «الحكومة البريطانية مصرّة على أن يكون رد الفعل سريعاً هذه المرة من جانب المجتمع الدولي إذا عرقل العراق مجدداً مهمة خبراء التفتيش، بعد أزمة وزارة الزراعة».
رئيس أركان القوات المسلحة الروسية دوبينين أعلن في 7/8/92 بأن موسكو مستعدة لإرسال سفينة حربية أو اثنتين إلى الخليج بهدف الانضمام إلى عمل دولي محتمل ضد العراق.
عدد من التجار ورجال الأعمال الذين يتاجرون مع العراق والذين كانوا يتخذون من عمّان مركزاً لعملهم نقلوا مكاتبهم إلى تركيا لأن لديهم معلومات عن احتمال توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية للعراق، وهذا سيرافقه تشديد الحصار الاقتصادي على العراق من الأراضي الأردنية.
حتى الآن (10/8/92) فإن فريق المفتشين الذي يرأسه روسي يقول بأن العراق يسهل له مهمته. فهل فهم العراق جدية أميركا هذه المرة فأذعن مباشرة كما قال بوش؟ وإذا أذعن فهل تمر المسألة دون ضربة أميركية للعراق؟
نعم هذا هو الأرجح، بوش لم يكن مخططاً لضرب العراق عند محاصرة وزارة الزراعة، ولذلك كان محرجاً ومتردداً، وقد خسر شعبياً جراء موقفه هذا. وجاء الآن يريد رد اعتباره، بل يريد تحقيق مكاسب. وإذا أذعن العراق فإن بوش لن يكتفي بإذعان عابر بل يريد أن يظهر قدرته وهيبته لتمريغ أنف العراق وتأديبه. فإذا تمرد العراق وتحدّى فالمرجح أن تقوم أميركا بعمل عسكري لإسقاط نظام صدام، لأن أي عمل عسكري يبقي صداماً على رأس السلطة سيعتبر فاشلاً أو ناقصاً ولن يحقق لبوش غرضه الانتخابي.
وفي 8/8/92 قال وزير الإعلام العراقي بأن إيران أدخلت خلال الشهرين الماضيين نحو أربعة آلاف رجل إلى جنوب العراق وأقاموا قواعد سرية في أهوار الكوت والعمارة، وأقاموا أربعة مراكز أيضاً في المناطق الكردية في شمال العراق. وإذا أضفنا إلى ذلك مهمة الوفد الذي يمثل المعارضة العراقية الذهب إلى واشنطن ليبحث في وضع العراق عند سقوط صدام تخرج بنتيجة أن أميركا تعمل جدياً الآن على إسقاط صدام قبل الانتخابات الأميركية.
دول أوروبا وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا تفضل سقوط بوش ونجاح كلينتون، لأن كلينتون أقل خبرة، ولأن بوش بخبرته الطويلة وقدرته استطاع أن يسوق جميع الدول بعصاه واستطاع أن ينفرد بقيادة العالم. فدول أوروبا تأمل إذا سقط بوش أن تعود إلى حرية الحركة والمنافسة. ولذلك فليس بعيداً على الدول الأوروبية أن تحرّض صدام (سراً) على تحدي أميركا من أجل توريط أميركا في الحرب من جديد، وليس بعيداً أن يرشدوا صدام إلى نقاط الضعف الأميركية من أجل أن تفشل أميركا في حسم الأمر سريعاً فيؤدي هذا إلى سقوط بوش £