(بين الأندلس والقدس)
1992/05/28م
المقالات
1,952 زيارة
حين ذهب الأعاريب إلى مدريد تحركت الأندلس الشهيدة المنسيّة في قبرها، تحركت ونظرت، فماذا رأت؟ رأت أن الذين قتلوها بالأمس يسلّون سيوفهم اليوم لذبح أختها القدس! ورأت الأعراب هناك فظنتهم يريدون قتل الغاصب وانقاذ أختها القدس، ولكن الأعاريب أسلموا القدس للغاصبين هناك في مدريد ليزيدوا من أوجاع أختها الأندلس التي أنّتْ وصرحت:
وواكبكِ الأعرابُ… وَيْحي! ظننتهُمْ يريدون قتل الخاطفِ المُتلفّع
لقد أسلموها… يالِهوْلِ مصيبتي لقد أسلموها فابكِ يا قلبُ واجرعِ
(أنين)
الشاعر: أيمن القادري
صُراخُكِ في الظلماء زلزلَ مضجعي وأيقظ آلامي التي هجعتْ معي
صراخكِ من تحتِ التراب يهزُّني يدوّي دوياً باتَ يخرِقُ مسمعي
تُدمدِمُ جدرانُ المقابرِ كلِّها تردّد أصداءَ النداء المروِّعِ
*****
فتاةٌ بحدّ السيفِ ماتتْ شهيدةً ولم تثأرِ الأعرابُ أو تتوجَّع
وأصبحَ جثمانُ الفتاةِ على الثرى تمزَقُه الأنيابُ دونَ تورّعِ
ولم تلقَ من يرضى بدفنِ ضلوعها إلى أن حَنا سيلٌ بكاها بأدمعِ
فغارتْ إلى عمقِ التُرابِ وأخلدتْ إلى النومِ أجيالاً بغير تقطّعِ
فما أزعجَ الآنَ الفتاةَ وردَّها إلى عالمٍ تخشاهُ خِشيةَ مصرعِ؟
*****
صُراخُكِ سرٌّ فاكشِفي عن نقابِه أأندلسُ الحمراءُ رفقاً بأضلعي
لقد كان يُحييني قيامُك حرّةً فلمّا نهضتِ اليوم تمتمتُ:ارجعي
أجيبي.. أجيبي.. مالِقلبِكِ موجَعاً وما لأنينِ الليل قاسي التفجُّعِ؟
*****
أجابتْ بصوتٍ كاد يخنقُه الأسى ولكنّه ضارٍ كرعدٍ مُلعِلعِ:
«لقد قتلوني يوم داسُوا كرامتي وأُسقيتُ سُمّاً كان مُرَّ التجرُّعِ
وأُسلمتُ للأعداءِ كالنعجةِ التي تُزَفُّ إلى ذئب خَميصٍ مجوَّعِ
فلمّا رضيتُ القتلَ لم يرضَ قاتلي وكلّفني رُعباً وذُلَّ تضرُّعِ
كذا بين غربيِّ وأبناءِ يعرُبٍ قضيتُ وَرُدْتُ القبرَ دون مشيِّعِ
تمرُّ على قبري جيوشٌ كثيفةٌ تفتّشُ عن مجدي القديمِ المضيَّعِ
*****
وها أنذي.. دارتْ كؤوسُ مُدامةٍ على جَدَثي في مَحفِلٍ مُتجمِّع
أرى في النَّدامى كلَّ من هو قاتلي فواعجباً، يأتون من غير برقُعِ
على قبرِ من الأمس كانت شهيدةً تُسَلُّ السيوفُ اليومَ، يا لِلتوجُّعِ
فأختى هي اليومَ التي شيءَ ذبحُها فيا قُدسُ هذا مَذبح الغرب فاركعي
أتَوْا بكِ في الأغلال كَلْمى كليلةً ولم تُمهَلي للصبح حتى تُوَدِّعي
وواكبَكِ الأعرابُ.. ويحي! ظنَنْتُهم يريدون قتلَ الخاطفِ المتلفِّع
ظننتُ جراحَ الأمسِ قد هتفَتْ بهم ظننتُ صخورَ البيدِ قد بدأتْ تعي
ولكنْ.. أرى الأعرابَ ساروا بقربها لتُدركَ أنْ ليس الفِرارُ بمطْمعِ
لقد أسلموها… يا لِهوْلِ مصيبتي لقد أسلموها فابكِ يا قلبُ واجزَعِ
أتُقتَلُ قُربي بين أهلٍ ومعشَر ولا أُطلِقُ الآهاتِ في كلّ بَلْقَعِ؟»
*****
صُراخُك مرٌّ والجراحِ ثخينةٌ نقضُّ منامَ الحرِّ في كلِّ مضجعِ
ولكنْ.. قتلَ القدسِ إن حلَموا به سيغدو هو الكابوسَ عند التطَلُّعِ
تمرّ الليالي في أشدِّ صروفها ولكنّ شمسَ القدس لم تتقوقَعِ
ستُحرقُ بنيانَ الطُغاة بنارها وتُلقى بهم في مدفَنٍ لم يُوَسّعِ
متى دَفَنَ التاريخُ حكَّامَ أمتي سيُلقي الرُّفاتَ القبرُ كالمتوجِّعِ
فكوني صراخاً للجهاد مدوَياً وهُزّي لواءَ الحقّ باليد وارفعي
أيا صرخةَ التحرير ضُجّي وكبّري ويا أمّةَ الإسلام بالأمرِ فاصدعي
اعتذار:
كانت «الوعي» نشرت في عددها رقم (58) خبراً على ص 21 تحت عنوان «مؤتمرات مشبوهة» فيه نقد للمؤتمرات «الاسلامية؟» التي يعقدها القذافي ويتصدر ليؤم المدعوين في الصلاة، وقالت المجلة بأنه (كان الأولى بمن هو أمثال د. عمر عبد الرحمن والشيخ راشد الغنوشي أن يترفعا عن هذه المؤتمرات). وقد صدرت نشرة وُزعت في أوروبا تنكر بشدة أن يكون الشيخان عبد الرحمن والغنوشي صليا وراء القذافي أو ذهبا إلى ليبيا أو أيدا هذه المؤتمرات. والنشرة تهاجم «الوعي» بشدة. و «الوعي» تتحرى أخبارها وتدقق فيها، ولكن جلّ من لا يخطئ. وكان الموقف الصحيح ممن كتب النشرة التي تهاجم «الوعي» أن يلتمس لأخيه عذراً، وأن يلفت نظره إلى الخطأ برفق ويطلب منه تصحيحه. و «الوعي» تعتذر من الشيخين الكريمين، ونسأل الله أن لا يجعل في قلوب المسلمين غِلاً تجاه بعضهم □
1992-05-28