العدد 59 -

السنة الخامسة – العدد 59 – رمضان 1412هـ الموافق آذار 1992م

الشهادات المتضاربة في بريطانيا حول المدفع العملاق

— كشف ثلاثة موظفين كبار في وزارة الدفاع البريطانية في 22/01/92 أمام لجنة خاصة تابعة لمجلس العموم البريطاني عن الظروف التي أدت إلى مشاركة شركتين بريطانيتين في صنع المدفع العملاق لحساب الحكومة العراقية من دون أن تتدخل أي من وزارتي التجارة والصناعة والدفاع البريطانيتين لمنع الأمر على رغم قيام مدير إحدى الشركتين المتورطتين في العملية بتحذير الوزارتين المشار إليهما.

ولم تحتجز السلطات الجمركية الأنابيب المخصصة لتركيبها في المدفع العملاق إلا بعد مرور عامين على بدء إنتاجها. وبدا أعضاء لجنة مجلس العموم أحياناً وكأنهم لا يصدقون ما يسمعون من الشهادات التي تليت أمامهم والتي تنم عن تقصير رسمي فاضح، ومنها شهادة أبقيت على الكتمان قدمها مسؤول رابع في إحدى الوزارتين البريطانيتين، وتشعر الحكومة البريطانية بحرج شديد تجاه ما حصل في هذه المسألة.

اتصالات شفهية

وعندما احتجزت السلطات الجمركية الأنابيب والرسوم التخطيطية المرافقة في نيسان (ابريل) عام 1990 تمكن مسؤول في وزارة الدفاع البريطانية فوراً من القول أن الأنابيب لها تطبيقات عسكرية على رغم أن التجارة والصناعة البريطانية كانت تعتقد أنه من غير المحتمل أن تكون للأنابيب مثل هذه التطبيقات. ومما ظهر أمام لجنة مجلس العموم أن الاتصالات كافة بين المسؤولين في الشركتين البريطانيتين المتورطتين في المشروع وبين المسؤولين في الوزارات البريطانية المختلفة تمت شفهياً من دون تدوين لها£

— تعتزم لجنة تابعة لمجلس العموم البريطاني استدعاء مسؤولين من بنك ميدلاند البريطاني للتحقيق يوم 12/02/92 في قضية توريد شركات بريطانية أنابيب يعتقد أنها كانت ستستخدم في بناء مدفع بعيد المدى في شمال العراق.

ويأتي استجواب ميدلاند وهو الرابع من ناحية الأهمية بعد باركليز وناشونال ويستمنستز ولويدز ضمن التحقيقات المستمرة التي تجريها لجنة التجارة والصناعة مع مسؤولين من عدد من الشركات البريطانية المعنية بتوريد بعض القطع لما يعرف باسم “المدفع العملاق”.

ويبدو من سير التحقيق الذي بثت أجزاء منه في محطات التلفزيون البريطانية أن قرار اللجنة استدعاء ممثلي هذا البنك الكبير كان رداً على اتهام وجهه خلال التحقيقات جيرالد جيمس الرئيس السابق لشركة “استرا” التي وضعت تصاميم المدفع العراقي العملاق.

وزعم هذا الأخير أن الحكومة البريطانية تحاول نشر “غطاء دخاني” لإخفاء حقيقة مساندتها لعمليات بيع الأسلحة ومنها توريد المعدات البريطانية للعراق في الفترة التي سبقت اجتياحه الكويت في بداية آب (أغسطس) عام 1990.

ومن الاتهامات التي أوردها جيمس في معرض ردوده على الأسئلة التي وجهها إليه أعضاء اللجنة احتمال اشتراك بنك ميدلاند في تمويل صفقة طلبتها “استرا” من شركة بلجيكية تضمنت المعدات الخاصة بدفع القذائف في المدفع العملاق.

وشملت تحقيقات اللجنة حتى الآن عدداً كبيراً من المسؤولين في الشركات المعنية وفي الحكومة إضافة إلى عدد من الخبراء بقضايا الأسلحة، وكان من بينهم مسؤولين من شركتي “شيلفد فروج ماسترز” و”وولتر سومرز” اللتين صنعتا الأنابيب بعد الحصول على موافقة وزارة التجارة والصناعة البريطانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *