العدد 114 -

السنة العاشرة – رجب 1417هـ – كانون الأول 1996م

المرأة والرجل في المجتمع الإسلامي

المرأة والرجل في المجتمع الإسلامي

نص المحاضرة التي ألقاها الأستاذ عصام عميرة في جامعة بيرزيت بتاريخ 13/11/1996م. وقد استغرق إلقاء المحاضرة حوالي نصف ساعة بحضور جمع من الطلبة والأساتذة من مختلف الكليات والتخصصات، أجاب بعدها المحاضر على أسئلة الحضور على مدى ساعة كاملة.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي) أما بعد: أيها الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التزام الشرع دون إفراط أو تفريط:

لا يتوقعن أحد منكم أن تكون هذه المحاضرة درساً دينياً تقليدياً حول المرأة المسلمة ما لها وما عليها، أو أن تكون شرحاً لأحكام فقهية فروعية تعالج علاقة الرجل بالمرأة وما ينشأ عن تلك العلاقة من تفاعلات ومشاكل، فكتب الفقه زاخرة بالأحكام التي تعالج وباستفاضة كل تلك التفاعلات والقضايا. ولكن الأمر الأساس الذي سأتصدى له اليوم هو التعرف على سياسة الإسلام في معالجة أمر علاقة الجنس الذكري مع الجنس الأنثوي عند بني البشر، وبالتالي فهم النظام الاجتماعي في الإسلام بشكل أعمق مما هو مألوف عند المسلمين، بعيداً عن التقليد الأعمى لمفاهيم الغرب من جهة وعن الجمود الذي أحاط بعلماء المسلمين ومفكريهم في عصرنا ما أفقدهم القدرة التأثيرية على أبناء الأمة الإسلامية، بل على العكس فقد أدى جمودهم هذا إلى إبعاد الناس عن أحكام الشرع، وعدم الاكتراث بما يقولون، وذلك لسببين:

أولاً: تعاملهم الأعمى مع قضايا المرأة.

ثانياً: عدم ربطهم أحكام النظام الاجتماعي بباقي أنظمة المجتمع.

أما السبب الأول، وإن كان الدافع وراءه صيانة الفضيلة في المجتمع والحفاظ على المرأة المسلمة، إلا أن أصحابه تميزوا بالتعصب الأعمى لحجاب المرأة إلى درجة التضييق عليها وعدم السماح لها بالخروج من بيتها ومباشرة شئونها بنفسها حتى لا ترى أحداً ولا يراها أحد. فحالوا بينها وبين الحياة العامة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وأما السبب الثاني فإنهم لم يدركوا أن الأساس لبحث هذا الأمر هو العقيدة الإسلامية وأن المقياس هو الأحكام الشرعية، وليس المصلحة أو العقل أو المحافظة على التقاليد والعادات والأخلاق، وليس الدافع هو الوقوف في وجه الغزوة الكاسحة القادمة من الغرب، بل أن التصدي لها لا يكون إلا بتكامل تطبيق أنظمة المجتمع في دولة الإسلام الواحدة التي تشكل الدرع الواقي للمسلمين.

تأثر المسلمين بحضارة الغرب:

إذن فقد وقع المسلمون بين مطرقة الغرب وأفكاره عن علاقة الرجل بالمرأة المحصورة في صلات الذكورة والأنوثة دون غيرها، وسندان الضعف الفكري عند علماء المسلمين ومفكريهم في التصدي لهذه الواردات الثقافية المنحطة. ناهيكم عن الترويج الفاضح الذي يمارسه حكام المسلمين لتلك الواردات وكأنها قد نزلت من فوق سبع سماوات.

فماذا كانت النتيجة؟ اندفع المسلمون تحت شعار الحرية الشخصية إلى تسويغ اختلاط الرجال بالنساء من غير حاجة، والسكوت على التبرج وإبداء الزينة لغير المحارم، وتولي المرأة لمناصب الحكم. فشاعت الفاحشة وتدهورت الأخلاق وانحرف التفكير وفسد الذوق وتزعزعت الثقة وهُدمت المقاييس. وصار المجتمع الغربي مقياساً دون أن يؤخذ بعين الاعتبار أن ذلك المجتمع لا يأبه بصلات الذكورة والأنوثة، ولا يرى فيها أي طعن أو معرة، أو مخالفة للسلوك الواجب الاتباع، أو أي مساس بالأخلاق، أو أي خطر عليها. فأن يحضن الرجل امرأة ويقبلها في الشارع العام لا يشكل عندهم خرقاً للعرف أو خدشاً للحياء أو مساساً بالمشاعر، مع أن الإسلام -كما تعلمون- يعتبر هذا وأمثاله من الصلات الذكرية الأنثوية من الجرائم، وعليها عقوبات شديدة من الجلد أو حتى الرجم إن ثبتت الفاحشة على المحصن. ويعتبر مرتكبها منبوذاً منظوراً إليه بعين المقت والازدراء. وأن المرأة في نظر الإسلام أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، وأن ذلك من الأمور التي لا تقبل نقاشاً ولا جدلاً ويجب أن يبذل في سبيل الدفاع عنها المال والنفس عن رضا واندفاع.

ونحن اليوم نتخبط في فوضى لا مثيل لها، وتناقض كبير جراء تأرجحنا بين الجمود والتقليد، وغياب الحكم الإسلامي، فغلب تيار التقليد واندفع المسلمون طوعاً أو كرهاً نحو الكارثة الاجتماعية التي حلت بهم، ليضاف ذلك إلى رصيدهم من الكوارث السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها كثير.

النظام الإلهي هو وحده الصالح:

حضرات الإخوة والأخوات:

من أجل ذلك كان لا بد من دراسة النظام الاجتماعي في الإسلام دراسة شاملة عميقة، حتى تدرك المشاكل بشكل دقيق ومحدد، بأنها اجتماع الرجل والمرأة والعلاقة الناشئة عن اجتماعهما وما يتفرع عن هذه العلاقة.

وإن المطلوب هو علاج هذا الاجتماع، وعلاج العلاقة الناشئة عنه، وعلاج متفرعاتها ومتولداتها ضمن إطار محدد، وهو الكتاب والسنة بغض النظر عن أية معطيات أو مؤثرات أخرى خارجة عنهما. ذلك أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الأزواج كلها ومنها الرجل والمرأة، وهو العليم بما خلق والخبير بما يصلحهم ويفسدهم، فتشريعه لهم هو الحق وما دونه هو الباطل، وكما أن الله سبحانه وتعالى قد أوجد توازنات زوجية في النبات والحيوان ضمن نظام كَرْهِيّ فرضه عليها، فقد أنزل تشريعاً يوجد التوازن بين الأزواج البشرية، إذا هم اتبعوه نجوا وإن خالفوه هلكوا.

من نتائج الحضارة الغربية:

ويختل هذا التوازن في المجتمع بقدر التفريط في الالتزام بمقتضى التشريع. ولقد سمعت يوم أمس نبأً أوردته وكالات الأنباء من الصين مفاده أن أكثر حالات الإجهاض تتم لأجنة أنثوية لأن الأزواج يريدون أبناءً من الذكور نظراً لحاجتهم إليهم، وبسبب منع «الحمل المتكرر» من قبل الدولة. وفي سياق الخبر تعليق حول تكون جيش من العزاب الصينيين بالملايين، لا يقابله عدد من الإناث يكفي لسد حاجتهم، مما أفقد المجتمع توازنه بشكل كبير، وخبر آخر من تركيا حيث قتل في حادث سير رجل أمن كبير وآخر من كبار رجال الجريمة المنظمة، وامرأة كانت في يوم من الأيام ملكة جمال تركيا وأصبحت تعمل مرافقة للرجال!! ولا يزال التحقيق مستمراً في ظروف، وملابسات الحادث، وهناك إحصاءات كثيرة لا أملك منها إلا القليل حول الجرائم الجنسية بالرضا أو بالإكراه، ومع قاصرين ذكوراً وإناثاً -حقائق وأرقام تكاد الأرض تنشق من هولها وتخرُّ لها الجبال هداً. وإحصاءات أخرى عن حالات الطلاق المرتفعة جداً حتى أنها فاقت حالات الزواج في وقت ما في الكويت، وأن نسبة التزايد السكاني في النمسا عام 94 كان –1%، مما يعكس هرماً سكانياً رديئاً شكلاً ومضموناً. وأما الإيدز والأمراض الجنسية الأخرى فهي شواهد صارخة على فساد الأمر.

يضاف إلى ذلك كله ونتيجة للإباحية الدخيلة على مجتمعنا، فقد تخلخلت حالة التوازن الأسري بسبب خروج النساء إلى العمل وطلب العلم الزائد من غير داع يدعو  إلى ذلك، وإخلاء قطاع كبير من البنات لمواقعهن في البيوت استعداداً وتأهيلاً ليكن زوجات وربات بيوت وأمهات وغيابهن المطول في المعاهد والجامعات وأماكن العمل مزاحمة للرجال مما أدى إلى ضعف شديد في الأداء الأنثوي في المجتمع وارتفاع كبير في نسبة البطالة بين الرجال الذين أوجب الله عليهم العمل ولم يوجبه على النساء والبنات.

ونظراً لخلو الشوارع من الضابطة السلوكية الإسلامية قل الحياء وكثرت الملاحقات والمغازلات والتعرض للفتيات والنساء بما يخدش الحياء ويدعو للرذيلة ويهدر الوقت ويضعف الهمة المطلوبة من الشباب لتحقيق الأعمال العظيمة. وتكفي وقفة قصيرة أمام إحدى مدارس البنات الثانوية لتروا العجب العجاب.

العودة إلى ما أنزل الله:

حضرات الإخوة والأخوات:

لستم في حاجة إلى مزيد من الشرح والإسهاب فالحال يغني عن المقال، والشيء المهم هو إعادة النظر فيما نحن فيه والبحث الجاد عن البديل الأنسب، ولعلي أوفق اليوم في عرض وجهة نظر الإسلام في هذا الشأن، والتي أعتقد أنها مفتاح الحل لهذه المعضلة. وإنها لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وأستفتح بالذي هو خير: يقول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

يعتبر هذا النص القرآني مدخلاً لفهم حقيقة الصلة بين الرجل والمرأة بأنه النسل من أجل إبقاء النوع الإنساني. فإذا تمت الصلة الجنسية بين الذكر والذكر أو الحيوان، وبين الأنثى والأنثى والحيوان لا يحصل مقصد النسل وبقاء النوع، بل يحصل إشباع للغريزة فقط، فينتفي بذلك مقصود الخالق من خلق الناس من ذكر وأنثى، وقد أورد الشيخ العلامة تقي الدين النبهاني رحمه الله في كتابه «النظام الاجتماعي في الإسلام» ما نصه: «لا صلاح للجماعة إلا بتعاون الرجل والمرأة باعتبار أنهما أخوان متضامنان تضامن مودة ورحمة، ولذلك لا بد من التأكيد على تغيير نظرة الجماعة إلى ما بين الرجل والمرأة من صلات تغييراً تاماً يزيل تسلط مفاهيم الاجتماع الجنسي ويجعلها أمراً طبيعياً وحتمياً للإشباع، ويزيل حصر هذه الصلة باللذة والتمتع ويجعلها نظرة تستهدف مصلحة الجماعة لا نظرة الذكورة والأنوثة ويسيطر عليها تقوى الله لا حب التمتع والشهوات، نظرة لا تنكر على الإنسان استمتاعه باللذة الجنسية ولكنها تجعله استمتاعاً مشروعاً محققاً بقاء النوع متفقاً مع المثل الأعلى للمسلمين وهو رضوان الله تعالى» أ.هـ. وصدق الله سبحانه وتعالى حيث يقول: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة).

فالله سلط الخلق على الذكر والأنثى من ناحية الزوجية وكرر ذلك حتى تظل النظرة إلى الصلات بين الذكر والأنثى منصبة على الزوجية أي على النسل لبقاء النوع. فلا يطلب الرجل بعد الزواج الذي تتحقق فيه المتعة واللذة سواء من امرأة واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع كحد أعلى، لا يطلب بعد ذلك بنين وحفدة فيكف عن أن يمد عينيه إلى ما متع الله به أزواجاً منهم، ولا يفكر في إشباع شهواته في غير هذا الاتجاه، لأن الحدود قد وضعت والخطوط قد رسمت، ولكم أن تتصوروا ما يحققه ذلك الالتزام من طمأنينة وسعادة وتقليل للمشاكل التي نعاني منها اليوم إلى حدها الأدنى.

اختلاف النتائج باختلاف النظرة:

حضرات الإخوة والأخوات:

أنتقل الآن إلى أثر النظرة إلى الصلات بين الرجل والمرأة في المجتمعات، فإذا كانت النظرة مسلطة على صلة الذكورة والأنوثة كما هي الحال في المجتمعات الغربية والشرقية كان إيجاد الفكر الجنسي المثير عند الرجل والمرأة أمراً ضرورياً لإثارة الغريزة حتى تتطلب إشباعاً، وحتى يجري إشباعها لتحقيق هذه الصلة، وتوجد الراحة بوساطة الإشباع. وهذا يفسر الكم الهائل من الأفلام والمُسلسلات والقصص والروايات والسهرات المختلطة والرحلات والمهرجانات التي لا طائل من ورائها إلا جمع الرجال مع النساء بهدف الجمع ذاته لا ليتحقق على يد المجتمعين أي خير أو أي إنجاز مجتمعي له معنى.

وأما إذا كانت نظرة الجماعة إلى الصلات بين الرجل والمرأة مسلطة على الغرض الذي من أجله وجدت هذه الغريزة -وهو بقاء النوع- كان إبعاد الفكر الجنسي المثير أمراً ضرورياً في الحياة العامة حتى لا تثور الغريزة لئلا تتطلب إشباعاً لا يتاح لها فينالها الألم والانزعاج، وكان حصر هذا الواقع المادي المثير في حالة الزوجية أمراً ضرورياً لبقاء النوع ولجلب الطمأنينة والراحة في تحقيق الإشباع عند تطلبه.

من الضوابط الشرعية:

ومن هنا اتخذ الإسلام خطوات احترازية تمنع من وجود الواقع المادي المثير لغريزة النوع حتى لا يحصل منها الفساد والضرر. أذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر:

  • 1- نهى عن الخلوة بين الرجل والمرأة.

  • 2- نهى عن التبرج وإبداء الزينة والتعطر للأجانب.

  • 3- أمر المرأة باللباس المحتشم الذي يستر كل ما هو موضع زينة.

  • 4- حصر الصلة الجنسية بين الرجل والمرأة في الزواج وملك اليمين فقط.

  • 5- أمر كلاً من المرأة والرجل بغض البصر.

  • 6- منع سفر المرأة الطويل بغير محرم.

  • 7- منع خروج المرأة من بيتها إلا بإذن.

  • 8- فصل الرجال عن النساء وحصر الصلة في الأمور العامة.

  • 9- جعل للمرأة حياة خاصة مع زوجها ومحارمها، وحياة عامة بين الرجال الأجانب.

  • 10- حض على الزواج المبكر.

  • 11- منع المرأة من ممارسة أي عمل فيه خطر على الأخلاق.

  • 12-جعل على المخالفات الاجتماعية عقوبات تعزيرية وحدوداً قد تصل إلى القتل.

لا مفاضلة ولا مساواة:

حضرات الإخوة والأخوات:

بقيت مسألة واحدة هي قضية المساواة بين الرجل والمرأة أو المفاضلة بينهما. إعلموا أن الإسلام لا يعتبرها قضية، ولم يراعها أية مراعاة حين شرع أحكام النظام الاجتماعي، فالمرأة إنسان والرجل إنسان، وهما أمام التكاليف سواء، والأحكام الشرعية التي عالجت مشاكلهما لم تعالجها باعتبارها مشاكل رجال أو مشاكل نساء، وإنما باعتبارها مشاكل إنسانية. فالعلاج هو لفعل الإنسان أي للمشكلة الحادثة وليس معالجة للرجل أو المرأة. ولهذا لم تكن مسألة المساواة أو عدم المساواة بينهما موضع بحث. وليست هذه الكلمة موجودة في قاموس التشريع الإسلامي، وليست القضية ذات موضوع في النظام الاجتماعي الإسلامي. وإن هذا المصطلح من ابتكار الغرب الذي كان ولا يزال يهضم حقوق المرأة بشكل فاضح، فطالبت بهذه الحقوق، واتخذ هذا الطلب طريقاً لنيل الحقوق. وأما حقوق المرأة وواجباتها وحقوق الرجل وواجباته في المجتمع الإسلامي فإنها قد حُددت وفق نظام إلهي متين يضمن تماسك الجماعة والمجتمع ورقيهما، ويوفر للمرأة والرجل السعادة الحقيقية اللائقة بكرامة الإنسان الذي كرمه الله تعالى بقوله: (ولقد كرمنا بني آدم).

ولا عبرة باختلاف التكوين الجنسي أو النواحي الخلقية الأخرى، لأن ذلك ليس مما يتفاضل الناس فيه، ولذلك كان من أكبر المساءات التي ارتكبت في حق المرأة إجراء مسابقات للجمال. فهذا مما لا يصح التسابق فيه، إذ لا يمكن لامرأة متواضعة الجمال إن هي قررت خوض السباق أن تأخذ مساقا لدراسة الجمال في إحدى الجامعات أو المعاهد العلمية ثم تتدرب عليه فتبز قريناتها بجهدها المتواصل وعملها الدؤوب كي تصل إلى مستوى الجمال المطلوب حسب مقاييس ومعايير اللجنة المنظمة.

فالمسألة إذن ليست مسألة تفاضل أو مساواة، بقدر ما هي مسألة تكاليف شرعية لمكلفين رجالاً ونساءً. فالمرأة تدعى للإيمان كما يدعى الرجل، ولا فرق بينهما في التكاليف المتعلقة بالعبادات أو المعاملات أو العقوبات أو الأخلاق. فالتكاليف واحدة، والحقوق والواجبات واحدة، والله سبحانه وتعالى يقول: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

حضرات الإخوة والأخوات:

إن لكل من الرجل والمرأة طبيعة خَلْقِه، وموقِعَهُ في المجتمع، وأحكامَهُ التي تعالج أفعاله، وقد أُمِر كل مكنهما أن يَرْضى بما خصه الله به من أحكام، ونهاهم عن التحاسد، وعن تمني ما فضل الله به بعضهم على بعض، قال تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن).

نقص العقل والدين؟

وأحب أن أنوه قبل أن أختم إلى مسألة قد تلتبس على بعض النساء وبعض دعاة المساواة والمقلدين للغرب، وهي ما ورد في السنّة من أن النساء ناقصات عقل ودين، فليس معناه نقصان العقل أو نقصان الدين عندهن، لأن العقل واحد باعتبار الفطرة عند كل من الرجل والمرأة، والدين واحد باعتبار الإيمان والعمل عند كل منهما، والمراد من هذا هو نقصان اعتبار شهادة المرأة بجعل شهادة امرأتين بشهادة رجل فيما هو من الحياة العامة التي يغلب وجود الرجال فيها عادة على وجود النساء، أما في الحياة الخاصة فهناك بعض القضايا في الرضاعة مثلاً تكفي فيها شهادة امرأة واحدة. وأما نقصان الدين فمرده إلى نقصان أيام الصلاة والصيام عند المرأة في حالات معينة، وهذا تخفيف من الله عنها.

حضرات الإخوة والأخوات:

في الختام أقول بأن النظام الاجتماعي في الإسلام هو نظام متميز كونه من عند الخالق سبحانه وتعالى وأنه واحد من أنظمة المجتمع التي فرض الله تطبيقها على الناس. ولا يجوز أخذها مجزأة أو بالتدرّج لأن ذلك يعني تعطيل تطبيقها وهو حرام، فوق كونه يعني إشراك غيرها معها، والله سبحانه وتعالى لا يشرك في حكمه أحداً. فلماذا نعرض عن ذكر الله ونطلب ضنك العيش بملء إرادتنا؟.

حضرات الإخوة والأخوات:

لن يكون بمقدورنا أن نشرع بعد هذا اللقاء اليوم في تطبيق نظام اجتماعي إسلامي متكامل إلا بعد أن تكون أسس هذا النظام هي نفس الأسس التي يقوم عليها النظام السياسي عند المسلمين، وهذا يعني ضرورة وجود دولة الخلافة الإسلامية التي تطبق الكتاب والسنة في الدولة والمجتمع.

فإلى العمل لإيجاد هذه الدولة أدعوكم أيها المسلمون.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *