العدد 267 -

العدد 267- السنة الثالثة والعشرون، ربيع الثاني 1430هـ، الموافق نيسان 2009م

كيف تصرف أموال المسلمين؟!

كيف تصرف أموال المسلمين؟!

 

موسى عبد الشكور الخليل – بيت المقدس

أثارت زيارة براون رئيس وزراء بريطانيا أسئلة كثيرة كانت تتردد على ألسنة الناس، وأهمها: أين تذهب أموال النفط؟ وذلك بعد أن صبت في الخزانة البريطانية والأوروبية لإنقاذها من الأزمة المالية الربوية التي تعصف بالعالم… ترى لماذا هذا الدعم العربي السخي لبريطانيا؟ وهل دفعتها كرماً أو جبراً؟؟ وماذا ستجني دول الخليج من “الخوّة” الإتاوة التي دفعتها لبريطانيا؟ هل ستشارك في اتخاذ القرارات الدولية مقابل ما دفعت؟ ألم يكفها ما خسرته من مليارات؟ ولماذا لم تلتفت زعامات الدول الخليجية إلى هذه الخسائر الجسيمة في أموال الخليجيين؟ أم أن منطقة الخليج هي البقرة الحلوب للدول الكافرة الرأسمالية؟ ألم يكفِ ما نهبه الكفار من نفط وغيره من الخليج؟؟

لقد ذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن دول الخليج خسرت في الأزمة المالية الحالية 1800 مليار دولار من قيمة أموالها المودعة في دول الغرب، وخسرت أسواقها المالية أكثر من 200 مليار دولار بسبب ارتباطها بالأسواق الأميركية والأوروبية. فلم يتحرك أحد من الناس ولم تلتفت زعامات الدول الخليجية إلى هذه الخسائر الجسيمة، بل إن أبواق إعلامها والمحللين الماليين فيها أنكروا وجود خسائر، وضلَّلوا الرأي العام بزعمهم أن اقتصادات هذه الدول لم تتأثر بالأزمة، مع أن الأزمة عالمية والكل يعلم أنها أثرت على الجميع، نعم، لم يقتصر دجل الدول والمشيخات الخليجية على إنكار وجود الخسائر وحسب، بل إن تلك المشيخات سارعت في الاستجابة لطلب الأسياد الأميركيين والأوروبيين بدفع المزيد من الأموال لتعويض خسائرهم.

لقد قال براون في كلمة له قبل أن يتوجه إلى المنطقة إنه يجب على دول الخليج المشاركة وتقديم المساعدة، فقد طلب منها أن تلتزم بدفع أكثر من تريليون دولار من صناديقها السيادية لدعم صندوق النقد الدولي، وهو الأمر الذي أثار غيط الرئيس الفنـزويلي على هذه السرقات المكشوفة من قبل أميركا وبريطانيا للأموال العربية فقال: «إن هذا أمر غير أخلاقي». وبينما يتحرق المسلمون غيظاً على هدر الأموال الخليجية لتعويض خسائر الرأسماليين الأميركيين والأوروبيين التي لحقت بهم بسبب الأزمة الرأسمالية العالمية، يأخذ الكرم العربي دوره في دول الخليج حتى أصبحت (البقرة الحلوب) التي يتسابق الجميع على حلبها ثم أكل لحمها.

وكان براون قد صرّح عقب جولته الأخيرة في الخليج في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني أنه حصل على “ردود إيجابية” من الدول الثلاث (المملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة) التي زارها. ولا شك أن الدول الثلاث مؤهلة للمساعدة على الحل لما تمتلك من إمكانات ضخمة في صناديقها السيادية. فوفقاً للإحصاءات المتداولة في الصحف الخليجية، تبلغ القيمة المالية للصناديق السيادية لدول المجلس نحو 1500 مليار دولار (تريليون ونصف تريليون دولار)، تستحوذ الإمارات على حوالى 875 مليار دولار،والسعودية تمتلك 300 مليار دولار، والكويت نحو 250 مليار دولار، وقطر حوالى 40 مليار دولار.

ولم تحرك الشعوب ساكناً، ولم يعارض أحد سوى طلب تخفيف على استحياء من قبل البعض في السعودية، فقد قالت جريدة ذي تايمز إن السعوديين ناشدوا المسؤولين البريطانيين بعدم المطالبة بمبالغ كبيرة من العوائد التي جنتها السعودية من النفط.

وتُعتبر منطقة الخليج من المناطق الهامة خاصة وأنها تمتاز بعدة ميزات، وتُعتبر من المناطق الحيوية في العالم لأنها منطقة غنية بالنفط، هذا النفط الذي يجب المحافظة عى تدفقه لمصلحة الغرب، وتمتار بعدم نضوب نفطها في الأعوام المقبلة. وسيزداد اعتماد العالم على بترول منطقة الخليج ليصل إلى 39% من الاحتياجات العالمية سنة 2015م.

ووصلت عائدات دول مجلس التعاون الخليجي من مبيعات النفط إلى 350 مليار دولار في عام 2006م، ويتوقع وصولها إلى 450 مليار دولار في عام 2008م، وذلك بفضل ارتفاع أسعار المنتجات الأولية للطاقة. ولكن أين تذهب هذه الأموال؟! ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية لعائدات دول الخليج ومصروفاتها، إلا أنه يوجد بعض التسريبات التي يمكن أن توضح بعض الأمور بالنسبة لأموال الخليج وأين تذهب:

1- ففي زيارة براون القصيرة للدول الخليجية جمع مئات المليارات لمساعدة الاقتصاد البريطاني المتداعي بسبب الأزمة، فقد وقع مرافقو براون مع السعوديين والخليجيين صفقات بقيمة مليار دولار، وتعهد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان [مالك نادي مانشستر سيتي الرياضي] بشراء 16.3% من أسهم بنك باركليز البريطاني بقيمة 3.5 مليار دولار، كما تعهدت مؤسسات قطرية أخرى بدفع مبلغ 2.3 مليار دولار لشراء أسهم في هذا البنك المنهار.

2- شراء ودعم مؤسسات مصرفية مثل المملكة العربية السعودية التي اشترت حصصاً كبيرة في شركة أبل الأميركية (Apple Corporation)، وميريل لينش (Merrill Lynch)، ومورجان (Morgan)، وسيتي بنك (Citibank).

3- تزايد الممتلكات؛ لأنها أسهل وأضمن وسيلة لادخار الأموال والثروة. حيث بُنيت الجزر في منتصف الخليج العربي، وأقيمت هناك المنتجعات. والكثير منها ليس ذا عائد اقتصادي، فما هو الهدف من بناء منتجع للتزحلق داخل مول تجاري بدبي، وبناء فنادق ومنتجعات سياحية ومجمعات للتسوق، وبناء ناطحات السحاب (فقط من باب التطاول في البنيان).

4- قالت مسؤولة حكومية لرويترز إن شركة دبي العالمية ستستثمر إجمالي 230 مليون دولار في مشروعات سياحية في رواندا خلال ثلاث سنوات. وستشيد دبي العالمية ثلاثة فنادق من فئة الأربع نجوم في ثلاث حدائق مفتوحة في رواندا، ومنتجعات من فئة الخمس نجوم لرياضة الجولف في العاصمة كيجالي وفي حديقة فولكينوز الوطنية المفتوحة التي تشتهر بالغوريلا الجبلية النادرة، وتخطط دبي العالمية لإقامة معسكر خيام من فئة الخمس نجوم تبلغ تكلفة الليلة الواحدة فيه 2000 دولار، ووقع بيت التمويل الخليجي أمس اتفاقاً لتطوير منطقة اقتصادية قرب مومباي في الهند تبلغ استثماراتها 10 مليارات دولار للاستفادة من القطاعات المزدهرة مثل الطاقة والاتصالات، وتبلغ المساهمة العربية في مشروع إنشاء جزيرة اصطناعية في سوتشي، المنتجع الروسي على البحر الأسود، 155 مليار روبل أو ما يقرب من 6.2 مليارات دولار أميركي.

5- إقامة المتاحف على غرار متحف اللوفر (Louvre) والمتاحف العالمية لأنها تملك المال الذي يُمكنها من شراء اللوحات والرسومات والتماثيل، وتُنفق المال الكثير لإيجاد تدفق في المعارض، ولكن كيف توجد تدفق في الزوار، فالدولة أنفقت 500 مليون دولار لافتتاح فروع لمتاحف لا جدوى اقتصادية تذكر منها ولكن فقط لإظهار الصورة والمكانة.

6- إبرام صفقات التسلح الخيالية: بلغت نفقات السعودية على الأسلحة منذ بداية الثمانينات وحتى الآن ما يربو عن مائتي مليار دولار، وبلغت صفقات الأسلحة مع كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة خلال العام الماضي ما يقرب من 35 مليار دولار، وجدير بالذكر أن الرئيس بوش قد أعلن إبان زيارته الأخيرة لمنطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد في 15/1/2008م أن الولايات المتحدة تنوي تزويدالسعودية بـ900 صاروخ من أكثر الصواريخ تطوراً، والتي توجه بالأقمار الاصطناعية، بالإضافة إلى أكثر أنظمة الأسلحة التي تنتجها الولايات المتحدة تقدماً، وذلك كجزء من مساعدات أمنية تبلغ كلفتها 20 بليون دولار للدول الخليجية.

7- إنشاء الشواطئ العامة والخاصة أو حمامات السباحة لتقليد الحياة الغربية، والزيارات والرحلات التي يقوم بها الحكام في أوروبا وأميركا.

8- مصروفات الوجود العسكري الأجنبي الذي يصرف عليه الكثير، وصار يشكل خطراً لا على السيادة والاستقلال الصوري فحسب، بل على الثروة والنمو الاقتصادي.

9- الامتيازات التي تمنح لشركات الاستثمار الأميركية لنهب الأموال والاستثمارات الخليجية في الدول الأجنبية.

10- في تقرير لجمعية “وراءهم” وهي جمعية مقرها سويسرا تهتم بشؤون الأثرياء وتلاحقهم في كل ما يفعلونه، وفي تقريرها لعام 2005م نشرت أن شيوخ الخليج العرب قد أنفقوا العام الماضي فقط 12 مليار و150 مليون دولار على شراء الخيل والكلاب والأسود والنمور والصقور والكلاب.

أما دور الصناديق السيادية فإنها تتسم بالغموض، إذ لا يوجد -حسب الدراسات- صندوق سيادي عربي واحد يتمتع بالحد الأدنى من الشفافية، وأهدافها غير واضحة المعالم، ولا تصدر تقارير مفصلة عن عملياتها، ولا تعطي معلومات دقيقة عن موجوداتها وحساباتها، ولكن تهافت الدول الغربية على هذه الصناديق يعطينا فكرة عن موجوداتها، وقد اتجهت أنظار هذه الدول إلى الصناديق السيادية الخليجية للمساهمة في هذا الإنقاذ، ويقال إن موجودات هذه الصناديق 3860 مليار دولار، ويتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاعها إلى عشرة تريليونات دولار عام 2015م.

أنشطة الصناديق السيادية

وفيما يلي أمثلة لمساهمات ثلاثة صناديق سيادية في رأس مال الشركات الأجنبية.

مركز أبو ظبي للاستثمار: 16% من إيستيرن أوروبيان البريطانية، 8.3% من هرمس المصرية، 7.6% من السويس للإسمنت المصرية، 4.9% من ستي غروب الأميركية، 9% من أبولو مانجمنت الأميركية، 3% من فيفالدي الفرنسية، 2% م ميدياسات الإيطالية، 3% من سوني اليابانية.

أما صندوق الأجيال القادمة: 23.8% من فكتوريا السويسرية، 6% من ستي غروب الأميركية، 7.2% من دايملر (ميرسدس) الألمانية، 4.8 من بنك ميريل لنش الأميركي، 9.3% من الفوسفات الأردنية، 1.7% من برتش بتروليوم البريطانية.

إن آلاف الملايين التي هي إيرادات تلك الدول في سنة واحدة، وهي عبارة عن أموال النفط المعلن فقط، وهو ملك للمسلمين وليست للأنظمة الحاكمة وزبانيتهم في تلك الدول، فأين تذهب هذه الأموال الطائلة كل سنة في تلك الدول؟ ولماذا يكذبون علينا في ميزانياتهم؟ ولماذا يزورون الحقائق؟ أليست هذه أموال المسلمين بحقهم الشرعي في الملكية العامة؟ ومن أين أتى هؤلاء الحكام والأمراء وزبانيتهم بملايينهم.

إن الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي يعتقدون أنهم يملكون الأرض وما عليها وما تحتها وما تنتج، وأن أي قرار بخصوص الاقتصاد هو حق مطلق لهم لا لغيرهم، وأنهم ليسوا عرضة لأي محاسبة أو مساءلة عن قراراتهم الاقتصادية، وأن أي معلومة عن دخل الدولة وحفظه وصرفه هي ملك للحكام، إن شاؤوا أعلنوه وإن شاؤوا أخفوه، فهم غير خاضعين لدين ولا لمنطق ولا لمصلحة، فأموال الدولة هي أموالهم لا فرق بين المال العام والمال الخاص لأن الشعب وأمواله ملك لهم. هذا ما يتصرف على أساسه الحكام، بينما الشرع يعتبر أن المال ليس ملكاً للحاكم، وهو في الأصل استخلفنا الله عليه حتى يرى كيف نتصرف فيه، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [الحديد 7] فلاحظ قوله تعالى (جَعَلَكُمْ) ولم يقل جعل الحاكم ولا جعله مستخلفاً فيه، بل قال (جَعَلَكُمْ) ولذلك فالدولة نائب وأمين ووكيل عن الأمة في خدمة هذا المال العام، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول فيما رواه البخاري: «مَا أُعْطِيكُمْ وَلاَ أَمْنَعُكُمْ، إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ»، وقال رجل لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «يا أمير المؤمنين، لو وسعت على نفسك في النفقة من مال الله تعالى؟ فقال له عمر: أتدري ما مثلي ومثل هؤلاء [يعني الرعية] كمثل قوم كانوا في سفر، فجمعوا منهم مالاً وسلموه إلى واحد ينفقه عليهم، فهل يحل لذلك الرجل أن يستأثر عنهم فيأخذ من أموالهم؟» والجواب عن هذا السؤال معروف ولكنه استعمال للقياس والتقريب كرد على طلب السائل في التوسعة، والمعنى أنه لا يجوز في هذه الحالة ولا يجوز في الأخرى، هذا ما طرحه عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في تمثيل أو تصوير المال العام في يد الحاكم.

لا يحل للحاكم ولا لأي مسؤول أن يأخذ لنفسه إلا ما يفرضه له الناس بالمعروف، ويعلم القارئ قصة أبي بكر (رضي الله عنه) حينما استلم الحكم وكان يريد أن يتاجر ويعيش من كدّ يده، فقالوا له: ليس لديك من الوقت ما يكفي لكي تتاجر وتعيش من كدّ يدك، بل لابد أن يُفرض لك مال، والصحابة هم الذين فرضوا المال الذي يأخذه، وانطبق هذا الحكم على عمر (رضي الله عنه) وغيره من أمراء المؤمنين، ولذلك كان من أهم أحكام المال العام تحريم الغلول، قال تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران 161]، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ» (رواه أبو داود). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلاً فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا، ومَنْ اتَّخَذَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ» (رواه أبو داود).

الغلول ليس فقط أن يأخذ مالاً بشكل مباشر، بل الغلول هو أي حيلة يستخدمها الإنسان في استثمار النفوذ الذي في يده من أجل أن يحصل على مال، ولذلك كان التشديد على الغلول لإقفال الباب أمام هذا النوع من التحايل، حيث قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» (أخرجه أحمد)، والعمال هم الولاة والممثلون للحاكم الذين يديرون شؤون البلد، والمسؤولون عن القضايا المالية، بل حتى لو لم يكن هناك قصد سيئ من قبل ممثل الحاكم، بل يجب أن ينتبه إلى أن لا يمد يديه إلى ما ليس له بحق، وقد اشتهر حديث ابن اللتبية الذي قال فيه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «… فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلاَ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ» (رواه البخاري).

إنه لا يحل للحاكم أن يتساهل أدنى تساهل في طريقة الصرف أو التصرف في المال العام، قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (أخرجه البخاري) فسمّى مال الأمة بمال الله، قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [الحديد 7]، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ» أي يتصرفون فيه بالباطل.

إن دولة الخلافة الإسلامية هي التي تكفل الحاجات الأساسية للرعية، وكان عمر (رضي الله عنه) يحلف ثلاثاً ويقول: «والله ما أحد أحق في هذا المال من أحد، وما أنا أحق به من أحد، ووالله لو بقيت لأوتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه» رواه أحمد في المسند.

فأين لنا مثل عمر رضي الله عنه وأرضاه؟.. إنه إن شاء الله لكائن… إنه سيكون بخلفاء راشدين يأتون في آخر الزمان إن شاء الله، ذاك وعد مصدوق نبأنا به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال: «تكونُ النُّـبُوَّةُ فيكمْ ما شاءَ اللّهُ أنْ تكون، ثمّ يرْفعُها اللّهُ إذا شاءَ أنْ يرْفَعَها. ثـُـمّ تكونُ خِلافةً على مِنهاج النبوَّة، فتكونُ ما شاءَ اللّهُ أنْ تكون، ثـُمّ يرْفعُها إذا شاءَ أنْ يرفعَها. ثـُمّ تكونُ مُلْكاً عاضّاً، فتكونُ ما شاءَ الله أنْ تكونَ، ثـُمّ يرفعُها إذا شاءَ الله أنْ يرفعَها. ثـُـمّ تكونُ مُلْكاً جَبريَّةً، فتكونُ ما شاءَ الله أنْ تكونَ، ثـُـمّ يرفعُها إذا شاءَ أنْ يرفعَها. ثـُـمّ تكونُ خِـلافـةً على مِنهـاج النُّـبُوَّة، ثم سكت» (أخرجه أحمد).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *