العدد 130 -

السنة الثانية عشرة – ذو القعدة 1418هـ – آذار 1998م

زواج المسلمين من غيرهم

مع القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

زواج المسلمين من غيرهم

قال الله تعالى: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)  [سورة البقرة:221].

وقال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) [سورة المائدة:5].

وقال تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة التوبة:31].

كان الحكم الشرعي أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج إلا المسلمة ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج إلا المسلم. وهذا هو معنى قوله تعالى: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) وقوله تعالى: (وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) وأهل الكتاب (اليهود والنصارى) هم مشركون بدليل قوله تعالى: (سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) بعد أن ذكر أن اليهود قالوا: عزير بن الله، وأن النصارى قالوا: المسيح بن الله. فالآية المذكورة أعلاه [221من سورة البقرة]كانت تحرّم على المسلم أن يتزوج الكتابية (أو أية امرأة كافرة) كما تحرّم على المسلمة أن تتزوج الكتابي (أو أي رجل كافر).

وحين نزلت الآية المذكورة أعلاه [5 من سورة المائدة] ومنها قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) نسخت الحكم المستفاد من قوله تعالى: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) ولم تنسخ بقية الأحكام في الآية. أي لم تنسخ النهي عن تزويج المسلمة للمشرك. وبذلك صار الحكم الشرعي المحكَم (أي الثابت غير المنسوخ) هو أن المسلم يجوز له أن يتزوج المشركة الكتابية (أي اليهودية أو النصرانية) ولا يحل له أن يتزوج الملحدة أو البوذية أو أية كافرة غير الكتابية. واشترطت الآية في الكتابية التي يجوز نكاحها أن تكون من المحصَنات، أي العفيفات، أما الزانيات فلا يجوز للمسلم أن يتزوج منهنّ. وقد اشترطت الآية أن يكون الرجل المسلم عفيفاً وبعيداً عن السفاح (أي الزنا) وبعيداً عن اتخاذ العشيقات والخليلات.

بعض مدّعي العلم المحدثين من علماء السلطان المضبوعين بالحضارة الغربية أفتوا بأن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ليسوا مشركين، وأفتوا بناءً على ذلك أنه يجوز للمسلمة أن تتزوج الكتابي. واستدلوا ببعض الآيات التي ميّزت بين المشركين وأهل الكتاب، مثل قوله تعالى في سورة البيّنة: (لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَةُ).

والجواب على تحريفهم هو أنه إذا جاءت كلمة (المشرك) مطلقة بدون قيود فهي تشمل كل المشركين بما فيهم أهل الكتاب، أما إذا جاءت معها قيود أو قرائن تميّز بين مشرك ومشرك، فالقرائن هي التي تعطي البيان. والآية 221 من سورة البقرة جاءت فيها كلمة (المشركات) وكلمة (المشركين) مطلقة.

ثم هناك نصوص أخرى في القرآن تبيّن تحريم أن تتزوج المسلمة من (الكافر) مطلقاً، مثل قوله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ). واليهود والنصارى كفار لقوله تعالى: (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) ولقوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ). وهناك نصوص في السنة صريحة بتحريم أن تتزوج المسلمة غير المسلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *