العدد 131 -

السنة الثانية عشرة – ذو الحجة 1418هـ – نيسان 1998م

المخابرات المركزية الأميركية (C.I.A.) تعلم الشرطة الفلسطينية خدع مهنة المخابرات

المخابرات المركزية الأميركية (C.I.A.)

تعلم الشرطة الفلسطينية خدع مهنة المخابرات

بقلم: تيم واينر

تحت العنوان (أعلاه) نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) في 5/3/98 المقال التالي:

واشنطن – قال رسميون في الحكومة الأميركية: لا تزال المخابرات المركزية الأميركية تدرب قوى أمنية في السلطة الفلسطينية على التجسس وجمع المعلومات والاستجواب وأساليب مخابراتية أخرى. وقال الرسميون إن إسرائيل تعلم أن ضباطاً من مكافحة الإرهاب والعمليات السرية في المخابرات المركزية الأميركية يدربون رسميين في الأمن الفلسطيني ذوي مستوى عالٍ ومتوسط، في الولايات المتحدة منذ عام 1996، وكذلك رجال الـ (F.B.I) الذين يعملون في مركز المخابرات المركزية الأميركية لمكافحة الإرهاب يساعدون أيضاً في تدريب الفلسطينيين.

قال الرسميون إن لهذا البرنامج هدفين: الأول زيادة كفاءة قوى الأمن الفلسطينية وتحسين مقدرتها لمعرفة الإرهابيين والقبض على المشتبه بهم، وقالوا إنهم قد حققوا نجاحاً في هذا الهدف. والهدف الثاني هو زيادة ثقة الحكومة الإسرائيلية بالسلطة الفلسطينية، وهذا الهدف أثار الحيرة والإرباك.

أرشدت المخابرات المركزية الأميركية المتدربين إلى عدم استعمال العنف في الاستجواب. ولكن رجال الأمن الفلسطينيين مارسوا التعذيب للمعتقلين بشكل لافت للنظر، حيث توفي أربعة عشر شخصاً وهم رهن الاعتقال، في السنوات الثلاث الماضية، حسب تقرير منظمة حقوق الإنسان.

التدريب يجري حسب برنامج مشاركة أوسع بين المخابرات المركزية الأميركية والأمن الفلسطيني والأمن الإسرائيلي المعروف بالشين بيت. وكان رئيس المخابرات المركزية الأميركية في إسرائيل هو الوسيط في هذا الاتفاق الذي يقوم: على مكافحة الإرهاب الذي تقوم به مجموعات المقاومة الإسلامية مثل حماس، وعلى تقوية جهود السلام وعدم تقويضها في المنطقة.

ألقت قوى الأمن الفلسطينية القبض على الأعضاء المشبوهين والمناصرين لحماس التي قتل مهاجموها الانتحاريون العديد من الناس في إسرائيل من أجل تقويض التعايش السلمي بين السلطة الفلسطينية والدولة اليهودية.

تسدي المخابرات المركزية الأميركية النصيحة والتدريب لأجهزة المخابرات وقوى الأمن في العديد من الدول بالإضافة للسلطة الفلسطينية. وأحد أهداف المخابرات المركزية الأميركية هو تعليم طرق الاستجواب للمشتبه بهم دون تعذيبهم – أي كيف تسحب المعلومات دون أن تسحب الأظافر.

مذكرة المخابرات المركزية الأميركية لعام 1963 – التي أُلْغِيَتْ حديثاً – قبلتْ التعذيب الجسدي كملجأ أخير، ولكن بعد 20 سنة نصحت وكالاتِ المخابرات الأجنبية بأن التعذيب الجسدي غير مُجْدٍ، لكن لا تزال تنصح بالتعذيب العقلي والإجبار.

الآن تُعلِّم الوكالةُ فقط طرق عدم العنف في الاستجواب، التي تشمل الإقناع عن طريق المصادقة، والخدع الكلامية، والضغط النفسي، حسب قواعد الوكالة في السلوك. هذه القواعد رُوجعت عام 1985 لتستثني (استعمال القوة، والتعذيب العقلي، والتهديد، والإهانة، والتعريض لمعاملةٍ قاسيةٍ أو غير إنسانيةٍ من أي نوع كوسيلةٍ مساعدة في الاستجواب).

هل هذه الأساليب الخفيفة تجدي مع المشبوهين الإرهابيين؟ أو هل قوى الأمن الفلسطينية تعلمت دروس المخابرات المركزية الأميركية؟ يبقى هذا موضع تساؤل.

اعترف رسميون فلسطينيون سنة 1996 و1997 أن بعض أعضاء جهاز الأمن استعملوا التعذيب ضد الموقوفين رهن الاعتقال. وليس من الواضح أن هؤلاء الأعضاء تلقوا التدريب من قبل المخابرات المركزية الأميركية أم لا. ومن جهتها تقر إسرائيل باستعمال ما تسميه (الضغط الجسدي المعتدل) ضد المعتقلين السياسيين. وهذا تسميه جماعات حقوق الإنسان (تعذيباً).

قال كيرت غورينغ مفوض المشرف التنفيذي لمنظمة حقوق الإنسان إنه لم ير أي تحسن في تنفيذ قوى الأمن الفلسطينية فيما يتعلق بحقوق الإنسان خلال السنتين الماضيتين. وقال: إن هناك تعذيباً منظماً بشكل واسع في أماكن كغزة وأريحا، ولم نلحظ أي تغيير في الأساليب منذ 1996.

لم يعلق أي رسمي أميركي علانيةً على أي عمل من أعمال قوى الأمن الفلسطينية فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

علاقة المخابرات المركزية الأميركية مع الفلسطينيين موجودة منذ 25 سنة، وذلك حين أرسل ياسر عرفات مبعوثاً أمنياً سنة 1973 ليلتقي سراً المفوض الأميركي فيرنون ولترز، ثم نائب مدير المخابرات المركزية ليناقش كيفية (منع هجمات المتطرفين ضد عملية السلام) بين العرب والإسرائيليين حسب مذكرة هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة سابقاً.

كان المبعوث السري علي حسن سلامة قائد الأمن في فتح الذي كان على لائحة المطلوبين الأوائل للمخابرات الإسرائيلية لكونه العقل المدبر لمقتل 11 رياضياً إسرائيلياً خلال أولمبياد ميونخ سنة 1972.

خلال الفترة بين 1973 و1978 زود سلامة – المعروف بأبو حسن – الولايات المتحدة وحلفاءها بمعلومات سرية عن مؤامرات اغتيال تخطط لها منظمات فلسطينية متطرفة ومجموعات إرهابية عربية.

في تلك السنوات أنشأت المخابرات المركزية الأميركية شبكة اتصال مع منظمة عرفات لتحرير فلسطين وعدة مجموعات مسلحة في لبنان. توصلت المخابرات المركزية الأميركية من خلال هذه الشبكة، بقيادة خبيرها في الشرق الأوسط روبيرت إيمز وضباطها في بيروت، إلى تفاهم مع منظمة التحرير الفلسطينية عبر الاتصال بسلامه، وضمن هذا الاتفاق أن تحمى السفارة الأميركية في بيروت، التي كانت مقر المخابرات، من أي أذى.

قتل سلامه بسيارة مفخخة في غرب بيروت في كانون الثاني 1979. يُظَنّ أن المخابرات الإسرائيلية الخارجية – موساد – هي التي وضعت القنبلة. وقتل إيمز وستة ضباط آخرين على الأقل من المخابرات المركزية الأميركية في نيسان سنة 1983 عندما فجرت الجماعات الإسلامية السفارة الأميركية في بيروت.

أعمال القتل هذه دمرت أعمق الاتصالات بين المخابرات المركزية الأميركية والمنظمات الفلسطينية خلال الثمانينيات. وقد قال رسميون متقاعدون في المخابرات المركزية الأميركية: إن تلك الاتصالات التي زُوِّدْنا بها من الصعب إعادة إيجادها. وقال رسميون آخرون: إن برنامج التدريب لقوى الأمن الفلسطينية يمكن أن يعيد بناء هذه الاتصالات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *