العدد 255 -

العدد 255- السنة الثانية والعشرون، ربيع الثاني 1429هـ، الموافق نيسان 2008م

الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان إبراهيم عثمان: «أهل القوة والمنعة هم من يقيمون الخلافة»

الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان إبراهيم عثمان:

«أهل القوة والمنعة هم من يقيمون الخلافة»

 

أجرت صحيفة «الانتباهة» السودانية مقابلة مع الناطق الرسمي لحزب التحرير في السودان نشرتها في 27 صفر 1429هـ الموافق 5/3/2008م. وقد حاوره أحمد طه صديق الذي قدم للحوار بهذه المقدمة التي تستحق الذكر كما الحوار. وقد جاء في التقديم والحوار:

ربما كان حزب التحرير من أكثر الأحزاب إصراراً ومثابرةً على إصدار البيانات الصحافية، فهناك مئات الظروف التي تحوي هذه البيانات ترسل إلى أجهزة الإعلام في القطاعات المختلفة.

بيد أن القليل جداً ما يجد طريقه للنشر، ومع ذلك فالحزب فيما يبدو لا يعرف اليأس، وما زالت أجهزة الحاسوب تضخ المزيد من البيانات التي تلاحق كل الأحداث السياسية والاجتماعية البارزة من منظور الحزب.

غير أن السؤال الملح الذي دائماً ما يوجه للحزب هو حول واقعية فكرة الخلافة بعد مرور أكثر من ألف وأربعمائة عام من الهجرة. إلا أن الناطق الرسمي للحزب إبراهيم عثمان «أبو خليل» ينفي لـ«الانتباهة» عبر حوار معها أن تكون الفكرة قد تجاوزتها المستجدات الظرفية، وأنها مجرد «يوتوبيا» سياسية، بل يشهر العديد من الأدلة الشرعية التي تعضد وجهة نظره. ويبرر الحزب خطابه الإعلامي الذي يصفه البعض بـ«الراديكالية» بأنهم غير معنيين بإرضاء الحكام والناس، ولكنهم يبتغون مرضاة الله.

وعندما قلنا له: هناك حكومات إسلامية وبرلمان إسلامي يشرع وفق أحكام الشريعة، سخر قائلاً: «إذا جاز أن يكون هناك بنك إسلامي فهذا يعني أيضاً جواز وجود “بار” إسلامي» على حد قوله.

وتناول الحوار العديد من القضايا المهمة عبر هذه المساحة.

– البعض يصف مفهوم الخلافة الواحدة لكل الدول الإسلامية بأنها مجرد «يوتوبيا» سياسية، باعتبار أن تباين البيئة الظرفية سياسياً واجتماعياً لا يشكل أرضية مناسبة؟

– نحن بوصفنا مسلمين لا نأخذ الأمور على أنها تتماشى مع الواقع أم لا، ولكننا ننظر إليها باعتبارها هل هي حكم شرعي واجب التنفيذ أم غير ذلك؟ أما الخلافة فهي فرض لم يختلف عليه أحد من العلماء لا من السابقين ولا من اللاحقين، وهي ليست دعوة خيالية كما يردد بعض أعداء الإسلام أو بعض أبنائه دون وعي بأحكام الله، ولا ينبغي أن توصف بأنها مجرد أحلام وأمنيات لأنها تمثل حكماً شرعياً واجب التنفيذ أبانه الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) حيث قال: «… ثم تكون خلافة على منهاج النبوة…». والخلافة لا تهبط من السماء وإنما تحتاج إلى من يقيمها، وتتطلب الصبر والتضحيات. ومن هذا المنطلق وهذا الفهم يعمل حزب التحرير جاهداً على تكريسها، وإذا كان بعض أبناء المسلمين يرون أن الخلافة حلم، فإن أميركا والغرب يخافون منها، ومراكز البحوث الغربية تسعى جاهدة للحيلولة دون قيامها؛ ولهذا فإن الحرب ضد الإرهاب كما يزعمون تصب أيضاً في اتجاه منعها.

– ولكن الدعوة للخلافة عملياً على الأقل في هذه المرحلة تعتبر أمراً شبه مستحيل، في ظل التباين الكبير بين الدول سياسياً واجتماعياً ونفسياً وثقافياً، علاوةً على وجود استقطاب خارجي كبير.

– نفس هذه الظروف كانت موجودة عندما أقام الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) الدولة في المدينة. فدول مثل الروم والفرس وقريش كانت تعادي الإسلام، ولا أحد كان يظن قيام الدولة، ولكنها قامت في المدينة. أما الآن فدول الكفر بعضها يحارب الإسلام علانية، وبعضها في الخفاء، ولكن هناك من يسعى لإقامة دولة الخلافة.

كما أن الأمة تتوق للوحدة، وأشواقها ترنو نحو الخلافة، رغم صعوبة المهمة، ورغم عداء الغرب وأدواته من الحكام الذين تشربوا من الغرب، ولكن سيأتي اليوم الذي تتحقق فيه بالجهد الذي يقوم به المخلصون حتى تصبح واقعاً معاشاً. والأمة أدركت أن الواقع الحالي لا يمكن قبوله. فالمسلمون يقتلون وتنهب ثرواتهم ولا سبيل لإيقاف ذلك إلا بقيام دولة الخلافة. وما يؤكد وحدة الخلافة هو حديث النبي (صلى الله عليه آله وسلم) «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» والأحاديث كثيرة.

– ولكن ألا تعتبر الدعوة للخلافة قبل قيام أرضية إسلامية في المجتمع قفزاً على المراحل؟

نحن لا ندعو إلى قيامها فوراً، ولكن نعلم أن ذلك يتطلب أن تسبقها أعمال، ونحن الآن نقوم بها، فالعمل الأول هو السعي لإيجاد الكتلة الإسلامية فهماً وعملاً.

وحزب التحرير الآن موجود في العالم الإسلامي، وله تصور واضح للقضايا المهمة مثل التعليم والسياسة الداخلية والخارجية، ولدينا برنامج كامل للحكم، ونحارب الأفكار الدخيلة على الإسلام ولجعله على أساس من العقيدة الصحيحة، ومواجهة الكفر السياسي ونقصد به مخططات الكافر المستعمر، وكذلك الذين ينفذون هذه السياسة في بلاد المسلمين.

وهل يقبل الحكام المسلمون بدعوة الخلافة..؟

– حزبنا لا يحسب رضا الحكام أو السياسيين أو حتى رضا الناس، فنحن نبحث فقط عن رضا الله، والله لا يرضى إلا أن تقام أحكامه على الأرض؛ ولذلك نحن لا نداهن لأن هذا نفاق (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم 9]، فالدعوة لابد أن تكون صريحة وواضحة كل الوضوح. ومن الضرورة أن نبين للناس شكل الدولة على الأرض؛ ولهذا فلابد أن تكون جريئة وواضحة كما بدأها النبي (صلى الله عليه آله وسلم) في مكة حيث واجه ما واجه.

ويجب أن يتم التعايش مع الإسلام وفق معايير الحلال والحرام، وحينها يصبح قيام الدولة الإسلامية سهلاً؛ ولذلك نحن لا نقفز على المراحل ولكننا نسعى للسلطة وفق الآليات الشرعية المطلوبة.

– وما هي هذه الآليات تحديداً؟

– حين تصبح الأمة مقتنعة، بمن فيهم أهل المنعة والقوة، فهي تختار السلطان بالرضا. والرسول (صلى الله عليه آله وسلم) بعد السنة العاشرة من البعثة طلب النصرة وردت بعض القبائل رداً قبيحاً، ولكن الله قيض أهل المدينة الذين بايعوا الرسول (صلى الله عليه آله وسلم) وقالوا إنهم مستعدون لنصرة الدولة وهذا ما حدث.

– ومن هم أهل المنعة والقوة الذين أشرت إليهم؟

– هم القوات المسلحة في كل الدول الإسلامية، فعندما يصبح الناس على قناعة بقيام الخلافة، فإن أهل القوة والمنعة سيعملون على تنفيذها عندئذ.

– ولماذا لا تأتي عبر الانتخابات؟

الانتخابات في ظل الأنظمة الحالية نتحفظ عليها، ولكنها كمبدأ في ظل الخلافة فهي مقبولة، والرسول (صلى الله عليه آله وسلم) كان يقول: «انتخبوا لي منكم» وكل من يحوز على رأي الأمة ستتم مبايعته.

– ولكن الانتخابات قد تأتي ببرلمان وحكومة إسلامية حتى قبل قيام الشروط التي تحدثت عنها!

– البرلمان بشكله الحالي لا يجوز؛ لأنه يشرع، والتشريع لا يجوز لغير الله سبحانه، فالأحكام ثابتة ومعروفة.

– ولكنه يشرع في المسائل والمستجدات المتعلقة بحياة الناس وتنظيم شؤونهم كقوانين الجمارك والضرائب وغيرها!

– لا يوجد دستور إسلامي. فهي كلها علمانية ومستمدة من القوانين الفرنسية والهندية، وإذا رجعت إلى مرجعية الدستور في أي بلد إسلامي تجدها تستند إلى دساتير غير إسلامية.

وفي الإسلام هناك مجلس أمة كبديل للبرلمان يحاسب الحكام ويراقب أعمالهم… كما نرى محاولة أسلمة بعض المظاهر غير الإسلامية محاولة فاشلة، وإذا تصورنا أن هناك بنكاً إسلامياً فهذا يعني أن هناك أيضاً “باراً” إسلامياً.

– ما هي رؤيتكم لاتفاقية نيفاشا وهل تؤيدون الانفصال؟

– نيفاشا لم تقم على نهج إسلامي، وجعلت من غير المسلمين حكاماً، وفصلت جنوب السودان، وهيأت بلاد المسلمين للانفصال، ونحن ضد الانفصال لأن الجنوب أرض إسلامية رويت بدماء المسلمين ولا يجوز التفريط فيها.

– ولكن الولايات المتحدة والغرب يريدون وحدة السودان على أساس ما يسمى بالسودان الجديد الذي يزاحم فيه المشروع الجديد الهوية الإسلامية ولا يسمح للشمال بإقامة دولة إسلامية؟

– الغرب يهدف إلى فصل الجنوب وتمزيق الشمال هذه هي استراتيجيتهم، والحديث غير ذلك تصور غير صحيح، فإذا فصلنا الجنوب هل سيدعوننا نحكم الشمال بالإسلام؟ والواقع يقول الآن إن الجنوب انفصل بالفعل ولا يحتاج إلى إعلان ذلك، والقصد من الفترة الانتقالية ست سنوت هو «فركشة» الدولة في الشمال. ونحسب أن التوقيع على هذه الاتفاقية ورطة للبلاد، ولا نرى أن المؤتمر الوطني وحده يتحمل خطأ نيفاشا، وكل الأحزاب وافقت عليها، وبعضها تحفظ فقط لأنها ثنائية ولكنهم يوافقون عليها في جوهرها، والغرب يريد أن يفصل الجنوب وهو ما حدث بالفعل.

– وما هي رؤيتكم تجاه أزمة دارفو؟

– مشكلة دارفور ما كانت لتتفجر لولا الاتفاقية، والآن يسعى الغرب لفصل دارفور، وهناك حديث برز عن تقرير المصير من قبل بعض الحركات، والآن مزقوا العراق إلى ثلاث دول، ويهدفون إلى تمزيق مصر إلى دولتين. إنهم يعملون على إضعافنا بالتقسيم بينما هم يسعون إلى التوحد.

– ولكن الولايات المتحدة قالت إنها تريد الحركة الشعبية كشريك قوي في الحكم وليس كدولة منفصلة؟

– هم يوهمون الناس بأنهم يريدون دولة علمانية موحدة، وهذا ليس صحيحاً.

– ما رأيكم في الوثيقة التي أصدرتها مجموعة من الدول العربية حول عمل الفضائيات؟

– المقصود منها تكميم الأفواه، فهم يريدون تكريس قدسية الحكام.

– ما هي رؤية الحزب الفقهية حول حرية التعبير؟

– حرية التعبير بالمعنى الغربي لا نقرها. وفي الإسلام يجب أن يتم وزن المرجعية بميزان الشرع، فإذا تصادمت مع المرجعية الدينية فهي مرفوضة. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ونصيحة الحكام واجبة مهما كانت النتائج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *