العدد 141 -

السنة الثالثة عشرة – شوال 1419 هـ – شباط 1999م

كلمة أخيرة: كوسوفا المنسيَّة

كوسوفا تعاني من هجمات مجرمي الحرب القابعين في بلغراد ومن مجازرهم تماماً كما عانت من قبل البوسنة، ولكنها لم تحظ بما حظيت به البوسنة من دعم مالي وعسكري وإعلامي وحشد «للمجاهدينالعرب» المدفوعين من الأنظمة المأمورة بالدعم، وذلك لأن السياسة المبرمجة حينها كانت تقتضي ذلك أما الآن فيبدو أن الأمور تسير في حدود الجعجعة الإعلامية فقط. واللافت للنظر أن المرء لا يسمع ولا يقرأ مثلاً «ادعموا إخوانكم المجاهدين في كوسوفا» أو يسمع «ادعموا هيئة الإغاثة لمسلمي كوسوفا». ولا يرى مظاهرة واحدة تجوب عاصمة من عواصم دعم «المجاهدين» ولا يسمع عن وفود أو مشايخ ذهبت حاملة للدعم المادي والمعنوي لمهاجري كوسوفا المشردين فوق الثلوج وفي درجة حرارة تدنت تحت الصفر.

حتى المجازر التي ترتكب تمر عليها وسائل الإعلام مر الكرام وكأنها في كوكب آخر. أما دول حلف الأطلسي فهي شاهد الزور وكاتم الصوت، وتكتفي فقط بالتهديد، والتهديد للطرفين الظالم والمظلوم، الضحية والمجرم، فهي الخصم والحكم وذلك لأن أطرافاً رئيسية فيها هم من بين مؤججي النار المشتعلة هناك.

وإذا جاز الغوص في الافتراضات فإن أول افتراض يمكن أن يرد إلى الأدهان هو: لو افترضنا أن أحد الأنظمة سرّب كلمة سر هامسة إلى خطباء المساجد عنده آمراً لهم أن يتحدثوا عن كوسوفا ماذا تكون النتيجة؟ النتيجة تكون هزات وزلازل منبرية قد تخرج إلى الشارع وتذهب إلى السفارات المعنيّة فتتجمع جيوش الاعلاميين الأرضيين والفضائيين ويلتقطون الصور ويضح العالم بالاستنكار للوحشة والهمجية وحقوق الانسان المهدورة وتطالب بمحاكمة المجرم ميلوسوفيتش. وتحصد الدولة المحركة ومن حركها ثماراً سياسية معينة قد تربك الطرف الآخر، وتستمر اللعبة بدماء المسلمين الطاهرة، ويُدفن الشهداء في مقبرة جماعية، ويذرفون عليهم بضع قطرات من الدمع، ثم يطويهم النسيان كما طوى أترابهم في سراييفو المستباحة.

على أبواب عيد الفطر قام المجرمون الصرب بقتل 45 مدنياً من قرية راتشكا وفي 29/01/99 أفاد المراقبون الدوليون في كوسوفا بأنهم شاهدوا 24 جثة لأشخاص يرتدون ملابس مدنية قرب قرية روغوفا في غرب الإقليم وأنهم «بجرون تحقيقاً حول الظروف التي أحاطت بمقتل هؤلاء الأشخاص» يا سبحان الله هل تحتاج هذه المجازر إلى التحقيق والتدقيق في الظروف والملابشات. صبراً يا مسلمي كوسوفا، فلا بد لهذا الليل من آخر بإذن الله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *