العدد 141 -

السنة الثالثة عشرة – شوال 1419 هـ – شباط 1999م

كلمة الوعي: الاعتداءات الأميركية المتكررة على العراق

تتواصل الاعتداءات الأميركية على العراق فبعد العدوان الأميركي البريطاني ـ الغاشم قبيل حلول شهر رمضان المبارك، يكاد لا يمر يوم منذ انتهاء شهر الصوم إلا ويكون هنالك قصف أميركي لوسائل الدفاع الجوي العراقي وحتى للمدن العراقية كما حصل مؤخراً في البصرة، ناهيك عن استمرار انتهاك أجواء العراق في منطقتي الحظر شمال وجنوب العراق، وآخر ما في هذا الأمر، أن أميركا اعتبرت كل قواعد الدفاع الجوي العراقي هدفاً لاعتداءاتها المتكررة. ولإدراك أبعاد أزمة العراق، والحرب المسعورة التي تشنها أميركا على العراق لا بد من إدراك سياسة أميركا تجاه الخليج وتجاه العراق، وعلاقة هذه الأزمة ببعض القضايا الدولية كمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة.

فالنسبة لسياسة أميركا تجاه الخليج:

فمنذ أن قررت بريطانيا سحب قواتها العسكرية شرق السويس ( أي من منطقة الخليج) وذلك في نهاية الستينات، واستبدال وجودها العسكري بإنشاء إمارات ودويلات تخضع للهيمنة البريطانية ويحميها الشاه، بدأت أميركا التفكير في ملء الفراع العسكري الذي ترتب على سحب القوات البريطانية، وذلك لأن الخليج مصدر مهم للنفط، وبه ثروة مالية ضخمة، والسيطرة عليه تعني التحكم في صناعة النفقط، والتحكم في اقتصاديات الدول المنافسة لأميركا: أوروبا واليابان، لأن الخليج مصدرها الأساسي للنفط؛ كما أن موقعه القريب من الاتحاد السوفياتي يجعله ذا أهمية خاصة، سيما وأن الاتحاد السوفياتي كان يطمح للوصول إلى المياه الدافئة في الخليج. وقد نشر معهد الدراسات الاستراتيجية في أميركا تقريراً أعده هنري كيسنجر في عهد الرئيس نيكسون ضمنه خيارات أميركا تجاه الخليج، ومن هذه الخيارات:

  • وضع قواعد عسكرية أميركية دائمة في الخليج.

  • الاعتماد على دولة قوية في المنطقة عميلة لأميركا، تعمل على حراسة أمن الخليج، وترعى المصالح الأميركية فيه. وقد باشرت بالخيار الثاني، فأطاحت بشاه إيران في ثورة شعبية أخذت طابعاً إسلامياً واضحاً، وكان ذلك عام 1979، ولما نجحت أميركا في أخذ إيران، أعلن كارتر الرئيس الأميركي آنذاك، أن الخليج يعتبر مصلحة حيوية للأمن القومي الأميركي. إلا أن بريطانيا عمدت إلى منع إيران من القيام بالدور الذي رسمته لها أميركا، فكانت حرب الخليج الأولى التي أعلنها صدام ضد إيران، والتي استمرت أكثر من ثماني سنوات. وكان من نتائج هذه الحرب المدمرة، فوق الخسائر البشرية والمادية التي أفرزتها الحرب، أن تركز لدى دول الخليج أن إيران عدوة لهم، وأنها مصدر تهديد للأمن والاستقرار في منطقة الخليج، وقد ضاعف من هذا الشعور، دعوة مسؤولين إيرانيين لتصدير ثورتهم إلى الخارج. وبذلك فقدت إيران دورها كشرطي حام الخليج، ولم تتمكن أميركا بالتلويح بالخطر الإيراني، ومن إيجاد قواعد أو تركيز نفوذ لها في منطقة الخليج، كما أن استهداف الأراضي الكويتية بالقذائف الإيرانية لم تخضع الكويت لإدارة أميركا، حتى إن ناقلات النفط التي كانت ترفع العلم الأميركي، لم يكن يسمح للقطع البحرية الأميركية التي تحرسها بدخول المياة الإقليمية الكويتية. وعملت أميركا على إطالة أمد حرب الخليج الأولى من أجل تحقيق أهدافها في إيجاد قواعد عسكرية لها في الخليج إلا أنها فشلت. وقد نجحت في إقناع الملك فهد بمنحها حق استخدام قواعد عسكرية سعودية وبخاصة في حفر الباطن وخميس مشيط.

وكان سبب فشل أميركا في سياستها في منطقة الخليج، النفوذ البريطاني في العراق والمتمثل في حزب البعث وفي صدام حسين، والنفوذ البريطاني في الخليج والمتمثل في العائلات الحاكمة. ولهذا وجهت أميركا سياستها تجاه قلع النفوذ البريطاني من العراق تمهيداً لقلعه من الخليج.

وأما بالنسبة لسياسة أميركا تجاه العراق:

فإن العراق، منذ أن سلخ عن جسم الدولة الاسلامية العثماينة في الحرب العالمية الأولى، واحتلاله من قبل قوات الإنكليز، مرتبط ارتباطاً وثيقاً ببريطانيا، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً، ويصعب أن تجد في العراق مجموعة مهنية أو سياسية أو اجتماعية ليس فيها عميل للإنكليز، والعراقيون يدرسون أبناءهم في جامعات بريطانيا، والسياح العراقيون يتوجهون إلى بريطانيا لقضاء عطلاتهم وبخاصة في الصيف، حتى إن معظم أقطاب المعارضة العراقية، ومنهم عملاء لأميركا يقيمون في بريطانيا. ولقد نجحت أميركا في قلب النظام الملكي في العراق عام 1958 عن طريق عمليها نجيب الربيعي، ونفذ الانقلاب عبد الكريم قاسم، إلا أن عبد الكريم قاسم انقلب على الأميركن في أواخر أيامه وصار يهدد بسق جمجمة الاستعمار الأميركي، فأطاحوا به في انقلاب دموي عن طريق الجناح الموالي لهم من حزب البعث بزعامة على صالح السعدي الذي قيل إنه جاء إلى الحكم عام 1963 في سيارة أميركية. ولم يستتب الأمر لعملاء أميركا فأطيح بهم قبل نهاية عام 1963 على أيدي عبد السلام عارف. ثم نجح الجناح الموالي للإنكليز في حزب البعث بزعامة صدام والبكر في السيطرة على الحكم عام 1968، وما زال هذا الجناح مسيطراً على مقاليد الحيكم. وأثناء حرب الخليج الأولى، حصل تقارب بين أميركا وصدام، وأعاد العراق عام 1984 علاقاته المقطوعة مع أميركا منذ عدوان 1967، وزودت أميركا العراق بمعدات وأسلحة من أجل إطالة أمد الحرب مع إيران، وقد حاول العراق بعلاقته الجديدة مع أميركا أن ينجح في إقناع أميركا بوقف الحرب العراقية ـ الإيرانية مبكراً، إلا أنها لم تتوقف إلى عام 1988.

وقد حاولت بريطانيا أن تجعل من صدام زعيماً للعرب على غرار زعامة عبد الناصر، من أجل أن تتمكن من خلالة من إفشال خطط أميركا في إعادة تشكيل المنطقة، ومن أجل أن يحفظ مصالح الإنكليز في المنطقة وفي الخليج، فكان مؤتمر القمة العربية في بغداد، والذي استقطب فيه صدام الأضواء، وساعدة على ذلك غياب الأقطاب العرب المناوئين مثل الملك فهد، والرئيس المصري والرئيس السوري. ثم كانت أزمة الحدود مع الكويت، فانقسم العرب فريقين: عملاء الإنكليز مع صدام، وعملاء الأميركان ضد صدام، وقد حاول عملاء الإنجليز حل الأزمة عن طريق الجامعة العربية، ولكن عملاء أميركا وعلى رأسهم مبارك أفشلوا المحاولة، ودفعوا بالأزمة تجاه مجلس الأمن، بإيعاز من أميركا، فكانت حرب الخليج الثانية التي أخضعت دول الخليج مكرهة للأوامر الأميركية، فعقدت معها اتفاقيات التسليح، ومعاهدات عسكرية، ووجدت قواعد دائمة لأميركا في كل دول الخليج، ووجود عسكري دائم في مياة الخليج، وصارت أميركا تبتز دول الخليج لسحب أرصدتها من العملات حتى أصبحت دول مثل السعودية والكويت تعاني عجزاً في ميزانيتها، وتغرق في الديون.

أما بالنسبة للعراق، فقد أوقفت الحرب ضده بعد استسلامه لشروط بالغة القساوة، فبعد الحصار الاقتصادي المستمر منذ دخول الجيش العراقي أراضي الكويت، هناك قرارات متشددة من مجلس الأمن بتدمير أسلحة الدمار الشامل، وبمنع الطيران العراقي من التحليق في شمال وجنوب العراب، وإنشاء منطقة إدارة ذاتية كردية في شمال العراق تحت حماية الحلفاء. وللإشراف على تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية تم إنشاء الأونسكوم، من أجل الإشراف والمراقبة، وهي في غالبية أعضائها من الأميركان، ورئيسها من الموالين لأميركا، وتتعاون مع المخابرات الأميركية وحتى الإسرائيلية، وصارت تستفز العراق من أجل إدامة الحصار الاقتصادي ولتبرير ضرب العراق، فكانت الأزمات بين العراق والأونسكوم، وهي في حقيقتها أزمات بين العراق وأميركا، والتي تجلى فيها استخفاف أميركا بمجلس الأمن، لأنها كانت تتصرف في الآونة الأخيرة دون تفويض من مجلس الأمن ما أثار حنق الروس الفرنسيين بشكل خاص.

وقد رأت بريطانيا إن إطالة أمد الحصار قد يؤدي إلى إزالة نفوذها من العراق أو إلى إضعافه، ولذلك اعتمدت خطة لرفع الحصار تقوم على دفع أميركا للدخول في حرب منفردة ضد العراق، ما يؤدي إلى انفراط عقد التحالف الدولي الذي يستخدمه أميركا غطاءً لعدوانها. وقد أدركت أميركا ألاعيب بريطانيا، ولذلك فقد تحاشت ضرب العراق في أزمة شباط 98 وقد صرّح أحد عملاء المخابرات الأميركية (سكوت ريتر) أن الحكومة الأميركية كانت تطلب من الأونسكوم أن لا تقوم بتفتيش أي منطقة من شأنها إثارة أزمة مع العراق، ولهذا تجنبت أميركا ضرب العراق في الصيف الماضي على إثر طرد المفتشين الدوليين من العراق، وأدّى تراجع صدام في تشرين الثاني إلى تأجيل ضربة أميركية مقررة قبل ساعات من تنفيذها بعدما سرّبت له بريطانيا موعد الضربة ونصحته بالتراجع لأن الضربة ستكون مدمّرة، إلا أن أميركا أعنلت أنها غير مُلزمة بأخذ موافقة مجلس الأمن، وأنها ستضرب دون إنذار مسبق؛ وهكذا كان فاستغلت أميركا تقرير بتلر حول عدم تعاون العراق الكامل مع الأونسكوم لتقوم ومعها بريطانيا بالضرب العنيفة قبيل حلول شهر رمضان في الوقت الذي كان فيه مجلس الأمن يتداول في تقرير بتلر.

وعليه فإن أميركا قد تبنت بالفعل أسلوب الضرب الشامل والمباشر بدل التفتيش الدائم على أسلحة الدمار الشامل العراقية. ويستهدف الضرب مصانع الأسلحة، ومقرات الحرس الجمهوري، والحرص الخاص، ووسائل الاتصالات،ومراكز حزب البعث، وقصور صدّام، ومقرات الاستخبارات وأجهزة الأمن، وذلك لإضعاف صدام والقوى المهيمنة على النظام، تميهداً لإسقاط النظام. وقد ترافق ذلك بالحديث العلني والرسمي من كلينتون ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه عن ضرورة استبدال صدام، والإتيان بحكومة تكون أكثر تمثيلاً للشعب العراقي، ولا تهدد جيرانها. وقد رصدت أميركا حوالي مائة مليون دولار لمساعدة المعارضة العراقية التي حصرتها في سبعة مجموعات، وعينت أولبرايت مفوضاً لها لدى هذه المجموعات ويعاونه عدد من الخبراء العسكريين والسياسيين. وبهذا انتقلت أميركا فعلياً من مرحلة احتواء صدام إلى إسقاطه.

وفي تقديرنا أن المعارضة العراقية أعجز من أن تتمكن من إسقاط نظام صدام، لكونها جماعات متعددة ومتعارضة ومخترقة من قبل النظام العراقي، وكثير منها يسيره الإنجليز أو عملاؤهم. كما أن الشربات الجوية لا تسقط نظاماً، وإن كانت تضعفه، وإن استبدال النظام في العراق يحتاج إلى قوات برية غازية وكثيرة العدد، ويبدو أن المنطلق سيكون الأراضي التركية وليس الكويتية، ولهذا جرى بحث وضع العراق مؤخراً في مجلس الأمن التركي، كما أن حسني مبارك التقى سليمان ديميريل في أنقرة في طريقه إلى سويسرا، وبحث موضوع العراق. إذ إن مستقبل العراق هام بالنسبة لتركيا، فهي لا ترضى أن يصبح شيعياً تابعاً لإيران ولا بعثياً تابعاً لسورية. أما تقسيم العراق، فهو غير مقبول من دول المنطقة، ولا حتى من عملاء أميركا، حتى إن أميركا نفسها اشترطت في المجموعات العراقية المعارضة التي تستحق الدعم الأميركي أن تحافظ على وحدة أراضي العراق.

ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أن السياسة الأميركية الخارجية ستكون هي المحور الأساسي في الاهتمام في العقد المقبل، وذلك بعد أن أعادت أميركا ترتيب أوضاعها الداخلية، وهو ما أطلق عليه اسم «إعادة البناء». فقد سرح العديد من الشركات الكثير من عمالها وأجبرت من تبقى منهم على القيام بكل الأعمال، وهو ما أطلقوا عليه اسم «الكفاءة» أي استغلال أكبر قد من مجهود العامل للتخفيف من سعر التكلفة، وقد نجحوا في ذلك، فقد وردت الأرقام بأرباح عالية لهذه الشركات. كما أن كثيراً من الشركات الضخمة انقسمت إلى فروع متعددة كي تسهل إدارتها، وتصبح قاردة على المنافسة الداخلية، فإحدى شركات الاتصالات (AT&T) انقسمت إلى ثلاثة فروع. أما الشركات المالية كالمصارف، وشركات التأمين، والشركات العلامقة العالمية، فقد خضعت لظاهرة الاندماج، بسبب حاجة هذه الشركات إلى الأموال الضخمة، فقد تم اندماج كثير من البنوك وشركات النفط والسيارات. وكذلك فإن الإدارة الأميركية، نجحت في خداع الشعب، من خلال خطب كلينتون الرنانة وبمساعدة من مجلسي الكونغرس، فقلّلت من المساعدات الاجتماعية لرفاهية الشعب، وأجبرت المؤسسات الصحية أن تندمج في مؤسسات خاصة بعد أن خفضت المعونات الصحية للشعب تحت ستار إصلاح النظام الصحي. وهكذا، بعد أن استعادت أميركا قوتها، وأصلحت بناءها الداخلي، ستعود للتركيز على سياستها الخارجية، ولهذا فمن المرجح أن يعود الجمهوريون للحكم، مع إبقاء الأكثرية لهم في مجلس النواب، ويحرز الديمقراطيون الأكثرية في مجلس الشيوخ لحفظ التوازن، ولمواصلة السيطرة المزدوجة على الشعب الأميركي.

أما بالنسبة لمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة:

فإن أميركا ترى أن مجلس الأمن الحال لا يعكس حقيقة قوة الدول، فهو انعكاس لما كان عليه الحال قبل أكثر من نصف قرن، فلم تعد دول مثل روسيا كبيرة، كما أن هناك دولاً أصحبت قوية باقتصادها مثل اليابان وألمانيا، ولهذا فإن أميركا تعمل لإعادة هيكلة الأمم المتحدة، ويلاحظ أنها تعمل لتهميش دور مجلس الأمن، والدول دائمة العضوية فيه، وهي ترشح دولاً للعضوية الدائمة مثل ألمانيا واليابان، بينما بريطانيا ترشّح دولاً أخرى مثل الهند ممثلة لآسيا، ونيجيريا ممثلة لأفريقيا، وهذا ربما يؤدي إلى إلغاء حق النقض في المجلس.

هذا وإن غالبية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن تحبّذ رفع الحصار عن العراق لأنه أولاً لم يحقق النتائج المرجوة منه، وثانياً لأن الكثير من هذه الدول، خاصة روسيا وفرنسا والصين قد تمكنت من إبرام عقود تجارية بعشرات المليارات من الدولارات، وأن تنفيذه هذه العقود مرهون برفع الحصار، ورفع العقوبات. وقد ذكرة وسائل الإعلام أن شركة بريطانية كانت قد مكّنت الصين من عقد صفقة سلاح بحوالي 8 مليارات دولار من العراق، كما أن العراق منح شركات روسية وفرنسية حق التنقيب عن الغاز والنفط، كل ذلك متوقف تنفيذه على رفع الحصار والعقوبات عن العراق. ولهذا كثرت المبادرات لإعادة ترتيب علاقة مجلس الأمن مع العراق بعيداً عن الأونسكوم والحصار والعقوبات، فكانت هناك مبادرات فرنسية وروسية وأميركية، وكانت دعوة السعودية لرفع الحظر بشكل كامل عن تصدير النفط العراقي، ومراقبة بيع الأسلحة للعراق؛ وقد أقرّ اجتماع وزراء خارجية العرب المنعقد في القاهرة في 24/01 تشكيل لجنة عربية لمتابعة حل الأزمة بين الأمم المتحدة والعراق، والغريب أو العراق استبعد من عضويتها.

ولهذا فإن غطرسة أميركا، وعملها المستمر للسيطرة على الخليج وعلى بلاد المسلمين وخيراتهم واستضعافها لشعوب الأمة الاسلامية وعربدتها في بلاد المسلمين لا يمكن أن يوضع له حدّ، إلا بكف يد أميركا عن التدخل في شؤون المنطقة، اعتبار جميع المشاكل بين دول المنطقة قضايا داخلية لا يحق لأحد من خارجها التدخل فيها، وأنها تحل بالحوار وبالنيات الحسنة وبالأخوة المفترضة بين أبناء الأمة الاسلامية، لا برفعها إلى مجلس الأمن والمنظمات الدولية حيث الصوت الأقوى والنفوذ الأبرز لأميركا وأعداء المسلمين. هذا وإن أميركا مكروهة من جميع شعوب الأرض، والكل يشعر بوطأة الأميركيين واستعلائهم وعنجهيتهم، ولذلك يتوقون للخلاص منهم. وإن المظاهرات الشعبية التي اجتاحت شوارع الكثير من المدن وبخاصة في البلاد الاسلامية، وإن كان بعضها مسيّراً وموجّهاً من قبل الحكومات، إلا أنها أزعجت أميركا، وربما كانت من أسباب توقف العدوان الأميركي، ولم تكن كلها حباً بالعراق وشعبه ولكن كرهاً بأميركا والأميركيين، وإظهار لمشاعر العداء لهم. ولذلك فإن إيجاد دولة قوية مبدئية عالمية الطموحات، إنسانية التوجهات، تحمل مبدأها رسالة خير وهداية للعالم، تجبر أميركا على الانكماش داخل حدودها، بل وتلاحقها داخل حدودها بالفكر المستنير والحجة الدامغة، ستكون مقبولة لدى شعوب العالم. وما من دولة أقوى وأجدر من دولة الخلافة الراشدة تضطلع بمهمة إنقاذ المسلمين والبشرية كلها من جشع الرأسماليين واستكبار الطواغيت>

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *