العدد 148 -

السنة الثالثة عشرة – جمادى الأولى 1420هـ – أيلول 1999م

« السـلام » ذلك الصـنم الجـديـد!

من يتابع الأنباء الصادرة عن وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية يشعر وكأنها لا شغل لها سوى متابعة أخبار السلام، ومن يرصدها بدقة أكثر يسمع كلمة السلام تتردد عشرات المرات صباحَ مساء، في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، فالمستمع أو المشاهد يتناول الفطور مع السلام، ويتغدى السلام، ويتعشى السلام، وقبل النوم سلام، ويحلم بالسلام في الليل لكثرة ترداده في النهار، وتكاد لا تخلو نشرة أخبار أو صحيفة من أخبار باراك والسلام. وكأنهم يريدون استرجاع الأرض بالكلام، فهل رأيتم «أوطاناً» تُحرر بالكلام؟!

لقد أصبحت أخبار باراك وحزب العمل وواي ريفر تسيء إلى نفوس الناس من كثرة تكرارها، بحيث أصبحت ثقيلة على السمع والبصر، فهي ممجوجة وتثير التقزز لدى الرأي العام. مع أن الأخبار التي تتطرق لهذه المسألة لا جديد فيها منذ نتنياهو وبعده وفي عهد باراك، وملخصها أن زعماء اليهود يماطلون ويكذبون لكسب الوقت ولتحقيق المزيد من التنازلات من الجانب «العربي»، إلا أن الصحف والمجلات لا تخلو، بل من المستحيل أن تخلو، من العديد من الصفحات التي تتحدث عن تباشير السلام القادم مع باراك واستئناف المفاوضات على المسارات ووحدتها، وكذلك أخبار التلفاز الأرضي والفضائي والإذاعات كذلك يستحيل أن تخلو نشـرة واحدة من نشـراتها من خبر عن هذه المسألة.

عاد سائق التاكسي من عمله متعباً مهموماً وصادفت عودته بداية نشرة الأخبار التلفزيونية فوجد أن المذيع يتحدث عن باراك وتحريك المسارات ووعود باراك للناخب اليهودي وتذكير بعض الحكام المهرولين لباراك بأن يصدق في وعوده للناخب اليهودي بإحلال «السلام» والانسحاب، فقال السائق لأهل بيته: أريد أن تقوموا أنتم في البيت بعمل (فلتر) للأخبار بحيث لا تسمعونني أي خبر عن اليهود وفلسطين والصراع العربي اليهودي، والتطبيع، وبعد ذلك تستدعونني لسماع ما بقي من نشرة الأخبار. فرد عليه أهل بيته: وماذا يبقى من نشرة الأخبار العربية إذا حذفنا هذا القسم من النشرة؟ لن يبقى من النشرة سوى «استقبل وودّع ونشرة الأحوال الجوية وأخبار الرياضة» وهذه وحدها كافية لرفع ضغطك ورفع نسبة السكر في الدم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *