العدد 245 -

العدد 245- السنة الواحدة والعشرون، جمادى الآخرة 1528هـ، تموز 2007م

التغيير والمراجعة الفكرية المتأخرة

التغيير والمراجعة الفكرية المتأخرة

 

المراجعة الفكرية التي حصلت من قبل بعض التنظيمات الإسلامية التي حملت السلاح في مصر جاءت متأخرة ما يقارب ربع قرن. وما أصعب أن يكتشف الإنسان أنه أمضى ربع قرن من عمره في الطريق الخطأ. وما أسوأ الصورة التي ترسخت في أذهان جيل بكامله عن الإسلام، وعن بعض العاملين من أبنائه للتغيير.

من باب النقد البنّاء (والكل بحاجة إليه) نستعرض بعض المراجعات الفكرية التي حصلت في سجون كل من مصر والسعودية والجزائر. ففي مصر أعلن مؤخراً عن قيام السلطات بالإفراج عن عشرات العناصر من تنظيم إسلامي بعد «مراجعات فكرية» من قبل قياداته، أي أنهم اعترفوا بخطأ النهج الذي سلكوه في الماضي وهو «استعمال السلاح» وأنهم تحولوا إلى النهج الفكري للتغيير.

قبل ذلك حصلت مراجعات في أوساط بعض العلماء السلفيين في السعودية، في داخل السجون، وفي خارجها، وتراجع عدد من الكبار عن فتاوى سابقة، وتراجع معهم بعض الشباب، وأعلنوا توبتهم وخطأ فهمهم السابق للتغيير.

وقبل ذلك أيضاً حصلت مراجعات وتراجعات من قبل بعض المجموعات في الجزائر ممن كان يحمل السلاح للتغيير، ومن المتراجعين من دخل في السلطة، ومنهم من جلس في بيته.

والسؤال الذي يُطرح في هذا الصدد هو: لماذا تختار بعض المجموعات العاملة الطريق الخطأ رغم تحذيرها مراراً من سلوك تلك الطريق؟ ألم يكن من الأجدى عدم تشويه صورة الإسلام وصورة الدعاة؟

حينما قلنا قبل عشرات السنين «إن الفكر يسبق العمل»، وإن العمل ينبغي أن يكون لأجل هدف مشروع، وإن الأعمال المادية المسلحة لا تكون في الداخل وإنما من قبل الجيش، جيش الدولة الإسلامية في مواجهة العدو (الإسرائيلي)، أو المستعمر المحتل، قيل حينها إن هذا كلام، ونحن نريد أعمال، وكأن إطلاق النار يمنة ويسرة هو العمل، وما عداه ليس بعمل. وها هم بعد عمر طويل يعودون مرة أخرى إلى الكلام «المراجعات الفكرية»، ويدركون خطأ طريقتهم في التغيير.

نتمنى أن يتعلم جميع الإخوة العاملين فيسلكون الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى التغيير الجذري، دون المرور في مراحل التجربة والخطأ، فلم تعد أمتنا تتحمل المزيد فهي في مخاص عسير. وهي بحاجة إلى جهود الجميع، ولكن بسلوك الطريق الصحيح، وحسب ما جاء في سيرة سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتي لا تتغير بتغير الزمان والمكان والظروف. فهل نتعلم الدرس مما حصل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *