العدد 243 -

العدد 243- السنة الواحدة والعشرون، ربيع الثاني 1428هـ، الموافق أيار 2007م

مسخ هوية الأمة

مسخ هوية الأمة

 

من يقرأ ويشاهد وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية يدرك حجم الحملات المبرمجة التي تقوم بها تلك الوسائل الموجّهة من قبل أنظمة موجهة من قبل الدول الكبرى وعلى رأسها أميركا، وكل من يملك القدرة على التحليل والربط يدرك أن المساجلات اليومية التي تدور في وسائل الإعلام السعودية والمصرية يدرك أن هاتين الدولتين في شغل دائم وانشغال مستمر بمسائل بعضها تافه، وبعضها أكثر أهمية.

ففي مصر تم تقسيم الناس إلى معارضة وموالاة، ويدور الصراع على الاستفتاء على الدستور وتعديلاته، وعلى منع توريث السلطة لابن الرئيس، وعلى الفساد بكافة أشكاله، وعلى الفتاوى التي تتدفق ولا تنتهي، وعلى الفضائح، وعلى التعذيب في السجون… إلخ.

أما في السعودية وهي الدولة الكبيرة الثانية في المنطقة، فقد تمّ تقسيم الناس إلى محافظين (وليبراليين)، ويبدأ الصراع بالمرأة وينتهي بها، ثم ينتقل إلى مناهج التعليم، وإلى مكافحة ما يسمى «الإرهاب» ثم ينتقل إلى مؤيد للجهاد ومعارض له، أو مؤيد لأميركا ومعارض لها، وقد يستعين البعض بالفتاوى، ويلاحظ أن هناك ضغوطاً هائلةً لجعل مشاركة المرأة في السياسة والاقتصاد والانتخابات والمراكز القيادية شغل الناس الشاغل وشغل وسائل الإعلام، فلم يعد الأمر يقتصر على المطالبة بقيادة السيارة، بل المطالبة بقيادة «القوم» لكي يُفلحوا أكثر.

ويبدو أن الضغوط والتدخلات الغربية في المنطقة قد أثمرت، وبدأت الأمور تتجه إلى محاولة مسخ هوية الأمة بإلغاء الدين، والقيم، والأخلاق، تحت مسميات مموّهة، منها: الحوار، والانفتاح، والعولمة، وإشراك المرأة، ومكافحة «العنف»، ومقاومة «التطرف»، وتفعيل المجتمع المدني… إلخ.

إنهم يمكرون ويجدون بعض ضعاف النفوس ممن ينساق وراء شعارات الأعداء بسهولة ويُسر، ويجدون أنظمة تتعاون مع العدو ضد أبناء الأمة، ويجدون علماء على أهبة الاستعداد لتفصيل الفتاوى على قياس هذه الأنظمة المتواطئة مع أعداء هذه الأمة، والهدف هو غسل أدمغة هذا الجيل، والأجيال القادمة، ومسخ عقولها لكي تصبح المنطقة أكثر تقبُّلاً لكل الأفكار والعادات الواردة، أو لكي تصبح غريبة، أو في غربة عن هويتها وحضارتها، وهذا يجعلها فريسة سهلة لكل طامع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *