العدد 241 -

العدد 241- السنة الواحدة والعشرون، صفر 1428هـ، الموافق آذار 2007م

الاستراتيجية الأميركية ومرتكزاتها الفكرية (2)

الاستراتيجية الأميركية ومرتكزاتها الفكرية (2)

 

استراتيجية الأمن القومي لأميركا نشرت على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض باللغة الإنجليزية، وقدمت الاستراتيجية برسالة من الرئيس الأميركي بوش مؤرخة بتاريخ 16/3/2006م، وهي وثيقة هامة من الوثائق التي تلزم المحللين للشأن الأميركي والشؤون العالمية، وهي بالطبع تفسر العديد من السياسات الأميركية في العالم وخصوصاً تجاه المسلمين.

الرسالة التي تقدم الاستراتيجية تبدأ بحديث جاد مفاده أن أميركا في حالة حرب، وأن هذه الاستراتيجية تأتي استجابة للتحديات التي تواجهها أميركا نتيجة بروز ظاهرة الإرهاب المشتعل بأيديولوجية عدائية تقوم على الكراهية والقتل، حسب تعبير بوش.

يكتشف القارئ أن حالة الحرب المعلنة والدائرة تتحول إلى “حرب أفكار”، وأن السلاح الأميركي فيها هو ترويج أفكار الحرية والكرامة الإنسانية، وأن البديل الذي تطرحه أميركا في صراعها هذا هو الديمقراطية. يقول بوش في تلك الرسالة: «إن تقدم الحرية سيجعل أميركا أكثر أمناً».

ومن ثم يقول لاحقاً: «لقد وقفنا من أجل نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير مواجهين تحديات…» إذن فالمسألة ليست ثلة من “الإرهابيين” (حسب تعبيرهم) يزعجون أميركا وبعض الدول الغربية وينالون من مصالحها هنا وهناك، بل هي حرب أيديولوجية تقض مضجع شرطي العالم في مأمنه خلف المحيطات. هذا الكلام ليس لمتعة الإنشاء ولا لتضخيم الأمور، بل هو صريح في هذه الوثيقة الرسمية، وتسلط عليه الضوء هذه المقالة.

ومن ثم يحدد بوش الركنين الأساسيين اللذين تقوم عليهما الاستراتيجية، فالركن الأول هو الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية كطريق للعمل من أجل القضاء على الديكتاتوريات ونشر ما يسمّيه الديمقراطية الفعّالة. والركن الثاني هو مواجهة تحديات هذا الزمن من خلال قيادة مجتمع نامٍ من الديمقراطيّات. إذن فحيثما قلّبت الأمر تجد الديمقراطية والصراع الفكري حولها، وتجد خيار قيادة أميركا لمواجهة التحدي المضاد. وإذن أيضاً، فالمفتاحان الرئيسان في هذه الاستراتيجية هما: الديمقراطية (وأيديولوجيتها) والإرهاب (وأيديولوجيته)، أي هي الديمقراطية التي يروّجها الغرب والإسلام الذي يحمله “المتطرفون” حسب ما يوصفون. وهذا مما لا شك فيه هو صراع فكري قبل، وبعد وأثناء الصراع العسكري الحالي والمستقبلي!

ووثيقة الاستراتيجية هذه تتناول عدة محاور تفرض نفسها على أميركا وتوجب عليها القيام بما يتعلق بها، شملت أساساً محور الترويج الفكري والتأثير من أجل ما يسمونه “الكرامة الإنسانية”، وهي بمثل هذا الشعار تحاول أن تصنع لها رسالة تجتذب العالم من أجل كسب الصراع الفكري مع الإسلام كتهديد رئيسي كما أسلفت.

تتحدث الوثيقة عن الحرية والعدالة (ضمن محور الكرامة الإنسانية) “كمفاهيم صحيحة وكحقيقة تقبلها كل شعوب الأرض”، وبالتالي فإن على أميركا الدفاع عن هذه المفاهيم. والتساؤل البسيط هنا: لماذا يطرح موضوع الدفاع لو كانت هذه المفاهيم مقبولة عند كل شعوب الأرض؟ ولماذا هي في حالة دفاع لو لم تكن محل هجوم ضمن صراع فكري مرير؟ فالدفاع لا يكون إلا عند الهجوم! ومن ثم تدعو الوثيقة إلى الديمقراطية كونها المناخ الذي يحمي هذه المطالب الإنسانية التي هي “ليست محل تفاوض”! هكذا الأمر بالنسبة لأميركا، فنشر الديمقراطية قد بات قضية مصيرية؛ لأنها تحفظ لها البقاء.

ومن ثم تستعرض نجاحاتٍ في مجال ترويج الديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية من مثل إسقاط الحكم في أفغانستان وفي العراق، وهي تضلل في ذلك الاستعراض بأن تنسب هذا الإسقاط للشعوب، وتتناسى بسذاجة واضحة أن صور الدبابات الأميركية التي كانت ولازالت تسرح في تلك الأرجاء مازالت عالقةً في الأذهان. وتتحدث بإيجابية عن تطور الأوضاع في لبنان ومصر والسعودية والأردن والكويت والمغرب نحو مزيد من الديمقراطية والإصلاح. ولا يخفى على أبسط البسطاء أن هذه الأنظمة هي أمثلة واضحة للقمع والاستبداد ولامتهان كرامة شعوبها. وهي بالتالي تضلل هنا أيضاً بسذاجة واضحة. ثم تذكر الثورات الملونة التي حصلت في جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان وتصفها أنها جلبت الأمل بالحرية لذلك الجزء من العالم دون أن تشير إلى صراع السيطرة على المصالح في آسيا الوسطى. وتتحدث أيضاً عن تقدم الديمقراطية في أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا من خلال الانتقال السلمي للسلطة، معتبرة بذلك أن الرغبة الإنسانية نحو الحرية عالمية. وبعد ذلك لا تنكر وجود تحديات في مجال نشر الديمقراطية تتطلب دعم الشعوب الحرّة.

ومع مديح أفكار الديمقراطية والترويج لها على أنها أفكار تستحق أن تكون رسالة إنسانية، لا تخفي وثيقة الاستراتيجة أن نشر الديمقراطية يحقق مصالح أميركا، فالوثيقة تذكر بصراحة أن ترويج فكر الحرية “يعكس قيمهم ويقدّم مصالحهم”. ومن ثم تذكر أنه من أجل أن “نحمي شعبنا ونرفع قيمنا، يتوجب على أميركا أن تنشر الحرية عبر الكون من خلال قيادة جهد دولي لإنهاء الديكتاتورية وترويج الديمقراطية الفعّالة”. ورغم هذا الوضوح في تحديد المصالح حول نشر الديمقراطية لايزال بعض دعاة التغيير في الأمة يرفعون نفس هذه الشعارات وكأن مصالح الذئب والفريسة واحدة! ولازالوا يحاولون “أسلمة” هذه المفاهيم الغربية مدركين أو غير مدركين أنهم بذلك ينفّسون ضغط الحرب الفكرية على أميركا عدوة الأمة والبشرية.

وبعد ذلك تصدع الوثيقة “بحرب الأفكار” بالقول: «على المدى الطويل، فإن كسب الحرب على الإرهاب يعني كسب معركة الأفكار».

وهذا التحديد الاستراتيجي لطبيعة الحرب بأنها حرب على الأفكار يؤكد ما تطرحه زينو باران من نجاح حملة الإسلام السياسي -الخصم- في معترك الصراع الفكري مع أميركا، بحيث أصبح الموضوع تحدياً استراتيجياً يتطلب تحركاً من نوعه. ومن ثم يقرر قوة هذا الفكر المضاد الذي هو في صميم أمة تمتد على جناحي صقر يربض على قلب العالم “من إندونيسيا إلى إسبانيا”.

وعلى الرغم من أن هذه الوثيقة لم تذكر لفظ الخلافة بنفس الصراحة التي عبر عنها العديد من قادة أميركا من أمثال رامسفيلد وغيره في معرض التعبير عن الخوف من ظهورها من جديد، إلا أنها لم تخفِ ذلك، فذكرت الوثيقة أن الإرهابيين “العابرين للشعوب” الذين يواجهوننا اليوم يشوهون دين الإسلام من أجل خدمة رؤية سياسية عنفية، وهي إقامة إمبراطورية شمولية لا تعترف بكل أنواع الحريات الدينية والسياسية من خلال الإرهاب. وهذا الوصف لديهم لا ينطبق إلا على دولة الخلافة التي يعبر خصم أميركا عن تفاصيلها بما يفهم أميركا هذه الأوصاف. هذه هي استراتيجية أميركا، وهذا هو التحدي الأول أمامها: إرهاب الإسلام الذي يسعى لتوحيد الأمة ضمن كيان يقضي على مصالح أميركا في المنطقة وفي العالم، وأميركا تستعد لمواجهة هذا التحدي.

ثلاث معضلات استراتيجية:

هناك ثلاث معضلات استراتيجية لازالت تنتظر الحسم، وسيظل لتلك المعضلات تأثيرها السلبي على السياسة الأميركية طالما لم يتم صياغة استراتيجية محددة بشأنها.

l المعضلة الأولى هي صعوبة السيطرة على تداعيات ونتائج عملية الإصلاح، بمعنى كيف يمكن ضبط عملية الإصلاح على الأرض بحيث لا تؤدي إلى صعود الإسلام السياسي؟ وتشير الدراسة هنا إلى الخطأ المهم الذي وقعت فيه السياسة الأميركية والتي انتهت بوضع قيمة الإصلاح في تناقض مع صعود الحركات الإسلامية إلى السلطة، وهو النظرة الموحدة لتلك الحركات باعتبارها تنظيمات إرهابية تشكل جذوراً أو امتداداتٍ لتنظيم القاعدة، ولم تنجح الولايات المتحدة في فرز هذه الحركات وإدراك حالة التنوع الشديد فيما بينها، وهو نفس الخطأ الذي وقعت فيه خلال الحرب الباردة عندما وضعت السوفيات والصين والحركات القومية المناهضة للاستعمار في سلة واحدة. وتدعو الدراسة إلى ضرورة قبول الولايات المتحدة للحركات الإسلامية باعتبارها أحد الفاعلين الرئيسيين، والتمييز بين الحركات العنفية والسلمية، وقبول الحركات الإسلامية التي تقبل بالعمل السلمي بصرف النظر عن أيديولوجيتها الإسلامية، وعدم التهويل من خطر وصول الإسلام السياسي إلى السلطة. وتطرح الدراسة هنا افتراض أن السلطة سوف تفرض على تلك الحركات المزيد من الاعتدال، وربما التقليل من شعبيتها بعد اختبارها في السلطة. كما تؤكد أيضاً على ضرورة اقتران الإصلاح بسيادة قيمة العدل السياسي، وإصلاح دستوري حقيقي شامل لا يقتصر فقط على إجراء الانتخابات.

l المعضلة الثانية هي حالة التنوع والتناقضات الشديدة داخل العالم الإسلامي حول الكثير من القضايا، أبرزها على سبيل المثال الجدل القائم الآن داخل العالم الإسلامي بعد 11 سبتمبر حول مفهوم وحدود الإصلاح الديني، والذي يكشف عن وجود خلافات كبيرة بين القوى والحركات والمؤسسات الإسلامية داخل دول المسلمين في الشرق الأوسط، أو بين دول المركز (الشرق الأوسط) ودول الأطراف (جنوب شرقي ٍآسيا)، فما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة في هذا الجدل؟

l المعضلة الثالثة هي النمو الديموغرافي الضخم المتوقع في العالم الإسلامي خلال نصف القرن القادم، والذي يتوقع أن يزيد بنسبة تصل إلى 130% في العالم العربي بحلول عام 2050 مقارنة بنسبة 67% في الدول النامية، 54% على مستوى العالم. والمشكلة ليست في حجم السكان في حد ذاته بقدر ما تتمثل أيضاً في تركيب السكان، الذي يتوقع أن تصل نسبة الشباب فيه أكثر من النصف. هذا الانفجار السكاني سيكون له تداعياته السياسية في حالة استمرار حالة الانسداد السياسي وضعف المؤسسات السياسية في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى ضعف اقتصاديات الدول الإسلامية عن خلق فرص عمل موازية لهذا النمو المتوقع، الأمر الذي يعني استمرار التطرف الإسلامي والتنظيمات الإرهابية، ما لم تستطع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي تشجيع عملية التنمية الاقتصادية والسياسية بشكل يضمن استيعاب تلك الأجيال الجديدة.

الحرب في العراق، تكلّف الولايات المتحدة يومياً 226 مليون دولار، أو 7 مليارات دولار شهرياً،أي ما يعادل 84 مليار دولار سنوياً.

هناك 23 ميليشيا مسلحة داخل بغداد لوحدها. ولكل وزير في الحكومة وعدد كبير من رؤساء القبائل قوتهم الدفاعية الخاصة. لقد غادر نحو مليوني عراقي منازلهم أي ما يعادل 30 مليون أميركي تم تهجيرهم بسبب الحرب (نسبة إلى تعداد السكان في الدولتين). وعلى الأردن الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة التعامل مع 1.5 مليون عراقي أرهقوا قطاع الخدمات الأساسية، ودفعوا أسعار العقارات والإيجار إلى مستويات أعلى مما يمكن أن يتحمله حتى المواطن الأردني الميسور. ويقول هنري كيسنجر أهم جيو – سياسي في العصر الحديث والذي قاد في العام 1973م المفاوضات التي أدت إلى إنهاء حرب فيتنام، إنه لا يمكن الفوز في العراق. وأوضح أنه إذا كان المقصود من ذلك قيام دولة عراقية ديموقراطية مستقرة قادرة على رعاية نفسها، فيجب أن ننسى ذلك لأنه لا يمكن تحقيقه.

إن عدد القتلى في العراق الجديد نتيجة للاحتلال الأميركي، فاق عددهم 655 ألف شخص، مما يعني أن عدد القتلى من العراقيين من جراء هذا الغزو الأميركي الوحشي يبلغ ضعفي نظرائهم اليابانيين الذين سقطوا ضحايا قنبلتي ناغازاكي وهيروشيما النوويتين في نهايةالحرب العالمية الثانية. هذا الرقم المرعب يعني أن واحداً من كل أربعين عراقياً قد قتل، أي ما يعادل 2.5% من أبناء العراق. وإذا قدرنا عدد الجرحى بأربعة أضعاف هذا الرقم على أقل تقدير فإن الصورة تبدو مأساوية.

ما يجري في العراق حرب إبادة تخوضها الحكومتان الأميركية والبريطانية، وبعض المتعاونين معهما من العراقيين لإفناء الشعب العراقي، وتدمير بلاده بالكامل، وتقطيع أوصالها، حتى لا تقوم للعراق قائمة لعدة قرون قادمة.

أميركا والعمليات القذرة

بوجود وحدات خاصة سرية متدربة تماماً على أعمال قذرة من النوع الذي ذكره في اقتراحه، أوجدتها دوائر البنتاغون ومدعمة بأنشطة مخابراتية عالية جداً، وتعرف هذه الوحدات باسم «مجموعة العمليات الاستباقية كاملة الاستعداد سلفاً» والتي يطلق عليها إسم (P2OG). وتتكون هذه الوحدات من كادر محترف جداً جلّهم من المحاربين ورجال المخابرات المتقاعدين والاحتياط المدربين والمؤهلين تماماً للخدمة حال استدعائهم للقيام بعمليات «قذرة» في المناطق الساخنة من العالم. وقد أنشئت تلك الوحدات بتوصية من «مجلس علوم الدفاع» في البنتاغون عام 2002م وأدخلت إلى الخدمة أول مرة في أفغانستان حيث عملت مجموعة منها تحت اسم «الثعلب الرمادي» مع قوات قتالية خاصة من وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وتعمل المجموعة الآن بإمرة «المكتب التنفيذي للعمليات الخاصة» المرتبط بمجلس الأمن القومي الأميركي الذي يعتبر جميع أعضائه من عتاة اليمين المتطرف.

وحسبما جاء في مقال كتبه الصحفي «ديفيد آيزنبيرغ» في صحيفة «آسيا تايمز» تحت عنوان «الـ(P2OG) تسمح للبنتاغون بالقتال بقذارة» قال فيه: «نظراً للأهمية الكبرى التي توليها الإدارة الأميركية لهذه الوحدات السرية الخاصة، فقد تم تخصيص مبلغ خيالي لنشاطاتها، يشتمل على 1.7 مليار دولار لتطوير إمكانياتها في «النفاذ إلى عمق تنظيمات العدو»، و100 مليون دولار سنوياً للتدريبات والتمارين، و800 مليون دولار سنوياً لتطوير قابلياتها التقنية وتجنيد 500 عضو جديد فيها، و 500 مليون دولار سنوياً لإنشاء مراكز تساعدها في التعامل مع الزيادة في متطلبات عملها، إضافة إلى 100 مليون دولار سنوياً لتوسيع نشاطاتها في تقييم شبكات القوات المشتركة التي تتعامل معها. وبهذا فإن إجمالي المبالغ المخصصة لهذه الوحدات هو 3.3 مليار دولار، إضافة لتزويدها بأكثر المعدات القتالية والاستخبارية تطوراً. ومن هذه المعدات على سبيل المثال طائرات تطير على ارتفاعات شاهقة جداً مخصصة للتجسس، وأسلحة ضغط حرارية ضد الأفراد والمعدات غير معروفة مسبقاً، إضافة إلى أجهزة ومعدات تجسس ذات تقنية عالية الكفاءة منها أشرطة حساسة جداً لمراقبة تحرك الأفراد والعربات بواسطة قمر صناعي خاص».

ومن هنا يتبين أن عمل هذه الوحدات الخاصة مصمم بالذات للقيام بعمليات غاية في السرية مع مجاميع قتالية من وكالة المخابرات المركزية الأميركية، مستهدفة من ورائها المدنيين والبنى التحتية، الغرض منها هو خلق خوف ورعب مستمرين لدى المواطن الآمن مما يطلقون عليه «العمليات الإرهابية». وبمعنى آخر أن هذه الوحدات لا تتورع عن تنفيذ عمل «إرهابي» حتى داخل الولايات المتحدة نفسها تكون الغاية الرئيسية منه هو الحصول على الدعم الشعبي المطلوب لحروب أميركا القذرة في الدول التي تريد التدخل فيها بشكل مباشر كالعراق وأفغانستان وغيرها، وتلك هي أحد أساليب عمل اليمين الفاشي المتطرف في الإدارة الأميركية، وكما جاء على ذكره «دليل العمليات الميدانية» المنوه عنه أعلاه. هذا إضافة إلى قيام تلك الوحدات بحرب المعلومات والمخابرات والخداع والتضليل والحرب النفسية وتخريب البنى التحتية للدول التي تعمل فيها، والتي هي الأخرى سمات رئيسية لطريقة عمل اليمين المتطرف الأميركي وتسويق أيديولوجيته.

ومن أهم أهداف هذه الوحدات هو القيام بأعمال تهدف إلى ما يسمى بـ«ردود فعل محفزة» لدى تنظيمات المقاومة، من خلال قيام مجموعات من تلك الوحدات الخاصة بأعمال إجرامية تستهدف المدنيين الأبرياء والبنى التحتية التي تخدم المواطنين بشكل مباشر، وذلك للقضاء على مقاتلي فصائل المقاومة بعد أن تنتظر منهم ردود فعل على العمليات الإجرامية لتلك الوحدات بحق المواطنين الأبرياء. كما أن أحد أساليب الوحدات الخاصة هذه هو استهداف عوائل الأشخاص الذين يعتقد أنهم منضوون في فصائل المقاومة، وتشتمل أساليبها على قتل واعتقال أفراد عوائل هؤلاء الأشخاص ونسائهم بشكل خاص والاعتداء على أعراضهن، إضافة إلى استعمال المخدرات للتأثير على بعضهم. وعلى سبيل المثال إن ما حدث مؤخراً في بغداد، نقلاً عن شهود عيان، من تخريب لمحطات ضخ مياه الشرب في جانب الكرخ من بغداد هو أحد العمليات التي قامت بها مجموعة من تلك الوحدات الخاصة، إضافة لقيامها بعمليات إجرامية راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين الأبرياء وخصوصاً النساء والشيوخ والأطفال كما حدث مؤخراً في جريمة قذرة نفذتها في منطقة بغداد الجديدة على طريق المرور السريع بعد قيام قوات الاحتلال بتوزيع الحلوى على الأطفال بهدف تجميعهم وإستهدافهم بسيارة مفخخة راح ضحيتها عشرات الأطفال الأبرياء والتي أعلنت جميع فصائل المقاومة عدم مسؤوليتها عنها. إن الغاية الرئيسية من عمليات الوحدات الخاصة هذه هي إلصاق تهمة أعمالها الإجرامية بقوى المقاومة الشريفة، تبدأ بعدها بتسويق تلك الأحداث إعلامياً وبشكل واسع من خلال وسائلهم الكثيرة بحيث ينتهي الأمر بالإدارة الأميركية الشريرة للإعلان عن أن هدف وجودها في العراق هو إستمرار لعملياتها في محاربة الإرهاب، الإرهاب الذي تخلقه تلك الوحدات الخاصة المدربة لهذا الغرض والذي ينتهي حسبما هو مخطط له ببقاء قوات الاحتلال متمركزة في قواعد ثابتة في العراق بحجة محاربتها للإرهاب في المنطقة.

وما يعزز تأكيدنا على وجود مجموعات من تلك الوحدات الخاصة هو ما جاء في تقرير خاص بموقع «الكفاح» على شبكة الإنترنت (http://www.kifah.org/?id=1877) ذكر فيه أن قوة عسكرية أميركية خاصة تسمى «الفئران القارضة» وصلت العراق مؤخراً، وأن هذه القوة قد تم إعدادها وتدريبها تدريباً خاصاً من أجل القيام بعمليات إجرامية قذرة كالتفجيرات والاغتيالات وتخريب منشآت البنى التحتية وخصوصاً المرافق الخدمية العامة من أجل إلصاقها بالمقاومة العراقية، وبهدف التأثير عليها وعلى زخم الدعم الشعبي الواسع لها. كما جاء في التقرير أن قيادة هذه القوة الخاصة ترتبط مباشرة بالقيادة العسكرية الأميركية العليا في البنتاغون وليس لقيادة قوات الاحتلال في العراق، أي إن الإشراف مباشر على عملها. وقد اتخذت هذه القوة أحد أجنحة قصر السجود الرئاسي في بغداد مقراً لها.

إن أميركا بمثابة فرعون الذي قال: «أنا ربكم الأعلى»، «قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد». فهذا الخبير الاستراتيجي النرويجي الذي استضافته قناة الجزيرة في برنامج “بلا حدود” مساء الأربعاء الموافق 22/4/2006م، إذ جزم بسقوط أميركا وانهيارها ضمن عقدين من الزمن! وهذا قائد الجيش البريطاني السابق بيتر إنجي الذي صرح لصحيفة الأوبزرفر البريطانية توقع خسائر فادحة للقوات البريطانية والأميركية في كل من العراق وأفغانستان، معللاً ذلك بافتقارها إلى استراتيجية واضحة للعمل هناك، وهذا جاء بعد أيام من تصريحات قائد الجيش البريطاني الحالي التي دعا فيها إلى انسحاب فوري وعاجل من العراق.

فحتمية سقوط أميركا مقطوع بها، وحتمية قيام قوة عالمية بديلة على أساس فكر عالمي يكون جديداً على الساحة السياسية أيضاً مقطوع بها. وستقوم قائمة الأمة الإسلامية في دولة تخشاها أميركا قبل قيامها، بل تخشى عصابة من المؤمنين يحملون فكر هذه الدولة ولمّا تقم لهم قائمة، وتعتبر تهديدهم استراتيجياً. وتوسُّل الرئيس الأميركي جورج بوش بوزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر، بعد أن نفض يديه من المحافظين الجدد، في أن ينشلوه من الوحلين الأفغاني والعراقي، خير شاهد على تخبط العدو. إن الجمع سيولون الدبر، إن شاء الله، ويطلقون سيقانهم للريح في كل من أفغانستان والعراق على حد سواء. إذا ما ثبتت الأمة على مبدأ المقاومة: ] وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [ [الحج 40].

[نسأل الله تعالى أن يجعل قيام الخلافة قريباً لتكون هي البديل عن السقوط الأميركي القادم، إن شاء الله، على أجنحة من الريح].

http://iraqnusra.qawim.org/index.php?option=com_content&task=view&id=301&Itemid=49

[انتهى]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *