العدد 270-271 -

السنة الثالثة والعشرون ـ العددان 270 – 271

حزب التحرير في الذكرى الثامنة والثمانين لهدم الخلافة: مؤتمرات تقض مضاجع الأنظمة

حزب التحرير في الذكرى الثامنة والثمانين لهدم الخلافة:

مؤتمرات تقض مضاجع الأنظمة

 

إطلالات حزب التحرير السنوية في ذكرى هدم الخلافة أصبحت تشكل قلقاً كبيراً لدى الكثير من حكام المسلمين… ويتعامل معها بعضهم بتوتر عال جداً… إنها مناسبة حرص الحزب على إحيائها في مختلف بلاد المسلمين لتذكيرهم بهذه الذكرى الأليمة وبالفرض العظيم الذي يجب أن يكون شغل الأمة الإسلامية جمعاء وشاغلها لكي تستقيم حياتها على دينها فتعود خير أمة أخرجت للناس.

والحزب رغم اشتهاره بأنه حزب سياسي فكري يقوم على مبدأ الإسلام، وهدفه إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة، ويعلن ويصرح، وهو ملتزم تماماً بما يعلن ويصرح، بأنه لا يقوم بالأعمال المادية تأسياً بطريقة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ليس غير، في إقامة المجتمع الإسلامي ودار الإسلام، وهذا يعني أن كل مؤتمرات الحزب ومسيراته هي أبعد ما تكون عن الإرهاب بالمعنى الذي تتبناه دول الغرب الكافرة المستعمرة وأذنابها من حكام المسلمين… وبالرغم من أن الحزب معروف لدى أنظمة الحكم وفي العالم الإسلامي وأجهزة مخابراتها جيداً، ومعروف لدى دول الغرب وأجهزة مخابراتها ومراكز أبحاثها وكل من كان له باع في الشأن العام… بالرغم من نشاط الحزب في الصراع الفكري والكفاح السياسي وكشف خطط الاستعمار وتبني مصالح الأمة يقتصر على الجانب السلمي وترتفع فيه الكلمة صادحة بالحق… بالرغم من كل هذا فإن الحزب يخيفهم ويقلقهم نشاطه ويحسبون لتأثيره على الأمة كل حساب.

هذا ما ظهر ويظهر على أنظمة الضرار التي تعيش على الظلم وفي الظلام هذه السنة في إحياء الذكرى الثامنة والثمانين لهدم الخلافة أكثر من قبل، حيث تصرفت بعض هذه الأنظمة المفلسة الخائنة لله ولرسوله وللمؤمنين والموالية لأسيادهم من الغرب ضد الحزب في أكثر من بلد إسلامي بصورة قمعية، ضاربةً بعرض الحائط كل قيمة وكل قانون تدعي نفاقاً أنها تسهر على تطبيقه:

– ففي تركيا: فقد كان مقرراً أن تعقد مجلة التغيير الجذري التي يصدرها شباب حزب التحرير – ولاية تركيا مؤتمراً جماهيرياً يوم الأحد في 4 شعبان 1430هـ الموافق 26/07/2009م في إسطنبول بعنوان «حال العالم الإسلامي وطريق الخلاص» وذلك ضمن الفعاليات العالمية التي ينظمها حزب التحرير في شهر رجب من كل عام لاستنهاض الأمة الإسلامية لإقامة تاج الفروض «فرض إقامة الخلافة». ولكن النظام التركي قبل يومين من انعقاده قام بتنظيم حملة اعتقالات واسعة على مستوى تركيا من أقصى شرقها حيث مدينة وآن إلى أقصى غربها حيث مدينة إسطنبول ضد حزب التحرير وشبابه، فقامت قوى الأمن باعتقال ما يزيد عن مئتي شاب تقي نقي من شبابه وأنصاره. ولكن بالرغم من هذه الحملة الإرهابية غير المبررة بحسب قانونهم قام الشباب وأنصارهم وذووهم بالتجمهر أمام القاعة التي كان ينتظر عقد المؤتمر فيها وبلغ تعدادهم ما يزيد على 800 شخص وتمت قراءة بيان صحفي أمام المتجمهرين وأمام وسائل الإعلام.

هذا وقد أصدر حزب التحرير بياناً في 25/7 بعنوان: «النظام التركي: كناطح صخرة يوماً ليوهنها». تناول فيها الملاحقات والاعتقالات في صفوفه التي طاولت حوالى الـ200 من شبابه وأنصاره، وهاجم فيه علمانيي تركيا من الإنجليز واللابسين لباس المسلمين وهم للإسلام عدو، عملاء أميركا محذراً إياهم من غضب الله في الآخرة ومن الخلافة الراشدة العائدة بإذن الله لتقتص منهم.

كما أصدر مساعد الناطق الرسمي بياناً صحفياً بعنوان: «نقول مجدداً: بإذن الله، لا ولن يقضى على حزب التحرير» في 26/7.

وكذلك أصدرت مجلة التغيير بياناً صحفياً في 26/7 للرأي العام التركي أعلنت فيه أننا «النقطة التي تكسر جدار الصمت» وأضافت: وليعلم الجميع مدى صبرنا وقوتنا، وإننا خرجنا في طريقنا من أجل «تغيير أنفسنا وتغيير الآخرين تغييراً جذرياً بالإسلام ونحو الإسلام».

ويذكر أنه من آخر فبركات النظام التركي (عرّاب التفاوض مع يهود) في حملته المسعورة على حزب التحرير اتهامه الناطق الرسمي لحزب التحرير في تركيا يلماز شيلك بالاتصال بأحد عملاء الموساد. وكانت قد سبقتها فبركة أخرى ليس من وقت بعيد، وهي اتهامه بالاتصال بالمنظمة الأكثر إرهابية وشناعة في تاريخ تركيا الحديث وهي (الآرجنكون). اتهامات باطلة تدل على سفه مطلقيها وإفلاسهم، وستتحطم أمام نصاعة فكر حزب التحرير ونظافة كفه التي يعرفها المسلمون جميعاً والذين لابد أنهم يضحكون ويسخرون من مثل هذه الاتهامات.

– وفي فلسطين وضمن فعالياته السنوية لإحياء ذكرى هدم الخلافة، دعا حزب التحرير أنصاره والمؤيدين لعودة الخلافة الإسلامية لمؤتمر بعنوان: «الخلافة هي إقامة الدين وتوحيد المسلمين»، وذلك في رام الله، وكان من المقرر عقده عصر يوم السبت 12 رجب 1430هـ الموافق 4/7/2009م. وقد عمل الحزب على نشر الدعاية للمؤتمر بشكل مكثف خلال الأيام التي سبقت تاريخ انعقاده. وتوافد الناس من كافة المدن الفلسطينية إلى رام الله للتأكيد على تأييد فكرة الخلافة والعاملين لها، إلا أن السلطة الفلسطينية قررت أن تواجه إرادة الناس وتوجهاتهم بفرض طوق أمني مشدد على رام الله. فمنعت انعقاد المؤتمر واعتقلت المئات وحوّلت منطقة رام الله إلى ما يشبه الثكنة العسكرية.

– وفي اليمن أقام حزب التحرير – ولاية اليمن صباح الخميس في الأول من شعبان 1430هـ الموافق 23/7/2009م في فندق حدة في العاصمة صنعاء ندوة تحت عنوان: «كيف تعالج دولة الخلافة الإسلامية المشاكل والأزمات السياسية في اليمن». وقد قام النظام بأعمال استفزازية ضد فعاليات المؤتمر. وحوّل مكان انعقاد الندوة إلى ثكنة عسكرية، ومنع دخول مئات من الحضور (الفعاليات المؤثرة في المجتمع من صحفيين ومشايخ وأحزاب) وقام بإزالة الملصقات من الشوارع، وإنزال اليافطات، وتخويف الناس وإطلاق الإشاعات ومنع الإعلانات… ولكن كل تلك الإجراءات لم تثنِ شباب الحزب هناك من إقامة الندوة المباركة، وكان لشباب ومشايخ ومناصري الحزب مواقف جريئة تذكّر بمواقف الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. واستمر عقد الندوة بنجاح رغم محاولة الأجهزة الأمنية اقتحام قاعة الندوة عدة مرات. ويمكن القول باطمئنان إن موقف الدولة السلبي من عقد الندوة ساهم في نجاحها والحمد والمنة لله وحده.

– وفي باكستان أقام حزب التحرير مؤتمراً في إسلام أباد للمفكرين والمحامين والصحفيين والوجهاء، ولكن حكومة باكستان دفعت بقوات كبيرة من الشرطة المدججة بالسلاح فحاصروا مكان انعقاد المؤتمر وأغلقوا الأبواب وأقفلوها. ونتيجة لهذا العمل الجبان تظاهر شباب الحزب خارج مكان المؤتمر وخطب فيهم عضو الحزب تيمور بوت الذي استنكر تصرف الحكومة وبيّن أنها لن تفتّ من عضد حزب التحرير وإصراره على إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

ونحن هنا لا نذكر كل ما واجه عقد مؤتمرات الحزب من قمع واعتقالات، بل نذكر بعضاً منها على سبيل كشف واقع الأنظمة القمعية والإرهابية، والدلالة على مدى ارتباط هذه الأنظمة بالغرب وارتهان إرادتها لإرادته، ومدى بعد هذه الأنظمة عن الإسلام واتخاذه العدو الأول لها، وكشف أن هذه الأنظمة تدرك هي وأسيادها مدى ما يمثله طرح الحزب من قوة تأثير على الأمة ومن قدرة على التغيير فيما لو استمر في فعالياته التي يقوم بها… لذلك كان عندهم لابد من منعه ولو كانت طريقة الحزب في العمل لا تخالف دستورهم ولا قوانينهم.

إن مشروع حزب التحرير هو مشروع هادف جاد، يصل أعضاؤه ليلهم بنهارهم من أجل نشر أفكاره وجعلها أفكار المسلمين وهدفه هدفهم، وهو ينجح في ذلك رويداً رويداً حتى قطع بالأمة شوطاً كبيراً جعل الغرب والحكام يقلقون أيما قلق من هذا التفاعل بينه وبين الأمة؛ لذلك لم تكن قوة حزب التحرير فقط في أعداد أعضائه بل بالدرجة الأولى في إعدادهم وتهيئتهم للمهمة التي يقومون بها وللدولة التي سيقومون بأعبائها؛ وكذلك كان نجاحهم مربوطاً بتقبل الأمة لطرحهم، فهم بالأمة ومع الأمة سيصلون لإقامة الخلافة، وهم من الأمة لا ينفصلون عنها أدنى انفصال. والأمة كم تعشق تاريخها الذي يبتدئ مع الرسالة المحمدية، وكم تتوق للعودة إلى سيرة خلفائها الراشدين وولاتها الصالحين وقواد جيوشها الأبطال… ذلك التاريخ القائم على عبادة الله وحده الذي أنار بأفكاره وعلومه وعدله جنبات العالم كله آنذاك، وكم تكره في الوقت نفسه هذا التاريخ الحديث الذي فرض على الأمة قطع الصلة ما بين حياتها ودينها، والذي جعل المسلمين في مؤخرة الركب أو مربوطة بمؤخرة الركب تجرجر من ذل إلى ذل… وهذا ما ينادي به حزب التحرير تماماً. والذي تختصر دعوته بـ«الخلافة الراشدة» هذا هو بيت القصيد.

إن ما يقوم به حزب التحرير يظهر الإسلاميين الآخرين من حركات وعلماء وكأنهم يلعبون ويتسلون ويتسامرون، اللهم إلا أولئك الذين يجاهدون بحق ضد أعداء الإسلام الذين احتلوا أراضي الإسلام فإنا نقرهم فيما يقومون به إذا كان جهادهم منضبطاً بأحكام الإسلام ولا نقرهم متى كان غير ذلك، ولكننا نعلم أن الطريق الصحيح لتغيير أوضاع المسلمين جميعاً من مشرقهم إلى مغربهم واستقامة أمرهم على دينهم لا يكون إلا بإقامة “الخلافة الراشدة” على منهاج النبوة التي هي ستقيم الجهاد وتجعله مفتاح خير للدعوة تفتح به قلوب الكفار عن قناعة ورضى للدخول في دين الله أفواجاً.

إن الحزب الذي قطع شوطاً كبيراً في طريق الدعوة. والذي بات على باب النصر بفضل الله وتثبيته له، يتصرف تصرف القريب من إقامة الدولة، نَفَس مسؤوليه نفس رجال الدولة، وهمه حل مشاكل الأمة التي لا يضطلع بحلها إلا الدولة. وهو بالرغم من أنه مازال حزباً راح يُدلي برأيه في المسائل العالمية التي لا يملك الغرب بقضه وقضيضه حلاً لها، راح يحلها على أساس شرعي ويبين الأحكام الشرعية المتعلقة بها، وذلك مثلما حدث في «مؤتمر حزب التحرير الاقتصادي» الذي عقده في الخرطوم حول الأزمة الاقتصادية العالمية وحل الإسلام الجذري لها، وذلك في السابع من محرم الحرام 1430هـ الموافق 3/1/2009م. هذه الأزمة التي مازال العالم الغربي بكل شرائحه عاجزاً عن حلها، ولإفلاسه فإنه يعتمد على مرور الزمن لتحل أزمته، وكلما شهد انتكاسة حاول علاجها بمسكنات وبترقيعات من غير أن يملك تصوراً واضحاً يتخطى به الأزمة هذه ويسير بها باتجاه معين لتجاوزها، وهكذا ظهر الحزب وكأنه صاحب الحل النظري الصحيح والذي ينتظر قيام دولة الخلافة الراشدة ليحلها للعالم حلاً عملياً.

وفي هذا العام عقد الحزب مؤتمرات له في مجال عمله وأماكن نشاطه: شرقاً وغرباً، عرباً وعجماً؛ ليحيي بها نفوساً عطشى ولتكون مبعث أمل وعمل. ومن هذه المؤتمرات نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

في السودان أقام الحزب مهرجاناً خطابياً بعنوان: «الخلافة الراشدة وحدها القادرة على وقف النزف المستمر في بلاد المسلمين».

وفي لبنان تحت عنوان: «الجهاد في الإسلام: أحكام راقية، تاريخ مشرق، حاضر يرنو إليه». وفي العديد من الدول العربية.

وفي بنغلادش تحت عنوان: «الخلافة: النظام والقيادة الوحيدتان الصحيحتان».

وكذلك في دار السلام في تنزانيا بعنوان: «الخلافة الخلافة أيها المسلمون فهي فرض ربكم ومبعث عزكم وقاهرة عدوكم ومحررة أرضكم، وهي منارة الخير والعدل في ربوع العالم».

كما أقام الحزب مؤتمراً له في جزيرة موريشوس.

وقام الحزب بعقد مؤتمرات له كذلك في الولايات المتحدة وفي بريطانيا وكان له نشاطات في أوستراليا… والحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *