العدد 198 -

السنة السابعة عشرة – رجب 1424هـ – أيلول 2003م

قد ذَلَّتِ الزوراءُ بعد مَهابةٍ

قد ذَلَّتِ الزوراءُ بعد مَهابةٍ


بَغْدَادُ كَيْفَ تَجَرَّأَ الأَوْغَادُ
عَظُمتْ مصيبتُها وهُدَّ كيانُها
هَتكوا حِماها واستذَلُّوا شعبها
كيفَ استباحوا حُرمةَ الدارِ التي
أَوَتِ الخِلافةُ في رُباها حِقْبةً
وَتَمَكَّنوا في الأرضِ مِن أرجائِها صَنَعوا من الأمجادِ تاريخاً لنا
والكبرياءُ على شواطئِ دجلةٍ
أرأيتَ دجلةَ كيفَ يزهو ماؤُه
كم
ْ مِنْ عُلوجٍ ساقَهمْ حادي الرَّدى
يَحْمي حِماها إن تأزَّمَ خَطْبُها
لم يَحمِها بعثُ العفالِقِ بَتَّةً
ما بيْنَ هولاكو وبوشٍ لُحْمَةٌ
قدْ ذَلَّتِ الزوراءُ بَعْدَ مَهابةٍ
هَلاّ سألتِ الشامَ عن جيرانها
هذا النخيلُ تَرَنَّحَتْ أعطافُه
هذانِ دجلةُ والفراتُ تعانقا
وقفَ الرشيدُ على مِنَصَّةِ عِزِّهِ
والمُزْنُ جاريةٌ وفي أَعْطافِها
قال الخليفَةُ للسحابةِ فاذْهَبي
شَمْسُ الخلافةِ لو توارَتْ حِقْبةً
سَتَعودُ ساطعةً كسابقِ عهدِها
البَعْثُ جُزْءٌ من مؤامرةٍ جَرَتْ
وَتَجَذَّرَتْ أفكارُهُ في منهجٍ
فَتَحوا الطريقَ وسلّموا أرباضَها
حُبِكَتْ مؤامرةٌ وتَمَّتْ صفقةٌ
صدامُ وابنُ العَلْقَمِيِّ كِلاهُما
هَدَما بِناءً سامقاً متطاولاً
جاءَ التتارُ وجاءَ هولاكو بِهم
ْ
وَأَتى الصليبُ بحقدِهِ وبرجسِهِ
فجميعُهُم
ْ متآمرونَ بكيدِهمْ
قَوْمِيَّةٌ فَسَدَتْ وَأَنْتَنَ ريحُها
وَهَموا بأنَّ عُروقَهم
ْ شَفَعَتْ لهمْ
لأصولِ دينِهِمُ وح
ُكمِ كِتابِهِمْ
قد قارَبَ الإسلامُ فيما بينَهُمْ
وعُصارَةُ العلمِ التي قد دُوِّنَتْ
قَذَفوا بها واسْوَدَّ دجلةُ ماؤهُ
وجُنودُ بوشٍ أضرموا نيرانَهُم
ْ
صدامُ أضحى فارساً ذا صَولَةٍ
يا للمصيبةِ كم
ْ تعاظمَ أمرُهُ
فَإذا به يَهوي كريشَةِ طائِرٍ
حَمَلوهُ محفوظاً وخَلَّى شعبَهُ
مُتَمَزّقاً إرْباً يُقَتِّلُ بعضَهُ
هذي الثعالبُ لو تَمادَتْ فترةً
يأتي الذي يخشَوْنَ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ
و
َيَعُودُ سلْطَانُ الخلاَفَةِ شَامِخاً

 

تَحْدُوهُمُ الأَطْمَاعُ وَالأَحْقَادُ
وَتَفَتَّتَتْ لمصابها الأكبادُ
وَتَيَتَّمَ الأطفالُ والأولادُ
شَمَخت وشادَ بناءها الأجدادُ
عَزَّتْ وَعَزَّ المسلمونَ وَساد
ُوا
بَلَغُوا الثريا في الشموخِ وكاد
ُوا
نِعْمَ الصنيعُ ونِعمَتِ الأمجادُ
عَبَقُ الخلافةِ عِزةٌ وجهادُ
في شاطِئَيْهِ اليمْنُ والإسعادُ
سَحَقَتهُم
ُ غِيَرُ القرونِ وبادُوا
صيدٌ لُيوثٌ في الوغى آسادُ
هل يَفتديها الكفرُ والإلحادُ؟
لَهُما على بُعْدِ المدى ميعادُ
والأعْظَمِيَّةُ داسَها الأوغادُ
والقدسَ كيفَ تَمَرَّغَتْ بغدادُ
لَثَمَ النسيمَ وغصنُه ميّادُ
رُوِيَتْ بمائِهِما قرىً وبلادُ
وَيُحيطُه الأجنادُ والقُوادُ
لِلْمُعْوِزينَ مِنَ الخلائقِ زادُ
فَخَراجُ رزقِكِ عندنا سَيُعادُ
وَاشْتَدَّتِ البَلْوى وَعَمَّ فَسادُ
تَحْنو عليها في الضُّحى الآرادُ
حُبِكَتْ وإثمُ خيوطِها يزدادُ
نارٌ لهيبُ سعيرها وَقّادُ
لعدوِّهِمْ وتخاذلوا وانْقادُوا
منذُ القتالِ وسُلِّمَتْ بغدادُ
لَعَنَتْهُما الأحقابُ والآبادُ
ما كانَ مثلَ رسوخِه الأطوادُ
والأمْرِكانُ وَبوشُ والأوغادُ
سَفَكَ الدماءَ وَدَأْبُهُ الإفسادُ
فَسَيُقْتَلونَ بكيدِهم
ْ ما كادُوا
وَتَلَوَّثَتْ من نَتِنْها الأجسادُ
عِندَ الغُزاةِ وليتهم
ْ لو عادُوا
العُرْبُ والأتراكُ والأكرادُ
رُحَماءُ لكنْ للعِداةِ شِداد
ُ
نَمَطَ الثقافةِ حكمةٌ ورشادُ
إذْ غَيَّرَتْهُ صحائِفُ وَمِدادُ
بالمكتباتِ فَإذا بهنَّ رَمادُ
وَتَهابُهُ الجيرانُ والأبعادُ
واغتَرَّ فيهِ معاشِرٌ وعبادُ
ثم اختفى ووراءَه الأرصادُ
تَحْتَ العَناءِ تدوسُه الحُسّادُ
وَأَطَلَّتِ الثاراتُ والأحْقادُ
ما غَرَّها-
لو راوَغَتْ – سَتُصادُ
فَيُقامُ بنيانُ الهُدى وَيُشادُ
ت
َعْلُو العُقَابُ وَيَنْحَني الأَوْغَادُ .

                                                                                                                                 فتحي محمد سليم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *