العدد 194 -

السنة السابعة عشرة – ربيع الأول 1424هـ – أيار 2003م

سقوط بغداد عار على صدام وحزبه، وعار على حكام المسلمين.

سقوط بغداد عار على صدام وحزبه، وعار على حكام المسلمين.

شنت أميركا، ومعها بريطانيا، حربها العدوانية على العراق، ويملأ رأس رؤسائها الخوف من مفاجآت قد يواجههم بها صدام حسين. وكانت تعتبر أن معركتها الأساسية في هذه الحرب ستكون في بغداد. أما باقي المدن فإنها تصورت أنها سرعان ما ستتهاوى فيها المقاومة لأن الشعب العراقي سيستقبلها بالورود، وسيعتبر قواتها قوات فرج وخلاص من نظام صدام حسين الديكتاتوري. ولكن الحرب جرت على عكس المتوقع تماماً. فقد قامت مقاومة غير متوقعة من المسلمين في سائر المدن العراقية بينما سقطت بغداد بين ليلة وضحاها. واختفى صدام وولداه، والمقربون منه، والحرس الجمهوري ورئيسه وأسلحته في لمحة بصر، ودخل الأميركيون إلى بغداد بسهولة فاجأت الجميع، وأتت الصدمة والترويع من جماعة صدام لا من أميركا وأخذ الجميع يتكلم عن قتله أو صفقة منه أو من حرسه ما زالت خفايا تفاصيلها غير معلنة، وخيانة سيسجلها التاريخ وسيلعن المسلمون هؤلاء الخائنين إلى يوم القيامة. إن ما حصل يبين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

l  إن الهزيمة لم تكن هزيمة المسلمن:  لقد قاوم المسلمون الغزاة مقاومةً شرسةً في سائر المدن العراقية، في أم قصر، والناصرية، والبصرة، والنجف، وكربلاء. وهذا أوجد إرباكاً في الخطط العسكرية الأميركية، وحدا برئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية تومي فرانكس لأن يصرح «إن هذه الحرب التي تخوضها أميركا والقوى المرتبطة بها لا مثيل لها في التاريخ. وبالتالي فإن الخطط التي توضع لا مثيل لها في التاريخ أيضاً». وأدى الفشل في احتلال هذه المدن إلى استقالة ريتشارد بيرل (رئيس مجلس الدفاع الاستشاري التابع للبنتاغون)، وهاجم استراتيجيون أميركيون رامسفيلد، واتهمه مسؤولون في البنتاغون بأنه يتحمل مسؤولية الفشل. ثم لما دخلت العمليات الاستشهادية ضد القوات الغازية مسرح المعركة، صرح المسؤولون الأميركيون في البنتاغون بأنهم أوقفوا الزحف لمدة أسبوعين، وأنهم أخذوا يعيدون النظر في خططهم الاستراتيجية. وكانت خططهم تقضي بالتعامل مع العراقيين بالحسنى ليعطوا عن أنفسهم أنهم منقذون للشعب العراقي لا غزاة، فغيّروها لتصبح غاراتهم لا تفرّق بين حجر وشجر. وصارت صور التدمير والقتل وتمزيع الأجساد، وصور الاعتقالات وإذلال المسلمين وتقييدهم شبيهة بتلك التي تحدث مع المسلمين في فلسطين. ومع كل هذا الإجرام بقيت معنويات المسلمين في العراق وخارجه مرتفعة وشعاراتهم واحدة وتوجههم واحداً. فقبل الحرب وأثناءها هاجم المسلمون أميركا وحكامهم ودعوا إلى الجهاد. وبعد الحرب قامت تظاهرات في العراق ترفع شعارات يجب أن يعيرها المسلمون كل الاهتمام: (لا لبوش، لا لصدام، نعم للإسلام) (لا لأميركا، لا للدولة العلمانية، نعم لدولة إسلامية). وأعطى المجاهدون الذين قدموا إلى العراق من الخارج للقتال ضد أميركا أروع الأمثلة في المواجهة وجعل الجيش الأميركي يشكو منهم بشدة.

         l  إن الهزيمة كانت هزيمة صدام حسين وزبانيته:  ذلك الديكتاتور الطاغية الذي خان دينه وورّط شعبه منذ استلم الحكم في حروب ليست حروبهم، وأهلك المسلمين بالملايين. وبدلاً من جمع الناس لقتال عدوهم على أساس الإسلام، جمعهم على أفكار ما أنزل الله بها من سلطان. لقد خاض هذا الطاغية حربه ضد أميركا وهو لا يثق حتى بأقرب المقربين منه، وهذا دأب كل ديكتاتور، ووزع قوات الحرس الجمهوري، وتدخل هو وابنه في وضع خططه العسكرية، وهما غير عسكريين، وربط الجند بشخصه وأفسد عقيدة من تبعه. فلما حدث القتل أو الصعقة لم يجد أتباعه حافزاً للقتال فتسارعوا للتسليم والاستسلام، وكان السقوط الفظيع الذي سببه فساد النظام.

         l  إن الهزيمة كانت هزيمة حكام المسلمين:  وليست هزيمة صدام وحده. لقد أثبت هؤلاء، أنهم مستعدون من أجل البقاء على كراسيهم أن يسلموا شعوبهم لعدوهم أن يذلوهم ويخذلوهم. لقد أثبتوا أنهم مسؤولون عن كل ما يحدث للمسلمين من ويلات. فلا ترى العين أمّاً ثكلى ولا طفلاً ممزعاً، ولا شاباً مقتولاً، ولا شيخاً مذلولاً… إلا ولهم يد فيه. إن موقفهم مما حدث في العراق لم يكن إلا حلقة من حلقات تآمرهم على هذه الأمة. لقد استخدمتهم أميركا كالعبيد، ولم تحترم واحداً منهم ولم تراع مصلحته. ومع أنهم يعلمون أن الدور، بعد صدام، سيطاولهم الواحد بعد الآخر، ومع ذلك فقد قدموا لها كل ما تحتاجه، قدموا لها الأرض والسماء والبحر والنفط…، ومنعوا الجيوش والمسلمين من القيام بواجبهم الجهادي ضد أميركا… لقد حاربوا الإسلام والمسلمين مع أميركا، إنهم شركاء في الجريمة وهم العدو الأول الذي يجب على الأمة أن تقضي عليه ليتهيأ لها أن تمتلك قرارها قبل أن تواجه أعداءها.

         l  إن أميركا يمكن هزيمتها:  نعم لقد أثبتت الحرب العدوانية التي شنتها أميركا على العراق أنها يمكن أن تهزم إذا توافرت للمسلمين خلافة إسلامية وكان جيشها معداً على أساس الجهاد في سبيل الله، ووقف المسلمون إلى جانب قيادتهم السياسية والعسكرية. نعم يمكن هزيمة أميركا مهما كانت الإمكانيات ضعيفة ابتداءً بالمقارنة مع الإمكانيات العسكرية الهائلة التي تمتلكها أميركا. فالحروب هي حروب إرادات وليست حرب سلاح فقط. ويمكن أن تعوض إرادة القتال المتولدة من الإيمان وحب الاستشهاد أي خلل في التوازنات، فليس مثل إيمان المسلم إيمان يدفع إلى الاستشهاد. وقد أثبتت الأيام الأولى من القتال في العراق ذلك. وكذلك ثبت مثل هذا في الشيشان وفلسطين ولبنان. وما المعارك البطولية التي خاضها المجاهدون، الذين قدموا من خارج العراق، ضد الأميركيين إلا أروع مثال على قدرة المسلمين على إلحاق الهزيمة بأميركا.

         l  إن الإسلام وحده هو الذي يمكنه هزيمة أميركا:  إن أميركا تعلم هذا ويعلمه المسلمون. وإن أميركا تعمل على منع الإسلام من الوصول إلى الحكم لأنها ترى في ذلك كل الخطر عليها وعلى مبدئها وحضارتها وتفوقها. إذ يستطيع الإسلام أن يوحد المسلمين تحت راية الخلافة الإسلامية ويجمع المسلمين الذين يعدون 23٪ من سكان العالم وثرواتهم ويوحد إمكاناتهم ويستغل كفاءاتهم المبعثرة، ويستطيع ان يوصل المسلمين إلى مركز الدولة الأولى في العالم، هذه حقيقة تلمسها أميركا وتخاف منها، لذلك هي تحاصرها وتحاول أن تقتل برعمها قبل أن يكتمل. وهذا ما جعل أميركا تتخذ الإسلام عدوها الأول، وتصب جام غضبها على المسلمين العاملين لإعادة الإسلام إلى الحكم، وتتصرف بشكل ينكي المسلمين في دينهم من مثل تعيين الجنرال الأميركي المتقاعد جيه غارنر، الذي يوصف بأنه صهيوني مؤيد قوي لدولة يهود وصديق شخصي لشارون، حاكماً مدنياً على العراق وهذا ما قد يشير إلى إمكانية توطين قسم كبير من الفلسطينيين في العراق، وهذا التصرف الحاقد يذكر بما فعلته بريطانيا أثناء انتدابها على فلسطين حيث اختارت صموئيل اليهودي مندوباً سامياً بريطانياً لها على فلسطين ليعمل على إقامة الكيان اليهودي الغاصب الذي يسمونه (إسرائيل) وهذا ما حدث. لذلك تتصرف أميركا بحقد بالغ ضد المسلمين نظراً لما تحمله من خوف كبير من الإسلام. نعم إن أميركا تزرع العداء للإسلام والمسلمين وتزرع الموت فيهم، وتعمل من أجل أن تستقر لها الأمور في العراق على إعداد دستور كفر جديد للعراق، وإجراء انتخابات ديمقراطية بزعمها ثم الإتيان بكارازي عراقي جديد، من ذوي الذمم السيئة المرتبطة بالغرب والذين أُحضِروا أو سيُحضَرون على ظهر دبابة أميركية من المستعدين لأن يكونوا واجهة تحكم أميركا من خلالهم.

         أيها المسلمون:

         إن أميركا صاحبة مشروع في المنطقة، وهي تنفذه على مراحل، كما ذكر بوش بعد احتلاله العراق بقوله: «أمر يأتي بعد أمر .. نحن الآن في العراق .. وكل وضع يتطلب رداً مختلفاً فإذا أردتم أن توقفوا الهزائم والمجازر، وترفعوا عنكم الذل والصغار… إلى الآخر».

         أيها المسلمون:

         إذا أردتم أن توقفوا الهزائم والمجازر، وترفعوا عنكم الذل والصغار فعليكم أن تغيروا حكامكم، وتقيموا الخلافة الراشدة التي تكون على منهاج النبوة كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم. إنه لا يستطيع أن يواجه أميركا إلا دولة الخلافة التي تحكم بالإسلام، وتجمع المسلمين على صعيد واحد: عبادة الله وحده، والدعوة إلى دينه، وإقامة الجهاد في سبيله. وإنه لا تقام دولة الخلافة إلا أن ينضمّ أهل القوة في الجيوش الحالية إلى العاملين لإقامة الخلافة، ليقوم أهل القوة باستلام الحكم بالقوة. ويقوم العاملون لإقامة الخلافة بإقامة شرع الله وتجييش المسلمين وإعلان الجهاد. قال تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج] .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *