العدد 190 -

السنة السابعة عشرة – ذو القعدة 1423هـ – كانون الثاني 2003م

جرائم أميركا البشـعة ضد الإنسـانية

جرائم أميركا البشـعة ضد الإنسـانية*

          حقائق مذهلة تلك التي ذكرها البروفيسور آصف دراكوفيتش مدير المركز الطبي لأبحاث اليورانيوم فـي واشنطن حينما التقيت به يوم الأربعاء الماضي من خلال برنامجي (بلا حدود). وهذا المركز الذي يديره يعتبر المركز الوحيد فـي العالم الذي تتركز أبحاثه حول أضرار اليورانيوم على الإنسان، والتي قضى البروفيسور دراكوفيتش ثلاثين عاماً من حياته يبحث فيها، ولعل من أبرز ما ذكره دراكوفيتش، الذي اكتشف مرض حرب الخليج، ويعتبر من أبرز العلماء السابقين فـي الجيش الأميركي، هو أنّ الولايات المتحدة استخدمت نوعاً آخر غير اليورانيوم المنضب فـي ضربها لأفغانستان أخطر منه بكثير حيث وجهت ستة آلاف قذيفة تحتوي على اليورانيوم العادي الأكثر إشعاعاً وخطراً من اليورانيوم المنضب. وهذا ما اتضح من خلال العينات التي أخذها لأفغان يقيمون فـي مناطق مختلفة من شمال وشرق وجنوب ووسط أفغانستان، وقد أثبت تحليلها أن أجساد الأفغان المصابين تحوي نسبة يورانيوم تصل إلى ما بين مائتين إلى أربعمائة وستين ضعفاً مما وجد فـي أجساد العراقيين، وأنه أرسل فريقاً طبياً تابعاً له ثلاث مرات إلى أفغانستان لتقصي الحقائق الطبية حول المسألة. وأنّ لديه الآن سبعاً وستين عينةً يحتفظ بها فـي أحد المعامل بحاجة إلى مبلغ خمسين ألف دولار لاستكمال تحليلها بعدما أنفق ما كان يملكه خلال السنوات الماضية على أبحاث أخرى بعدما سرّحته الإدارة الأميركية من وزارة الدفاع عام 1998م عندما أخذ صوته يرتفع فـي المحافل الدولية محذراً من مخاطر استخدام الأسلحة التي تحتوي على اليورانيوم حتى على الجنود الأميركيين الذين يشاركون فـي المعارك والذين يستنشقون غبار اليورانيوم الذي يتمركز استنشاقه فـي الرئة والنخاع والعظام، ويسبب أمراض السرطان وسرطان الدم والكبد بل ويغير الجينات الوراثية للإنسان. ورغم أن البروفيسور (دوج روكي) الرئيس السابق لمشروع اليورانيوم المنضب فـي وزارة الدفاع الأميركية قد أكد لي فـي حوار سابق معه إصابة حوالي مئتي ألف جندي أميركي بأعراض مرض حرب الخليج مات خمسة عشر ألفاً منهم، ولا يزال الكثيرون يعانون فـي انتظار الموت هو واحد منهم، إلا أن دراكوفيتش الذي كان رئيساً لوحدة العلاج الذري لمستشفى المحاربين القدماء حتى العام 98 أكد أن الذين يتلقون العلاج الذري من الأميركيين يصلون إلى ثمانين ألفاً، فيما يتراوح عدد البريطانيين المصابين بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف جندي، وهي أعداد تعتبر ضخمة، وتعتبر خسارة أميركية حقيقية فـي حرب خرجت منها وهي تعتقد أنها لم تفقد سوى بضعة عشر جندياً. وما لم يقله دراكوفيتش على الهواء وقاله لي في الساعات المطوّلة من النقاش التي دارت بيني وبينه قبل وبعد البرنامج أنّ هناك تغيراً فـي الجينات الوراثية للمصابين أدى إلى أنّ كثيرين منهم ولد لهم أطفال مشوهون، وأذكر أنّ مجلة لايف الأميركية المصورة الشهيرة نشرت في عدد لها عام 1996، وهو وقت مبكر بعد الحرب، صوراً لأبناء محاربين ممن شاركوا فـي حرب الخليج بعضهم دون أيد. لكن الخطر الأكبر سيكون لدى هؤلاء الذين شاركوا فـي أفغانستان حيث أطلقت الولايات المتحدة ستة آلاف صاروخ موجه تحتوي على اليورانيوم العادي. وقد أبلغني الدكتور دراكوفيتش أن قذائف اليورانيوم التي استخدمت ضد العراق لا تزيد عن خمسة كيلوغرامات، أما التي استخدمت في أفغانستان فتصل إلى ألفي رطل، وقال لك أن تتخيل حجم الخراب الذي سوف تسببه ليس للإنسان فقط وإنما للأرض والحياة والبيئة خلال ملايين السنين القادمة. وإذا كان العراقيون قد ارتفعت نسبة تشوه المواليد لديهم إلى نسبة غير مسبوقة، ومن أعلى النسب في العالم، فإن المشكلة هي أنّ الأجيال الخمسة القادمة سوف تعاني بشكل أكبر، وسوف يصل الأمر إلى حد تفشي السرطان في الناس مثل الطاعون، لا سيما وأنّ كل معطيات الحياة هناك ملوثة. وقد أطلعني البروفيسور دراكوفيتش على نتائج أبحاثه الأولى حول أفغانستان والمقرر أن تنشر فـي مجلة طبية عالمية متخصصة، كذلك أطلعني على تقرير انتهى منه مركزه فقط في الثالث من أكتوبر الماضي يثبت فيه التدمير المتعمّـد والعشوائي للحياة في أفغانستان. وهذا ما جعل الأمراض تتفشى في الجنود وأنّ كثيرين منهم يعودون من أفغانستان مرضى وسط حالة تكتم شديدة. ومما ذكره لي دراكوفيتش في نقاش معه أن اليورانيوم الذي تعرضت له أفغانستان يعادل ألفاً وأربعمائة مرة ما تعرضت له العراق. وإذا كان ما تعرض له العراق يعادل سبع مرات ما تعرضت له كل من هيروشيما ونجازاكي من جراء القنبلة النووية الأميركية فإن ما تعرضت له أفغانستان بحسبة بسيطة يعادل ما تعرضت له مدينتا هيروشيما وناجازاكي بحوالي عشرة آلاف ضعف، ولهذا ترفض أميركا بل تحارب كل الأبحاث العلمية وكل العلماء الذين يحاولون كشف الحقيقة .

* (من مقال للسيد أحـمـد منصـور نشـر في “الأسبوع العربي” العدد 184 تاريخ 16/11/2002م).

ــــــــــــــــ

«الـوعــي»:  هذا شيء من جرائم أميركا ضد البشر، وضد كل حياة على الكرة الأرضية. إنها لا تعبأ بالحياة، فهي على الرغم من امتلاكها كمّـاً هائلاً من الأسلحة التقليدية يغنيها عن استعمال أسلحة الدمار الشامل، وبخاصة وهي تعتدي على دول صغيرة نسبياً في العدد والعدّة، ومع ذلك فهي تلجأ بل تتعمد استعمال الأسلحة التدميرية المتضمنة لليورانيوم المنضب، واليورانيوم العادي غير المخصب الأكثر خطراً من المنضب كما حدث في العراق وأفغانستان، بل هي قد استعملت اليورانيوم المخـصـب في القنابل الذرية التي ألقتها على هيروشيما ونجازاكي في اليابان.

          هذه هي حقيقة أميركا، لا تعبأ بالحياة ولا تقيم لها وزناً، فهل يعي العالم هذه الحقيقة؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *