العدد 282 - 283 -

العدد 282 – 283 ، السنة الرابعة والعشرون، رجب وشعبان 1431هـ، الموافق تموز وآب 2010م

رياض الجنة: لتكن في شجاعة أوائلنا شجاعة لنا

رياض الجنة:

لتكن في شجاعة أوائلنا شجاعة لنا

 

هذا المقال يحتاج إليه كل مسلم، هو يحتاج إلى قراءة متمهلة ليستطيع هذا القارئ المسلم أن يتمثل بما كان عليه أوائلنا الكرام، إذ الشجاعة هي أثر لشيء يسبقها وهو الإيمان، ومحلها القلب قبل أن تكون في الجوارح واللسان، ومجالها كل مكان وليس فقط الميدان… اقرؤوا بتمهل، وتابعوا ما بأنفسكم مع ما في هذا المقال، فما نفع كلام ليس فيه امتثال؟!

الشجاعة هي ثبات القلب على عزمه، فيما يتوجه إليه مما يراد منه، وهي الأصل في اكتساب كل كمال، والفوز بكل مقام عال. فإن ضعُفَ القلب لقصور في القوة وتفريط كان في ذلك الجبن، وإن أفرط في القوة خرج عن الاعتدال وكان ذلك سبب التهور، والمطلوب اعتدال القلب بين التفريط والإفراط، وذلك الاعتدال هو سبب الشجاعة ومنشؤها.

ويلزم الجبان أن يعالج الجبن بإزالة علته، وعلتُه إما جهل يزول بالتجربة، وإما ضعف يزول بالقيام بالفعل المخوِّف مرة بعد مرة حتى يصير ذلك له عادة وطبعاً، فإننا نجد المبتدئ في المناظرة والإمامة والخطابة والوعظ، والوقوف بين يدي الملوك -مثلاً- قد تجبن نفسه ويخور طبعه، وماذاك إلا لضعف قلبه ومواجهة ما لم يتعوده، فإن تكرر ذلك منه مرات فارقه الضعف، وصار الإقدام على ذلك الفعل ضرورياً له غير قابل للزوال. والأخلاق الطبيعية قابلة للتغيير والتبديل، نرى ذلك في إقدام صبي الحوّا على مسك الحية العظيمة المهولة المنظر من غير خوف ولا جزع، وفرار البطل الشجاع منها وعدم إقدامه على مسكها.

وقوة النفس والعزم الجازم بالظفر سبب للظفر، وذلك لِما قال علي (رضي الله عنه) لمّا قيل له: كيف كنت تصرع الأبطال؟ قال: كنت ألقى الرجل فأقدّر أني أقتله، ويقدّر هو أيضاً أني أقتله، فأكون أنا ونفسه عوناً عليه. ومن وصايا بعضهم: «أَشعِروا قلوبكم في الحرب الجرأة فإنها سبب الظفر». ومن كلامهم: «من تهيّب عدوه فقد جهز إلى نفسه جيشاً». وإذا نظرنا بعين الاعتبار، وجدنا من قُتل لانهزامه أكثر ممن أصيب بإقدامه، إذ الإقدام بقوة الاهتمام، والتجرد من تقديرات الأوهام سبب لنيل كل مرام. فبقوة القلب يصاب امتثال الأوامر والانتهاء عن الزواجر. وبقوة القلب يصاب اكتساب الفضائل، وبقوة القلب ينتهي عن اتباع الهوى، وبقوة القلب تكتم الأسرار ويدفع العار، وبقوة القلب تقتحم الأمور الصعاب، وبقوة القلب يصبر على أخلاق الرجال.

والشجاعة عند اللقاء على ثلاثة أوجه:

الأول: رجل إذا التقى الجمعان، وتزاحف الزحفان، واكتحلت الأحداق بالأحداق، برز من الصف إلى وسط المعترك يحمل ويكر وينادي: هل من مبارز؟

والثاني: إذا اختلط القوم وصاروا حملة، ولم يدرِ أحد من أين يأتيه الموت، يكون رابط الجأش، ساكن القلب، حاضر اللب (العقل)، لم يخامره الدهش، ولا تخالطه الحيرة، فيتقلّب تقلب المالك لأمره، القائم على نفسه.

والثالث: إذا انهزم أصحابه يلزم الساقة، ويضرب في وجوه القوم، ويحول بينه وبين عدوهم، ويقوّي قلوب أصحابه، ويرجي ضعيفهم ويمدهم بالكلام الجميل ويشجع نفوسهم، فمن وقع أقامه، ومن وقف حمله، ومن سقط عن فرسه كشف عنه حتى ييأس العدو منه، وهذا أحمدهم شجاعة، وفي هذا قالوا: «المقاتل خلف الفارين كالمستغفر وراء الغافلين».

والشجيع، كل الشجيع، من وهبه الله ملكة يقدر به على قهر أعدى الأعداء له، وهو نفسه، فمن ملك نفسه وصرفها حيث أوجب الشرع من إقدام وإحجام، واجتناب وارتكاب، وإقبال وإدبار، فذلك هو الشجيع، لا من كان مصراً على محاله، مرتكباً لهواه وضلاله، لجوجاً فيما رام، صبوراً على التعب والنصب والآلام، كما كان ذلك من أخلاق الجاهلية الأولى، فإن هذه من صفات الذئاب والحمير والخنازير. وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» (رواه البخاري). ولابن حبان: «لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ النَّاسَ، وَإِنَّمَا الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ» وقالت العرب: «الشجاعة وقاية والجبن مقتلة، وهو شر خصال الرجل» وكما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ» رواه أبو داود. والجبن في الحقيقة يرجع إلى شك في القدر، وسوء ظن بالله، فأهل الشجاعة هم أهل حسن الظن بالله، وهذا لا شك فيه؛ لأن من علم يقيناً أن الأجل لا يزيد ولا ينقص لم يجبن ولم يفرّ، إذ ليس من الموت جنة تقي إلا فقط تأخير الأجل.

شجاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشجع الناس على الإطلاق، وأقواهم قلباً وأثبتهم جناناً، حضر المواقف الصعبة المشهورة، وفر الكماة والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح. وما شجاع إلاوقد أحصيت له فرة أو فترة سواه، فإنه لم يفرّ قط، وحاشاه من ذلك ثم حاشاه.

وفي الصحيحين عن أنس (رضي الله عنه) قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا…» وقال ابن عمر (رضي الله عنهما): «ما رأيت أشجع ولا أنجد ولا أجود ولا أرضى من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)». وقال علي (رضي الله عنه): «كنا إذا اشتد البأس واحمرت الحدق، اتقينا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، وكان من أشد الناس يومئذ بأساً» وقيل: كان الشجاع هو الذي يقرب منه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا دنا العدو لقربه منه، وفي رواية، قال البراء: كنا، والله، إذا حمي البأس نتقي به، وإنه الشجاع منا الذي يحاذي به، يعني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وفي الصحيحين عن أبي إسحق قال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ الْبَرَاءُ: وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لَمْ يَفِرَّ، وَكَانَتْ هَوَازِنُ يَوْمَئِذٍ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ فَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَهُوَ يَقُولُ: «أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ».

وفي السير والمغازي: ولما رآه أُبَيُّ بن خلف يوم أحد وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجا. وقد كان يقول للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): عندي فرس أعلفها كل يوم فرقاً من ذرة، أقتلك عليها، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا أقتلك إن شاء الله. فلما رآه يوم أحد، شدّ أبيّ على فرسه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاعترضه رجال من المسلمين، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «هكذا؟» أي خلّوا طريقه، وتناول الحربة من الحارث بن الصمّة، فانتفض بها انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعراء (ذبان حمر) عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وطعنه في عنقه طعنة تدأدأ عنها عن فرسه مراراً، وقيل: بل كسر ضلعاً من أضلاعه، فرجع إلى قريش يقول: قتلني محمد، وهم يقولون: لا بأس. فقال: لو كان ما بي بجميع الناس لقتلهم، أليس قد قال: أنا أقتلك، والله لو بصق عليّ لقتلني، فمات لعنه الله بسَرَف في قفولهم إلى مكة.

وشجاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشهر من أن تذكر، وحسبنا من شجاعته، ثبات قلبه وسكون جأشه وطلاقة لسانه يوم الإسراء والمعراج، في ذلك الموقف الجليل مع خالقه العظيم.

وكذلك الشجعان في أمته والأبطال لا يحصون عدة، ولا يحاط بهم كثرة، سيما أصحابه المؤيدون الممدوحون في القرآن الكريم بقوله سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح 29] ومنهم:

شجاعة أبي بكر (رضي الله عنه):

فقد شهد له علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أنه أشجع الناس، فذكر الشيخ محب الدين الطبري رحمه الله في فضائل العشرة عن محمد بن عقيل عن علي بن أبي طالب أنه قال يوماً وهو في جماعة من الناس: «من أشجع الناس؟، قالوا: أنت يا أمير المؤمنين، قال: أما إني ما بارزت أحداً إلا انتصفت منه، ولكن أشجع الناس أبو بكر، لما كان يوم بدر، جعلنا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عريشاً، وقلنا: من يكون مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لئلا يصل إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر شاهر السيف على رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قال: واجتمع المشركون عليه بمكة -هذا يجره وهذا يُتلتِله- وهم يقولون: أنت جعلت الآلهة إلهاً واحداً، فوالله ما دنا منا إليه أحد إلا أبو بكر يضرب هذا، ويَجَأُ هذا، ويتلتل هذا، ويقول: ويلكم (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ) [غافر 28]، ثم قال: نشدتكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟، فسكت القوم، فقال: ألا تجيبون؟، والله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون، مؤمن آل فرعون رجل كتم إيمانه، وأبو بكر رجل أعلن إيمانه.

ولقد صدق علي (رضي الله عنه)، أن أبا بكر أشجع الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه كان أثبتهم قلباً، وأقواهم جناناً، وحسبك من ذلك ثبات قلبه يوم بدر، وهو يقول للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رسول الله كفاك بعض مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدك. وثبات قلبه يوم أحد، وقد صرخ الشيطان بأن محمداً قد قتل، ولم يبقَ أحد مع أحد، وهو في ذلك ثابت القلب ساكن الجأش. وثبات قلبه يوم الخندق، وقد زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر. وثبات قلبه يوم صلح الحديبية. وثبات قلبه يوم حنين حين فر الناس، وهو لم يفر كما هو مذكور في الصحاح وغيرها.

ولو لم يكن من شجاعته إلا ثبات قلبه وتثبيته المسلمين عند الخطب الأعظم والأمر الأفخم بموت سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ زاغت قلوب كثير من الناس، وزلزلوا بموته زلزالاً شديداً وأُقعد بعضهم، وشك آخرون، لكفانا ذلك دليلاً على عظيم شجاعته، وقوة قلبه، إذ كان قلبه في تلك النازلة العظمى التي اهتزت لها الدنيا بأجمعها، لو وزن بقلوب الأمة لرجحها.

وكان عزمه في قتال من ارتد حينئذ لو فرِّق على قلوب الجبناء من أهل الأرض لشجعهم إلى أن قام بمهمة قناة الإسلام بعد اعوجاجها، وجرت الملة الشهباء على سننها ومنهاجها، وأذن مؤذن الإيمان: (فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة 56] وتولى حزب الشيطان، وهم خاسرون، فتلك الشجاعة التي تضاءلت لها فرسان الأمم، والهمة التي تنازلت لها أعالي الهمم، فرضوان الله عليهم أبداً ما شهر بارق، وقهر مارق، وعلى بقية الصحابة أجمعين.

شجاعة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه):

حسبنا من شجاعته وقوته في الدين ما وصف من أنه “قرن من حديد” وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) له: «إِيهٍ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» روي في الصحيحين. وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً» رواه ابن ماجه. وقد ذكر ابن إسحق في السيرة عن ابن مسعود قال: «ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه». وذكر محب الدين الطبري عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: «لما أسلم عمر قال المشركون انتصف القوم منا» وذكر الطبري كذلك عن ابن مسعود (رضي الله عنه): «أن عمر صارع جنياً ثلاث مرات فصرعه» وذكر عن علي (رضي الله عنه) أنه قال: «والله، إن كنا لنرى شيطان عمر يهابه أن يأمره بالخطيئة». وذكر الطبري في تاريخه أن عمر كان يمسك أذنه اليسرى بيده اليمنى ويثب فيصير على ظهر الفرس من غير أن يمسك شيئاً بيده.

شجاعة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه):

كان الليث الحصار، والغيث المدرار، ومفرق كتائب المشركين، دفع إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الراية يوم بدر وهو ابن عشرين سنة. وقال ابن عبد البر: لم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا تبوك، فإنه خلفه على المدينة وعلى عياله، وقال له: «أنت مني بمنـزلة هارون من موسى، إلا إنه لا نبي بعدي» رواه مسلم.

وروى أصحاب الصحاح والسنن عن جماعة من الصحابة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم خيبر: «لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار، ويفتح الله على يديه، ثم دعا بعلي -وهو أرمد- فتفل في عينيه، فبرأ، وأعطاه الراية ففتح الله على يديه».

وعن مصعب بن عبد الله عن أبيه عن جده قال: كان علي بن أبي طالب حذراً في الحرب، شديد الروغان من قرنه، إذا حمل يحفظ جوانبه جميعاً من العدو، وإذا رجع من حملته يكون أشد تحفظاً منه لقدامه، لا يكاد أحد يتمكن منه، وكان درعه صدراً لا ظهر لها، فقيل له: ألا تخاف أن نؤتى من قبل ظهرك؟ فقال: إن أمكنت عدوي من ظهري، فلا أبقى الله عليه، إن أبقى عليّ. رواه ابن عساكر.

وذكر ابن عبر البر في صفته (رضي الله عنه) أنه كان إذا أمسك بذراع رجل لم يستطع أن يتنفس.

إن شجعان هذه الأمة وأبطالها لا يحاط بهم كثرة، وفرسانها ورجالها يكادون لا يحصون عدداً، وما ذكرناه بداية سلسلة طويلة لا تنقطع حلقاتها ما بقي هذا الدين. فهؤلاء شجعاننا الأوائل، فلتكن في شجاعتهم شجاعة لنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *