الاندماج وحقوق الأقليات
2010/09/17م
المقالات
2,023 زيارة
الاندماج وحقوق الأقليات
م. حسب الله النور – الخرطوم – السودان
فكرة الاندماج وفكرة حقوق الأقليات فكرتان متناقضتان في المفهوم السياسي، ومع ذلك نجد أن الحكومات الغربية تنادي بهما وتسعى سعياً حثيثاً لإنفاذهما على أرض الواقع. فكيف استطاعت هذه الحكومات الجمع بين الدعوة إلى هاتين الفكرتين المتناقضتين وجعلهما أمراً لابد من إنفاذه؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من التطرق لماهية هاتين الفكرتين.
إن الذي يريد أن يصف واقع الاندماج الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام وبخاصة الغربية منها فإنه لا يرجع للقواميس العربية أو الأجنبية، لا يرجع لهذه القواميس لمعرفة ماذا تعني كلمة اندماج، وكذلك لا يخاض في دقة التراجم لهذه الكلمة وهل يقصد بها الضم أو الانضمام أم التأليف والإدغام أو غيرها، نقول لا يرجع لهذه القواميس ولا إلى جدل دقة الترجمة من عدمها. لأن كلمة (الاندماج) مصطلح سياسي يستخدمه الساسة الغربيون. ولنتبين معناها علينا الرجوع لأقوال هؤلاء الساسة:
يقول فرانكو فراتيني، نائب رئيس المفوضية الأوروبية: «إن الاندماج يعني أن يتفق الناس على نفس المبادئ الرئيسة، أي أن المهاجرين يجب أن يقبلوا القوانين والأسس والقيم الرئيسة المتبعة في أوروبا مثل حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة وغيرها، ويجب على كل من يرغب في الاندماج في دول الاتحاد الأوروبي أن يحترمها».
كما صرح الرئيس الفرنسي ساركوزي لوكالة (أكي) الإيطالية للأنباء قائلاً: «من يريد الإقامة في فرنسا فعليه احترام ثقافتنا وقيمنا وقوانيننا، فلا مكان في فرنسا لتعدد الزوجات ولا للختان ولا للحجاب ولا للزواج بالقوة». أما في ألمانيا فحسب تعبير رئيس الجالية التركية الدكتور حقي كسكين، يُفهم الاندماج على أنه «تطبع الأجانب بالثقافة الألمانية».
من التصريحات السابقة وغيرها نخلص إلى أن مصطلح الاندماج عند الغربيين يقصد منه الانخراط في الحياة العامة الغربية ثقافياً ولغوياً واجتماعياً واقتصاديا وأخلاقياً وغيرها، على أن يكون هذا الانخراط سائراً، بل ومندرجاً في بوتقة المجتمع الغربي قلباً وقالباً، تفكيراً وسلوكاً، بعيداً عن أي تصارع مع أخلاق وتقاليد الغربيين.
واللافت للنظر أن هناك حرصاً متناهياً من قبل الساسة الأوروبيين على مسألة دمج الأقليات، وقد أنشئت في كل دولة من دول أوروبا وزارة أو مفوضية خاصة للاندماج، ووضعت الميزانيات، وكثرت الاجتماعات التي تناقش مسألة الاندماج، سواء على مستوى الدولة منفردة أو على مستوى الاتحاد الأوروبي، فها هي المفوضية الأوروبية تخصص هذا العام مبلغ (825) مليون يورو لدعم مشاريع الاندماج على مدى خمسة أعوام.
وتمهيداً لذلك عقد الوزراء المسؤولون عن الاندماج في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى وزراء الدول المرشحة للانضمام إليه وهي (كرواتيا وتركيا ومقدونيا) اجتماعاً خاصاً قبل عدة أشهر في مدينة بوتسدام الألمانية، بحثوا فيه آفاق التعاون بين دول الاتحاد، حول كيفية وضع الحلول والآليات المناسبة للتعاطي مع قضايا الاندماج وإشكالاته بطريقة فاعلة. ومن أبرز ما طرح في هذا الاجتماع حسب قول وزير الداخلية الألماني (فولفانغ شويبله): «إن قضية اندماج ملايين من المهاجرين الذين يعيشون في أوروبا مسألة لها أولوية قصوى، وأحد أهم التحديات أمام الاتحاد الأوروبي»، وقد شكلت في ألمانيا لجنة مشتركة من الولايات ترأستها ولايتا «الراين الشمالي فيستفاليا (NRW) وبرلين»، يهدف إلى وضع تعريف موحد لعملية الاندماج، وتحديد الأسباب الأساسية للهجرة واللجوء، ودراسة تاريخ الهجرة إلى ألمانيا، ووضع المعايير الموحدة لقياس مدى اندماج الأجانب في المجتمع. وقد وضعت بعض الولايات الألمانية معايير لإعطاء الجنسية، فمثلاً ولاية بادن فورتمبيرغ وضعت (100) سؤال إضافة إلى امتحان اللغة والتاريخ للتأكد من صلاحية الشخص للاندماج في المجتمع.
أما فرنسا فقد اتبعت عدة تدابير لضمان الاندماج، قال الرئيس (ساركوزي): «سنحدد كم عدد الأجانب الذين يمكن لفرنسا أن تمنحهم فرصة الاندماج سنوياً»، فقد اشترط مسبقاً أن صلاحية الشخص للاندماج هي التي تمنحه الفرصة للهجرة لفرنسا وليس ما يلاقيه من ملاحقات أو مضايقات في وطنه الأصل كما يدعون، إن ذلك هو الشرط لاعطاء حق اللجوء السياسي». هذا وقد نص القانون الفرنسي الجديد على أن كل من ترتدي النقاب تتعرض لعقوبة غرامة قدرها (150) يورو، وتصل إلى عشرة أضعاف هذا المبلغ، أي (1500) يورو، على من يجبر أي امرأة على ارتداء النقاب. ومن حرص السلطات الفرنسية على عدم تركز ارتداء النقاب جعلت حضور دورة في المواطنة يمكن أن يكون بديلاً للغرامة المالية. كما حاول الرئيس ساركوزي اعتماد أساليب الإغراء، وذلك حينما تعهد بأن تقوم الحكومة بمرافقة مئة ألف شاب من سكان الضواحي باتجاه دخول العمل على مدى ثلاث سنوات، وذكر أن هذه الخطة تتضمن معاهدة استقلالية موجهة إلى (45) ألف شاب لمساعدتهم على تعلم القواعد الضرورية للاندماج ضمن المؤسسة.
وقد حذت بلجيكا حذو فرنسا، حيث وافق مجلس النواب، وهو المجلس الأدنى في البرلمان البلجيكي، بأغلبية ساحقة، يوم الخميس 29/4/2010م، على قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة. فقد صوت لصالح القانون 141 نائباً من نواب البرلمان، وتغيب اثنان ولم يعارضه أحد. وطبقًا للقانون يعاقب كل من يخالف القانون بغرامة تصل إلى 25 يورو، ويمكن أن يواجه السجن لمدة سبعة أيام أو السجن والغرامة معًا، ما لم يحصل على تصريح من الشرطة بارتداء مثل هذه الملابس.
وقد طالب وزير المالية الألماني بحظر ارتداء الحجاب في المدارس الألمانية، وفي إسبانيا طردت المحامية (زبيدة) من قاعة إحدى المحاكم بعد ما رفضت خلع الحجاب. وقد دعا رئيس حكومة هولندا “يان بيتر بالكننده” إلى إغلاق المدارس الإسلامية، وعددها خمس وثلاثون مدرسة بحجة أنها لا تشجع على إدماج الأطفال المسلمين داخل المجتمع، وقد تم حشد شتى الإمكانات القانونية والمادية والدعائية التي وظفتها العديد من الدول الغربية في شكل مشاريع عدة، تتآلف حول أهداف موحدة، وتكفلت مختلف الأجهزة بتطبيق ذلك؛ من وزارات وأحزاب ومؤسسات تعليمية وشركات وجمعيات وغير ذلك، وعند إنعام النظر لهذا الاهتمام اللافت لهذه القضية تشعر كأنك لست أمام سياسة اندماج وإنما أمام ثورة الاندماج.
والسؤال هو: لماذا كل هذه الإصرار على مسألة الاندماج حتى وان أدت إلى مخالفة القوانين الدولية؟ فقد حذرت منظمة العفو الدولية من أن «اتجاه بلجيكا إلى فرض حظر كامل على ارتداء النقاب، في إجراء يُعد الأول من نوعه في أوروبا، يمثل سابقةً خطيرة. إذ يجب دائماً أن تكون القيود التي تُفرض على حقوق الإنسان متناسبةً مع هدف مشروع. ولا ينطبق ذلك على الحظر الكامل على ارتداء النقاب»، وقال جون دالويزن، الخبير لدى منظمة العفو الدولية في قضايا التمييز في أوروبا، إن “فرض حظر كامل على تغطية الوجه يُعد انتهاكاً للحق في حرية التعبير والحرية الدينية بالنسبة للنساء اللاتي يرتدين البرقع أو النقاب تعبيراً عن هويتهم أو معتقداتهم”. كما حذر مجلس الدولة – وهو أكبر هيئة إدارية في فرنسا- من أن القانون «يشكل انتهاكاً للدستور»، وهم يعنون القانون الذي قرره ساركوزي والذي يقضي بحظر كامل لتغطية الوجه.
واللافت للنظر أن التركيز في هذا الشأن ينصب وبشكل أساسي على المسلمين، إذ إنه توجد أقليات من يهود وهندوس وغيرهم، ولهم شعائر وشعارات كعمامة السيخ وقلنسوة يهود لكن لا أحد يذكرها أو يتعرض لها، إذاً لماذا صوبت السهام على المسلمين؟ نعم إنهم يريدون أن يطمسوا هوية المسلمين، ولا يريدون أن تكون لهم صفة كيانية تحفظ لهم هويتهم داخل أوروبا، لا سيما وأن تعداد المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي قد تجاوز (37) مليون، وهي قابلة للزيادة، وهم أصحاب عقيدة سياسية لها تارخ وحضارة ملأت الدنيا لعدة قرون، ولهم قلوب تهفو إلى عودة تلك الحضارة.
أما الفكرة الثانية التي يحرص الغرب على ايجادها ونشرها بل وجعلها من أهم القضايا على الساحة السياسية، هي فكرة حقوق الأقليات؛ والتي هي جزء من حقوق الإنسان، وفكرة حقوق الإنسان فكرة قديمة لها ثلاثة جذور:
الأول: ظهر في فيلادلفيا في 4/7/1776م في الولايات المتحدة الأميركية.
الثاني: في فرنسا في أغسطس 1789م عبر إعلان حقوق الإنسان الوطني.
الثالث: ظهر في المزج بين الاثنين عبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة في 10/12/1948م.
وقد قال عنها- أي حقوق الإنسان- الباحث والأستاذ بجامعتي جنيف والسوربون (جان زيفلر): «إن جذور فكرة حقوق الإنسان هي جذور أوروبية وتحولت إلى فكرة كونية، ولكن يتم ضيافتها باستمرار من أصحابها أنفسهم، أي الغرب وأوروبا».
هذا وقد أصدرت الأمم المتحدة عدة إعلانات واتفاقيات تتعلق بحقوق الإنسان وعلى رأسها حقوق الأقليات نذكر منها:
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م الذي يتحث عن حقوق الأقليات.
2- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 1965م، ودخلت حيز التنفيذ 1969م، وتعد الأشمل فيما يتعلق بحقوق الأقليات الإثنية.
3- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966م وينص على أنه «لا يجوز حرمان الأشخاص المنتسبين إلى الأقليات من حق التمتع بثقافاتهم الخاصة او المجاهرة بدينهم وإقامة شعائرهم».
4- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979م، وأن التمييز الممارس ضد نساء الأقليات الإثنية والعرقية يعتبر انتهاكاً لهذه المعاهدة.
5- اتفاقية حقوق الأطفال 1986م تحمي هذه الاتفاقية حقوق أطفال الأقليات الإثنية أو العرقية أو الدينية أو اللغوية في التمتع بثقافتهم أو المجاهرة بدينهم أو اقامة شعائرهم.
وقد استغلت الدول الكبرى هذه الاتفاقيات في العالم الثالث أيما استغلال، وذلك إما بتقسيم البلد الذي تريد تقسيمه، أو لابتزاز من يراد ابتزازه وذلك من أجل أن ينفذ ما هو مطلوب منه. وبالنظر إلى التقرير الذي نشرته مؤخراً مجلة القوات المسلحة الأميركية بقلم (رالف بيترز)، وهو تقرير ملغوم وخطير، فالكاتب هو كولونيل سابق في الجيش الأميركي، وعمل سابقاً في شعبة الاستخبارات العسكرية، والتقرير يتحدث عن تغير ملامح الشرق الأوسط من الناحية الجغرافية والسياسية، وهو يضع خريطة كيانات جديدة وأخرى مندمجة، وثالثة متفتتة، ويستدعي التقرير عدة مبررات لذلك التغيير، ويعتمد في صلبه على استدعاء الإثنيات القومية والدينية والمذهبية لتكون ملامحاً لدولة جديدة. أما صلب التقرير ومشروعيته فيعتمد على ظلم الطائفة أو العرق.
وتطبيقاً لهذا التقرير، وبالانتقال إلى الواقع، فإن النماذج لا تعد ولا تحصى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
ففي مصر نجد قضية الأقباط والتي يثار فيها بأن الأقباط أقلية مضطهدة وحقوقهم مهضومة من قبل الأكثرية المسلمة في مصر؛ فصاروا يعقدون المؤتمرات والندوات وذلك في كل الدول الغربية، وفي أميركا على وجه الخصوص يعقدون مؤتمراً سنوياً يرعى من قبل أميركا تمويلاً وإعلاماً، ويجد كل الدعم من قبل الحكومة والمنظمات الأميركية ذات الصلة، وذلك لابتزاز الحكومة المصرية حالياً ولتنفيذ مخططاتهم في مصرلاحقاً وذلك بإيجاد كيان سياسي لهم في صعيد مصر. أما العراق والذي لم يبق له من التمزق إلا الإعلان، بالرغم من أن هذه الطوائف عاشت مع بعضها البعض طيلة القرون السابقة؛ ولم يذكر أن هذة الطوائف قد تقاتلت أو تناحرت عبر كل ذلك التاريخ الطويل. وقد سلخت أريتريا من إثيوبيا، كما وسلخ إقليم تيمور الشرقية في إندونيسيا، وها هو كل العالم يسمع ويرى ما يجري في السودان، بعد إعلان اتفاقية نيفاشا على حق تقرير مصير جنوب السودان، والقصد منه الانفصال، كما ذكر المبعوث الأميركي الخاص للسودان بأن الانتخابات في السودان مزورة، ولكن أميركا تعترف بها لأنها تؤدي إلى استقلال جنوب السودان، أي أن أميركا هي التي سعت إلى فصل جنوب السودان.
وقبل أن يجف حبر نيفاشا أعلن الحرب في إقليم دارفور، وقد تباكت كل وسائل الإعلام الغربية على سكان دارفور، واعتبرت ذلك إبادة جماعية وأقامت الدنيا ولم تقعدها، وهبت المنظمات التي تسمى إنسانية هبة رجل واحد لإنقاذ إنسان دارفور، حيث بلغت أكثر من مائة منظمة لها أكثر من ستمائة فرع داخل السودان، وهكذا تم إحصاء (17) مليون مادة خبرية في عشرين شهراً خلال عام 2004م وبداية عام 2005م فقط في أربع وكالات أنباء، هي وكالة الأنباء الفرنسية والأسوشيتد برس ووكالة رويتر والـ (بي بي سي)، منها 5% فقط أقرب إلى الاعتدال في معالجتها للمشكلة. لكن لماذا كل هذا الاهتمام العالمي، ولماذا قفزت أزمة دارفور إلى واجهة الأحداث بتلك السرعة بينما كان يجري استتباب السلام؟ وكانت هذه الثورة بعد أقل من شهرين من مجزرة غزة التي راح ضحيتها في خمسة أيام فقط أكثر من (1400) شخص غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ودمرت المستشفيات والمدارس والمساجد فلم تدمع لهم عين في الغرب!
وما نخلص إليه هو الإجابة عن السؤال في بداية المقالة، أن الغرب ينادي بفكرتين متناقضتين، وهما الاندماج ويعني به المسلمين في أوروبا كي يكونوا جزءاً من المجتمع الأوروبي بعد أن يفقدوا هويتهم، والأخرى هي فكرة حقوق الأقليات في البلاد الإسلامية لتتمكن من تقسيمها وتجزئة المجزأ منها وتفتيت المفتت.
نقول للمسلمين في المجتمعات الغربية: إنكم قد صمدتم واستطعتم أن تحافظوا على هويتكم، بالرغم من المجهودات الكبيرة التي بذلت من أجل إذابتكم وطمس هويتكم، وقد اعترفت الدول الغربية بفشل سياساتها من أجل الدمج، ففي الوقت الذي ترى فيه الحكومة الألمانية أن هناك تلكؤاً في عملية الاندماج، فإن الحكومة البلجيكية ومنذ عام اعترفت رسمياً بفشل سياسة الاندماج التي اتبعتها لدمج الأجانب المقيمين فيها.
وإن ما يجب على المسلمين القيام به هو علاوة على تمسكهم بهويتهم هو شرح عقيدة الإسلام، وتبيين زيف الأفكار التي تحاول أن تجعل من الإسلام والارهاب متطابقين. ثم يجب أن تطمئن الشعوب الغربية بأن الخلافة القادمة ليست عدوة لهم كما يحاول الساسة الغربيون ذلك، بوصف الإسلام السياسي بأنه إسلام راديكالي وأنه يمثل خطراً عظيماً على الإنسانية.
كما نوجه رسالة إلى أبناء المسلمين وغير المسلمين في البلاد الإسلامية، والذين يستجيبون للدعوات التي يطلقها الغرب وذلك لتحقيق مصالحه ولو على حساب وحدة كيانهم السياسي، وذلك بحجة أن هناك تهميشاً وهناك إقصاء وهناك ظلماً بصفتهم أقليات عرقية أو طائفية أو إثنية، نقول لهؤلاء: إن الحكومات القابعة على كراسي السلطة، والذين هم ظلمة وفسقة وبرعوا في هضم حقوق الرعية وذلك ليس لكونهم ضد أقلية معينة بل لكونهم يحكمون بغير ما أنزل الله، ولكونهم ينفذون سياسة أسيادهم في الغرب حفاظاً على عروشهم، لأن هذه الحكومات في وصولها للسلطة والاستمرار فيها فانها تستند على الحكومات الغربية بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد صرحت بذلك كوندليزا رايس وزيرة الخرجية الأميركية السابقة قائلة: «دعمنا الحكومات الديكتاتورية ولمدة ستين سنة على حساب الديمقراطية».
نقول إن الاستجابة لدعوة هؤلاء الكفار المستعمرين ما هي إلا انتحار سياسي يجب الابتعاد عنه، وإثم عظيم يلقي بصاحبه في جهنم ، فهاهم حكام العراق ماذا جرّوا لبلادهم بعد أن استجابوا لدعوات أميركا بالتخلي عن نظام (صدام) الدكتاتوري، أكثر من اثنين مليون قتيل، وأربعة ملايين مشرد، وحطام دولة لا تتنفس إلا برضا أميركا. وها هو د. خليل إبراهيم أحد متمردي دارفور وبعد أن تلكأ في تنفيذ ما طلب منه أصبح الآن أشبه بالسجين، فبعد أن سحبت دولة تشاد منه الأوراق الثبوتية لجأ إلى ليبيا التي تحاصره في فندق لا يقابل أحداً، ولا يصرح لوكالة، ولا يسافر إلى أي بلد. نقول احذروا مثل هذه المصائر ولا تستجيبوا لأعدائكم فهم لا عهد لهم ولا ذمة. بل الواجب هو أن توحدوا جهودكم مع العاملين للخلاص من هذه الأنظمة العميلة، ووضع الإسلام لا نقول بديلاً لها، ولكن هو الأصيل الذي يجب أن يسعى لإيجاده، وكنس هذه الأنظمة الفاسدة المدعومة من قبل الرأسماليين الغربيين، ومبايعة خليفة بديلاً لهؤلاء الحكام. (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ).
2010-09-17