العدد 11 -

العـدد الحادي عشر – السـنـة الأولى – شعبان 1408هـ – نيسان 1988م

النظام السياسي في الإسلام

الكتاب: النظام السياسي في الإسلام.

المؤلف:الدكتور عبد الكريم عثمان.

الناشر: دار الإرشاد ـ بيروت /1968/ 159 صفحة من الحجم الوسط.

يناول الكتاب بحثاً هاماً هو التنظيم السياسي في الإسلام، وينقسم البحث إلى مقدمة وثمانية فصول.

يتحدث المؤلف في مقدمة كتابه عن استغراب الناس لفكرة تنظيم الإسلام للجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حياة الناس والمجتمعات وذلك لتأثرهم بالمناهج والاتجاهات الأجنبية القائمة في فصل الدين عن السياسة (فصل الدين عن الدولة). فالنظام الديمقراطي، أو النظرة الرأسمالية، وهي أن الدين علاقة بين الإنسان وربه، أو بمعنى آخر، أنه أشكال العبادات والطقوس التي يمارسها الإنسان، إعلاناً عن اعترافه بوجود الله وخضوعه له، والدين في زعمهم يقتصر على هذه العلاقة فلا يتعدّاها إلى تنظيم شؤون الحياة ووضع أسس المجتمع وقواعده.

ويعلّق المؤلف في مقدمته على أنّ الإسلام يختلف عن هذا التصوُّر فهو دينٌ جاء لينظم أمور الإنسان جميعاً، لذا فإنه يشمل مفهوم الدين من حيث أنه تنظيم للعلاقة بين الله والإنسان عن طريق أداء عبادات معينة، ثم هو تنظيم للعلاقات التي تقوم بين الأفراد والمجتمعات بعضها مع بعض. فيقول المؤلف بأنّ “الإسلام دينٌ ودولة، عقيدة ونظام، أخلاق وتشريع، سياسة وحكم، كما يمكن أن نقول: أن مفهوم العبادة في الإسلام يتسع بحيث يشمل كل أعمال الإنسان ما دام يقصد منها وجه الله تعالى، فلا يقتصر على طقوس وأعمال معينة يؤديها في أوقات وأوضاع محدودة”.

ثم يبدأ المؤلف بحثه، فيتطرق في الفصل الأول إلى “السياسة والحكم في الإسلام”. وللإجابة على سؤال “هل يجب إقامة الدولة على مبادئ الإسلام؟” يقسّم المؤلف إجابته إلى هذا السؤال إلى ثلاثة مصادر للاستدلال:

1- ما ورد في القرآن الكريم حول إقرار فكرة الدولة.

2- ما أقرته السنة النبوية وسيرة الرسول من تنظيم الدولة، وما أقره الواقع التاريخي.

3- ما ذكرته المصادر الرئيسية الإسلامية المعتمدة حول هذا الموضوع.

فيبدأ بالاستدلال الأول، ألا وهو كتاب الله العزيز، فيقول المؤلف: “وردت في القرآن الكريم آيات متعددة في تأكيد فكرة قيام الدولة والسلطة، في تأكيد فكرة قيام الدولة والسلطة، فمن هذه الآيات ما يشير إلى طاعة أولي الأمر… ومنها ما يأمر القرآن به النبي محمداً عليه الصلاة والسلام بممارسة شؤون متنوعة قضائية وحربية وإدارية مما يدخل في نطاق مهام الدولة…” ويستدل المؤلف بآيات عديدة على قوله كآية (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) وآية (وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) وغيرها من الآيات.

ثم ينطلق المؤلف لمصدر الاستدلال الثاني، ألا وهو السيرة والسنة النبوية وإقرار فكرة الدولة، فيقول: “لقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم مهام الدولة والسلطان فقضى في مختلف الشؤون المالية والعائلية والجنائية، وأقام الحدود، وعيّن الولاة وقواد السرايا والدعاة إلى الإسلام وجباة الصدقات، وقاتل الأعداء، وقبض الفيء وخمس الغنائم والزكاة ووزعها، إلى غير ذلك من شؤون الحكم، فتوطد السلطان والدولة برئاسته فعلاً تنفيذاً لتعاليم القرآن وتوجيهاته”.

ويردّ المؤلف على الذين ينكرون أن تصرفات الرسول من أعمال الحكام أو أن  لها علاقة بسياسة الدولة، ويدّعون أن تصرفاته كلها عليه الصلاة والسلام كانت تختص بشؤون الدين والدعوة إليه. فيقول المؤلف: “لقد أراد هؤلاء الكتاب أن يصلوا إلى فصل الدين عن الدولة وإنكار أن يكون نظام الخلافة الذي ساد بين المسلمين عصوراً طويلة من النظام الإسلامي، وقامت بناءً على ذلك هيئات وجماعات تدعو إلى تطبيق هذا الفصل في حياة المسلمين”. ثم يردّ على أحد هؤلاء الكتّاب وهو علي عبد الرزاق الذي حاول إنكار الحقيقة الواقعة ودعى إلى فصل الدين عن السياسة.

ويقول المؤلف بأن رجال الفقه الدستوري والدولي وضعوا تعريفات كثيرة للدولة يستخلص منها أن “الدولة هي جماعة من الناس تقيم بصورة دائمة في إقليم معيّن، ولها شخصيتها المعنوية ونظامها الذي تخضع له، ولها حكامها واستقلالها السياسي”، “ولقد تحققت هذه الأركان كلها في الدولة التي أقامها الرسول في المدينة”.

ثم يورد المؤلف الأدلة من السنة النبوية في وجوب إقامة الدولة الإسلامية ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وقوله في تأكيد هذا المعنى: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم»، وقوله: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشقّ عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه»، وقوله عليه وآله الصلاة السلام: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».

ثم ينتقل المؤلف إلى المصدر الثالث الذي حدده للاستدلال على بحثه وهو أقوال بعض الباحثين والمعتمدين في هذه الدراسات فيورد الأقوال التالية:

قول أبو بكر رضي الله عنه: «إنّ محمداً مضى بسبيله ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به». وقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا إسلام إلا في جماعة ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة». وقول الماوردي في “الأحكام السلطانية”. “عقد الإمام لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع”. وقول الإمام الغزالي في “الاقتصاد في الاعتقاد”: “إن الدنيا والأمن على الأنفس والأموال لا ينظم إلا بسلطان مطاع، وهذا تشهد له مشاهدة أوقات الفتن بموت السلاطين والأئمة، وأن ذلك لو دام ولم يتدارك بنصب سلطان آخر مطاع دام الهرج وعم السيف وشمل القحط”، وقول ابن تيمية في “السياسية الشرعية”: “يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا يقام الدين إلا بها…” وقول ابن خلدون في مقدمته: “إن نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين…”.

ثم ينتقل المؤلف للتحدث عن استقلال النظام السياسي الإسلامي، فيردّ على الذين يطلقون على نظام الإسلام أسماء “الديمقراطية” و”الاشتراكية” و”الرأسمالية” و”الإمبراطورية” و”الديكتاتورية”.

ويخصص المؤلف فصلاً كاملاً للتحدث عن أسس الحكم في الإسلام فيقع المؤلف في التباس كبير في فهم أسس الحكم في الإسلام، مما شكل ثغرة كبيرة في كتابه القيمِّ. فقد حدّد المؤلف الأسس العملية أو دعائم الحكم الإسلامي بـ:

1- العدل.

2- الشورى.

3- الطاعة.

4- الحق.

5- المساواة.

6- الحرية.

فهذه الأسس ليست دعائم الحكم الإسلامي، فلا تعدو “الشورى” في الإسلام سوى وسيلة للوصول للرأي الصواب، أما “الحرية” فبالاضافة لمناقضتها للواقع، فهي مناقضة للاسلام فلا حرّية في الإسلام، والأصل في أفعال العباد التقيّد بالحكم الشرعي.

ثم يعرض المؤلف شروط رئيس الدولة كما حدّدها بعض الفقهاء فيستخلص منها الشروط التالية:

1- الذكورة.

2- البلوغ.

3- العقل.

4- العلم بأمور الدين والدنيا ليسهل عليه الحكم.

5- سلامة الحواس والأعضاء مما يؤثر في العلم والعمل.

6- العدالة.

7- الحرية (عكس العبودية).

8- الكفاية في العمل.

9- وهو شرط أفضلية، النسب القرشي. فبعد أن يعرض المؤلف للآراء المختلفة في قضية نسب الإمام وهي على قولين بأنه يجب على الإمام أن يكون هاشمياً ويجعل النسب القرشي شرط أفضلية وليس شرط انعقاد.

ويقوم المؤلف في بقية بحثه بالتطرق لطريقة تعيين رئيس الدولة، فيعرض لطريقة تعيين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين ويستخلص منها طريقة تعيين رئيس الدولة وحقوقه ومدة ولايته.

وفي الفصل الأخير من الكتاب يتطرق الدكتور عثمان إلى العلاقات الدولية في الإسلام. q

المسلم أخو المسلم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات. بحسْب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».

رواه مسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *