العدد 289 -

العدد 289، السنة الخامسة والعشرون، صفر 1432هـ، الموافق كانون الثاني 2011م

السودان: الانفصال المؤامرة

السودان: الانفصال المؤامرة

 

اعتبر الرئيس السوداني عمر البشير بأن انفصال جنوب السودان ليس نهاية العالم، كما قال قناعتنا أن الوحدة هي الأفضل، ولكننا سنعترف بما سيقرره أهل الجنوب في الاستفتاء، فيما أعلن عزمه “مساعدة” جنوب السودان على “بناء” دولة “شقيقة آمنة ومستقرة” إذا قرر أهلها الانفصال!

– صحيح بأن انفصال جنوب السودان ليس هو نهاية العالم –ولم تكن المسألة من أصلها يوماً كذلك- ولكن انفصال الجنوب يعني نهاية وحدة السودان الحالي، وهو ما يُسأل عنه البشير لأنه رئيس السودان وليس رئيس العالم. بخاصة أن البشير أتى بانقلاب عسكرية سنة 1989م تحت عنوان إنقاذ السودان، فإذا به بعد أكثر من عقدين على حكمه يصبح السودان معرضاً للانهيار والتفسخ والفوضى والاضطراب.

– إن السماح بحدوث هذا الانفصال فضلاً عن مباركته ضمنياً (من خلال عزمه مساعدة الجنوب في بناء دولة آمنة ومستقرة) فيه مخالفة شرعية لوجوب وحدة بلاد المسلمين. والسماح بوقوع هذا العمل المنكر يتناقض مع ما يدعيه الرئيس البشير من كونه صاحب مشروع إسلامي. ومن ثم أنّى للرئيس البشير ادعاء المساهمة في بناء دولة آمنة ومستقرة في الجنوب، فيما يرتع السودان كله، شماله وجنوبه، شرقه وغربه، في الفوضى والاضطراب الفساد تحت حكمه وفي ظل رعايته.

– يعلم الرئيس البشير بأن خطورة ما يجري لا يقتصر على تقسيم السودان إلى دولتين فقط، حيث إن آخرين كثر ينتظرون بشغف نجاح التجربة الأولى في تأسيس دولة في الجنوب، حتى يبدأ هؤلاء بالإعداد في مشروع تفقيس أقاليم خاصة بهم، سواء في إقليم دارفور أم في غيره.

– لا يخفى على الرئيس البشير بأن النزعات الانفصالية لدى بعض القوميات والقبليات والأقليات التي ترعاها دول كبرى وتعج بها المنطقة، سواء في مصر أم لبنان أم اليمن أم العراق أم غيرها، تتوق لمشاهدة إنجاب المولود الأول من نوعه في المنطقة لتحتذي حذوه، بعد أن يصبح التفسخ والانشطار ظاهرة مألوفة ومستساغة.

– أخيراً وليس آخراً فإن الرئيس البشير يعي تماماً ولادة دولة في جنوب السودان هي جزء من مشروع غربي استعماري لتفتيت العالم الإسلامي وإعادة صياغته ضمن أقطار جديدة تمكّنُ الدول الكبرى من إحكام قبضتها عليها فكيف يرضى أن يكون هو نفسه عوناً لنجاح هذا المشروع، وهو الذي طالما ادعى بأنه صاحب أجندة إسلامية مقاومة وممانعة للمشروع الغربي الاستعماري؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *