العدد 309 -

العدد 309 – السنة السابعة والعشرون، شوال 1433هـ، الموافق أيلول 2012م

مُنَاجَاة

مُنَاجَاة

 

سيف الحق

وَقفْتُ أبْحَثُ فِيْ الأَمْصَارِ عَنْ ذَاتي

وَرُحْتُ أنظرُ مِنْ حَوْلِيْ وَقدْ بَهتَتْ

دَارِيْ تَوَارَتْ عَنْ الأنْظَارِ مِنْ زَمَنٍ

أَضْحَتْ ظَلاماً ، وَغَابَ النُّوْرُ عَنْ مُدُني

أَمسَىْ صَقِيْعاً نَسِيْمُ اللَّيْلِ يَلْذَعُني

قَالُوا فِلَسْطِيْنَ .. قُلْتُ اللهُ يحَفَظُها

أمَّا العِراقُ .. فَمَنْ يَرْويْ حِكَايَتَهُ

أرْضُ الجَزِيْرَةِ مَا صَانُوا قَدَاسَتَها

ألهِندُ وَالسِّنْدُ والأَفْغَانُ تُلْهِبُني

وَاحَسْرَتَاهْ .. غَريْباً صِرْتُ فِيْ بَلَدِيْ

وَاسْتَسْلَمُوا لِيَدٍ فِيْ الجُرْحِ غائِرَةٍ

سَادَ الصَّلِيْبُ عَلىْ أَرْضِيْ وَأتْلَفَها

يَبْغِيْ فَسَاداً بِآفَاتٍ يُرَوِّجُها

أُمْسِيْ وَأُصْبِحُ وَالأَغْرابُ تَغْمِزُني

وَتَاهَ عَنِّيَ أحْبَابيْ ، فَوا جَزَعي

وَهِمْتُ أبحَثُ فِيْ الأَطْلالِ عَنْ أمَلٍ

أَيْنَ العَوَاصِمُ ؟ أَضْحَتْ ِفيْ الوَرَى خَبَراً

أيَا دِمَشْقُ .. أَأَرْضُ الشَّامِ تَصْفَعُني؟

تَجْريْ دُمُوْعِيْ عَلَىْ شَطِّ الفُرَاتِ دَماً

مِنْ مِصْرَ قَهْرٌ فَوَادِيْ النِّيْلِ يَجْرِفُني

يَا تَعْسَ تُونُسَ مِنْ عَارٍ أَلَمَّ بِهَا

يَا رِيْحُ بَلِّغْ رِبَاطَ الخَيْلِ عَنْ سُفُني

بَانَتْ قُصُوْرُ بَنيْ مَرْوانَ مِنْ كَثَبٍ

هَلْ جَاءَكُمْ خَبَرُ اْسطَنْبُوْلَ يَنْدِبُني ؟

أَيْنَ الرِّجَالُ عَلَىْ البُسْفُورِ أَنْشُدُهُمْ؟

وَالقُدْسُ بِيْعَتْ ، فَوَا أَسَفَاهُ تَصْرَعُني

رَاغَ العُقَابُ عَنِ الأَجْوَاءِ فَانْتَشَرَتْ

يَهْويْ التَّبَاغُضُ – وَقْعَ السَّيْفِ- فِيْ بَدَني

بِالسَّوْطِ أُجْلَدُ مِنْ قَوْمِيْ وَمِنْ نَسَبِيْ

وَمَا رَأَوْنِيْ وَهَذا الضَّيْمُ يَعْصِفُ بيْ

تَسْرِيْ النَّوَائِبُ مَسْرَىْ السُّمِّ فِيْ جَسَدِيْ

نُسِيْتُ فِيْ زَمَنٍ غَابَتْ بِهِ قِيَمِيْ

غَابَ الخَلِيْفَةُ عَنْ سُلْطَانِ مَمْلَكَتي

وَكِدْتْ أَحْمِلُ ماضيْ العِزِّ أَدْفِنُهُ

نَفْسِيْ تَتُوْقُ لِيَوْمٍ فِيْهِ يَلْبَسُهَا

مَهْلاً فَإنِّي أَرَىْ فِيْ الشَّرْقِ بَارِقَةً

تَدْنُوْ إليَّ وَريْحٌ فِيْ حَرَارَتِهَا

أُمَّاهُ جِئْتُكِ وَالأَصْفَادُ فِيْ قَدَمِيْ

سَمِعْتُ صَوْتَكِ فِيْ الآفَاقِ نَادِبَةً

وَجِئْتُ أَزْحَفُ وَالأَحْمَالُ تُرْهِقُني

دَعَوْتُ قَوْمِيَ وَالأَخْيَارُ تَتْبَعُني

نَدْعُوْ لِخَيْرٍ عَلىْ الأَشْهَادِ نُرْسِلُهَا

نُعْلِيْ النِّدَاءَ بِكُلِّ العَزْمِ نَقْبِضُهُ

فَالغُرْبُ قَدْ فَشِلُوْا خَابُوْا بِمَا مَكَرُوْا

نَبْنِيْ عَلَيْها بِنَاءَ العِزِّ نَبْعَثُهَا

نَسَجْتُ مِنْ ثِقَةٍ بِاللهِ أَلوِيَةً

غَداً سَتُرْفَعُ فِيْ الآفَاقِ تَشْهَدُهَا

سَنَصْنَعُ النَّصْرَ بِالإيْمَانِ نَعْقِدُهُ

فَاللهُ يَرْفَعُ مَنْ لِلْحَقِّ دَعْوَتُهُ

أُمَّاهُ صَبْراً فِإنَّ اللهَ وَاعَدَنا

وَالقُدْسُ تَاجُكِ جَلَّ اللهُ بَارَكَهَا

بَعْدَ الفِراقِ يَعُوْدُ الشَّمْلُ مُلْتَئِماً

وَالخَيْرُ يَجْريْ عَلَىْ الدُّنْيا بِأَكْمَلِها

غَداً نُحَلِّقُ فِيْ الأَجْواءِ نَحْفَظُها

رَبَّاهُ إِنِّيْ إلىْ حَوْلٍ ضَعِيْفُ يَدٍ

أَنْتَ القَدِيْرُ عَلىْ نَصْرٍ تُنَزِّلُهُ

قَلْبِيْ تَفَطَّرَ مِنْ خَوْفٍ وَمِنْ وَجَلٍ

أَقْبَلْتُ مُبْتَهِلاً وَالنَّفْسُ رَاضِيَةٌ

وَالرُّوحُ تَضْرَعُ للرَّحْمَنِ فِيْ طَمَعٍ

قَدَّمْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّيْ أُنَاشِدُهُ

وَالصَّدْرُ أُثْقِلَ مِنْ أَصْدَاءِ أنَّاتي

 آثارُ أمْسٍ ، وَقَدْ بَانَتْ مَسَافَاتي

 وَأصبَحَتْ أَلَماً فِيْ العَينِ حَارَاتي

 وَاشْتَدَّ بَرْدِيْ وَما تُغْني شُمَيْعَاتي

 وَالبُؤْسُ أصَبَحَ مَنْشُوْراً بِسَاحَاتي

 سِتُونَ عَاماً قَضَتْها فِيْ المَهَانَاتِ

 عَادَ التَّتَارُ بِوَجْهٍ كَالحٍ عَاتي

 أَعَاذَها اللهُ مِنْ حُكْمِ الرُّبَيْضَاتِ

 وَالصَّيْنُ وَالقِرْمُ وَالقَوْقَازُ مَأْسَاتي

 مُذْ خَالَطَ الرِّجْسَ أرْبابُ القَرَارَاتِ

 مُدَّتْ لِخَنْقِيْ وَلَمْ تَقْنَعْ بِإسْكَاتي

 وَالكُفْرُ يَرْتَعُ مَزْهُوّاً بِخَيْرَاتي

 فَكَيْفَ لِلشَّرِّ أنْ يَبْني الحَضَارَاتِ

 غَدَاةَ زَالَتْ عَنِ الدُّنيا وِلايَاتي

 فَكَيْفَ أَكْتُمُ أَحْزَانيْ وَدَمْعَاتي؟

 عَلّيْ أرَىْ أَثَراً يُصْغِيْ لِصَيْحَاتي

 أَيْنَ المَدِيْنَةُ يَا أَهْلَ العَمَامَاتِ؟

 وَابْنُ الوَليْدِ دَفِيْنٌ فِيْ حُشَاشَاتي

 وَا بُؤْسَ بَغْدَادَ غَاصَتْ فِيْ الحَمَاقَاتِ

 يَا عَمْرو مَزَّقَني سَرْدُ الحِكَايَاتِ

 مَا لِلْجَزَائِرِ بَاهَتْ فِيْ مُؤَاذَاتي؟

 هَلْ أَغْرَقُوْها عَلىْ شَاطِيْ الغِوَايَاتِ؟

 تُرَدِّدُ الحُزْنَ فِيْ صَمْتِ الحِجَارَاتِ

 أَمْ سَرَّها سَقَمٌ أوْدَىْ بِهَامَاتي؟

 يَا فَاتِحَ الحِصْنَ هَلْ هَانَتْ فُتُوْحَاتي؟

 دَقَّاتُ قَلْبي لَهَا سَالَتْ جِرَاحَاتي

 صُغْرَىْ البُغَاثِ تَعَالَتْ فِيْ فَضَاءاتي

 هَاضُوا عِظَامِيْ وَقَصُّوا مِنْ جَنَاحَاتي

 يَا وَيْحَ أهليْ أَمَا حَسُّوا بِأنَّاتي

 وَالبَيْتُ أصْبَحَ مَسْكُوْناً بِأَمْواتِ

 هُمْ جَرَّعُوْني حِمَاماً مِلءَ كَاسَاتي

 سَادَتْ بِهِ فِتَنٌ تُذْكِيْ الخِلافَاتِ

 وَالعِلْجُ بَدَّلَ أَعْلاميْ وَرَايَاتي

 فَأيْنَ بُرْدَةُ مَبْعُوثِ الهِدَايَاتِ

 عَدْلٌ يُجَدِّدُ فَيْ قَلْبِيْ صَبَابَاتي

 مِنْ جَانِبِ القُدْسِ لاحَتْ فِيْ الغَمَامَاتِ

 فِيْ رَوْحِها أمَلٌ ، مِنْ زَيْتِ مِشْكَاتي

 لَكِنَّ عَقْليْ عُقَابٌ فِيْ السَّمَاوَاتِ

 فَقُمْتُ أَمْسَحُ عَنْ عَيْنيْ الغَبَاشَاتِ

 هَانَتْ عَلىْ كَتِفِيْ فِيْ اللهِ غَايَاتي

 نَسْعَىْ لِنَشْحَذَ مِنْ عَزْمِ الرِّجَالاتِ

 أَصْوَاتَ حَقٍّ بِهَا نَرْجُوْ المَفَازَاتِ

 قَبْضَ الجِمَارِ وَلا نَخْشَىْ المَلَمَّاتِ

 لَنْ يَبْلُغُوْا سَبَباً يَثْنِي الأسَاسَاتِ

 أَيَّامَ مَجْدٍ بِهَا نُنْهِيْ العَذَابَاتِ

 طَرَّزْتُ بالفِكْرِ أهْدَاباً لِرَايَاتي

 دَارُ الخِلافَةِ فِيْ شَتَّىْ الوِلايَاتِ

 وَنَعْقِدُ الأَمْنَ وَصْلاً بِالفُتُوحَاتِ

 وَالوَعْدُ حَقٌّ عَلىْ رَبِّ السَّمَاوَاتِ

 سَتَجْلِسيْنَ عَلىْ عَرْشِ المَلِيْكَاتِ

 وَالشَّامُ تَرْفُلُ فِيْ ثَوْبِ الأَمِيْرَاتِ

 مِنْ فَاسَ غَرْباً إلىْ مَا بَعْدَ حِيْراتِ

 وَالنُّوْرُ يُنْشَرُ فِيْ قَاعِ المُحِيْطَاتِ

 وَنَمْلأُ الأُفْقَ عِزّاً بِانْتِصاراتِ

 فَانْظُرْ إِليَّ وَكَفِّرْ عَنْ خَطِيْئَاتي

 فَامْنُنْ عَليَّ بِمَا يُنْهِيْ مُعَانَاتي

 للهِ أَجْأَرُ لا أُخْفِيْ إِسَاءَاتي

 تَرْجُو بِعَفْوِكَ أَنْ تَحْظىْ بِجَنَّاتِ

 ذِيْ الفَضْلِ يَقْبَلُ إِنْ شَاءَ ابْتِهَالاتي

 ألفَضْلُ فَضْلُكَ إنْ تَقْبَلْ مُنَاجَاتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *