العدد 202 -

السنة الثامنة عشرة ذو القعدة 1424هـ – كانون الثاني 2004م

اتفاقية جنيف!!

اتفاقية جنيف!!

  • وقّع المتفاوضون سراً اتفقاية علنية أُطلق عليها اتفاقية جنيف، نسبةً إلى مكان التفاوض السري، ومكان توقيع الاتفاقية، وحضر الحفل مئات الشخصيات، الذين يحضرون في كل مناسبة احتفالية، لكي يكتمل مشهد «الديكور» الإعلامي، وأرسل عرفات مستشاره الأمني، ووزير دولة، كما ألقيت كلمة باسم عرفات في حفل التوقيع.

  • وتحركت مظاهرات تندد بالاتفاقية في غزة، وكان عمودها الفقري جماعة عرفات أيضاً، أي إن عرفات مع المفاوضات، ومع اتفاقية جنيف وضدها في الوقت نفسه، وليس ذلك غريباً على كل من يمسكون عصا السياسة من منتصفها، فهذه هي اللعبة السياسية، وهكذا تدار السياسة واللعب على الحبال، واللعب بالعواطف والمشاعر.

  • بعد مرور عدة أيام على توقيع الاتفاقية (الهمروجة الإعلامية)، لم يتغير شيء على الأرض، فاجتياحات الدبابات للمدن مستمرة، والقتل اليومي مستمر، وبناء الجدار يتواصل، وتقطيع المدن والقرى عن بعضها يتواصل، والأسرى يزدادون، والمستوطنات تتوسع، واللاجئون لا يزالون في مخيمات الذل والبؤس، خارج فلسطين وداخلها. فماذا حققت هذه الاتفاقية التي هلّلوا لها وطبّلوا؟!

  • سبق أن وقع حكام من العرب، وزعماء من فلسطين، اتفاقيات مثل كامب دايفيد الثانية، وخطة تينيت، وخطة ميتشيل، وخارطة الطريق، ولا يُستبعد أن تُوقع عشرات الاتفاقيات في المستقبل إن بقيت الزعامات الحالية هي التي تقود الأمة، ويبقى التخدير الجماعي مستمراً.

  • حمّى التفاوض السري أصبحت ظاهرة مَرَضيَّة في أوساط رجال السلطة، ففي الوقت الذي كانت مفاوضات جنيف سائرة على قدم وساق، كانت مفاوضات أخرى تجري في لندن، ومفاوضات ثالثة في إسبانيا، ولا يُستبعد أن تكون في هذه اللحظات مفاوضات سريّة في مكان ما من العالم.

  • فلسطين لا يلزمها المزيد من المفاوضات السرية، التي تفرط بها شيئاً فشيئاً، لكي تعود للمسلمين طاهرة من رجس اليهود الململمين من كافة أقطار الأرض، بل يلزمها صلاح الدين وأمثاله، وكفى مهازل، لقد قزّموا المسألة حتى أصبحت تتلخص اليوم في «جدار» أطلقوا عليه جدار الفصل العنصري. فالقضية أكبر من جدارهم وأكبر من اتفاقياتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *