العدد 206 -

السنة الثامنة عشرة ربيع الأول 1425هـ – أيار 2004م

كلمة الوعي: أيها المسلمون: هدف أميركا تدمير الحضارة الإ سلامية

لقد مرّ عام على احتلال العراق السهل… ولكنه كان عاماً صعباً، تكبّدت فيه أميركا خسائر بشرية معلنة، وأكبر منها غير معلنة، وتكاليف مالية باهظة، وسمعة عالمية سيئة، وأظهر احتلالها، المكرّس في هيئة الأمم المتحدة، وجهها الاستعماري البغيض. فهي لم تترك باباً من أبواب القتل، والتدمير، والتهديد، والإذلال، وانتهاك الحرمات، واحتلال المساجد، وقتل المصلين فيها، وارتكاب أبشع المجازر بحق الشيوخ والنساء والأطفال، وتسخير تفوقها الهائل في المجال العسكري والاستخباراتي، ونفوذها السياسي والإعلامي والمالي في العالم… إلا واستخدمته من أجل أن يتم لها استعمار العالم من خلال احتلال العراق… ولكن أنّى يكون لها ذلك؟!…

إن ما تفعله أميركا تقول إنه من أجل القضاء على الإرهاب، وجعل العالم أكثر أمناً، من أجل نشر السلام العالمي، من أجل نشر أفكار الحرية، ومفاهيمها وقيمها الديمقراطية… ونقول نحن إنه من أجل القضاء على الإسلام، من أجل تحويل المسلمين عن دينهم إلى دين أميركا… نعم هذا هو صعيد الصراع، ويجب أن لا يخفى ذلك على أحد من المسلمين. إما دين الله، وإما دين أميركا. وبالتالي لا يوجد إلا موقفان: إما مع الإسلام وإظهاره، وإما مع كفر الديمقراطية… وما عداه تلبيس للحقائق، وحرف للمفاهيم، يسقط فيه من ضعاف النفوس من يسقط، ومهما تعلّل الساقطون، فإن عملهم يصب في مصلحة الطرف الآخر…

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تجعل أميركا معركتها مع الإسلام، والعاملين له، وهي المنتصرة، القوية، المتقدمة، المتفوقة بما لا يقاس، بينما الإسلام لا وجود له على المسرح الدولي، ولا دولة له تمثله… أليس في هذا مبالغة كبرى؟ وحتى لا يظنّنّ ظانّ أن هذا التساؤل في محله، ننقل، وبإيجاز يتناسب وهذه الكلمة، بعض النقول من مسؤولين سياسيين، في موقع القرار، علها تزيل الغشاوة عن عيون من يسقط في فخ أميركا، ويفسر الأمور بحسب تفسيرها:

l قال «يوجين روستو» عندما كان رئيساً لقسم التخطيط بوزارة الخارجية الأميركية، ومستشاراً للرئيس جونسون: «ولا تستطيع أميركا إلا أن تقف في الصف المعادي للإسلام، وإلى جانب العالم الغربي، والدولة اليهودية؛ لأنها إن فعلت عكس ذلك، تنكّرت للغتها وثقافتها، ومؤسساتها. وإن هدف العالم الغربي في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية. وإن قيام إسرائيل هو جزء من هذا المخطط، وإن ذلك ليس إلا استمراراً للحروب الصليبية».

l وقال «كلارس» السكرتير السابق لحلف الناتو: «إن الحلف أقام الإسلام هدفاً لعدوانه مقام الاتحاد السوفياتي».

l وقال «بول وولفوفيتز» نائب وزير الدفاع الأميركي: «صحيح أن حربنا هذه ضد الإرهاب هي حرب ضد أناس أشرار، ولكنها أيضاً، وفي نهاية المطاف، حرب من أجل القيم، كما هي حرب عقول».

l وقال بوش الابن: «تلك الحملة الصليبية، تلك الحروب على الإرهاب، سوف تكون طويلة الأمد».

وما يجدر التذكير به، أن الدول الأوروبية لا تختلف، في عدائها للإسلام والمسلمين، عن أميركا ولكنها تختلف في مشروعها الاستعماري لهم.

إن الذي جعل صعيد الصراع يقوم عند أميركا على العداء للإسلام، أنه الدين الوحيد الذي يحمل فكراً متصلاً بالحياة، والمرشح لأن يكون بديلاً عن فكرها المفلس، وهو الحاجز الوحيد المتبقي في العالم، الذي يمنع امتداد فكرها. وهناك أمر آخر، وهو أن المسلمين بدأوا يصحون على دينهم، ويعتبرونه الخلاص لهم وللعالم كله بعدما أفلست الديمقراطية الفاسدة والمفسدة، وهذا يعني أن المسلمين يحملون مشروعاً مضاداً لمشروعهم، ومن تعاليمه بيان زيف الديمقراطية، ووضع حد لها في الواقع العملي… وهذا هو الموت لها، ولاستعمارها، ولغناها، إذ إنها تغنى على على حساب الآخرين.

هذا هو الصعيد وليس غيره، والمسلمون مطالبون بأن يفهموه جيداً. وإنه من مصلحة أميركما وأوروبا معها أن تلبّس على المسلمين فهم هذا الصعيد. وإزاء هذا الأمر، لا يوجد موقف بين بين، وليس أمام المسلمين إلا موقف واحد: أن يكونوا مع الإسلام. إننا أمام أمر واحد: هجمة أميركية على الإسلام، وعلى المسلمين، ليس فقط في العراق، بل رأيناها في أفغانستان، وفي باكستان، وفي كشمير، وفي جنوب السودان، وفي فلسطين… رأيناها في تصريحاتهم، وفي أعمالهم، وإن الحقد الذي يتصرفون به، والإجرام الكبير الذي يرتكبونه، والانتهاكات لبيوت الله… لا تترك أي مجال لأي مسلم أن يقع في فخ الشيطان، ويعتبر أنه يحق له الاختيار، فيختار المقاومة السلمية، أو المشاركة في مجلس الحكم، أو أن يكون شريكاً استراتيجياً لأميركا… أو يدّعي أنه يحقق، من موقعه، الخير للمسلمين، إذ لا خير يأتي من كل هذا، بل لا يأتي إلا الشر.

إن المسلمين مهما اختلفت اجتهاداتهم وحتى مذاهبهم، يبقون أهل بيت واحد، ويحرم عليهم أن يفسحوا المجال أمام عدوهم للدخول إليه، وإضرام النار فيه، وإن عليهم أن يقبضوا أيديهم عن التعامل مع عدوهم، وكائناً ما كان عذرهم، فإنه غير مقبول عند الله. إن مثل هذا التعذر، هو فوق مخالفته للشرع، يصب من حيث العقل والواقع في مصلحة أميركا واليهود، وكل أعداء الله، فكفى المسلمين تساهلاً وتفريطاً.

إن المسلمين اليوم يجب أن تكون طروحاتهم على مستوى ما يريده الإسلام منهم. وإن القضية التي يجب أن يتوحد عليها جميع المسلمين هي قضية إظهار هذا الدين، وجعل كلمة الله هي العليا على كل ما عداه.

إننا نتوجه إلى كل المسلمين، بكلمة صادقة، أن ييمموا وجوههم شطر التغيير الجذري، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا هو الصعيد الذي يريدكم الله سبحانه أن تيمموا وجوهكم شطره، وهو الصعيد الذي تخشى منه أميركا، وأوروبا، واليهود، وروسيا بوتين، والصين، والهند، وكل أعداء الله… لقد أثبت الواقع سابقاً أن الجيش الإسلامي لا يقهر، والأحداث اليوم تنطق بمثل هذا، ولا يحتاج الأمر حتى يكتمل إلا دولة إسلامية تجيش الجيوش الإسلامية التي لا تقهر فتفتح البلاد وقلوب العباد، وتدخل الناس في دين الله أفواجاً… وهذا هو الفارق بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية.

أما آن للمسلمين أن يشتاقوا لذلك، وأن يتوجهوا إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي» وفي حديث «وعترتي» .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *