العدد 159 -

السنة الرابعة عشرة _ كانون الثاني 1421هــ _ تموز2000م

رسالة إلى حاكم «الأسُـودُ تتحـدّى»

بِاسْمِ العَظِيمِ القَاهِرِ الـمُتَجَبِّرِ
باسمِ الّذي مَحَقَ الطغاةَ جنودُه
مِنْ ظُلمة القبر الّذي أودعْتَني
يَستهجنُ السَّجَّانُ كيفَ أخطُّها
أَوَليسَ نورُ الحقِّ في أعماقِنا
تتساءلُ الجدرانُ: أنّى تَبتغي
فلْتعْلمي أنّي بقَطْرٍ مِن دَمِي
وتُتَمْتِمُ القُضْبانُ: ماذا نصُّها ؟
فيجيبُها الجلاّدُ: كان يَصيحُ بي
«دعني أعشْ مِحَنَ الصحابةِ أو أَذُقْ

يا ظافراً بالـحُـكْمِ رُغْمَ إرادتي
أَنَذا أُهَدِّدُ، حيث تحسَبُ أنّني
أَنَذا أُزمجرُ حيثُ ترقُبُ أَنَّتي
مِنْ ههنا أدعوكَ: آمِنْ واستقمْ
في سلّةِ الأوساخِ أَسرعْ وانتبذْ
خُنْتَ الأمانةَ، خُنْتَ دِينَكَ، فاستفقْ

إِنّا الأُسُودُ، فهلْ يُرى ندّاً لنا
إِنّا الأُباةُ، تميّزَتْ أغلالُنا
كنّا نثيرُ الشكَّ حولَ جهودِنا:
والآنَ أدركْنا الحقيقةَ في رضاً
في السِّجْنِ أعيُنُنا تنامُ قريرةً
قد آذنَ الصَّرْحُ الـمُمَرَّدُ أنْ يُرى
حتى يغادِرَ كُلُّ لَيْثٍ مُدَّعىً

لم تَنْفَدِ الكلماتُ، لكنْ أكتفي !
فلربّما قَبْلَ استلامِ رسالتي
لم تَنْفَدِ الكلماتُ لكنْ أُمّتي
ولسوفَ أَنتزعُ الكرامةَ مِنْ هنا،
فَمِنَ المسَاجِدِ والسُّجُونِ خِلافَتِي

 

أُلْقِي التَّحِيَّةَ بِالدَّمِ الـمُتَفَجِّرِ
أُهدي السلامَ بمدمعِي الـمُتَحَجِّرِ
إنّي أخطُّ رسالتي بتكبُّرِ
والشمعةُ انطفأَتْ، فما مِنْ مُبْصِرِ
يجتاحُ ليلَ الظلمِ دونَ تقهقُرِ ؟
حِبْراً، تقايِضُهُ بِبِضْعَةِ أَسْطُرِ ؟
أَستجمِعُ التاريخَ عَبْرَ الأَعْصُرِ
أيريدُ الاسْتعطافَ مِنْ متأمِّرِ ؟
إِنْ لِنْتُ: «دعني من حنانٍ أعوَرِ»
بَلْوَى النبيِّ… وشُدَّ قيدي أُؤْجَرِ»

إِرْحَلْ، وإِلاَّ فَاحْيَ بينَ الأَقْبُرِ
مستضعَفٌ، تُفني القيودُ تصبُّرِي
وتوسُّلِي، وبكاءَ عَبدٍ مُعْسِرِ
واهْجُرْ مُعاداةَ الـهُدى، هيّا اهْجُرِ
دستورَ غربٍ للغُروبِ مُؤَشِّرِ
أَوْ فارقُبِ الزلزالَ غَيرَ مؤخَّرِ

فأرٌ تَسَتَّرَ في إِهابِ غَضَنْفَرِ ؟
غيظاً، ولم نسجدْ لمثلِكَ، فاذكُرِ
هل تسلبُ الطاغوتَ بَسْمَةَ مِشْفَرِ ؟
فلقدْ أَقَضَّتْ كلَّ مَضْجَعِ مُفْتَرِ
والظلمُ في جَفْنَيْكَ يعدلُ، فاسْهَرِ !
يَهْوِي، فيا «يرموكُ» عُودِي وَازْأَرِي
أرضَ الحقيقةِ، يائساً كالقيصرِ

وسأُغفِلُ العنوانَ، فِعْلَ مُدَبِّرِ
تَمضِي إلى الـمَنْفَى، إذا لم تُنْحَرِ !
سأبثُّها البُشْرى، بِنَصٍّ أَكْبَرِ
مِنْ سِجنِكمْ، لأُذِلَّ كُلَّ مُغَرِّرِ
سَتُطِلُّ تَشْدَخُ هَامَةَ الـمُسْتَكْبِرِ .

                                                                                                       أيمن القادري

« الـوعــي »:  الكلمة قد تكون أمضى من السيف، بل هذه تكون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *