العدد 225 -

السنة العشرون شوال 1426هـ – تشرين الثاني 2005م

كلمة الوعي: الخلافة الراشدة «من إسبانيا حتى إندونيسيا» قائمة بإذن الله رغم أنف أعدائها

كلمة الوعي:

الخلافة الراشدة «من إسبانيا حتى إندونيسيا» قائمة بإذن الله رغم أنف أعدائها

إن أميركا بالرغم من تكبدها خسائر مادية وبشرية ضاغطة في حربها القذرة ضد المسلمين في كل من أفغانستان والعراق، مازالت ماضية في مخططها لصياغة المنطقة ضمن ما يسمى بـ«مشروع  الشرق الأوسط الكبير» الذي يندرج بدوره تحت «مشروع القرن الأميركي الجديد» الذي يقوم على تفرد أميركا في حكم العالم. ففي العراق عملت على إقرار دستور علماني، وتعمل على إجراء انتخابات تكرس عملاءها في الحكم، وتعطيهم صفة الشرعية الدولية لتمسك وتدير الحكم في العراق بعيداً عن ضغط المقاومة. وهي لم تستطع أن تقر الدستور ولن تستطيع أن تجري الانتخابات إلا بعد أن لعبت لعبتها القذرة في غرس الطائفية والعرقية بين مسلمي العراق. وفي فلسطين عملت على الإتيان بحكام عملاء لها، والتأسيس لدولة هامشية لا تكاد تبين، وتعمل على إجراء انتخابات تكسب عملاءها شرعية تمكنها بواسطة الدعم والدفع الدوليين أن تقضي على المقاومة والجهاد ضد يهود. وفي لبنان وسوريا تم تشكيل وضع جديد تغطي فيه أميركا تدخلها دولياً عن طريق ما يسمى بالقرارين الدوليين 1559 و1595 واستخدامهما كسيف مسلط على سوريا لتحقيق ما تريده. وفي السودان يكشف مشروع أميركا للشرق الأوسط الكبير، كما في العراق، عن تفتيت هذا البلد. وهي تعمل هناك على راحتها بعد أن استسلم حكامه لرغباتها… وهكذا نرى المخطط الأميركي الجديد للمنطقة مازال يطل بوجهه القبيح ذي الملامح الاستعمارية والإجرامية واللاإنسانية، والعدائية للإسلام والمسلمين ويمكن إجمالها بأنها ملامح شيطانية.

فمن ملامحه تفتيت المنطقة وظهر ذلك جلياً في العراق السودان، ومرشح للظهور في أماكن أخرى كباكستان ولبنان ومصر… ومن ملامحه العمل العلني والصريح لمصلحة (إسرائيل) حيث تدعو إلى التطبيع الكامل مع يهود قبل السلام ظهر ذلك في دعوة ملك الأردن في مؤتمر القمة الأخير في الجزائر، وفي هرولة حكام الأمر الواقع لإقامة علاقات علنية مع (إسرائيل)، وحيث تدفع السلطة الفلسطينية والسلطة اللبنانية لتفكيك الجماعات المسلحة وسحب السلاح ومنع قتال اليهود…. ومن ملامحه عمالة الحكام العلنية لأميركا، وخدمتهم الصريحة لمصالحها حيث تريدهم أن يكونوا معها في كل خططها تريدهم أن يقولوا لها دائماً “نعم” ولا تريد قولهم “لا” ولو لمرة واحدة، وذلك كما يفعل حكام السعودية ومصر مثلاً… ومن ملامحه الاستغلال البشع لثروات المنطقة وخاصة النفط، ورهن مقدرات بلاد المسلمين لبنوك الغرب الربوية ورهن اقتصادات بلاد المسلمين لشركاتهم المتعددة الجنسيات… ومن ملامحه الإفساد المنظم للمسلمين، وجعل أجوائهم مكشوفة أمام شرور وانحلال وانحطاط الحضارة الغربية… ومن ملامحه محاربة الإسلام والمسلمين العاملين للنهضة تحت حجة محاربة الإرهاب والإرهابيين. وهي تبني سياستها في المنطقة على أساس محاربة المشروع الإسلامي وتعتبره حجر الزاوية في عملية الصراع، وتريد من عملائها من الحكام وغير الحكام أن يكونوا خنجراً في يدها تطعن بهم الإسلام والمسلمين… ومن ملامحه تغيير الطاقم الحاكم العميل لها واستبدالهم بعملاء جدد يظهرون أنهم أكثر شعبية وأقل إجراماً بحق شعوبهم؛ لأن أميركا تعلم أن الشعوب قد ملت حكامها وأنهم أصبحوا مكشوفين، وأنها لا تستطيع ضمان مصالحها عن طريقهم… ومن ملامحه أنها تريد أن تظهر أنها قريبة من المسلمين وتريد أن تتحسن صورتها لديهم وهي من أجل ذلك تعمل على تبني إسلاميين يقبلون العمل معها، وتقوم بالدعاية لهم، وإظهار صورتهم على أنهم معتدلون، متنورون، إصلاحيون، يؤمنون بالحوار والديمقراطية… لتكسب عن طريقهم شعبية مفقودة، ولتغير صورة الإجرام التي اشتهرت بها بحق المسلمين. ولتضرب من يناوئون مشروعها الاستعماري، وهذا يذكرنا بما طرحه إدوارد دجرجيان الدبلوماسي الأميركي الشهير من قبل.

وهنا لابد من ملاحظتين: أولاهما: إن أميركا تشهد مقاومة لمشروعها من بعض عملائها من الحكام؛ لأنهم يخشون من تغييرهم، ولأنها لم تترك لهم هامشاً في الخطاب، كما كان الأمر من قبل، فلم تسمح لهم أن يتحولوا تدريجياً من خطاب ثوري خادع إلى خطاب يؤيد السياسة الأميركية علناً ويدعمها ويدعم إجرامها على رؤوس الأشهاد، ولأنها تريد منهم أن يسيروا بالمصالح مع اليهود هكذا من غير مقدمات. وهناك أمر آخر يتعلق بهؤلاء الحكام وهو أنهم عملاء لها. وهي بدأت بهم لتكمل بغيرهم.

ثانيهما: إن أميركا ليست اللاعب الأوحد في المنطقة، بل هناك صراع دولي بين أميركا ودول أوروبا على المصالح في العراق وفلسطين وسوريا ولبنان والسودان… ولكن بالرغم من ذلك فإن أميركا ودول أوروبا يتفقون جميعهم في العداء والكيد ومحاربة الإسلام والمسلمين.

أيـّها المسلمون: إن مخطط أميركا هذا هو مخطط العدو المبين للإسلام والمسلمين، وهو مخطط يبدو عليه الإصرار على منع عودة الإسلام إلى الحكم، وهي عودة يرى الغرب أنها تسير بخطى متسارعة. وقد ظهرت منهم تصريحات تعبر عن قلقهم الكبير من عودة الخلافة فقد صرح بوش في 6/10/2005م مشيراً إلى وجود استراتيجية لدى «ناشطين إسلاميين آخرين» تهدف إلى «إنهاء النفوذ الأميركي والغربي في الشرق الأوسط، واستغلال الفراغ الناجم عن خروج أميركا للسيطرة على دولة تكون قاعدة انطلاق لهم». وأضاف أنه «عند سيطرتهم على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين، ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة، وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا وحتى إندونيسيا» وأضاف أنه «مع وجود قوة سياسية واقتصادية وعسكرية أكبر سيتمكنون من تطوير أسلحة دمار شامل للقضاء على إسرائيل» وقد كان القائد الأعلى للقيادة المركزية للجيش الأميركي جون أبو زيد أكثر صراحة عندما ردد كلام رئيسه وذكر أن الإمبراطورية التي يسعى المسلمون لإقامتها هي دولة الخلافة فقال في شهادة أمام الكونغرس: «إن الهدف من إخراج أميركا من المنطقة هو الإطاحة بالأنظمة الحاكمة القائمة في المنطقة، وأنه ستكون هناك محاولة للتوسع في النفوذ وإقامة خلافة» وقال: «وهذا المصطلح يعود إلى خليفة محمد، ويعني بلداً يحكمه حاكم زمني وديني» وأضاف: «إعادة الخلافة تعني أن رجلاً واحداً خليفة لمحمد، سيكون القائد السياسي والعسكري العالمي للمسلمين» وأضاف أن هذا سيسمح بالسيطرة «على الثروة النفطية الهائلة الموجودة في المنطقة، وهم ينوون خلال كل ذلك القضاء على إسرائيل» وأضاف أن «الهدف التالي سيكون التوسع إلى البلاد الإسلامية غير العربية، ومنها أفريقيا الوسطى وجنوب آسيا» وهناك تصريحات أخرى لا يتسع المجال لذكرها.

يجب أن يفهم المسلمون بعامة والحركات الإسلامية، وعلماء المسلمين وأهل القوة بخاصة، أن أميركا تفهم كيف تجري الأمور وبأي اتجاه تسير. فليس أوضح من هذه التصريحات ما يدل على تطور الأوضاع. وليس أوضح من هذه التصريحات ما يدل على أن أميركا بالرغم من كل إجرامها بحق المسلمين قد فشلت، وأنها قد أيقظتهم أكثر على إسلامهم.. ويجب أن يفهموا أنه لا يمد اليد إليها إلا كل هالك خاسر في الدنيا والآخرة، إلا كل خائن لله ولرسوله وللمؤمنين.. ويجب أن يفهم المسلمون أن من يمد اليد لأميركا سيقف حجر عثرة في وجه عودة الإسلام إلى الحكم، في وجه عودة الخلافة تحديداً، وهذا معناه أنه يقف في صف أميركا في سعيها لمنع الخلافة.

إن الخلافة قادمة بإذن الله وعونه وقوته وإمداده لأنها وعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبشارته حين قال: «… ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة». فليحذر المسلمون دعوة أميركا الشيطانية، وليسقطوا من يتعاون معها مهما تسمى بأسماء إسلامية أو تزيا بأزياء إسلامية، فإن الذي يرضي الله هو المَـخْـبَـر وليس المظهر.

إننا نقول لبوش ولأمثاله من شياطين الغرب إنهم لن يستطيعوا أن يقفوا أمام قوله تعالى: ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) [الصف 8] ونذكر المسلمين بقوله تعالى: ( وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ ) [الأنفال 59].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *