العدد 229 -

السنة العشرون صفر 1427هـ – آذار 2006م

هل أميركا في مأزق أم في هزيمة؟

هل أميركا في مأزق أم في هزيمة؟

حين جاء المحافظون الجدد إلى الحكم في أميركا برئاسة بوش الابن، مع بداية سنة 2001م، كان في رؤوسهم طموحات أكبر من حجمهم وأكبر من قدرات أميركا. ولكن الغطرسة والغرور جعلهم يرسمون الخطط الخيالية. هم رأوا أن أميركا تملك التفوق الصناعي والتجاري والمالي والعلمي والاستخباري والإعلامي والنفوذ السياسي، وتملك مع ذلك كله التفوق العسكري على أية قوة أو مجموعة قوى يمكن أن تجابهها في العالم. ومادامت أميركا كذلك فلماذا لا تبسط هيمنتها على العالم كله بالخطوات السريعة، وليس بالأساليب البطيئة التي كان يتبعها الرؤساء السابقون؟ وقد كتب بعض الاستراتيجيين الأميركيين نقداً لهذا التوجه الموجود عند المحافظين الجدد، ومن بين هؤلاء الاستراتيجيين (زبيغنيو بريجنسكي) مستشار الأمن القومي السابق، فألف كتاب «الاختيار: السيطرة على العالم أم قيادة العالم» في سنة 2004م. وهو حاول النصح بأن مصلحة أميركا هي قيادة العالم وليس السيطرة على العالم كما تفعل إدارة بوش.

=================================================================

إن الشعب الأميركي بطبيعته لا يميل إلى الحروب ما دام يعيش في بحبوحة، ومادام يعيش في أمان، في نصف الكرة الأرضية بين المحيطين. ولكن خطط المحافظين الجدد بحاجة إلى دخول الحروب، فجاءت أحداث نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر/ أيلول 2001م بهذا الاتجاه لتشعر الشعب الأميركي أنه لم يعد في مأمن، بل صار (الإرهاب) يهدده في عقر داره، وبالتالي فعليه أن يخرج لمحاربة (الإرهاب) في العالم. وقد حدث مثل هذا أثناء الحرب العالمية الثانية حين استفزت أميركا اليابان من أجل أن تقوم اليابان بهجوم على بيرل هاربر وتحطيم الأسطول الأميركي مما أوجد مسوغاً أمام أميركا لدخول هذه الحرب في عهد روزفلت (أنظر كتاب «امبراطورية الشر» لعبد الحي زلوم الصادر في 2003م ـ الفصل الأول).

بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، وجد مسوغ لأميركا لمهاجمة أفغانستان، ونجحوا في إسقاط نظام طالبان دون صعوبة؛ لأن عميلهم بيرفيز مشرف حاكم باكستان قام بخيانة حكومة طالبان في أفغانستان التي كانت تعتمد على باكستان.

ثم بدأ المحافظون الجدد التهيئة لغزو العراق فلفّقوا أكاذيب أن حاكم العراق (صدام حسين) يتعاون مع (الإرهاب) وأن له صلة بالقاعدة، وقد يعطي القاعدة أسلحة دمار شامل لضرب أميركا وغيرها من بلاد العالم، وأنه يستورد اليورانيوم من النيجر، وقد زوّروا وثائق لإثبات ذلك. ورغم المعارضات الجماهيرية الكبيرة في داخل أميركا وفي سائر أنحاء العالم لغزو العراق، فقد أقدمت الإدارة الأميركية على عملية الغزو. وقد وقفت معظم دول العالم وشعوب العالم ضد هذا الغزو، ولكن إدارة بوش استهزأت بالعالم وبمجلس الأمن وبالقانون الدولي، ووصف رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي دول أوروبا بأنها دول عتيقة، وحين ترددت إنجلترا قال رامسفيلد لبلير: إذا كنتم لا تريدون الاشتراك في الحرب فلابأس، فنحن عندنا القدرة الكافية لخوض الحرب على جبهتين في وقت واحد (يقصد جبهة العراق وجبهة كوريا الشمالية) إذا لزم الأمر.

ونجحت أميركا وحلفاؤها في دخول وإسقاط نظام صدام دون صعوبة أيضاً، ليس لأن الجيش العراقي كان جباناً، بل لأن حاكم العراق وأعوانه كانوا جبناء فاختفوا عن الساحة، وكانوا ظالمين للشعب فلم يكن الشعب ولا الجيش يحمل لهم ولاءً.

وزاد غرور المحافظين الجدد وظنوا أن حساباتهم صحيحة، وأعلن بوش، مَزْهُوّاً، أن المهمة أُنجِزتْ. وفرح الشعب الأميركي بهذا الإنجاز الكبير والسهل، وحصل بوش على شعبية في أميركا غير مسبوقة بلغت 93%.

بعد أقل من سنة، أي في نيسان 2004م، حصلت وقائع الفلوجة التي فاجأت الجيش الأميركي في العراق، وفاجأت الإدارة الأميركية ومحافظيها الجدد. وقائع الفلوجة هذه أظهرت قدرة الجيش العراقي وتصميمه، ليس فقط على رفض الاحتلال، بل على مجابهته لطرده من أرض العراق. ومنذ الفلوجة تغيّر مسار الأحداث، وأحست أميركا بالمأزق الذي وقعت فيه، وصارت الأمور تشتد عليها في جميع الساحات: القتالية، والسياسية، والإعلامية، والخلقية، والإنسانية، والشعبية… إلخ. وانتقل الرأي العام حتى داخل أميركا من مدح بوش وإدارته إلى قدحهم، وهبطت شعبية بوش إلى 36%، ويصدق في بوش وإدارته قول الشاعر:

والناس من يَلْقَ خيراً قائلون له

ما يشتهي، ولأِمِّ الفاشلِ الهَبَلُ

وتكرر التساؤل على لسان الأميركيين: لماذا يكرهوننا؟ والواقع أن الذي صار يكره أميركا ليس فقط العرب والمسلمون بل العالم أجمع. وسبب هذه الكراهية هو سياسة أميركا التي جاءت سياسة المحافظين الجدد لتزيدها طمعاً وشراسة. منذ حوالى ثلاث سنوات حصل استطلاع في دول الاتحاد الأوروبي الخمس عشرة، وكان من ضمن الاستطلاع سؤال: (أي دولة في العالم هي أكثر تهديداً للسلام؟) وكان الجواب: (إسرائيل) بنسبة 58%، ثم أميركا بنسبة 53%، هذه شعوب أوروبا حليفة أميركا هكذا تحكم على أميركا وعلى ربيبتها إسرائيل، فكيف ستكون النتيجة لو كان الاستطلاع في غيرها؟

من الأمور التي نقلت أميركا من مأزق إلى هزيمة:

l تحدي الإدارة الأميركية لقرارات مجلس الأمن وما يسمونه الشرعية الدولية.

l تحدي هذه الإدارة للرأي العام العالمي الذي استنكر العدوان على العراق.

l انكشاف مزاعم أميركا وكذبها في مسألة الأسلحة ذات الدمار الشامل.

l انكشاف التزوير في الوثائق التي تذكر شراء العراق لليورانيوم من النيجر.

l انكشاف التصرفات اللاإنسانية  واللاأخلاقية التي يمارسها قادة الإدارة الأميركية في سجن أبو غريب، وسجن غوانتانامو، وسجون أوروبا الشرقية. هذه التصرفات التي يحاول المسؤولون الكبار حصرها بالصغار، ولكن العالم لا يصدّقهم.

l التصريحات والبيانات التي صدرت وتتلاحق بالصدور من منظمة الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، واتحاد الكنائس، والمحامين، والدول، وغيرهم، كلها تشجب ممارسات الإدارة الأميركية، ونذكر هنا طرفاً من ذلك:

– صدر تقرير عن الأمم المتحدة في 14/2/2006م يدين الولايات المتحدة الأميركية بتحريف القانون الدولي وبتعذيب المعتقلين في غوانتانامو. وجاء في التقرير المؤلف من 38 صفحة: «على حكومة الولايات المتحدة أن تغلق منشآت الاحتجاز في خليج غوانتانامو دون إبطاء».

– شكل البرلمان الأوروبي في شهر كانون الثاني 2006م لجنة للبحث في التقارير التي ذكرت أن وكالة (C I A) نفذت عمليات خطف، ورحلات جوية سرية نقلت فيها سجناء إلى مراكز اعتقال تديرها بالخفاء في 25 دولة أوروبية. وسيطلب أعضاء اللجنة للتحقيق كلاً من رامسفيلد وزير الدفاع، وكونداليزا رايس وزير الخارجية، وسلفها كولين باول.

– في برلين حضت منظمة العفو الدولية (فرع ألمانيا) في 20/2/2006م على بذل الجهد دولياً من أجل إغلاق معتقل غوانتانامو، وهدم سجن «أبو غريب» العراقي، معتبرةً أن السجنين «أصبحا رمزاً للوحشية الأميركية».

– المحامي ألبرتو مورو عمل مستشاراً مدنياً في البحرية الأميركية (وزارة الدفاع) لأربع سنوات، كتب في تموز 2004م إلى وليام هاينـز كبير محامي وزارة الدفاع اعتراضاً جاء فيه: «حتى لو أراد الفرد السماح للجيش الأميركي باستجوابات تعتمد الإكراه، كما الحال في غوانتانامو، كيف يمكن لأحد تنفيذ المهمة من دون أن يتغير جوهر قيمه وشخصيته؟» وقال: «إن ذلك سياسة رسمية للمعاملة القاسية».

– مؤتمر الكنائس الأميركية المنعقد في بورتو أليغري في البرازيل، وجه رسالة في 19/2/2006م فيها انتقاد شديد لسياسة بوش وإدارته. وقد شارك في المؤتمر حوالى أربعة آلاف جاءوا من 110 دول للمجلس المسكوني الذي يضم 347 كنيسة من البروتستانت والأنغليكان والأرثوذوكس، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين عن النكائس الكاثوليكية. وقد وقّعت جميع الكنائس الأميركية المشاركة في المؤتمر. جاء في الرسالة: «صَمَّ قادتنا آذانهم ولم يسمعوا أصوات القادة الدينيين في البلاد وفي العالم، وانخرطوا في مشاريع استعمارية تهدف إلى الهيمنة والسيطرة خدمة لمصالحنا القومية الخاصة» وجاء فيها: «نشعر بألم خاص حيال الحرب على العراق التي شُنَّت خرقاً للمعايير العالمية للعدالة وحقوق الإنسان… إننا نبكي جميع الذين قُتلوا أو جُرحوا في هذه الحرب. نقرّ بكل خجل بأن تجاوزات قد ارتكبت باسمنا». وانتقدت الرسالة أيضاً الإدارة الأميركية على تصرفها حيال الدفاع عن البيئة، ولا سيما ارتفاع درجة حرارة الأرض. وقالت بأن الولايات المتحدة أخفقت في معالجة العنصرية في الداخل، وهي تلوّث سياستنا حول العالم.

الكنائس المعمدانية في جنوب الولايات المتحدة لم تشارك في المؤتمر، وهذه الكنائس هي الأكثر قرباً من إدارة بوش.

l منذ البداية يعرف متابعو الأخبار أن أميركا ذهبت إلى العراق من أجل السيطرة عليه، وبالتالي على الخليج كله، ليصبح نفط العراق تحت تصرفها، فتتخذ منه أداة للضغط على دول أوروبا وجميع الدول التي تعتمد على نفط هذه المنطقة. وهذا ما جعل دول العالم تعارض حرب أميركا على العراق. غالبية هذه الدول لم تعارض لأن هذه الحرب تخالف القانون الدولي، أو لأنها عدوان غير خلقي وغير إنساني، أو لأنها تحب الحق وتكره الظلم. إنها رأت أن سكّين أميركا سينتقل من حَلْقِ العراق إلى حلوقها. ولذلك سعت ومازالت تسعى لإفشال أميركا. حينما فشلت بريطانيا في إقناع أميركا قررت أن تشارك كي تأخذ نصيباً من الكعكة. أما غالبية الدول الأخرى وعلى رأسها فرنسا وألمانيا فإنها وقفت ضد أميركا بعناد. وهذا الوقوف ساعد المقاومة العراقية (الجيش العراقي الذي حلّه بريمر) معنوياً وإعلامياً إلى حد كبير.

l لقد فقدت أميركا الآن النسبة الكبرى من نفوذها في دول الخليج، أي أن مساعيها أعطتها عكس ما كانت تؤمّل. نعم أميركا لها قواعد عسكرية في الخليج، وعقدت اتفاقيات عسكرية هناك، ولكن سياستها أرعبت دول الخليج. ذلك أن أميركا سلّمت السلطة في العراق لرجال إيران، ودخلت إيران نفسها إلى العراق. وصرح سعود الفيصل غير مرة أن سياسة أميركا هي التي جلبت إيران إلى العراق. ودول التعاون الخليجي كلها تخشى إيران، فكيف إذا صارت إيران تسيطر على العراق. وقد تنادت دول مجلس التعاون الخليجي إلى مؤتمر في أبو ظبي، وبحثوا في الخطر الإيراني الداهم المسكوت عنه من أميركا. ثم أعلنت (السعودية) عن شراء صفقة سلاح من بريطانيا (وليس من أميركا) بسبعين مليار دولار. ثم قام الملك عبد الله بزيارة للصين والهند والباكستان وماليزيا وعقد صفقات نفطية وتجارية. والهمّ الكبير الذي يشغله هو خوفه على المنطقة الشرقية الواقعة على حدود العراق، والتي غالبية سكانها شيعة، والتي يوجد فيها البترول، وبخاصة وهو يرى كيف يمكن أن يتحرك الشيعة هنا ليطالبوا بحكم ذاتي كما فعل أكراد شمال العراق. ولا تختلف مشاعر بقية حكام الخليج كثيراً عن مشاعر الملك عبد الله. وكلنا يتذكر ما نشرته جريدة «الديلي ميرور» عما كان يهمّ به بوش من قصف فضائية «الجزيرة» في قطر لولا أن بلير أقنعه بخطأ ذلك. وليس ملك الأردن ببعيد عن هواجس حكام الخليج بترداده خطر الهلال الشيعي من إيران إلى لبنان.

l وكذلك فقدت أميركا النسبة الكبرى من نفوذها في سوريا ولبنان. سوريا مكثت في لبنان قرابة ثلاثين سنة بموافقة أميركا والتنسيق معها. والتجديد للرئيس لحود كان بحسب رغبة أميركا. وإخراج سوريا من لبنان في أواخر نيسان 2005م كان بطلب من أميركا إرضاءً لفرنسا. أي أن القرار 1559 كان سياسة فرنسية أوروبية، واضطرت أميركا للموافقة عليه في محاولة لمصالحة فرنسا، لأن المأزق الأميركي في العراق أجبر أميركا على تقديم تنازلات لفرنسا. وجماعة 14 آذار يسيرون الآن في ركاب فرنسا، ونقطة الضعف عند أميركا هنا أنها تعلن مواقف عكس حقيقة سياستها، هي تعلن أنها ضد لحود وضد النظام السوري، وأنها مع 14 آذار. وهذا يجعل نفوذها يتزعزع في لبنان وسوريا.

وهذا يعني أن أميركا تفقد نفوذها في دول الخليج، وفي الأردن، وفي سوريا ولبنان. وهذا ليس مأزقاً فقط، إنه هزائم أميركية.

l نفوذ أميركا ليس يتزعزع فقط في الشرق الأوسط، بل إن نفوذها يتساقط في حديقتها الخلفية، أي في أميركا الجنوبية نفسها. كانت كوبا خارجة عن نفوذ أميركا، ثم تبعتها فنـزويلا والبرازيل وبوليفيا وتشيلي.

وكذلك نفوذ أميركا يتساقط في آسيا الوسطى. كانت أوزبيكستان معها، وكان لها فيها قواعد استخدمتها في حربها ضد أفغانستان، ولكنها خسرت نفوذها هناك وطُردت من البلد. وحاولت أخذ قرغيزستان بعد أن كان لها فيها نفوذ قوي ولكنها أخفقت. وتم إخراجها من طاجيكستان بعد أن استخدمت أرضها في حربها على أفغانستان. وكانت أميركا طبّلت وزمّرت عند انتقال الحكم في أوكرانيا إلى عميلها يوشنكا، ولكن عميلها لم يستطع تثبيت حكمه.

l الأمر الأهم من ذلك كله هو الفشل الذريع لأميركا في العراق. سبق أن قلنا بأن مسار الأحداث في العراق تغيّر منذ الفلوجة (نيسان 2004م). والآن زادت الضغوط داخل أميركا على بوش من أجل سحب أبنائهم من العراق. فاستمرارهم هناك هو استنـزاف لهم (بين قتلى وجرحى ومرضى نفسياً)،وهو استنـزاف لأموال أميركا (بعض الذين يحسبون قدروا الخسائر المالية بأكثر من 2 تريليون دولار)، وهو استنـزاف لصدقية أميركا وقيمتها، وهو استنـزاف لهيبتها ولأمن أبنائها ومصالحها في العالم، وهو يولد لها الكراهية في أنحاء العالم، وقد رأينا ما قالته رسالة مؤتمر الكنائس الأميركية في البرازيل. هذه الضغوط جعلت بوش يقرر عملية الانسحاب التدريجي.وقد صدر كلام قبل فترة على أن ترسل سوريا خمسين ألف جندي كي تملأ الفراغ، ثم صارت أميركا تبحث مع مصر وتونس والجزائر والمغرب في إرسال قوات منها لسد الفراغ. وسمعنا السيد مقتدى الصدر يرفض بشدة دخول قوات من هذه البلاد.

إن بوش يبدو مضطراً لسحب عدد كبير من قواته قبل موعد الانتخابات النصفية في أميركا في تشرين من هذه السنة؛ لأنه يخشى إن لم يفعل أن يخسر أكثر في الكونغرس وحكام الولايات. وهو في ضيق لأن الوقت يداهمه.

l إن بوش وإدارته الآن على أحر من الجمر من أجل حفظ ماء وجوههم. ويراودهم الأمل بأخذ أكثر من حفظ ماء الوجه. هم ينتظرون تشكيل الحكومة العراقية وانتخاب رئيس جمهورية، ويعتبرون أن هذه الحكومة وهذا الرئيس يملكون الشرعية. وسيطلبون من هذا النظام العراقي الجديد أن يعقد مع أميركا اتفاقيات عسكرية تمنحها حق إنشاء قواعد عسكرية، واتفاقيات نفطية، واتفاقيات اقتصادية وتجارية، واتفاقيات سياسية، واتفاقيات أمنية تستطيع بواسطتها أن تتدخل في الشؤون الداخلية إذا لزمها الأمر. فهل سيعطيها النظام الجديد ما تطلبه؟ إذا حصل هذا فإن النظام يكون قد سلّم البلد لأميركا، ويكون قد أنقذ أميركا من فشلها وهزائمها، ويكون قد خان الأمة وخان الأمانة واستحق لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

إن أميركا وحلفاءها هم عدو محتل، وتريد أميركا أن تحوّل وجودها إلى وجود شرعي في بلادنا. سفيرها يقول: لا نريد أن نبقى طويلاً، نريد وجوداً موقتاً. وهذا خداع، فالإنجليز قالوا للدولة العثمانية: نريد قاعدة موقتة في قبرص. وها هي هذه القاعدة مازالت موجودة إلى الآن. وأية قاعدة لأميركا في العراق هي خنجر مسموم في صدر العراق وصدرالمنطقة كلها، وبخاصة في صدر إيران. وعلى إيران أن لا تسمح للنظام العراقي أن يخضع لضغوط أميركا كي تخرج فاشلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *