العدد 230 -

السنة العشرون ربيع الأول 1427هـ – نيسان 2006م

دروس من أريحا

دروس من أريحا

l أريحا أولاً: شعار طرحه المتفاوضون العرب في مدريد وأوسلو، فكانت أريحا أول بقعة تنسحب منها القوات العسكرية اليهودية، وتسلّمها للسلطة الفلسطينية أيام أبو عمار، وقيل في حينها إنها أصبحت تحت (السيادة) الفلسطينية، وقيل إنها (تحررت) أو إنها (أرض محررة) تماماً كما قيل عن غزة حينما سحبت (إسرائيل) قطعان مستوطنيها منها ودمرت المستعمرات، وفرح أهل غزة واحتفلوا بـ«استقلال غزة»، و«تحرير غزة». حصل ذلك من طرف واحد، ودون اتفاقات، ودون تواقيع، ودون شهادة الراعي الأكبر بوش وأممه المتحدة.

l أما أريحا فقد «تحررت» باتفاقيات، وتواقيع، واحتفالات دولية، مع شهود دوليين، وحضور الأمم المتحدة، وبوش، وبعض الملوك والرؤساء العرب، إلا أن كل هذه الوجوه، والشخصيات، والتوقيعات، والمفاوضات، والاستعراضات التلفزيونية، لم تحمِ سجيناً في أريحا من غزو الدبابات، وتحطيم الجرافات، وتجريد الشرطة الرسمية من ملابسها في شكل مذل أمام الكاميرات التي عرضت الصورة فضائياً، وشاهدها كل من تمكن من المشاهدة في الكرة الأرضية.

l قالوا إن الأميركان تواطأوا مع تابعهم البريطاني، لكن السؤال الذي يصمّ الآذان هو أين السلطة «الوطنية» الفلسطينية؟ وهل هي مجموعة من الكشافة، أم مجموعة سياحية، أم جمعية دفن موتى لكي تقف عاجزة تمام العجز لمدة يوم كامل والدبابات تقصف والجرافات تجرف، والجيش (الإسرائيلي) يطوق ويعتقل أبناء السلطة ويجردهم من شرفهم العسكري (ملابس وشعار وسلاح وغطاء رأس) ثم يشحنهم في شاحنات إلى المعتقلات بالجملة؟!

l إنها سلطة شهود الزور على احتلال 88% من فلسطين التاريخية، مع ما يرافق الاحتلال من قضم للأراضي، واغتيالات، واجتياحات، وترويع للناس، وتجريف للمزارع، وتقطيع للأوصال، واعتقالات لآلاف الأسرى، والقنص بطائرات المروحية، وكأنها بذلك تقول لأهل فلسطين: ناموا ولا تستيقظوا ريثما تنتهي (إسرائيل) من ترتيب الأوضاع الفلسطينية، ولا تقاوموها حتى لا تُلغى السلطة الهزيلة.

l إن أفضل تعليق صدر بعد حادثة سجن أريحا هو مطالبة بعض الزعماء من فلسطين للسطلة بأن تحلّ نفسها، وقد يكون ذلك أهم ردّ على العدو لأنه يستعملها قفازات لجرائمه!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *