العدد 83 -

السنة السابعة شوال 1414هـ, اذار 1994م

حفظ اللغة

في 23/02/1994 وافق مجلس الوزراء الفرنسي على مشروع قانون (حماية اللغة الفرنسية) الذي كان قد اقترحه وزير الثقافة واللغة (Jacqes Toubon). وكان هذا الوزير قد استنكر وبقوة «دخول الثقافة الأنجلو أميركية التي تستخدم اللغة الإنجليزية لذلك على طريقة حصان طروادة». وهذا القانون سوف يحظر استخدام أية لغة غير الفرنسية في فرنسا من قبل الهيئات الحكومية وفي وسائل الإعلام جميعها، وحتى المصانع ستضطر إلى ترجمة كل كلمة غير فرنسية.

وبعد موافقة الحكومة فلم يبق شك بأن البرلمان سيوافق عليه وستُفْرَض الغرامات على المحالفين. وإن تكررت المخالفة، وخاصة بغرض الاستهزاء، فيستحق المجرم… السجن.

هناك ثلاثة نقاط أريد أن أعلق عليها:

أولاً: أنه لمن الواضح لكل ذي عينين أن الحريات التي تتغنّى بها فرنسا وغيرها من دول الغرب ما هي إلا رماد يحثونه في عيون السذج من الناس.

ثانياً: أن النعرة القومية القبلية متأصلة لدى الأوروبيين، ولم ولن تطفأ جذوتها أبداً، وأن الوحدة التي يسعون لعقدها ويجعلون الرابطة المصلحية أساسها لن تتم أبداً لأنه من المعروف أن الرابطة المصلحية هي رابطة مؤقتة لأنها عرضة للمساومة على مصالح أكبر منها، فحين تنتهي المصلحة أو تتغير تنتهي هذه الرابطة وتنتهي معها الوحدة، فالمبدأ الرأسمالي الديمقراطي الذي يعتنقه الغرب لا يستطيع ولا بحال من الأحوال أن يطمس القومية في نفوس الأوروبيين ذلك المظهر من مظاهر غريزة البقاء (ونحن نرى كيف حين انتهت الاشتراكية ظهرت القوميات من جديد وتسببت بالحروب كما تسببت بها في السابق). وواضح أن أميركا في ضربها لهذه الوحدة تستغل هذه النعرات القومية وتغذي الأحزاب الداعية لها.

ثالثاً: إذا كان هناك أمة يجب أن تُعنى بلغتها فتلك هي الأمة الإسلامية لأن لغة الأمة الإسلامية هي لغة القرآن، الله التي اختارها رب العالمين ليحقق بها معجزته الأخيرة التي نزّلها على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله. ويجب علينا أن نفهم بأن المسلمين الأوائل حين كانوا ينشرون الإسلام كان ينشرون معه لغته، فكانوا يعلّمون الناس الإسلام واللغة العربية. إن الاجتهاد لفهم الإسلام لا يتأتى بغير اللغة العربية، لأن فهم الإسلام هو فهم أحكامه وأحكام الإسلام تؤخذ من القرآن ومن السنة، وكلاهما جاء باللغة العربية فاستنباط الأحكام للمشاكل المتجددة يقتضي فهم اللغة العربية.

فَلْتُوجه الطاقات لدراسة اللغة العربية والاعتناء الشديد بها، ولْتُرَدَّ دعوات الجاهلية التي تدعو لتدوين ودراسة اللهجات العامية السائدة، وَلْيعلم الناسُ أن هذه الدعوات إنما غرضها طمس اللغة العربية: لغة القرآن

أحمد هند ـ إيطاليا 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *