مجزرة الحرم الإبراهيمي
1994/03/06م
المقالات
2,141 زيارة
{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}
إن المذبحة الوحشية الرهيبة التي نفذتها عصابة مجرمة من المستوطنين اليهود فجر الجمعة في الحرم الإبراهيمي في الخليل ضد المصلين وهم في السجود قد تمت بتواطؤ بين عصابات المستوطنين وقوى الجيش اليهودي. وقد أثارت هذه المذبحة الرهيبة سخط العالم أجمع واستنكاره لفظاعة وحشيتها، ولطريقة تنفيذها، ولعظم ما أوقعته من القتلى والجرحى في صفوف المصلين.
وهذه الجريمة النكراء تتحمل مسؤوليتها حكومة الكيان اليهودي وجيشها، لأنها هي التي أقامت هذه المستوطنات، وهي التي سلحتها، وتقوم على حمايتها وهي التي سهلت لعصابات المستوطنين القيام بجرائمهم الوحشية ضد أهل فلسطين، وهي التي استخدمت الجيش اليهودي للقيام بالمذابح اليومية ضد أهل فلسطين.
والقصد من إيقاع هذه المذبحة الوحشية الرهيبة هو إرعاب أهل فلسطين لدفعهم إلى ترك بيوتهم وأرضهم، والهروب منها، وتركها لليهود.
وهذه المذبحة ليست هي المذبحة الأولى التي قام بها اليهود ضد أهل فلسطين، وإن كانت هذه المذبحة من اشد المذابح وحشية، وأكثرها فظاعة، وقد سبقتها عدة مذابح وحشية، كمذبحة دير ياسين، ومذبحة كفر قاسم، ومذبحة قبية، ومذبحة السموع وغيرها من المذابح التي كان يقوم بها اليهود المجرمون قصد قتل أهل فلسطين، وإرغامهم على الهروب من فلسطين، وتركها لليهود.
ولا غرابة أن تحصل هذه المذبحة الوحشية الرهيبة وما سبقها من مذابح من اليهود، فهم أشد الناس عداوة للمؤمنين كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ} وهم يحملون قلوباً قاسية كالحجارة أو أشد قسوة كما جاء في مخاطبة الله لهم في قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} ولهذا فإنهم إن تحكَموا طغوْا وتجبروا، وصبوا حقدهم ونقمتهم ولؤمهم على من يتحكمون فيهم فيكثرون فيهم القتل والفساد ويتعالون عليهم. وهم أهل كفر واعتداء، وقد ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة لكفرهم وقتلهم الأنبياء حيث قال تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأََنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}وهم قد ناصبوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام أشد العداء، وتآمروا عليهم، وكادوا لهم، وكان الرسول يصفهم بأنهم أهل غدر وخديعة، وأنهم قومٌ بُهْت لا يخجلون من الكذب بوقاحة، وقد نقضوا جميع عهودهم معه مما اضطره إلى محاربتهم واستئصال شأفتهم، وهدم كياناتهم، وإجلائهم. وهذا ما يجب أن يفعله المسلمون معهم اليوم استجابة لقوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ}.
أيها المسلمون
إن جريمة مذبحة الحرم الإبراهيمي الوحشية في الخليل لا تقع مسئوليتها على اليهود وحدهم، بل تقع كذلك على ياسر عرفات ومنظمة التحرير لقبولهم بالمفاوضات ونبذهم للعمل العسكري، هذا فضلاً عن عقدهم اتفاقية غزة وأريحا الخيانية مع الكيان اليهودي، وقبولهم ببقاء المستوطنات والمستوطنين وتأخير بحثهما إلى مفاوضات الحل النهائي، وقبولهم أن تكون المستوطنات أرضاً متنازعاً عليها تخضع للمساومات والمفاوضات. كما تقع مسئولية هذه الجريمة على جميع الحكام الذين تحلوْا عن الحل العسكري والذين باركوا اتفاقية غزة وأريحا أو سمسروا لها، على الذين يفاوضون لعقد اتفاقيات صلح وسلام مع الكيان اليهودي، ولذلك فإن وزر هذه المذبحة ومسئوليتها كما تقع على اليهود فإنه يقع على حكام البلاد الإسلامية، وعلى رأسهم حكام البلاد العربية، وعلى ياسر عرفات ومنظمة التحرير، لأنهم بنبذهم الحل العسكري وقبولهم بالمفاوضات مع اليهود أتاحوا لعصابات اليهود، وللجيش اليهودي أن يقوموا بالمذابح المتلاحقة ضد أهل فلسطين، وضد جنوب لبنان.
وأنتم أيها المسلمون إن سكتم على مذبحة الحرم الإبراهيمي الوحشية، وعلى المذابح المتلاحقة التي يقوم بها الجيش اليهودي يومياً ضد أهل فلسطين وضد الجنوب اللبناني، وسكتم على بقاء المستوطنات، وبقاء الكيان اليهودي، وسكتم على بقاء المفاوضات جارية بين منظمة التحرير ودول الطوق مع كيان اليهود للصلح معه تكونوا شركاء لمنظمة التحرير ولحكام البلاد الإسلامية، وعلى رأسهم حكام البلاد العربية في إثم الجريمة ومسئوليتها، واستنكاركم لهذه المذابح ولهذه المفاوضات لا يكفي، ولا يسقط الإثم، بل يجب عليكم أن تعملوا على إزالة هذه الأنظمة وهؤلاء الحكام العملاء والخونة للأمة، وعلى إقامة الخلافة الإسلامية لتعلن الجهاد على الكيان اليهودي للقضاء عليه واستئصال شأفته. والأمة الإسلامية غنية بالمال وبالرجال، وعندها المقدرة لإزالة الكيان اليهودي من جذوره، كما أزال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابُه الكرام كياناتِ اليهود نهائياً من جزيرة العرب، مع أن اليهود كانوا أقوياء وكانوا يعتزون بقوتهم، ويظنون أنه لا يمكن لأحد لأن يقهرهم، لما كانوا يتمتعون به من القوة، كما أن المسلمين لم يكونوا يظنون أنهم قادرون على إخراج اليهود، كحالة اليوم بالنسبة لكيان اليهود واعتزازه بقدرته العسكرية، وقوته التي لا تقهر لضخامة ترسانته العسكرية وأسلحته المتطورة، ولدعم أميركا ودول الغرب له، ولخنوع واستسلام حكام المسلمين بل لتواطئهم وخيانتهم، وعلى رأسهم حكام البلاد العربية، لإرادة أميركا ودول الغرب وإدارة اليهود. لكن الله خيب ظنهم، وأتاهم من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب، مما مكن الرسول والمسلمين معه من القضاء على كياناتهم كما جاء في سورة الحشر حيث قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}.
فاعتبروا بذلك أيها المسلمون. وهذا ما سيحصل بإذن الله مع الكيان اليهودي اليوم.
أيها المسلمون
إن هذه الغطرسة من اليهود والتجرؤ على المسلمين لم يكن ليحصل لولا تخاذل هؤلاء الحكام العملاء واستخذائهم لأميركا ولدول الغرب ولليهود، وقد كانوا الأداة بيد أميركا والدول الغربية لإقامة الكيان اليهودي، ووصوله إلى ما وصل إليه حتى استهتر بالمسلمين هذا الاستهتار المزري والمذل. فهم السبب في إذلال المسلمين، وتركيز الكيان اليهودي، وتقوية نفوذ أميركا على الدول الغربية في بلاد المسلمين.
والحكم الشرعي يوجب عليكم عدم السكوت عليهم، كما يوجب عليكم إزالتهم، وإقامة الدولة الإسلامية، دولة الخلافة، لتباشر بتطبيق أحكام الإسلام، وتعلن الجهاد على الكيان اليهودي لتستأصله من جذوره، وتخلص المسلمين والعالم من شروره وآثامه، وتنقذ البلاد الإسلامية من نفوذ الدول الكافرة وتحمل الإسلام رسالة هدى ونور إلى العالم أجمع.
16 من رمضان المبارك 1414هـ.
26 من شباط 1944 م
1994-03-06