العدد 299 -

العدد 299 – السنة السادسة والعشرون، ذو الحجة 1432هـ، الموافق تشرين الثاني 2011م

النظام السياسي الغربي تافه أخلاقياً ولا يقدس إلا مصالحه

النظام السياسي الغربي تافه أخلاقياً ولا يقدس إلا مصالحه

 

انهالت التهنئة على الشعب الليبي من أركان النظام السياسي الدولي بمناسبة هلاك العقيد القذافي، حيث رحب برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا باغتيال القذافي، معتبراً أن العمل العسكري في ليبيا قد انتهى، متغافلاً عن كونه صديق القذافي الأول في أوروبا. وما زال العالم شاهداً على تقبيل برلسكوني ليد القذافي أمام الملأ وعلى شاشات التلفاز كتعبير له عن امتنانه للقذافي أثناء زيارة الأخير لإيطاليا. في الوقت ذاته عبر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن بهجته بالحدث متناسياً فتح إدارته الأبواب مشرعة أمام أركان نظام القذافي وأبنائه في واشنطن، فضلاً عن عقدها عددًا من الصفقات الأمنية معه.

أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فكان الأكثر بجاحة حيث تفاخر بالدور البريطاني في مساعدة الليبيين، متجاوزاً الحلف الاستراتيجي الذي عقدته بريطانيا مع العقيد القذافي لحماية نظامه من أي تهديد خارجي عام 2005م، ناهيك عن كونها هي الداعم الأساسي لنظامه طوال أربعة عقود، وصاحبة الفضل بإعادة تأهيل نظام القذافي ودمجه في المجتمع الدولي. أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فقد اقتصرت وقاحته على ضرورة طي صفحة القذافي والتطلع إلى مستقبل العلاقات مع ليبيا حيث دعا وزير دفاعه إلى اعتبار فرنسا شريكاً أساسياً في عملية التغيير المنجزة وبأن الليبيين مدينون لفرنسا.

ما سبق ذكره حقائق يجب تنبيه أهل ليبيا لها حتى لا ينساقوا وراء من يتشدق بفضل قوى الغرب عليهم. فالغرب هو من أيد هؤلاء الطغاة بل هو من صنعهم أصلاً وجاء بهم ليتحكموا في رقاب الأمة، وهذا هو عين ما عنته وزيرة خارجية أمريكا السابقة كوندوليزا رايس بقولها «إن بلادي، الولايات المتحدة، انتهجت منذ 60 سنة سياسة الاستقرار (تأييد الحكام المستبدين) على حساب الديمقراطية في المنطقة، ولكننا لم نحقق أياً منهما”.

إن تغير موقف الغرب من القذافي كان نتيجة طبيعية لحرصه على مصالحه وليس على أرواح أهل ليبيا، بخاصة أنه أدرك بأن الثورة التي اجتاحت ليبيا ستؤدي إلى حدوث اضطرابات واسعة تجعل من هذا البلد القريب من أوروبا مركز تهديد لهجرة أفريقية واسعة لدول الشمال، إضافة لتوقف إمدادات النفط الهامة من ليبيا لأوروبا، ولاحتواء أي احتمال لمجيء نظام إسلامي يهدد مصالح الغرب، سيما أن التوجه الإسلامي بارز للعيان لدى الغالبية الساحقة للثائرين ضد القذافي، ما أجبر الغرب إلى رفع مظلة الحماية التي منحها القذافي وإلى رعاية عملية التغيير كي يحتوي تداعياتها.

وبالتالي فإن القول إن ثمة جانباً أخلاقياً في سياسات القوى الكبرى، وبأن الغرب ليس شراً مطلقاً كما يحاول أن يسوق البعض هو تصور مغلوط ومضلل، والقضية ببساطة وبشكل واضح لا لبس فيه هي أن الغرب يعتنق مبدأ يؤمن بالمصلحة المطلقة، وهو لا يقدس شيئاً سوى مصالحه، نعم مصالحه هو فقط!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *