نداء إلى ثوار ليبيا المجاهدين
2011/10/05م
المقالات
1,641 زيارة
نداء إلى ثوار ليبيا المجاهدين
محمد حمد جاسم الجبوري – العراق
إن الثورات العربية المعاصرة، التي قدحت في بداية الأمر في تونس وامتدت إلى مصر واليمن وليبيا وسورية، ما زالت مشتعلة ولن تنطفئ إن شاء الله إلا على حرق المبدأ الرأسمالي الذي طبقه علينا الغرب قسراً بنواطيره وحكامه (الملك الجبري) والذي يحكمنا بحضارته العلمانية الرأسمالية الهابطة، والتي أدت وتؤدي إلى كوارث ودمار ونهب خيرات الشعوب وإبقاء الهيمنة الغربية جاثمة على صدر الأمة وإبعاد الإسلام عن الحكم ونظامه نظام الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
إن استغلال ثورة ليبيا ما هو إلا شكل من أشكال الاستغلال وركوب الموجة بشكل علني كي يسقط الغرب والحكام العملاء له استمرار هذه الثورات في بقية منطقتنا، وهو أسلوب من أساليب طعن الثورات والالتفاف عليها، وهو أمر يستدعي الوقوف عليه وتأمله لأخذ العبرة والعظة منه، وعدم الوقوع في فخاخه وخططه وأساليبه ووسائله، ومنها السيطرة الإعلامية المهولة له في إدارة دفة الثورات وسياق أهدافها لمصلحته، والعمل على عدم ظهور فكر إسلامي يقود ولو قسماً منها؛ خوفاً من أن تمتد النار إلى مبادئه ونظامه وحكامه العملاء القائمين حراساً عليها، ولكي لا تتحرر الأمة وتستأنف نظام الخلافة على منهاج النبوة مرة أخرى لقيادة الأمة نحو تطبيق الإسلام تطبيقاً جذرياً شاملاً في العصر الراهن، بعدما ألغاها على يد ربيب اليهود (أتاتورك) عام 1924م ووضع النظام الرأسمالي موضع التطبيق بدلاً من أحكام الإسلام ونظام الخلافة، وبعد ما قسم المنطقة إلى أكثر من خمسين بلداً ووضع الحواجز فيما بينها ووضع حكاماً يسوسون الأمة بشتى أنظمة الكفر لمصلحته مستبدلاً نظامه الساقط الذي لا يعرف قيمة خلقية ولا روحية ولا إنسانية بجوهرة الإسلام.
لقد جعل الغرب الأمة الإسلامية ممزقة وفرض عليها التحاكم لنظامه العلماني الذي يقوم على مقياس المنفعة فحسب، والحياة عندها ملعب سباق وتنافس وتقاتل وتصارع في سبيل الحصول على هذه المنفعة التي لا تعرف التراحم فيما بين الناس، فلو كانت الثورة إسلامية إيمانية لما وقعت مرة أخرى في أحضان الغرب. إن إدراك الثوار أن خلاصهم ليس بتبديل أشخاص أو بعض بنود الدستور أو القانون، وإنما يكون بتبديل النظام الرأسمالي المطبق عليهم بنظام إسلامي، عندها فقط يكون مسار الثورة قد توجه نحو الخلاص الفعلي من براثن الغرب وحكامه العملاء أمثال زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلي صالح وبشار الأسد… وإلا فإنهم سيلحقون بهم بإذن الله قريباً عندما ستتحرك الأمة للخلاص منهم ومن نظامهم العفن ودساتيرهم العلمانية كما تخلصت من سابقيهم وبالتالي الرجوع إلى الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية ونظام حكم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
من هنا نوجه نداء حاراً إلى إخواننا الثوار أن يتحرروا من كل خائن عميل يتعامل مع دول الكفر بريطانيا وأميركا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من دول الغرب الكافر، وأن يشدوا أزر بعضهم ويتعاونوا مع كل من يعمل لقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ويتخلصوا من كل قذافي جديد بلباس آخر وثوب آخر وأسلوب آخر؛ إذ الإسلام علمنا أن الاستعانة بالغرب الكافر في عملية التغيير حرام ولا يجوز شرعاً فهو قد حرم الولاء للكفار ولا يجوز طلب المساعدة منهم لأنها مشروطة بشروطهم التي تعيد الاستعمار مرة أخرى إلى أرض المسلمين.
فعلى الثوار الانتباه ومراقبة المجلس الوطني الانتقالي الذي يقود الثورة؛ فإنه مليء بالأخطار القاتلة وسادر بالعمالة من قمة رأسه إلى أخمص قدميه. فإن الاعترافات الدولية لم تكن لتؤيده لولا أنه يسير على نهج من سبقوه، ولولا أنه قبل بشروطهم وإرضاء أطماعهم الاستعمارية في كنوز الأمة الموجودة في ليبيا لما أيدوه أبداً. لقد أعلنوا شروطهم للمساعدة صراحة والمجلس الانتقالي أخفى موافقته على كل شروطهم نفاقاً. ولو قرأتم هذا الخبر لتيقن عندكم الأمر: بتاريخ 01/09/2011م ذكر موقع ميدل إيست أونلاين الإلكتروني: “أشارت صحيفة ليبراسيون الفرنسية أن فرنسا قد تكون أبرمت اتفاقاً مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي في بداية النزاع يمنحها 35% من النفط الليبي فيما قال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أن “لا علم له بذلك”.
وحصلت الصحيفة على رسالة تحمل تاريخ 3 نيسان/إبريل موجهة من المجلس الوطني الانتقالي إلى أمير قطر يقول فيها المجلس إنه وقع اتفاقاً يمنح 35% من إجمالي النفط الخام إلى الفرنسيين مقابل الدعم الكامل والدائم لمجلسنا. ورداً على سؤال من إذاعة أرتي الخميس قال وزير خارجية جوبيه: «لا علم لديه بمثل هذه الرسالة. معتبرًا في الوقت نفسه أنه من المنطقي أن تحظى الدول التي ساندت الثوار بامتيازات في عملية إعادة الإعمار وأضاف: “إن المجلس الوطني الانتقالي قال بشكل رسمي إنه سيعامل الذين ساندوه بأفضلية في إعادة الإعمار ما يبدو لي أمراً منطقياً عادلاً».
إن أي اعتماد على قدرات الدول الغربية هو هدر للثورة وضياع لحق الله والأمة، وهو طريق مسدود يؤدي إلى الهاوية بهؤلاء العملاء وإلى تجدد المآسي في بلاد المسلمين. إن هذا الغرب سيأخذ على عاتقه تصفية كل اتجاه نظيف شريف في الثورة والإبقاء على العملاء الخالصين لسياساته ليحافظ على مصالحه في ليبيا. هذا ما جرى من قبل ويجري الآن والشقي من لا يتعظ، فالغرب لا عهد له ولا ميثاق ولا شرف، هكذا كان وما يزال وسيبقى، فهو عدو الإسلام الأول، وهو الذي أبعده عن الحكم وما يزال وهذا ظاهر للعيان ولا يغفل عنه إلا كل أعمى لا يهتدي سبيلاً.
والتجربة التي شاهدناها في كل تصرفات الغرب الخبيثة أن الغرب لا يهدف إلا إلى تحقيق مصالحه قبل كل شيء، وهو يقبل بالقليل في بداية الأمر ليصبح كل شيء في يده في المستقبل؛ ولذلك فكل قليل أو كثير مضل ومضر بمصالح الأمة ومصالح ديننا الذي هو عصمة أمرنا في الدنيا والآخرة .
إن الغرب يمتلك شبكات تبني العملاء وتوصلهم إلى الحكم تحت أسماء وشعارات مختلفة ومتخفية. وسلوك هؤلاء ومفاهيمهم هي التي تقرر استقامتهم على الطريقة أو انحرافهم. والمسلمون عليهم أن يقيسوا هؤلاء ويزنوهم بمقياس وميزان الشرع. لا أن يؤخذوا بتصريحاتهم التمويهية ولا بطبعة الصلاة على جباههم فإن الله سبحانه لا يعبأ بمن لا تكون أعمالهم كلها منطلقة من الإيمان بالله ولا بمن لا تكون أعمالهم كلها خالصة لوجهه الكريم. فكل من لا يحمل الفكر الإسلامي النقي ويعمل وفق طريقة الرسول ﷺ لإقامة الخلافة الإسلامية لا يمكن الثقة به في قيادة الأمة ونهضتها من كبوتها وتحريرها من سيطرة الأخطبوط الغربي الجاثم على رقابها. والذي ينظر اليوم إلى ما يحدث في ليبيا من ارتماء كلي في أحضان الغرب يحق له أن يتنبأ أن الحكام الجدد لليبيا لن يكونوا أحسن سيرة من القذافي.
إن شباب حزب التحرير المجاهدين العاملين الصادقين لهم خبرتهم السياسية وتربيتهم الإسلامية الكبيرة في فهم الإسلام وطريقة إعادته إلى الحكم تماماً كما أقامه عمل الرسول الأعظم ﷺ وصحابته الأطهار وهؤلاء هم أحق بمد اليد إليهم وإعانتهم في عملهم الذي سيعيد للمسلمين سيرتهم الأولى: خلافة راشدة على منهاج النبوة.
إن الإسلام أمرنا أن نكفر بالطاغوت وأن لا نتبعه وأن لا نتعاون معه أو نشاركه في ثوراتنا. فثوراتنا هي ضد الطاغوت نفسه ومن تبعه من الحكام العملاء والخونة لله ولرسوله وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نكفر بالطاغوت في نص الكتاب العزيز، وأن ننصر الله ورسوله والمؤمنين.