العدد 294 -

العدد 294 – السنة الخامسة والعشرون، رجب 1432هـ، الموافق حزيران 2011م

الغرب يتخلى عن الأنظمة التقليدية في العالم العربي ويدفع باتجاه النموذج التركي

الغرب يتخلى عن الأنظمة التقليدية في العالم العربي ويدفع باتجاه النموذج التركي

صدر تقرير عن وكالة الصحافة الفرنسية في 28/3/2011م بعنوان «الغرب يتخلى عن الأنظمة التقليدية لصالح علاقات مع الشارع الإسلامي» وقد تحدث التقرير عن تقرب واشنطن من الإسلاميين، ذاكراً أنها دأبت على تشجيع مصر وغيرها على الاقتداء بالنموذج التركي الذي يحكم فيه «إسلاميون» يحتكمون للديموقراطية والانتخابات وتداول السلطة.»

وتعتبر هذه السياسة انتقالاً من ممارسات المرحلة الماضية القائمة على استراتيجية «الحرب على الإرهاب» إلى مرحلة جديدة تواكب الانتفاضات الجرارة في العالم العربي والتي يسعى الغرب إلى احتوائها وضمان عدم انفلات الأمور من بين يديه في هذه المنطقة الهامة ضمن استراتيجيته الجديدة في تشجيع التغيير الديمقراطي العلماني بغطاء إسلامي. ولتحقيق أجندته هذه لم يعد يأبه الغرب كثيراً لما يزعمه زعماء العرب من أن القاعدة هي البديل عنهم في حال سقوط حكوماتهم المتحالفة معه. ما يكشف أن الغرب كان يصدق هؤلاء فقط لأن ذلك كان يخدم مصالحه وينسجم مع أجندته حينها.

وكانت واشنطن وحلفاؤها قد دفعوا منذ عدة سنوات على تشجيع عدد من البلدان (مصر في مقدمتها ) للاقتداء بالنموذج التركي الذي يقر بالعلمانية والمبادئ الديموقراطية والانتخابات وتداول السلطة، فيما يسترضي الناس بشعارات إسلامية عامة تنفس عن مشاعرهم. وينسجم التقرير الفرنسي المذكور مع دراسات أخرى مماثلة على نحو ما نشره موقع «سويس إنفو» Swiss Info الرسمي السويسري قبل ذلك بعام من ملخص لدراسة أميركية بعنوان «دعم الديموقراطية ضرورة للمصالح الأمنية»، وضعها د. دانييال برومبيرغ، والبروفسور لاري دايموند، وفوكوياما صاحب «نهاية التاريخ». وقد صدرت الدراسة عن «معهد السلام» الرسمي الأميركي الذي أنشأه الكونغرس الأميركي عام 1984م لدراسة حل النزاعات، وله برامج تدريبية ونشاطات في ثلاثين دولة حول العالم.  والدراسة المذكورة للمعهد موجهة للرئيس الأميركي باراك أوباما والمؤسسة الحاكمة. وتعتبر تلك الدراسة:

  1. إن الأنظمة المتعاونة مع الولايات المتحدة في المنطقة العربية يجب أن تتم إعادة إنتاجها بصيغة ديموقراطية، لأن وضعها الحالي يجعلها فاقدة للمشروعية والتأييد الشعبي، مما يتركها ويترك المصالح الأميركية معها في حالة من عدم الاستقرار.

  2. إن المواطن العربي يربط بين السياسات القمعية لتلك الأنظمة وبين تحالفها مع الولايات المتحدة، مما يزيد منسوب العداء للولايات المتحدة في الشارع العربي، وبالتالي يجب أن تسعى الولايات المتحدة للضغط جدياً على الأنظمة الموالية لها للقيام بإصلاحات حقيقية باتجاه الليبرالية السياسية، ولانتقادها علناً عندما تنتهك حقوق الإنسان، ولاستخدام الدبلوماسية العامة والخاصة لفرض التحول الديموقراطي.

  3. إن معالجة ملف الصراع «العربي-الإسرائيلي» ضرورة لإزالة أحد أهم مصادر النقمة الشعبية العربية على الولايات المتحدة، وكأحد ذرائع الأنظمة لإعاقة «التحول الديموقراطي»، ويجب أن يتم العمل على تسوية هذا النزاع بالتوازي مع الضغط باتجاه فرض «التغيير الديموقراطي».

في هذا السياق تأتي الاجتماعات الثنائية بين بريطانيا وأميركا وتشكيلهما مجلساً أمنيا مشتركاً لمتابعة التطورات الأمنية في العالم للحفاظ على استقراره (كناية عن مصالحهم). وكذلك تأتي قمة الدول الثمانية الكبرى لتتعهد بدفع 40 مليار دولار لمصر وتونس لاحتوائهما من خلال تمويل إعادة صياغة الحياة السياسية فيهما بما يتناسب مع توجهات الغرب ومصالحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *