إن لم يكن هذا هو زمن الجهر بتطبيق الإسلام فمتى يكون إذا؟
2011/04/01م
المقالات
2,133 زيارة
إن لم يكن هذا هو زمن الجهر بتطبيق الإسلام فمتى يكون إذا؟
لقد أحدثت الثورات في العالم العربي هزة عنيفة على صعد مختلفة، إلا أن أهمها يتعلق بهوية الشعوب ودستور الدولة وشكل نظام الحكم الصحيح الذي ينبغي تطبيقه لتجنب الوقوع في المآسي السابقة التي شتتت شعوبنا وأذاقتها الويلات وحولتها إلى مجرد أداة في الصراعات الدولية ووضعت ثرواتها وقضاياها في يد أعدائها. ومع غياب رؤية واضحة وطريقة منظمة لعملية التغيير الجارية، والتي باتت تنطلق عدواها من قطر إسلامي إلى آخر، أصبحت الأمة بحاجة ماسة لمن يوجهها لكيفية قطف ثمار ثوراتها ويضع أمامها بشكل واضح كل ما يلزمها كي لا تستثمر جهودها من جديد في خدمة خصومها.
لهذا كان لزاماً على العاملين لنهضة الأمة، لا سيما أبناء الحركة الإسلامية – على تنوع مشاربها – الصدع بدعوتهم والتصدي لهذه القضية المصيرية على خلاف ما يروج له بعض المحسوبين عليها ممن نكصوا عن الدعوة إلى تحكيم الإسلام وأسقطوا من حساباتهم ما يفرضه من منهج حياة للأمة، وأخذوا يهاجمون من يدعو إلى ذلك، فيما يصمتون عن الدعوات التغريبية المحمومة، بل ويعلنون استعدادهم للعمل جنباً إلى جنب مع العلمانيين الذي يهاجمون الإسلام كنظام حياة ويعتبرونه دعوة للتخلف وردة إلى الوراء.
يتوهم هؤلاء الناكصون أن الدعوة للتغيير الجذري على أساس الإسلام يفقد عملية التغيير دعم الشعوب التي نسعى لتحريكها ضد الحكام الطغاة. وهذا القول خطأ فاضح وذريعة فاسدة مردودة على قائلها. فالأمة في مجموعها قد أسقطت التصورات المناقضة للإسلام من رأسمالية واشتراكية وقومية منذ أمد، وبات توجه الناس نحو الإسلام ملحوظاً في الشارع وبادياً للعيان في كل مكان. وكثير مما وقع في العالم الإسلامي خلال العقدين الأخيرين يجزم بذلك، إضافة إلى الإحصاءات التي قامت بها مراكز بحث غربية والتي أكدت هذه الحقيقة وبينت بأن أكثر المسلمين يريدون تطبيق الشريعة بل ويريدون عودة نظام الخلافة.
ويضيف هؤلاء بأن الدعوة إلى الإسلام تفقدنا دعم الأقليات غير المسلمة في بلادنا. وكأن وجود تلك الأقليات بين ظهراني المسلمين طرأت حديثاً، متغافلين بأن تاريخ الإسلام ناصع البياض في حمايتهم واحتضانهم، ما جعل هذه الأقليات تؤثر البقاء في كنف ديار الإسلام على الهجرة إلى بلدان تسودها أديانهم ومعتقداتهم. كما يجب التنبه إلى أن القبول بهذا الادعاء أو تبريره أو البناء عليه ينساق مع الدعاية التي تروج عالمياً للحجر على نظام الحكم الإسلامي بحجة حقوق الأقليات تارة وبذريعة التطرف والإرهاب تارة أخرى.
ويزيد هؤلاء إن الدعوة إلى التغيير على أساس الإسلام يفقدنا دعم الإعلام (العلماني في مجمله) ودعم الغرب السياسي. وهذه سبة في جبين من يقول بها، فمتى كان النظام السياسي الغربي يعنى بمصالح الشعوب الإسلامية ورغباتها؟ أليس هذا الغرب بمؤسساته ووسائل إعلامه هو الذي مكن حكام المسلمين الطغاة الفاسدين من رقاب الأمة بل ودعمهم سياسياً وعسكرياً منذ فرضهم بالقوة على الأمة بعد احتلالها وهدم دولة الخلافة. وكيف يتأتى لمن يريد تغيير بيادق اللعبة الاستعانة بأسيادها، الذين لن يأبهوا إلا بتحقيق مصالحهم أولاً وأخيراً. بل وكيف نريد التحرر ممن يستعبد الأمة محلياً بمن يفرض عليها الخضوع والتبعية والاستعباد عالمياً!؟ ومن ثم أنّى لمن يدعي أنه حامل دعوة ويؤمن بأن الله تعالى هو الخالق المدبر الحاكم في هذا الكون، ويقرأ قوله سبحانه (ولا تركنوا إلى الذي ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) (هود الآية 113) وقوله ( أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه) (الزمر الآية 36) أنى لهذا أن يركن إلى كافر مستعمر عدو غاصب طامع في ديننا وبلادنا، فيخافه ويمالئه، بل أدهى من ذلك يستعين به ويستنجده، وينتظر خلاصه على يديه؟
هذه حجج ندونها لأولئك الغافلين، عسى أن يرجعوا إلى جادة الصواب، فليس هناك من خيار أمام حملة الدعوة بعد أن أصبحوا قادرين على الإفصاح عن مكنونات نفوسهم والجهر عالياً برغباتهم وأهدافهم دونما قهر أو وجل، إلاّ أن يجهروا بأن الإسلام بشريعته ونظام حكمه المستمد من كتاب الله وسنة رسوله هو المنهج الصالح المصلح لحياة الأمة وكل من يريد العيش تحت ربوعها.
2011-04-01