من تكون زينو باران؟ وما سبب افتراءاتها على حزب التحرير، ومناصرتها لنظام كريموف؟
2006/07/31م
المقالات
2,241 زيارة
من تكون زينو باران؟
وما سبب افتراءاتها على حزب التحرير، ومناصرتها لنظام كريموف؟
كتبت زينو باران بحقد كبير على حزب التحرير وحرضت ومازالت تحرض الحكومات على ضربه، وقد لفت نظرنا عداؤها الشديد لهذا الحزب ومناصرتها للأنظمة القمعية التي تعاديه… إلى أن وقع بين أيدينا هذا البحث الذي يكشف السبب فبطل العجب. فهذه الباحثة تجمعها علاقات قوية بالأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى، ونظراً لكونها مديرة قسم الأمن الدولي وبرامج الطاقة في مركز نيكسون للدراسات الاستراتيجية فهي تهتم بتأمين مصادر الطاقة للولايات المتحدة بعيداً عن الشرق الأوسط، وتحديداً في منطقة أوراسيا (كازاخستان، وأوزبكستان…) وتسعى لأن تصل هذه المصادر للأسواق العالمية بأمان وبثمن رخيص… لذلك هي تدعو إلى قيام إصلاحات داخلية في دول هذه المنطقة الديكتاتورية، وتنصح بقوة بضرب الحركة الإسلامية السياسية الآخذة بالانتشار في هذه المنطقة، والتي تدعو إلى إقامة الخلافة والمتمثلة بحزب التحرير…
ومما جاء في هذا البحث:
باران هي إحدى المحللين الأميركيين من الجناح اليميني السياسي في أميركا، التي طالما نشرت الادعاء أن حزب التحرير ليس حزباً إرهابياً لكنه “حلقة الوصل للإرهابيين”. وبالرغم من أن ادعاءها يخلو من أي أساس فكري، إلا أنها مستمرة وبزخم دعم وإطاعة الأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى، مسقطةً اتهامات موجهة بحقهم حول خرق حقوق الإنسان، ومشجعةً الحكومات الغربية باتخاذ إجراءات قاسية ضد مناصري الحكم الإسلامي. أما رئيس أوزبكستان إسلام كريموف، الذي لا يأبه بمواجهة أعدائه السياسيين، فقد أُعجب بتوصيتها التالية “يجب على الدول الغربية أن تتفق على منع عمل حزب التحرير”.
لقد تساءل المراقبون حول مدى موضوعية الدراسة التي قامت بها باران حول حزب التحرير، نظراً لإصرارها على نشر نظريتها الدائرة حول “حلقة الوصل”، بالرغم من نقص الإثباتات لديها ووجود عدد من النقاط غير الدقيقة في كتاباتها. إذاً من هي زينو باران؟ وما الذي يدفعها إلى الاستمرار بهذه الكتابات غير الدقيقة بالرغم من المحاولات لتصحيحها؟ وما العلاقة التي تجمعها بالأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى والتي تجعلها تطيع أوامرهم؟
علاقتها بالأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى
لقد بدا من الواضح أن اهتمام باران بحزب التحرير قد تعدى الحدود الأكاديمية أو التحليلية، حيث بدأت بالعمل مع الأنظمة القمعية في آسيا الوسطى مقدمةً لهم النصائح حول كيفية التمسك بالسلطة أثناء مواجهة حركة جماهيرية ترغب باستعادة الخلافة الإسلامية.
لذلك لم تخفِ باران علاقتها المقربة مع الأنظمة الديكتاتورية في آسيا الوسطى وبالأخص مع النظام الأوزبكي.
وليس من المفاجئ أن تغض باران النظر عن خرق حقوق الإنسان في بلدان آسيا الوسطى نظراً لعلاقتها المتينة معهم. وقالت باران في كتابها “حزب التحرير: عصيان الإسلام السياسي”: «إن مجرد قضية الدفاع عن جماعات حقوق الإنسان، التي يساعدها ويدعمها حزب التحرير، قد زادت الأمر سوءاً خاصةً في أوزبكستان. هنالك بالتأكيد قضايا حقوق إنسان خطيرة في أوزبكستان خاصةً فيما يتعلق بالتعذيب، إلا أن الشعور المناهض لأوزبكستان الواسع الانتشار حالياً في الغرب له نتائج عكسية».
وبالرغم من رغبتها “بالسعي وراء إقامة حضارة عالمية مبنية على القيم المشتركة للحرية والعدل والكرامة الإنسانية” إلا أنها نصحت بشهادة لجنة العلاقات الدولية بأن “لا تطبق الحرية الدينية في أوزبكستان كما تطبق بمفهومها في الولايات المتحدة”.
وقالت في ديسمبر/ كانون أول 2004 أن “السلطات الأوزبكية بدأت تتدارك أخطاء الماضي” إلا أن تقييمها المتفائل هذا لم يعزِّ أحباء وأقارب الآلاف من الذين ذبحوا بدم بارد على يد قوات الأمن التابعة لكريموف في أنديجان بعد أقل من 6 أشهر في مايو/ أيار 2005. وقد دونت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الملاحظة التالية فيما يتعلق بمذبحة أنديجان: «وقد كشفت عدة تحقيقات منفصلة قامت بإجرائها لجنة مراقبة حقوق الإنسان ومكتب الأمم المتحدة للمفوض العالي لحقوق الإنسان ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن قوات الحكومة الأوزبكية كانت هي المسؤولة عن أغلبية حالات قتلى المدنيين. كما كشفت هذ التقارير، على عكس ما أدلت به الحكومة الأوزبكية، من أن هذه المظاهرة الكبيرة التي نظمت في أنديجان في 13 مايو أيار لم يكن لها أي علاقة مع الإسلام المتطرف بل كانت مجرد تعبير عن حزن الناس تجاه أوضاعهم الاقتصادية والفقر وانتهاك النظام القانوني» فماذا فعلت زينو باران السيئة الذكر… لقد بقيت صامتة حول هذه المجزرة ومرتكبيها صمت القبور.
علاقتها بمصالح الطاقة في الولايات المتحدة
نظراً لدور باران كمديرة لقسم الأمن الدولي وبرامج الطاقة في مركز نيكسون للدراسات، فليس من المفاجئ أن تعطي اهتماماً كبيراً لمصير مصادر الطاقة في المنطقة.
وقد أشارت باران إلى المصالح التي تواجه خطراً في آسيا الوسطى، وذلك خلال شهادتها في سبتمبر أيلول 2005 أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية في الولايات المتحدة: «إن منطقة أوراسيا مهمة جداً للجهود الاستراتيجية للولايات المتحدة لتنويع مصادر الطاقة بعيداً عن مصادر الشرق الأوسط، حيث يوجد احتياطي نفط وغاز كبير جداً خاصة في روسيا كازاخستان. لدى الولايات المتحدة حاجة واضحة لكي تضمن أن تصل هذه المصادر للأسواق العالمية بأمان وبثمن رخيص، ولكنها بحاجة أيضاً لضمان قيام إصلاحات داخلية في دول هذه المنطقة. وإذا فشلت في القيام بذلك، ستنتهي محاولتها بإنهاء اعتمادها في الطاقة على النفط والغاز من المملكة السعودية والخليج الإيراني بخلق “شرق أوسط ثانٍ” والذي سيؤول بعواقب مدمرة لمصالح الولايات المتحدة».
ويهدف مشروع أوراسيا في مركز نيكسون للدراسات، بقيادة باران، إلى توجيه السياسة الأميركية في المنطقة بهدف تطوير «مصالح الأمن والطاقة للولايات المتحدة في المنطقة»؛ ولذا من الطبيعي أن يكون لدى باران علاقات قريبة من الإدارة الأميركية وسياساتها للمنطقة.
دعمها لنظرة حكومة أوزبكستان للإسلام
إن باران تدرك أن بعودة الخلافة ستكون الأولوية للفقراء بدلاً من الطبقة الحاكمة؛ مما سيؤدي في النهاية إلى نفوذ غير متكافئ في عملية أخذ القرار السياسي. ونظراً لقربها من أنظمة آسيا الوسطى وعلاقتها الوطيدة بإدارة الولايات المتحدة ومنها مصالح الطاقة، فإنها تميل إلى محاصرة الحركة الإسلامية السياسية الآخذة بالانتشار في آسيا الوسطى وفي العالم الإسلامي.
وإذا نظرنا بقرب أكثر إلى آراء باران حول الإسلام، نجد أنها لا تعارض نظرة الحكومة الأوزبكية للإسلام بل هي تروجها. هنالك إثبات، لا شك حوله، بوجود علاقة قوية للغاية بين حكومة أوزبكستان والمجلس الأعلى الإسلامي في أميركا والذي يترأسه الشيخ محمد هشام قباني.
في 8 سبتمبر/ أيلول 2000م وبعد قمة الألفية لقادة العالم في الأمم المتحدة، التقى رئيس أوزبكستان، إسلام كريموف، مع الشيخ محمد ناظم عادل الحقاني وهو الرئيس العالمي للنظام الصوفي النقشبندي الحقاني والشيخ محمد هشام قباني، كما والتقى الرئيس كريموف وسفير أوزباكستان صديق صفائيف في اجتماع خاص في نيويورك مع رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في أميركا، والشيخ محمد ناظم عادل والشيخ هشام قباني والسكرتير العام للمجلس د. هدية ميرهامدي وذلك من أجل التناقش حول طرق تعاون لمشاريع تربوية ودينية مستقبلية.
وقد تناقش الشيوخ مع الوفد الأوزبكي حول قضايا حقوق الإنسان وعرضوا أجندة تعارض جميع أنواع “التطرف” سواء أكان أيديولوجياً أم ثقافياً أم سياسياً، وقد ركزوا على محاربة انتهاك الإيمان، وقرروا التنسيق والتعاون في جهود تربوية في المستقبل، على سبيل المثال رعاية مؤتمرات مشتركة، وطباعة وتوزيع أدب تقليدي، وتسهيل الاجتماعات مع قادة العالم.
وللتعبير عن امتنانه، انتهى الاجتماع بتقديم الرئيس كريموف ثوباً بخارياً، من النوع الذي يرتديه شيوخ وعلماء نقشبند في المنطقة، لكل من الشيخين، إضافةً إلى تقديم هدية للدكتور ميراهمادي.
وقد دعت حكومة أوزبكستان ممثلي المجلس الإسلامي الأعلى في أميركا ليعملوا كمراقبين في الانتخابات الرئاسية في شهر يناير/ كانون الثاني 2000م والتي وصفها المجلس على أنها «ثاني انتخابات ديمقراطية في أوزبكستان منذ تحريرها من الشيوعية». ولكن، رفضت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن تبعث المراقبين «بسبب غياب الخيارات الحقيقية لدى المنتخبين». وقد اعترف منافس الرئيس كريموف، عبد الحفيظ دزاهالالوف، بأنه انتخب بنفسه كريموف.
تمتعت زينو باران بعلاقات مقربة مع المجلس الإسلامي الأعلى في أميركا، وبالأخص هدية ميراهمادي، المديرة التنفيذية للمجلس، و”مساعد سابق” للشيخ محمد هشام قباني ومستشار أعلى سابق لسفارة الولايات المتحدة في كابول. في كتابها لمركز نيكسون “حزب التحرير: عصيان الإسلام السياسي”، تعترف باران «بالدعم الشخصي والفكري الكبير» الذي قدمته لها ميراهمادي.
وقد قالت السيدة ميراهمادي فيما يتعلق بحكومة تمنع وجود أي انشقاق وتقمع الدين وتحرق المنشقين وهم أحياء: «نحن نشعر جميعنا بامتنان للنمو الهائل لهذه الجمهورية الجديدة. ونحن نؤمن بأن أوزبكستان ستساهم بشكل كبير في التقاليد الإسلامية والثقافة خلال القرون القادمة. إن تاريخها العريق وعلمها الكبير سيحمي الدراسات الإسلامية التقليدية التابعة لأجدادنا والتي تستحق دعم الجالية الإسلامية الأميركية». هذه هي الكلمات التي استخدمتها لتمدح حكومة قمعية بشدة بعد انتهاء زيارتها لأوزبكستان حيث لقيت ميراهمادي استقبالاً حافلاً من قبل الديكتاتور الأوزبكي.
وقد قالت ميراهمادي فيما يخص الانتخابات الرئاسية الأوزبكية في شهر يناير كانون الثاني 2000م والتي قامت بمراقبتها: «لقد أعطي الشعب في أوزبكستان يوماً واحداً للإدلاء بأصواتهم. ولقد وزعت مكاتب الاقتراع في كل منطقة في الجمهورية، ووضعت في أماكن مركزية من السهل الوصول إليها. لقد تم تدوين اسم وعنوان كل منتخب قانوني في قائمات مطبوعة، وقد حذف اسم كل شخص بعد أن أدلى بصوته وذلك لتفادي الانتخاب لأكثر من مرة. ولقد سمح للمنتخبين بالإدلاء بأصواتهم في غرف خاصة مقفلة، ووضعت أوراق الانتخابات في صناديق انتخابات محكمة الإغلاق. ولم يتم ممارسة أي ضغوط على الأشخاص للتأثير على خيارهم في الانتخابات، كما لم يتم الضغط على المواطنين الذين قرروا عدم الانتخاب».
والآن لنقارن ملاحظات ميراهمادي مع ملاحظات لجنة مراقبة حقوق الإنسان: «لقد حرم مواطنو أوزبكستان مرة أخرى من حقهم بالمشاركة في النظام السياسي وفي تغيير حكومتهم بشكل سلمي. إن الانتخابات البرلمانية التي عقدت في شهر ديسمبر كانون أول 1999م والانتخابات الرئاسية التي عقدت في يناير/ كانون الثاني 2000م لم تكن عادلة ولا حرة، حيث لم يتم تسجيل أي أحزاب سياسية معارضة، ولم يكن هنالك مجال لعرض الآراء عن طريق وسائل الإعلام، ولم يكن من الممكن ممارسة الحرية في أي من المؤسسات… وفي يناير/ كانون الثاني 2000م كانت الانتخابات الرئاسية التي اتبعت المنهج السوفياتي عبارة عن مهزلة للنظام الديمقراطي. لقد تلقى الرئيس كريموف الدعم من 91.9% من المنتخبين، وكان أحد هذه الأصوات قادم من منافسه في السباق الانتخابي. لقد أعلنت حكومة الولايات المتحدة أن الانتخابات لم تكن”عادلة ولا حرة” كما وقالت إن هذه الانتخابات “لم تقدم للمنتخبين خياراً حقيقياً”».
وكتبت ميراهمادي بشكل مضحك: «من الواضح أن نقد الدول الغربية للعملية الانتخابية في أوزبكستان هو إحساس لا يشاطرهم إياه الشعب الأوزبكي كما يتضح من التزامهم بالتصويت له». كما وكتبت «كان أمراً مؤثراً أن نرى إخلاص الشعب الأوزبكي لرئيسه وذلك نتيجة لإحيائه الإسلام».
وقد كتبت ميراهمادي مؤخراً في الناشيونال ريفيو أون لاين: «بشكل عام يهتم الصوفيون أكثر بعلاقتهم الشخصية مع الله من السياسة، وبالتالي يحافظون على تقاليدهم الدينية، ولا يظهرون في الساحة السياسية».
وهناك دليل آخر على علاقة باران المقربة من المجلس الإسلامي الأعلى في أميركا وهو دعوتها لماتين صديقي، نائب رئيس المجلس، ليتحدث عن “عقيدة حزب التحرير” في مؤتمر سبتمبر/ أيلول 2004م في مركز نيكسون. وقد كان عرضه مليئاً بالمعلومات غير الدقيقة عن حزب التحرير، وحاول تصوير أفكار حزب التحرير على أنها محظورة، ولم يتحدث عن حقيقة أن معظم المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة، من كل مدارس الفكر، انتقدت بشدة المجلس الإسلامي الأعلى في أميركا؛ لعلاقتها المقربة من الحكومة الأميركية، ولمواقفه الدينية الغريبة، ومنها الادعاء بأن الأميرة المتوفية ديانا، والأمير شارلز، وهيلاري كلينتون، قد اعتنقوا الإسلام على يدي قادة المجلس الإسلامي الأعلى في أميركا.
الخاتمة
يجب التعامل مع كتابات باران حول حزب التحرير وأوزبكستان والإسلام بشكل عام باستخفاف وتشكك. ولا يجدر على أي منظمة إعلامية جدية أو معلق أن ينظر إلى باران كخبيرة موثوق بها حول أي موضوع يمت للإسلام بصلة، لأن هدف باران الأساسي ليس نقل المعلومة أو الحقيقة، بل هدفها ترويج أجندة الأنظمة الطاغية وشركات الطاقة والحكومة الأوزبكية.
2006-07-31