العدد 356 - 357 -

السنة الواحدة والثلاثين رمضان وشوال 1437هـ – حزيران و تموز 2016م

دينيس روس: أخطار تنظيم الدولة وطرق تلافيها

دينيس روس: أخطار تنظيم الدولة وطرق تلافيها

قال الدبلوماسي الأميركي المعروف والمستشار في معهد واشنطن للأبحاث، دينيس روس، إن الشعارات الأميركية في إطار «محاربة الإرهاب» وتأمين الأراضي الأميركية لن تحول دون وقوع ما وصفه بالهجمات «الإرهابية» هناك. وأضاف روس بحسب ما نشر المعهد، أن الهجمات الأخيرة في سان بناردينو وأورلاندو بينت الخطر المتمثل بالإرهاب المحلي، وسهولة الوصول إلى الأسلحة الأتوماتيكية، مشيرًا إلى أن الحل هو الكشف المبكر عن احتمالات التطرف، والتعاون الفعال مع المجتمعات المسلمة. وحذر روس من أن مجافاة المجتمعات المسلمة ليست الطريقة الصحيحة لحملها على المشاركة في هذه الجهود، وليست الطريقة الصحيحة لمواجهة تنظيم الدولة، الذي يستغل التضييق على هذه المجتمعات لكي يجند عناصره.

واعتبر روس أن تنظيم الدولة يشكل خطرًا فريدًا لأسباب ثلاثة: أولها أنه يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوبٍ متقن ومهني ومصمم لاستقطاب الشبان المستبعدين والمهمّشين في المجتمع. والثاني أنه يشكل مصدر إلهام للهجمات الفردية؛ وخاصة بفعل دعواته إلى «قتل الكفّار». والثالث أن التنظيم يعلن أن مهمته تتمثل بالحاجة إلى توليد مواجهة كارثية مع الكفار لتحقيق النصر النهائي للإسلام.

وعن طرق هزيمة التنظيم قال روس، إن على واشنطن العمل على إضعاف جاذبية التنظيم الذي يدّعي أنّ له مهمة إلهية؛ ولذلك فإن تكبّده خسائر عسكرية سيبرهن أن ادعاءه باطل. وأن صور نجاحاته ستبقى قائمة طالما لم تبطل واشنطن أعظم انتصاراته الرمزية، ألا وهي استحواذه على الموصل في العراق، واتخاذه الرقة في سوريا عاصمة له. من هنا يعدّ فقدان رمزية هذه الإنجازات ضروريًا، وبالتالي سيستحيل على التنظيم إخفاؤها.

إلى جانب ذلك نبَّه الدبلوماسي الأميركي على أن واشنطن العمل أيضًا ضد التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتركيز على المستسلمين من عناصره، والمنشقين عنه، ونشر أخبار التنظيم الوحشية واستغلاله النساء، والفساد والتعسف في الحكم.

ولفت روس إلى أن المسلمين السُنّة هم الوحيدون الذين يستطيعون تشويه صورة التنظيم، حيث يدعي تنظيم الدولة أنه يحميهم من الكفّار والرافضة، وهذا الأمر وحده يبيّن أنه لا يمكن لإيران أن تشارك في تشويه صورة التنظيم، إذ سيؤدي إلى نتائج عكسية، لا سيما مع بروز الدور الإيراني الذي يظهر فيه القتل الجماعي للسنّة في سوريا، ما عزَّز بروز تنظيم الدولة. وأشار روس إلى أنه من المستبعد أن يؤدي السنّة الدور المؤثر ضد تنظيم الدولة من غير أن تقوم الولايات المتحدة بلجم إيران. مؤكدًا على أنه «ينبغي على الرئيس الأميركي المقبل أن يفهم هذا الواقع المعقد… من أجل كسب النفوذ والقدرة على التأثير على السنة؛ لحثّهم على جعل تنظيم الدولة هدفًا مشتركًا وأولى أولوياتهم وأولويات الولايات المتحدة على حدٍّ سواء».

الوعي: لقد ذكر روس مجموعة من الوقائع والمقترحات حول بروز تنظيم الدولة وكيفية التعامل معه، لكنه تجاهل في الوقت ذاته الحقائق الأكثر أهمية في الموضوع، والتي تتمثل في كون سياسات الولايات المتحدة الاستعمارية البشعة بحق المسلمين، من احتلال لبلادهم وتدميرها وقتلهم وتشريدهم هي التي دفعت لبروز تنظيم الدولة وغيره من المجموعات المسلحة التي تعتبر أن العمل المسلح والمواجهة المباشرة والرد حيثما أمكن هو السبيل الوحيد لإيقاف العدوان المستمر على الإسلام وأهله ومقدساته. كما تجاهل روس أن الدور الإيراني الطائفي هو مجرد أداة في المشروع الأميركي لإيجاد شرخ بين المسلمين وتمزيقهم بغية ضمان استمرار السيطرة المباشرة لأميركا على المنطقة ووأد أية محاولة للخروج من دائرة هيمنتها. إن دينيس روس – الخبير الديبلوماسي في منطقة الشرق الأوسط – يعي تمامًا هذه الحقائق، لكنه يغفلها لأن ذلك يعني فضح أميركا، التي تأبى تغيير سياساتها المتوحشة إزاء المسلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *