العدد 348 -

السنة الثلاثون محرم 1437هـ – تشرين الثاني 2015م

خطر التحالفات السياسية التي تقودها أميركا على الإسلام وأهله وعلى دولة الخلافة القادمة

بسم الله الرحمن الرحيم

خطر التحالفات السياسية التي تقودها أميركا على الإسلام وأهله وعلى دولة الخلافة القادمة

الأستاذ شايف صالح – اليمن – صنعاء

الحلف هو العهد بين القوم، والحليف هو الصديق الذي يحلف لصاحبة ان لا يغدر به. وتحالفوا أي تعاهدوا. ولقد كان حلف الفضول في الجاهلية هو حلف لنصرة المظلوم وقمع الظالم. وقد وقع هذا الحلف في شهر حرام في ذي العقدة، على أثر حرب الفجار، وقد تداعت إليه قبائل من قريش، وهم: بني عبدالمطلب وبني هاشم وأسد بن عبدالعزى وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة، فاجتمعوا في دار عبدالله بن جدعان التيمي لسنِّه وشرفه فتعاهدوا على أن لا يجدوا مظلوماً في مكه من أهلها أو غيرهم إلا قاموا معه على ظلمه حتى ترد عليه مظلمته. وقد جاء في السيرة النبوية لابن هشام أن الرسول صلى الله عليه وسلم شهد هذا الحلف، وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة: «لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حُمُرَ النَّعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت». لقد مدح الرسول هذا الحلف لكونه قام من أجل نصرة المظلوم ورد المظالم ورفع الظلم. وكان الحلف قد قام من أفراد من قبائل مختلفة. ولم يكن قيام الحلف من أجل الوثنية أو غيرها، وإنما كان له بند واحد فقط تحالفوا عليه: هو نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم ورد المظالم إلى أهلها .

أما التحالفات السياسية اليوم فهي تناقض تمام المناقضة حلف الفضول؛ لأن بنودها تصب في مناصرة الظالم وقمع المظلوم. وعند استعراض بعض التحالفات السياسية في زماننا هذا نجد أنها تنشأ إما بين دول استعمارية ودول عميلة لها لإحكام السيطرة على الشعوب والأمم ونهب ثرواتهم وتكميم أفواههم ومحاربة أفكارهم وعقائدهم كما هو حال الحلف الصليبي في حربه الظالمة على المسلمين في العراق والشام وغيرها من بلاد المسلمين تحت الشعار الكاذب الخادع «مكافحة الإرهاب». وعند فحص ثوابت هذة التحالفات نجد أنها مخالفة لأحكام الإسلام، بل هي تحاربه وتجفف منابعه وتلاحق حملته، وتشوه منهاجه ونظامه ورايته ودولته التي يأمر الله بقيامها.

 الأساس التي تقوم عليها هذه التحالفات السياسية:

إن الأساس الذي تقوم عليه هذه التحالفات بين الدول الاستعمارية أو عملائهم هي عقيدة المبدأ الرسمالي (فصل الدين عن الحياة) والتي تلغي دور الدين تماماً في كل شؤون الحياة عند الفرد وفي الدولة والمجتمع، وتحصر دوره في حريته بممارسة شعائره الدينية كفرد في الكنيسة فقط، وتسعى إلى حصره دائماً منذ هدم الدولة الإسلامية زمن العثمانيين في المسجد فقط عند المسلمين؛ ليتشكل عند المسلمين مجتمعات رأسمالية كالمجتمعات الغريبة سواء بسواء، وأي دولة تخالف هذة العقيدة توصف بالإرهاب. وأي جماعة تعمل على التغيير بما يخالف هذه العقيدة توصف بالتطرف والإرهاب؛ لذلك تقوم هذه التحالفات السياسية بمحاربة أصحاب التوجهات الإسلامية المخلصين الواعين الذين تتشوق نفوسهم إلى عودة الخلافة الإسلامية، دولة الهداية والرعاية والرحمة التي تسعى لتحكم المسلمين بشرع الله، تقوم بمحاربتهم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وتشهر في وجوههم سيف الإرهاب.

مقياس الأعمال الذي تقوم عليه هذه التحالفات السياسية:

إن مقياس أعمال هذه التحالفات السياسية والذي يحدد سلوكياتهم فيها هو المصلحة المادية فقط. فالرابطة المصلحية هي رابطة هذه التحالفات السياسية، واذا انتهت المصلحة انتهت هذه التحالفات، وتحول كل طرف إلى حليف آخر أو أطراف أخرى؛ ليكوِّن معها تحالفات أخرى وقد يبقى الحلف دائماً إذا كان  الهدف من التحالف هو القضاء على مبدأ آخر كالإسلام كونه يشكل خطراً عالمياً عليهم، وأوضح مثال على ذلك هو حلف شمال الأطلسي الذي يتولى كبر الهجوم على الإسلام، وتتولى دوله كبر الدعاية والعمل على تشويهه.

غايات هذه التحالفات السياسية:

يخطئ من يظن أن هذه التحالفات هي مجرد تحالفات عسكرية فقط، لا بل هي إضافة إلى ذلك سياسية وفكرية واجتماعية، ويمكن إجمالها بأنها حضارية تسعى إلى تبديل دين الله وأن تظهر في الأرض الفساد.

ولهذه التحالفات السياسية والعسكرية التي تقودها أميركا اليوم، والتي تحصر عداءها على الإسلام والمسلمين المخلصين الواعين غايات تسعى لتحقيقها منها:

– محاربة الإسلام كحضارة، والسعي الحثيث للقضاء عليه بكل الوسائل المتاحة ومحوه من الوجود.

– تنفيذ أجندة الدول الاستعمارية الكافرة عبر تحالفاتها مباشرة مع الدول العميلة لها، أو عبر التنظيمات والأحزاب التابعة لها داخل الدولة العميلة الواحدة.

– التخلص من الخصوم على حساب دماء الشعوب والأمم، وفي مقدمتها طبعاً دماء المسلمين الذين لابواكي لهم.

– الصراع على السلطة من أجل انفراد دولة استعمارية بالنفوذ فيها، أو تقاسم السلطة بينها وبين دولة استعمارية أخرى، كالصراع القائم بين أميركا وبريطانيا في اليمن وليبيا وغيرهما.

– إجهاض الثورات في البلاد الإسلامية أو حرف مسارها حتى تبقى البلاد الإسلامية خاضعة للهيمنة الغربية بكافة أشكالها عن طريق الحكام العملاء والطبقة السياسيىة العلمانية النفعية من علماء ومثقفين ومنظمات.

النتائج المؤلمة  المترتبة على هذه التحالفات السياسية:

أولاً: النتائج المؤلمة المترتبة عن التحالفات الدولية:

1-سفك دماء ملايين المسلمين في العراق وأفغانستان وبلاد الشام، وسفك دماء المسلمين في اليمن من جراء طيران التحالف (عاصفة الحزم) القوة العربية المشتركة التي قادها آل سعود بالتنسيق مع أميركا، وغيرها الكثير.

2-تدمير القوى العسكرية في بلاد المسلمين؛ لإعادة بنائها من جديد على شروطها.

3-تدمير بنية البلاد التحتية والفوقية حتى تفتح لهم أسواق عملية إعادة بنائها.

3-إفشال الثورات في العالم الإسلامي مثل ثورة ليبيا واليمن والسعي الجاد لإجهاض ثورة الشام المباركة عن طريق الحرب الصليبية الثالثة بقيادة أميركا صانعة الإرهاب في العالم.

4-إشعال الحروب الأهلية في البلاد الإسلامية عند اختلاف الدول الاستعمارية على تقاسم السيطرة والهيمنة كما حدث في لبنان والصومال وكما يحدث الآن في اليمن وليبيا.

ثانياً: النتائج المؤلمة المترتبة على التحالفات السياسية الحزبية.

1-سفك دماء المسلمين بأيدي بعضهم البعض، والله تعالى يقول: ] وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [. والرسول صلي الله عليه وسلم يقول «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».

2-تعاون المتحالفين على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: ] وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [.

3-إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية بين المسلمين، وتعميق حب الانتقام؛ فتشتعل بينهم نار العصبية والفتنة الطائفية وغيرها مما قال الرسول B فيه: «دعوها فانها منتنة».

4-القضاء على روح الأخوة الإسلامية وتغييبها في حمأة المنازعات القبلية الجهوية الحالقة، مع أن آيات القرآن مليئة بالخطاب الواحد الذي يجمعهم على صعيد واحد من الطاعة والمنبهة لهم إلى أنهم إخوة في الدين، قال تعالى: ] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [ وقال رسول الله B: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه…»

5-شراء ولاءات وذمم المتحالفين معهم، وجعلهم قادة يقودون المسلمين إلى النار؛ وذلك باستغلال شرههم الدنيوي للمصالح والمناصب.

6-زرع الأحقاد الدائمة بين المسلمين ليصبحوا أعداء فيما بينهم، ويصبح أعداء الإسلام لديهم أصدقاء.

والأمثلة على ذلك كثيرة، وأقرب مثال على ذلك تحالف حركة الحوثي في اليمن مع صالح، وما جره هذا التحالف لأهل اليمن من ويلات، وسفك للدماء، وعداوات وثارات، ومصائب وخسائر في الأرواح والأموال، وصعوبات في إيجاد الأعمال وقيام عاصفة الحزم المشؤومة بمحاصرة الأجواء الجوية والبحرية لليمن، وضرب القوة العسكرية والمطارات، وما خلف ذلك من دمار شامل للبلاد بسبب تمسك الحوثي بالسلطة، وهو ذراع لإيران في بوابة الخليج، وهي أيضاً حرب على الإسلام من أجل تدمير القوة العسكرية لأهل اليمن أبناء الأنصار وأهل المدد للخلافة القادمة إن شاء الله تعالى.

أميركا قائدة التحالفات السياسية:

ان أميركا هي التى أنتجت مطابخها الشيطانية فكرة التحالفات السياسية والعسكرية والاحتلالات العسكرية لحرب الإسلام والمسلمين، وهي التى تقود هذه التحالفات مسخرة إمكاناتها المادية للقضاء على تطلع الأمة لإقامة الخلافة. وسنسلط الضوء على بعض ما تقوم به من حرب شعواء على الإسلام والمسلمين.

إن أميركا عندما اتخذت الإسلام عدوها الحضاري الأوحد لم يكن ذلك من فراغ، ولم يكن ،كما يقال، لمجرد أن يكون لها عدو استراتيجي بعد انهيار المبدأ الشيوعي ومنظومة الدول التي كانت تعتنقه وتحولت شعوبه إلى المبدا الرأسمالي بسقوط الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات من القرن الماضي… بل اتخذته عدوها الحضاري لأنها تعلم أن الإسلام مبدأ، يتميز بقاعدة فكرية صلبة ومتينة، وبمعالجات ربانية لكل مشاكل الإنسان في الحياة، وفي كل زمان ومكان، وظل موجوداً عالمياً حتى بعد سقوط دولته الخلافة العثمانية عام 1924م،  وظلت الأمة الإسلامية على اختلاف شعوبها تعتنقه رغم إقصائه عن حياتها عملياً، ووجدت جماعات ودعوات جادة للعودة بالإسلام إلى مسرح السياسة الدولية عن طريق إقامة دولة الخلافة… هذه المزايا مجتمعة تمكِّن المسلمين من إقامة دولة تحكم العالم بأسره؛ ما أوجد الرعب في قلوب حكام أميركا ودول الغرب الأخرى فاتخذوه العدو الأول، وبدأت حربهم الشعواء عليه بتخطيط أميركا رأس الكفر للقضاء على الإسلام كحضارة نهائياً؛ لذلك أعلن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب عن ميلاد النظام الدولي الجديد، بعد سقوط المبدأ الشيوعي ومنظومته الدولية، وكان أول عمل قام به هو إنشاء تحالف دولي حجته الظاهرية إخراج صدام حسين من الكويت، بينما كان هدفه الحقيقي هو منع مشروع الأمة من إقامة الخلافة، بالإضافة إلى نهب خيرات الأمة. ثم أعقبته بإقامة تحالف دولي آخر مع بوش الابن لمحاربة الإسلام تحت شعار محاربة الإرهاب، وأعلن بوش الابن صراحة في حربه المجرمة التي قاد تحالفها الدولي الجديد أنها حرب صليبية. ثم أعلن أوباما عن إقامة تحالف دولي هو الثالث لمحاربة مشروع الإسلام الحضاري بدعوى محاربة تنظيم البغدادي، فها هي أميركا تنشئ ثلاثة تحالفات في غضون ثلاثين سنة لمحاربة مشروع الأمة المتمثل بإقامة الخلافة الراشدة. وهي لو نجحت في التحالفين الأولين لما اضطرت إلى الثالث، بل يمكن القول إنها فشلت، وستفشل إن شاء الله تعالى في هذا التحالف الأثيم الأخير؛ ذلك أن فكرة الخلافة قد آن أوانها، واللافت للنظر أن فكرة الخلافة تزداد قوة ومضاء وعزيمة على إقامتها في نفوس أهلها، في الوقت الذي تزداد فكرة الرأسمالية خواء وسقوطاً. والأمر الآخر اللافت للنظر، هو أن أميركا لو كانت تستطيع وحدها الفوز في حربها على الإسلام لما أنشأت تحالفاً دولياً، ولما شاركت غيرها في هذه المهمة المستحيلة.

لقد ظنت أميركا رأس الكفر في زماننا هذا، بما لديها من قوة، وبما اجتمعت في يدها من ركائز قوية إنها قادرة على القضاء على الإسلام نهائياً بحيث لا يبقى أمام المسلمين إلا أن يعتنقوا مبدأها الرأسمالي.

 أما الركائز التي استندت إليها أميركا فهي:

1- وزنها الدولي ونفوذها في العالم الإسلامي خاصة بعد حرب الخليج الثانية وما تمخضت عنه من ترسيخ نفوذها في العالم الإسلامي كله؛ ما جعل الحكام أكثر استجابة لها في تنفيذ خططها التي تستهدف القضاء على الإسلام كمشروع حضاري وبحمل المسلمين على اعتناق الرأسمالية.

2- زعامة أميركا للدول الغربية الرأسمالية التي تحرص على إشراكها في هذه الحملة، خاصة، وأنها لا تختلف عن أميركا في اعتبار أن الإسلام خطر عليها وعلى نفوذها ومصالحها الأخرى.

3- سيطرة أميركا على قدرات الشرعية الدولية وأداتها المتمثلة بالأمم المتحدة وميثاقها، والمؤسسات والمنظمات التابعة لها، والتي تسخرها لتنفيذ خططها وإضفاء الشرعية الدولية على الإجراءات التي تتخذها مهما كان شكلها.

4- هيمنة أميركا على وسائل الإعلام العالمية التي تستغلها هي وحلفاؤها لتجعل منها سلاحاً فتاكاً في حملتها، والترويج للشعارات التي ترفعها في حملتها للقضاء على الإسلام، فتشوه صورته وتستعدي العالم على المتمسكين به بوصفهم بالأصولية والتشدد والتطرف والعنف والإرهاب.

5- هيمنة أميركا على حكام المسلمين العملاء لها، ووسطهم من المرتزقة المنافقين والانتهازيين النفعيين ومن يؤازرهم من المضبوعين بثقافة الغرب الكافر والمفتونين بطريقته في العيش بل وحتى من بعض من يتظاهرون بالحرص على الإسلام، سواء أكانوا من علماء السلاطين أم ممن يُقدَّمون للناس على أنهم مفكرون إسلاميون أو من رجال بعض الحركات الإسلامية الذين ما هم في الحقيقة إلا علمانيون ينادون بفصل الدين عن الحياة. وهؤلاء جميعاً هم من يخدم هذه الحملة الأميركية لتحويل المسلمين عن دينهم إلى الرأسمالية بشتى السبل والوسائل بالتضليل الإعلامي، وبتحريف مفاهيم الإسلام وأحكامه، وبتطبيق أنظمة الكفر، وبسَنَّ التشريعات والقوانين اللازمة لهذا التطبيق، وبربط الدول القائمة في العالم الإسلامي بمعاهدات واتفاقات وقيود متنوعة؛ لإبقائها تحت نفوذ الكفار وسيطرتهم إلى جانب دورهم في تنفيذ خططهم بهدف قتل قيم الإسلام فيها، إلى جانب البطش بالواعين المخلصين من أبناء الأمة لإسكاتهم وإشاعة أجواء القمع والإرهاب بين الناس.

 هذه أبرز الركائز التي تستند إليها أميركا في حملتها ضد الإسلام والمسلمين بهدف القضاء على الإسلام عن طريق حمل المسلمين على اعتناق الرأسمالية.

أما شعارات الحملة الأميركية للقضاء على الإسلام فتتجلى في أربعة شعارات هي:

1) الديمقراطية: فالديمقراطية هي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه بالنظام الذي يضعه لنفسه، أي إنها تجعل التشريع للإنسان، وتمنع أن يكون للخالق.

2) التعددية: التعددية الرأسمالية هي أن تنشأ أحزاب أو حركات تنادي بعقيدة كفر كعقيدة (فصل الدين عن الحياة) أو تدعو إلى إنشاء أحزاب علمانية أو قومية أو وطنية أو غيرها مما حرمها الإسلام، أو تنشأ حركات أو منظمات تدعو إلى الشذوذ الجنسي والزنى أو غيرها…

3) حقوق الإنسان: أما حقوق الإنسان فهي حسب نظرة المبدأ الرأسمالي لطبيعة الإنسان وللعلاقة بين الفرد والجماعة والمجتمع ووظيفة الدولة. ففي نظرته لطبيعة الإنسان يرى أن الإنسان بطبيعته خيِّر وليس شريراً، وأن الشر الذي يصدر عنه سببه تقييد إرادته ولهذا ينادي الرأسماليون بإطلاق الحريات التي أصبحت أبرز أفكار المبدأ الرأسمالي ويقولون إن العلاقة بين الفرد والجماعة علاقة تناقض؛ ولذلك لابد من حماية الفرد من الجماعة وتأمين حرياته وحمايتها. وفي نظرتهم للمجتمع قالوا إنه مجموع الأفراد الذين يعيشون فيه؛ فإذا ما تم تأمين مصالح الفرد تأمنت مصالح المجتمع بشكل طبيعي

ومن نظرة المبدأ الرسمالي لطبيعة الإنسان وعلاقته بالجماعة والمجتمع جاءت الحريات لهذا الفرد، وهي حرية العقيدة، وحرية الرأي، وحرية التملك، والحرية الشخصية، وهذه الحريات هي الأساس الذي انبثقت عنه (حقوق الإنسان) وهي أس البلاء في المجتمعات الرأسمالية التي تحولت بسببها إلى غابات وحوش يأكل القوي فيها الضعيف وينحدر فيها الإنسان إلى درك الحيوان نتيجة لإطلاق العنان لغرائزه وحاجاته العضوية. والناس في المجتمعات الرأسمالية أشبه بالبهائم همهم الأكبر التمتع بأكبر قسط من المتع الجسدية وبدونها لا يحصلون على السعادة بل يعمهم الشقاء والاضطراب والقلق الدائم.

أ) حرية العقيدة: وهي تعني أن للإنسان الحق في أن يؤمن بأي مبدأ وأي دين وأن يكفر بأي مبدأ أو أي دين وأي فكرة، وله أن يبدِّل دينه، وله أن لا يؤمن بأي دين على الإطلاق

ب) حرية الرأي تعني عند الرأسماليين أن للإنسان الحق في أن يقول ويُعلن أي رأي في أي شيء أو أي أمر دون قيد؛ فلا تقتصر حرية الرأي عندهم على محاسبة الحاكم أو انتقاد تصرفات السياسيين وغيرهم، وإنما تشمل كذلك حرية الجهر بالكفر، وإنكار وجود الله، والدعوة لأية فكرة.

ج) حرية التملك ويقصد بها الرأسماليون أن للإنسان الحق في أن يتملك ما يشاء كما يشاء ونتيجة لهذه الحرية تركزت الثروات الهائلة في أيادي حفنة من الناس يسمون بالرأسماليين فتحولوا إلى قوة مهيمنة تتحكم بالمجتمعات والدول. وهذه الحرية تبيح للفرد التملك لما حرم الله، كالخمارة، والمصرف الربوي، وحظيرة الخنازير، ودور البغاء، وصالات القمار، وغير ذلك مما لا يجوز تملكه؛ فهي محرمة، ويجب على المسلمين التصدي لمن ينادي بها.وهذه الحرية فتحت الباب واسعاً أمام استعمار الدول الرأسمالية لسائر دول العالم، وإفقار الشعوب بنهب خيراتهم ونشر الحروب لبيع أسلحتهم… ما جعلها الحرية الأبعد أثراً والأكثر قوة، والطاغية على ما عداها من الحريات.

د) الحرية الشخصية وتعني في المبدأ الرأسمالي أن لكل إنسان الحق في أن يعيش حياته الخاصة كما يشاء. فله أن يتزوج، وله أن يعاشر أية امرأة دون زواج مادام ذلك برضاها. وله أن يمارس الشذوذ الجنسي، وله أن يأكل ويشرب ويلبس ما يشاء.

4) سياسات السوق: تعتبر سياسات السوق جوهر الرأسمالية؛ فهي تطبيق حرية التملك المنبثقة عن عقيدة المبدأ الرأسمالي على العلاقات التجارية بين الدول، ويقصد بها تحقيق أو إنهاء تدخل الدول في التجارة بوجه خاص وفي الاقتصاد بوجه عام، أي رفع الحواجز الجمركية والقيود مهما كانت نوعيتها من أمام التجارة الدولية بما في ذلك سياسات الحماية التجارية المباشرة كمنع استيراد سلع معينة حماية لسلع مماثلة منتجة محلياً من المنافسة. وقد سعت أميركا لفرض سياسات السوق على الدول لتحويل العالم إلى سوق حرة، وفتح أسواق هذه الدول أمام منتجاتها المتفوقة وأمام استثماراتها الواسعة؛ لكي تظل الدول النامية تحت سيطرتها التجارية والاقتصادية، ولكي تظل أسواقاً دائمية لمنتجاتها ولا تتحرر من التبعية الاقتصادية لها. وقد استخدمت أميركا الاتفاقات الاقتصادية والتجارية وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية التي تتيح لأميركا والدول الرأسمالية الأخرى التدخل في الشؤون التجارية والاقتصادية بوجه عام للدول الملتزمة بها.

أما الأساس الذي قامت عليه هذه الشعارات الأربعة هي عقيدة الرأسمالية (فصل الدين عن الحياة) وفكرة الحل الوسط الزائفة الذي قامت عليه هذه العقيدة.

من هنا فإن الغاية من هذه التحالفات هي أبعد ما يكون عما قد أعلن عنه، وهي ليست عسكرية فقط، بل هي تهدف إلى القضاء على الإسلام كتهديد حضاري، وإبقائه كدين مفصول عن الحياة، وعن الدولة، وعن الحكم، وقصره على الأحوال الشخصية والتعبدية.q

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *