العدد 450-451-452 -

السنة الثامنة والثلاثون، رجب – شعبان – رمضان 1445هـ الموافق شباط – آذار – نيسان 2024م

بعد طوفان الأقصى… الرعب يملأ قلوب قادة الغرب!

خليفة محمد

 ولاية الأردن

أعادت عملية طوفان الأقصى إلى أذهان الغربِ الصورةَ المرعبة للأمة الإسلامية، صورة دولة الخلافة التي لا تقف جيوشها عند حد، وصورة الجندي المسلم الذي لا يوقفه إلا تحقيق هدفه بالنصر أو الشهادة، فامتلأت قلوبهم بالرعب من الواقع الذي غفلوا عنه نتيجة اغترارهم بقوتهم وركونهم إلى خيانة الحكام، فأيقظتهم عملية طوفان الأقصى ليتذكروا حقيقة عجزهم عن مواجهة جيش إسلامي، أو جنود مسلمين وجهًا لوجه، حتى قال بايدن لنتنياهو قبل بدء الحرب البريّة على غزة وحذّره منها كما ذكر اللواء فايز الدويري على قناة الجزيرة الفضائية: «لا ترتكبوا الحماقة الأمريكية في أفغانستان والعراق»؛ لكنه لم يسمع منه، فارتكب تلك الحماقة، وباء بشرّ أعماله، وتأكّدت صورة المسلمين في أذهانهم وأذهان الغربيين، فجُنّ جنونُهم وأخذوا يستعدون ويحشدون كما سنبين في السطور القادمة.

نقل موقع العين الإخبارية في موضوع بتاريخ 16/10/2023م، بعنوان:«حماس»وتكنولوجيا الهجوم… نداء استيقاظ لـ«الناتو»؟ عن إحدى المجلات الأمريكية قائلة: “لكن الصدمة الناجمة عن الهجوم، وفشل وكالات الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة و(إسرائيل) في التقاط علامات الهجوم، دفعت إلى إجراء محاسبة ذاتية جماعية في جميع أنحاء مقر (الناتو)… ويبذل حلف شمال الأطلسي قصارى جهده في استخدام التكنولوجيات المتقدمة، ويستفيد من الشركات الناشئة والقطاع الخاص لتعزيز قدراته في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والاستشعار، والمراقبة؛ ولكن كما أظهر الهجوم المفاجئ على (إسرائيل)، فإن الحلول ذات التكنولوجيا المنخفضة يمكن أن تحبط حتى الجيوش ذات التكنولوجيا المتقدمة». هذا الفشل التقني اليهودي والأمريكي والغربي جعلهم يدركون حقيقة أنّ المسلمين لا يحتاجون إلى قوى متقدمة ولا إلى تفوّق تقني حتى يقاتلوا الغرب، بل بمجرد امتلاكهم قرارَهم السياسي يصبحون قادرين على مواجهة يهود والغرب، وقادرين على الانتصار عليهم، فكل ما يحتاجونه هو القرار السياسي، والمقاتل الذي يحمل العقيدة الإسلامية، فهم عاجزون عن مواجهة هذا المقاتل مباشرة، كما قال الله سبحانه وتعالى فيهم: (لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۢۚ) [الحشر: 14]، وقد أثبتت حرب يهود على غزة بعد عملية (طوفان الأقصى) هذه الحقيقة، فهذه أربعة أشهر تكاد تنقضي ولم يحقق كيان يهود شيئًا من أهدافه رغم ما دفع به من فرق وألوية وكتائب إلى قطاع غزة، فلم يَعدْ إلا بالقتلى والمصابين وتدمير آلياته، واحتجاجات أهالي الأسرى، واشتداد المعارضة الداخلية على المستويين الشعبي والحكومي، وانهيار في الاقتصاد، وانجرار كيان يهود إلى محكمة العدل الدولية، وتغيّر في الرأي العام العالمي الشعبي… رغم ما أحدثه من دمار وقتل عن طريق القتال عن بُعد (إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۢۚ).إنّ أشدّ ما يخشاه الغرب هو فقدان السيطرة، والتفلُّت في المنطقة، وسقوط العروش في الدول المحيطة بكيان يهود نتيجة الغليان الشعبي الناتج عن حرب غزة وما أحدثته من تدمير وتقتيل. وتحاول أمريكا الاستمرار بالإمساك بجميع الخيوط، فقامت بما يلي:

أولًا: حشد أساطيلها وقطعها البحرية في البحر الأبيض والبحر الأحمر وبحر العرب. ومنها حاملتا الطائرات «جيرالد فورد» و«دوايت إيزنهاور».

ثانيًا: تزويد قواعدها في المنطقة بالطائرات المتطورة والصواريخ والذخائر، كما فعلت بإرسالها طائرات (إف 15) إلى قاعدة موفق السلطي في الأردن [لتعزيز وجودها في المنطقة ودعم دولة الاحتلال] في السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2023م.

ثالثًا: القيام بتدريبات عسكرية في شرق البحر المتوسط في الأيام التي سبقت الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2023م، كما نقل موقع وكالة الناس الإخبارية بتاريخ 4/11/2023م عن موقع (يو نت) اليهودي، ونقل الموقع عن قائد إحدى السفن قوله: إن «هذه العمليات والتدريبات تستعرض قدرة البحرية الأمريكية على تنفيذ مختلف المهام بشكل سلس، والقيام بردع مناهضينا، ودعم حلفائنا وشراكاتنا». وقد شارك في التدريبات أكثر من 11 ألف عسكري أمريكي.

رابعًا: قيام حلف الناتو بأكبر مناورة منذ مناورة (ريفورجر) عام 1988م، وتسمى هذه المناورة باسم (المدافع الصامد)، يشارك فيها 90 ألف جندي، ونحو 50 سفينة حربية و80 طائرة و1100 مركبة قتالية من أنواع مختلفة، بدأت في الأول من شباط/فبراير 2024م وتستمر أربعة أشهر حتى نهاية شهر أيار/مايو القادم، تشترك فيها دول حلف الناتو الـ (31) إضافة إلى السويد، الدولة المرشحة للانضمام لحلف الناتو. وعن هذه المناورةقال الأدميرال روب باور رئيس اللجنة العسكرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إنه «لن يكون كل شيء على ما يرام في السنوات العشرين المقبلة»، مضيفًا أن الحلف لهذا السبب «يستعد لصراع مع روسيا والجماعات الإرهابية، إذا وصل الأمر لهذا الحد، إذا هاجمونا»، وتابع قائلًا: «نحن لا نسعى إلى أي صراع؛ لكن إذا هاجمونا، علينا أن نكون مستعدين»، وهذا ما يؤكّد حالة الرعب التي دبّت في نفوسهم بعد عملية (طوفان الأقصى). وجاء الرد الروسي على لسان نائب وزير الخارجية ألكسندر غروشكو بقوله عن المناورة: إنها تشكل «عودة لا رجعة فيها» من الناتو إلى مخططات الحرب الباردة.

ومع ذلك يبدو أنّ الغرب لم يتعلّم من أحداث غزة الأخيرة، فما زال يظنّ أنّه يُحكِمُ السيطرة على منطقة العالم الإسلامي بحشد جيوشه وإجراء المناورات والتدريبات العسكرية ودعم قواته في قواعده في بلادنا، ونسي القناعة التي وصل إليها من أنّ المسلمين لا يقف أمامهم شيء إذا أرضَوا ربهم وأقاموا خلافتهم، ولا يحتاجون إلى تقنيات متقدمة ولا إلى أسلحة متطورة، ولا يغيب عن أذهانهم أن المدمرة كول لم تحتَجْ لأكثر من استشهاديين اثنين لإحداث فجوة كبيرة فيها، وكادوا يغرقونها في 12 تشرين الأول/أكتوبر من عام 2000م، ولم تنسَ أمريكا هزائمها وخسائرها في العراق وأفغانستان، حين هربت بجنودها حتى دون إخبار حلفائها، ونسيت نصيحتها لنتنياهو بعدم ارتكاب حماقة أمريكا في العراق وأفغانستان، والغرب يعلم أن موظفيه من الحكام في بلاد المسلمين قد آن وقت زوالهم، وأنهم لن ينفعوا أنفسهم، فضلًا عن أن ينفعوها.

ورغم خوف الغرب من تفلّت الأمور في منطقة العالم الإسلامي وخروجها عن السيطرة، وزعمه أنّه لا يريد أن يتوسع الصراع فيها؛ إلاّ أنّ أمريكا فوق دعمها العسكري لكيان يهود تقوم بالاعتداء على العراق وسوريا، وتشاركها بريطانيا في الاعتداء على اليمن، وتبرّر كل ذلك بـ(الدفاع عن النفس)، وكأنهم ليسوا هم الذين احتلوا العراق، وهم الذي قاموا بحماية بشار وساقوا معهم دولًا أخرى لهذا الغرض منها روسيا وإيران وتركيا وغيرها… وكأنّ المسلمين هم الذين يحتلون أمريكا ويهاجمونها في عقر دارها، وإنّ ذلك لكائن بإذن الله قريبًا، وستكون قواعدهم وقواتهم وأساطيلهم غنائم للمسلمين، وسيكون جنودهم أسرى بأيدينا.

 كما يتبجح نتنياهو بأنه يحارب دفاعًا عن النفس، ويتغافل عن أنهم هم الذين اغتصبوا أرض المسلمين المباركة فلسطين، وكأنهم ليسوا هم الذين قاموا بالمجازر فيها، وليسوا هم الذين يقتحمون المدن والقرى الفلسطينية، ويقتلون الشباب والكبار والصغار والنساء، ويهدمون البيوت ويجرفون الطرقات، بإجرام لم يسبقهم إليه أحدٌ!! ولكنّ المتيقَّن منه أن تهديد وجودهم قد عاد لأذهانهم، واستيقظوا من غفلتهم ليدركوا أنّه قد اقترب اليوم الذين يجدون فيه أنفسهم بدون كيان، هذا إنْ بقي فيهم بقية من حياة ليدركوا ذلك.

واللافت للنظر أيضًا وقوع العديد من المناورات والتدريبات العسكرية في المنطقة لدول مختلفة منذ عملية (طوفان الأقصى) وحتى الآن، منها:

أولًا: التدريبات العسكرية الصينية العمانيّة، يوم 23/10/2023م، بعدما قامت الصين بنشر 6 سفن حربية بما في ذلك مدمرة صواريخ موجهة، في الشرق الأوسط بعد اندلاع الحرب بين كيان يهود والمجاهدين في غزة، في إشارة لتأهب الصين لدخول حرب في المنطقة، وذلك مع تصاعد الوضع بين يهود وغزة. عن موقع رؤيا الإخباري.

ثانيًا: المناورات الروسية الجزائرية يوم 5/12/2023م، إذ ذكر موقع آر تي في يوم 5/12/2023م: «تجري روسيا والجزائر مناورات بحرية مشتركة في الجزء الغربي من البحر الأبيض المتوسط، وقد وصلت الفرقاطة أدميرال غريغوروفيتش بالفعل إلى هناك للمشاركة في هذه المناورات».

ثالثًا: ذكر موقع العربي الجديد في 16/10/2023م تحت عنوان: تركيا تبدأ مناورات بحرية تستمر 5 أيام شرقي المتوسط، وهي مناورات تدريبية بالذخيرة الحية، نقلًا عن وسائل إعلام تركية.

رابعًا: بالتزامن مع الاشتباكات بين إيران وباكستان، في 19/1/2024م بدأ الجيش الإيراني تدريبات سنوية للدفاع الجوي تمتد من ميناء تشابهار بالقرب من باكستان في الشرق، على طول الطريق عبر البلاد إلى حدودها مع العراق في الغرب، حيث تشمل إطلاق النار الحي من الطائرات، والدرونز، وأنظمة الدفاع الجوي. عن موقع سكاي نيوز عربية. ويبدو أنّ ما قامت به إيران من توجيه ضربات عسكرية داخل باكستان يحمل رسالة لكيان يهود إنْ فكّر بشنّ حرب ضد إيران، بحجة دعم إيران لأذرعها الأمنية في لبنان واليمن، وهي الفكرة التي كانت بريطانيا وأوروبا يدفعان كيان يهود لتنفيذها.

خامسًا: قامت الأردن بالطلب من أمريكا بتزويدها بمنظومة دفاع جوي (باتريوت) كما ذكر مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري للتلفزيون الأردني: تعزيز الدفاع عن حدودها في وقت يشهد تصاعد التوتر والصراع في المنطقة. وأضاف: «الطائرات المسيرة، أصبحت تشكل تهديدًا… وطلبنا من الولايات المتحدة تزويدنا بمنظومة مقاومة لها» علمًا أنه قد جرى نشر منظومة باتريوت الأمريكية في الأردن في عام 2013م في أعقاب انتفاضة في سوريا، إذ كانت المملكة تخشى أن يتسع نطاق الحرب الأهلية وتشعل صراعًا إقليميًا، على حدّ قوله. عن موقع يورو نيوز 30/10/2023م. ولكن يبدو أنّ الأردنّ أرادت من هذا الطلب أنْ تكون خطّ دفاع متقدم عن كيان يهود لو وقعت حرب بين كيان يهود وإيران.

وقد نتج عن عملية طوفان الأقصى وما تلاها من حرب كيان يهود على غزة؛ نتج عنها قضية أمن الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، القضية التي افتعلتها أمريكا بتحريك عملائها الحوثيين لتهديد الملاحة في تلك المنطقة؛ لتجعل ذلك ذريعة لإيجاد تحالف لحفظ الأمن، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، محاولة أنْ تسوقَ تحت جناحها دول أوروبا، ولتمنع بريطانيا وأوروبا من أن يتصرّفوا وحدهم تجاه تهديد الحوثيين لسفنهم وتجارتهم عبر ذلك الممر المختصر.

ويبدو أنّ دول أوروبا أدركت خطورة ما تقوم به أمريكا فانسحبت إسبانيا من التحالف الأمريكي، ورفضت فرنسا وألمانيا المشاركة فيه، ثم طرحوا في 12/1/2024م فكرة تشكيل قوة أوروبية للمحافظة على الملاحة في تلك المنطقة، وحماية السفن في البحر الأحمر من تهديدات الحوثيين. وقال جوزيب بوريل، مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: إن الاتحاد يسعى لبدء عمل القوة الأوروبية لحفظ الأمن بالبحر الأحمر في 17 شباط/فبراير 2024م، عن موقع اليوم السابع 31/1/2024م. ويبرز هنا تساؤل: بعدما قامت أمريكا بحرمان أوروبا من الغاز الروسي، هل تسعى إلى حرمانها من نفط الشرق الأوسط؟ أو على الأقل تتحكم في وارداتها منه، وتتحكم في حركة سفنها وقطعها البحرية؟

ونعود إلى الأحداث الأخيرة بين إيران وباكستان، إذ يقول محللون إنّه ينبغي النظر إليها على أنها تهدف إلى إظهار القدرة العسكرية الإيرانية وإرسال رسالة إلى كيان يهود؛ حيث تشير إلى استعدادها لمواجهة «أي عدوان خارجي». وأنّ ضربات الصواريخ الباليستية الإيرانية في العراق وسوريا وباكستان تسلط الضوء أيضًا على قدرة إيران على إبراز قوتها خارج حدودها، إضافة إلى توسّط روسيا بين الدولتين، ومن المتوقع بشكل كبير أن تتوسط الصين بين باكستان وإيران لحل هذا التوتر؛ لأن الصين من أكبر المتضررين في حال توسع الصراع بين إسلام أباد وطهران نظرًا لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية. فالصين تحاول الربط بين دول المنطقة على المستوى الاقتصادي، ومشاريع الصين الاقتصادية تحتاج الترابط الجغرافي بين باكستان وإيران؛ لأن باكستان هي الطريق الأمثل بالنسبة للصين للوصول إلى إيران؛ لأن الخيار الآخر هو أفغانستان غير المستقرة. سكاي نيوز عربية 19/1/2024.

وألفت النظر أخيرًا إلى جملة من التصريحات والتعليقات التي ظهرت بعد عملية (طوفان الأقصى) وحرب يهود على غزة:

أولها: تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر الأربعاء 14/12/2023م الذي قال فيه: إنه لا يمكن هزيمة فكرة في ساحة معركة، ضمن سياق حديثه عن حرب كيان يهود على غزة.

ثانيها: تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «شَدّد على أن الوضع في الشرق الأوسط أشبه بـ«برميل بارود» على وشك الانفجار، ومن الضروري العمل على منع اشتعال الصراع في جميع أنحاء المنطقة».عن الشرق الأوسط 21/1/2024م. ومؤخرًا حذّر من أن العالم يدخل «حقبة الفوضى»، ما يتطلب إصلاحات حاسمة في ظل الحرب (الإسرائيلية) في غزة، والحرب الروسية على أوكرانيا، و«الحرب على الطبيعة» في إشارة إلى تغير المناخ.عن موقع الشرق 8/2/2024م.

ثالثها: رأينا عناوين مقالات في الصحف المختلفة تعبّر عن القلق العالمي مما يجري في غزة وفلسطين، مثل عنوان: (طوفان الأقصى «يبعث القلق في أروقة» الناتو)، وعنوان: (هل يساهم طوفان الأقصى في رسم ملامح النظام العالمي الجديد؟). وعنوان: («طوفان الأقصى» والحرب الإقليمية والدولية)، وغيرها، مما يدلّ على توجّس الغرب من تفلّت الأمور في منطقة العالم الإسلامي، وفقدانهم السيطرة عليها، والهلع الشديد الذي يملأ قلوبهم.

رابعها: رأينا كتابات لبعض الكتّاب ننقل بعضها لبيان تأثير عملية طوفان الأقصى وما تلاها من أحداث، منها قول الأستاذ حسين كرم الدين في عربي بوست: (نرى أن «طوفان الأقصى” قد خلط بالفعل كل الأوراق السياسية والعسكرية، ولا يزال يعيد ترتيبها وتشكيلها في انتظار ما سوف يحمل قادم الأيام من مستجدات، سواء في الساحة الفلسطينية أم الأوكرانية. والأكيد الآن أن العالم بعد يوم السابع من أكتوبر ليس كما قبله». ومنها قول الأستاذ أحمد الدرزي في موقع الميادين: «تدرك القوى الغربية أن هزيمتها في فلسطين تعني تسارع انكفاء الولايات المتحدة، قائدة ما تسميه «المجتمع الحر»، في مقابل تسارع ظهور قوى النظام الدولي الجديد المتعدد الأقطاب والثقافات والسياسات، ما استدعاها للسلوك الوحشي بتغطية الجرائم الكبرى والمستمرة في غزة والدفع بتوجه حاملات الطائرات والبوارج البحرية الأمريكية والبريطانية والإيطالية إلى شواطئ شرق المتوسط، لضبط تطورات الصراع العسكري في فلسطين من جهة، وللتدخل السريع إذا ما اقتضت الحاجة».

وأختم بالتأكيد على ما ذكرته في البداية من إعلان الغرب فشله التقنيّ، وبروز فكرة عدم جدوى جيوشهم ذات العتاد المتقدّم في حرب حقيقية مع المسلمين، وظهور تهديد حقيقي لوجود كيان يهود وكيانات دول الغرب من ورائه، ووقر في أذهان المسلمين أيضًا أنّ محاربة يهود والغرب لا تحتاج إلى جيوش جرّارة، ولا إلى سلاح متقدّم، ولا تحتاج إلا إلى امتلاك القرار السياسي، وأنْ يقتلعوا جذور حكامهم ويعلنوها خلافة على منهاج النبوة، ثم يُنسُوا يهود ومن وراءهم وساوس الشيطان، ويحرروا فلسطين ويقتلعوا الوجود العسكري الغربي من بلادهم. قال تعالى: (قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ١٤)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *