العدد 450-451-452 -

السنة الثامنة والثلاثون، رجب – شعبان – رمضان 1445هـ الموافق شباط – آذار – نيسان 2024م

الخليفة هو ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، والخلافة هي التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور لقرون، وهي وحدها التي يمكنها تحقيق ذلك مرة أخرى

 

مصعب عمير

باكستان

روى الإمام مالك في موطئه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ في خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إلى نَفْسِهَا، قالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما صَنَعَتْ يَمِينُهُ». متفق عليه.

فالإمام العادل هو أمير المسلمين، وهو أول من ذكر من السبعة الذين يستظلون في ظل الله يوم القيامة حين يغشى الحرُّ الشديدُ الناسَ، وقد وصف خاتمُ الأنبياء ورسول الله صلى الله عليه وسلم الحاكمَ المسلم الذي يحكم بالإسلام بأنه ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السلطان ظِلُّ الله في الأرض» صحَّحه الإمام السيوطي في الجامع الصغير، وكذا ابن تيمية في مجموع الفتاوى.

إن الخليفة هو القادر على بسط العدل على هذه الأرض، من خلال تنفيذ أوامر الله ونواهيه، فأحكام الإسلام هي وحدها التي تمنع ظلم الحاكم للمحكوم، واستغلال القوي للضعيف، أو الغني للفقير، أو الأغلبية للأقلية، أو الرجال للنساء… وكان أول من خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم الصحابيُّ الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وهو من قال: «والضّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيّ عِنْدِي حَتّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقّهُ إنْ شَاءَ اللهُ، والقَويّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتّى آخُذَ الحَقَّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللهُ». وقد شهد أهل السماء والأرض العدل بعينه في العصور الإسلامية؛ لكنه تبدَّد بعد هدم الخلافة في رجب 1342 هـ (آذار/ مارس 1924م)، قبل أكثر من مائة عام هجرية، وإن الحاجة اليوم للخلافة باتت أشدّ، في الوقت الذي تبحث فيه جميع شعوب العالم -بغض النظر عن دينها أو أرضها أو أصلها أو عرقها- عن الطمأنينة والمخرج من الظلم الشديد الذي يفرضه عليها النظام العالمي الحالي.

لا يجوز للحاكم في الإسلام استغلال المحكوم أو ظلمه، وكلاهما خاضع لأحكام الإسلام كمصدر للحكم، ولا يمكن لأي رأي أو حتى إجماع في الرأي أن يعلو أو ينسخ حكم الله سبحانه وتعالى في أية مسألة، قال الله سبحانه وتعالى: (وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ)، وبالتالي فإن السلطان ليس دكتاتورًا ولا ديمقراطيًّا، ولا يحكم برأيه الشخصي ولا بإجماع المجالس النيابية، بل بالكتاب والسنَّة فقط، ويرد الأمور إلى شرع الله في أي خلاف، قال الله تعالى: (فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ).

لقد كان الخليفة الراشد الثاني -وأحد العشرة المبشرين بالجنة- أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، نموذجًا في عدالة الحاكم، والتي تجلَّت عندما نازعته امرأة من المسلمين في قوله للناس «لَا تُغَالُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ»، فقالت: « لَيْسَ ذَلِكَ لكَ يا عُمَرُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا)»، فتراجع بفوره عن أمره، ونزل الحاكم القوي على رأي المحكومين، وقد قال رضي الله عنه: «إِنَّ امْرَأَةً خَاصَمَتْ عُمَرَ فَخَصَمَتْهُ». أما بدون وجود ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، فقد أصبح المسلم يُزجّ بالسجن أو عرضة للقتل بمجرد مطالبته بحقه في الإسلام، وأصبحت الدعوة للحكم بالإسلام خاصعة لقوانين «مكافحة الإرهاب»!

في ظل حكم الله سبحانه وتعالى، نال الضعيف والفقير حقّه، ولم تطلق يد الغني على ثروات الأمة، قال الله سبحانه وتعالى: (كَيۡ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ بَيۡنَ ٱلۡأَغۡنِيَآءِ مِنكُمۡۚ)، فالأحكام الشرعية تضمن التوزيع العادل للثروة، مما يتيح لجميع الناس الانتفاع بها.

رُوي في كتاب الأموال للإمام أبي عبيد القاسم، في شأن الخليفة عمر بن عبدالعزيز، أنه كتب إلى عبدالحميد بن عبدالرحمن وهو بالعراق، أن أخرج للناس أعطياتهم، فكتب إليه عبدالحميد إني قد أخرجت للناس أعطياتهم وقد بقي في بيت المال مال، فكتب إليه أن انظر كل من أدان في غير سفه ولا سرف فاقضِ عنه، قال: قد قضيت عنهم وبقي في بيت المال مال، فكتب إليه أن زوِّج كل شاب يريد الزواج، فكتب إليه: إني قد زوجت كل من وجدت وقد بقي في بيت مال المسلمين مال، فكتب إليه بعد مخرج هذا أن انظر من كانت عليه جزية فضعف عن أرضه، فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه، فإنَّا لا نريدهم لعام ولا لعامين.

إلا أنه بدون ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، سيكون هناك تركّز هائل للثروة بأيدي نخبة مختارة من السلطة، سواء من خلال الطرق التي تشرّعها الرأسمالية أو لا تشرّعها، ونحن نشهد كيف تتعاظم ثروات أغنى أغنياء العالم يومًا بعد يوم، وكيف يدقع الفقر في المقابل بين العامة، وكيف هزّت احتجاجات المزارعين الفقراء الهندَ في ظل الديمقراطية، بعدما كانت حصة شبه القارة الهندية في ظل الإسلام تبلغ 23% من الاقتصاد العالمي، وبلغت ذروتها عند 27% في زمن (أورنجزيب الامجير).

إن ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض هو الذي سيخلّص العالم من التركّز الهائل للثروات في أيدي النخبة المصرفية من خلال إنهاء الربا وشرّه، قال الله سبحانه وتعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٢٧٨ فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ ٢٧٩). في الواقع، فإن الخلافة ستحقق رفاهية كبيرة في باكستان، ففي الوقت الحالي يتم استخدام معظم عائداتها الضريبية لسداد الفوائد على الديون المحلية والدولية فقط.

إن ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض هو الذي سيخلّص العالم من التركّز الهائل للثروات في أيدي نخبة من الشركات، من خلال منع تملك الدولة أو الأفراد للطاقة والمعادن، وجعلها ملكية عامة تستغل لصالح جميع الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» رواه أحمد، ومصطلح (النار) هنا يشمل جميع أشكال الطاقة، مثل الغاز والفحم المستخدم كوقود للمصانع والآلات، لتندرج كلها تحت الملكية العامة، وستوفر الخلافة أموالًا كافية لرعاية شؤون رعاياها، بغض النظر عن دينهم أو جنسهم أو عرقهم.

إن ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض هو الذي سيخلّص العالم من التركّز الهائل للثروات في أيدي المسؤولين الفاسدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ» أبو داود، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يحسب للعمال قبل ولايتهم وبعد انتهاء مدتهم، وكان يجبي أيّة ثروة إضافية غير مبررة وجدت بحوزتهم، كما حصر أموال بعض الولاة وأخذ جزءًا من أموالهم لشبهة في طريقة كسبها، كاستغلال المنصب والنفوذ، ووضع المال في بيت مال المسلمين.

إن ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض هو الذي يرفع شأن المرأة في المجتمع، ليس لجمالها أو مالها أو نسبها، بل لكونها من عباد الله سبحانه وتعالى، قال الله سبحانه وتعالى: (وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ٧١)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ. إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» أبو داود، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» ابن ماجة. وفي الوقت الذي تُحرم فيه المرأة في الشرق من حقوقها الأساسية، فإن الإسلام يضمن لها حقوقها في الزواج، وفي التملك، وفي محاسبة الحكام… وبينما يتوجب على المرأة في الغرب إعالة نفسها وأولادها وتربيتهم وحدها، فإن الإسلام يحمي المرأة من الاستغلال، ويوجب على الزوج النفقة على زوجته وإعالتها بينما هي تحمل أولادهما وتبذل شبابها في رعايتهم، سواء أكانت مسلمة أم نصرانية أم يهودية، وإهماله لها ظلمٌ يُرفع للسلطان، وهكذا يتعاون المسلمون والمسلمات في الحياة الأسرية، والأسرة هي حصن المجتمع المسلم.

كذلك فإن للمرأة في الإسلام دورًا هامًّا في إقامة شرع الله في الأرض، فقد كانت السيدة خديجة رضي الله عنها تدعم النبي صلى الله عليه وسلم في  دعوته، وسُمَّية رضي الله عنها كانت أول شهيدة في الإسلام، وتحمّلت المشاق في سبيل الدعوة إلى الإسلام، وأم عمارة وأم منيعة بايعتا النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية وهي بيعة النصرة والحكم. وفي ظل الحكم بالإسلام، تتألَّق المرأة المسلمة، فالسيدة عائشة (رضي الله عنها) كانت فقيهة وعالمة ومن رواة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ورفيدة الأسلمية كانت رائدة في علم الطب، وأم المؤمنين أم سلمة نزل الرسول عند رأيها في الحديبية، وقامت فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) برعاية سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين (رضي الله عنهما) وتنشئتهما.

بوجود ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، سيكون الرعايا غير المسلمين في مأمن من ظلم حكامهم المسلمين؛ حيث يأمر الإسلام بمراعاة حقوقهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللَّهِ، فَلا يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِين خَرِيفًا» الترمذي، فقد ضمن الإسلام الحماية الكاملة لرعايا الخلافة من غير المسلمين، في دمائهم وأموالهم، وحرّم أي إكراه  لهم فيما يتعلق بشعائرهم الدينية الفردية، وذلك سيف الله خالد بن الوليد (رضي الله عنه) مباشرة بعد فتح الحيرة في جنوب العراق، كتب (رضي الله عنه) إلى الخليفة أبي بكر (رضي الله عنه) يخبره فيه عن فرض الجزية وكيف استثنى منها الفقراء وكبار السن والمعاقين من غير المسلمين، قائلًا: «طُرِحَتْ جزيتُه وعيل من بيت مال المسلمين وعياله». وإذا كانت دولة الخلافة غير قادرة على الالتزام بعقد الحماية مع غير المسلمين، فإنها لا تحصّل الجزية منهم، وعندما فتح المسلمون الشام، ولم يستطيعوا حماية غير المسلمين بينما كان نصارى الروم يجمعون القوات لاستعادتها، ردّ الصحابي الجليل أبو عبيدة (رضي الله عنه) الجزية لهم، وقيل لهم: «وَإِنَّمَا رَدَدْنَا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ لِأَنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَأْخُذَ أَمْوَالَكُمْ وَلَا نَمْـنَعَ بِلَادَكُمْ»، وبدلًا من الوقوف إلى جانب نصارى الروم، قال نصارى الشام: «رَدَّكُمُ اللهُ لنا، ولَعَنَ اللهُ الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم علينا ما ردُّوا علينا، ولكن غصبونا، واشتركوا ما قدَرُوا عليه من أموالنا، لَولايتُكُم وعدلُكم. أحبُّ إلينا مما كنا فيه من الظلم والغُشْم»، وبفضل الله انتصرت دولة الخلافة، وعاش غير المسلمين في الشام بمأمن في ظلها لقرون.

في منتصف ليلة الثاني من أغسطس عام 1492م، غادر أسطول كولومبوس ميناء بالوس البحري -غير المعروف نسبيًّا- بسبب ازدحام ممرات الشحن في قادس وإشبيلية باليهود السفارديم، الذين طردوا من إسبانيا بموجب مرسوم الملكة إيزابيلا والملك فرديناند ملك إسبانيا، حيث أُجبر اليهود إما على اعتناق المسيحية أو مغادرة البلاد دون ممتلكاتهم، وعندما علم السلطان بايزيد الثاني بالطرد القمعي لليهود من إسبانيا، أرسل البحريةَ التابعة لدولة الخلافة لإحضارهم إلى أراضي الدولة، وخاصة إلى مدينتي سالونيك وإزمير. بينما تتعرض الأقليات اليوم إلى الاضطهاد في جميع أنحاء العالم بعد غياب ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، فالمسلمون وغير المسلمين في أراضي الشام غير آمنين، يبطش بهم كيان يهود ونظام الطاغية بشار، ولجأ بعضهم إلى الهروب إلى شتى أصقاع المعمورة بحثًا عن الأمان، لا مصير أمامهم سوى الغرق في الطريق أو مذلة الوصول؛ حيث يسكنون عند الغرب كأنهم فراخ مهملة في مزرعة دواجن مدمرة! وخارج الشام مآسٍ مماثلة، فصرخات الأيغور في تركستان الشرقية والروهينجا في بورما لا تجد آذانًا صاغية عند حكام المسلمين، حتى إن حكام باكستان أنفسهم ينكرون سماعها، والمسلمون الفارُّون من الاحتلال الأجنبي لأفغانستان إلى باكستان يعامَلون بازدراء من قبل حكام باكستان، الذين يعتبرونهم عبئًا وليس ثروة، وقد تُرك مسلمو كشمير المحتلة فريسة للطاغية مودي، في حين يمنع حكام باكستان مئات الآلاف من القوات المتأهبة والقادرة على قتال الدولة الهندوسية من تحرير كشمير، مع أن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ)، ويقول: (وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۚ). مع أن الله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ٩)، فبغياب ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، أصبح لحكام المسلمين الحرية في عقد المعاهدات العسكرية والاقتصادية مع الكافر المستعمر؛ وذلك لتسهيل التطبيع مع أمريكا الصليبية في أفغانستان وكيان يهود والدولة الهندوسية، وإذلال المسلمين. وكجزء من معاهداتهم مع الأعداء، فإن حكام المسلمين لا يكتفون بتكبيل جيوش المسلمين فحسب، بل ويلاحقون المسلمين الذين يقاتلون الأعداء، على الرغم من أن حكم الله سبحانه وتعالى في هذا هو القتال حتى طرد المحتل، ورغم تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَرَكَ قَوْمٌ الْجِهَادَ إلاّ ذُلّوا» أحمد.

أيها المسلمون! لقد مرت مائة عام منذ زوال ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، وقد أصابت الناس بزواله خسائر جسيمة، علينا جميعًا العودة إلى إسلامنا وديننا، فاليوم يقع على عاتقنا جميعًا أن نفهم واجبنا، وأن نتحمل المسؤولية الكاملة في استعادة الحكم بالإسلام، والعمل لإعادة الخلافة على منهاج النبوة جنبًا إلى جنب مع حملة الدعوة للخلافة حتى تقام في الأرض، وإن الله سبحانه وتعالى قد وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يكون لهم الاستخلاف في الأرض، (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُون٥٥)[النور: 55].

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *