العدد 441-442 -

السنة الثامنة و الثلاثون، شوال – ذو القعدة 1444هـ الموافق أيار – حزيران 2023م

مستقبل حكومة يهود… بين الضغط الداخلي والخارجي

حمد طبيب – بيت المقدس

بعد تشكيل حكومة يهود، وتجاوزها الأغلبية الدستورية في الكنيست، وحيازتها على 63 مقعدًا من أصل 120؛ ذكرت وسائل الإعلام أن هذه الحكومة ضمت ائتلافًا مع حزبين دينيين متشدِّدين، وثلاثة أحزاب يمينية متطرفة؛ فازت معًا بـ14 مقعدًا في الانتخابات. فقادة الأحزاب بتسلئيل سموتريتش (حزب الصهيونية الدينية)، وإيتمار بن غفير (حزب عوتسما يهوديت/القوة اليهودية)، وآفي ماعوز (حزب نوعام)؛ دخلوا في تشكيلة ائتلاف الحكومة. وقد حصل حزب الليكود على 15 حقيبة وزارية، ضمنها وزارات الأمن والخارجية والتعليم، في حين حصلت حركة شاس الدينية الحريدية – كما تُسمى – على 5 وزارات، حيث سيتولى زعيمها الحاخام آرئيه درعي، وزارتي الداخلية والصحة. في المقابل حصلت حركة المنعة اليهودية المتطرفة – كما يسمُّونها ويطلقون عليها – على 3 حقائب وزارية، على رأسها وزارة الأمن التي سيشغلها زعيمها إيتمار بن غفير، في حين حصلت حركة الصهيونية الدينية على 3 حقائب، أهمها وزارة المالية التي سيشغلها زعيمها بتسلئيل سموتريش. وقد جرت كذلك تعديلات على بعض القوانين داخل كيان يهود، وإضافة صلاحيات جديدة لبعض الوزراء؛ ما أثار ضجةً كبرى في الشارع اليهودي ولدى الجيش، منها ما ذكرته إذاعة الجيش في 29/12/2023م: الاتفاق الائتلافي بين حزب الليكود، وحركة المنعة اليهودية؛ ينصُّ على إخضاع قوات حرس الحدود بشكل تام ومطلق لصلاحيات وزير الأمن الوطني بن غفير، ولفتت الإذاعة إلى أن هذا البند يتيح لبن غفير تشكيل قوة أمنية تابعة له، وتخضع لتعليماته. ومن النقاط الأخرى المثيرة للقلق عند بعض الأحزاب مشاركة حزب نوعام اليميني المتطرف؛ المعادي للمثليين والعرب في الائتلاف. ومن المتوقع أن يصبح رئيس الحزب آفي ماعوز، الذي له مقعد واحد في الكنيست، نائب وزير في مكتب رئيس الوزراء، مسؤولًا عن هيئة ما يسمونه الهوية القومية اليهودية، التي تم إنشاؤها حديثًا، وستكون لهذه الهيئة الجديدة سلطة على المحتوى الذي يتم تدريسه خارج المناهج العادية في المدارس (الإسرائيلية)، ما يمنحه السيطرة على الهيئات غير الرسمية، التي يتمُّ تكليفها بالتدريس في المدارس.

وقد جرت تصريحات عدة على ألسنة أركان ووزراء هذه الحكومة منها تصريح وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير في 25/1/2023م، الذي قال فيه: «بأنه سيواصل اقتحاماته للمسجد الأقصى، في تحدٍّ لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تعهّد لملك الأردن بالحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى بالقدس المحتلة؛ وذلك بعد منع السفير الأردني من زيارة الأقصى في 17/1/2023م». وقال بن غفير في حديث لإذاعة يهود في 25/1/2023م: «مع كل الاحترام لملك الأردن، (إسرائيل) دولة مستقلة. صعدتُ إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى) وسأواصل القيام بذلك». وصرّح كذلك «بأنه سيكون صارمًا في مواجهة الإرهاب». وقال إنه يريد تخفيف قيود إطلاق النار؛ لتمكين ضباط الشرطة من إطلاق النار على المتظاهرين الذين يرمون الحجارة، وتعزيز الحصانة القانونية لقوات الأمن.

فإلى أي حدّ يمكن لهذه الحكومة المضيّ قدمًا بسبب الضغوطات الداخلية والخارجية؟ وهل يستمرّ هذا التلوّن السياسي؛ بين إرضاء الداخل اليميني والخارج الدولي؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال نقول:

أولًا: إن الناظر لطبيعة تشكيلة حكومة يهود الحالية يرى أنها مزيجٌ من المتناقضات، وهي نتيجة حتمية لطبيعة القانون الذي يضبط تشكيل الحكومات في كيان يهود؛ ونتيجة كذلك لطبيعة التنافر والتناقض السياسي بين الأحزاب اليهودية؛ ما بين أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. ففي قانون يهود ينتخب رئيس الوزراء من خلال القائمة القادرة على تجاوز نسبة الحسم 3.25% أولًا، وأخذ أكبر عدد من المقاعد، وتخطّي النصف من مقاعد الكنيست البالغة 120 مقعدًا، ولا يُنتخب الرئيس بشكل مباشر كما هو في كثير من الدول التي تُسمي نفسها ديمقراطية. وهذا بالتالي يجعل رئيس وزراء يهود وهو أعلى قرار سياسي في كيانهم رهين التشكيلة الحكومية، وبالتالي رهين الأحزاب المشكِّلة لهذه الحكومة. فنزول هذه النسبة بصوت واحد عن الحد الأدنى يعني سقوط الحكومة ومعها رئيسها، وبالتالي السعي من جديد لتشكيل حكومة جديدة بانتخابات جديدة.

ثانيًا: إن كيان يهود بشكل عام في سياساته واقتصاده وأمنه هو كيان ضعيف، لا يرتقي حتى لأن يكون دولةً بالمعنى الحقيقي، فهو في الحقيقة يرتبط بالغرب خاصة أمريكا في كل مقوماته، ولولا ذلك ما استطاع البقاء يومًا واحدًا. خاصةً أنه يُحرس من تلك الأنظمة العميلة للغرب برًّا وبحرًا!

ومن خلال هذه الأمور التي ذكرناها، نجيب عن السؤال السابق: الحقيقة أن هذه الحكومة تقوم على المتناقضات السياسية، وهي أشبه ما تكون بحكومة مصلحية؛ لمواجهة القرارات القضائية ضد الحاخام درعي زعيم حركة شاس الدينية الحريدية الذي سيتولى وزارتي الداخلية والصحة، والمتهم بالتهرب من الضريبة، وأدين بهذه التهمة بالإقرار سنة 2022م. وضد رئيس الوزراء الحالي نتنياهو الذي يواجه تهمًا بالفساد المالي والرشاوى والاحتيال؛ خاصة مع شركة بيزك، ومع صحف عبرية حاولت تحسين صورته مقابل رشاوى مالية. وهذا الأمر يجعل من هذه الحكومة رهينة الأحزاب الدينية المساهمة فيها، ورهينة نظرتها السياسية؛ خاصة للأراضي المحتلة في فلسطين، وللمسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص، ما يجعل هذه الحكومة تعيش بين حدّين لا تستطيع تجاوز أي منهما:

الحد الأول: هو الحدّ السياسي وفق الوضع الدولي الراهن خاصة انشغال أمريكا بقضايا عديدة أكثر حساسية وإلحاحًا من القضية الفلسطينية؛ على رأسها الحرب في أوكرانيا. فلا مجال عند أمريكا في الظرف الحالي للتصعيد، ولا مجال للحروب في المحيط، ولا مجال للحلول الآن؛ بسبب الانشغال الدولي بأمور أهم حسب مصلحة أمريكا. فنظرة أمريكا لقضية فلسطين الآن هو التأجيل، وليس استئناف التفاوض، ولا طرح الحلول.

والحد الثاني: هو نظرة الأحزاب اليهودية وبرامجها السياسية، وما تعاني هذه الأحزاب من ضغوط داخلية من الداعمين لها والمنتخِبين. فعلى سبيل المثال لم يستطع بن غفير تأجيل زيارته للأقصى بتاريخ 5/1/2023م رغم مناشدة نتنياهو له وإلحاحه بتأجيل الزيارة. وعندما أراد أن يؤجل الزيارة شنَّت عليه الجماعات الدينية الداعمة له هجومًا كاسحًا اتهمته بالكذب والخيانة السياسية؛ ما أجبره على الزيارة الشكلية والسريعة.

وهناك أمر سياسي آخر داخلي يتعلق بالمعارضة اليسارية والجيش؛ رغم أن الجيش لا يتدخل في السياسة؛ ولكن تصريحات بن غفير المتعلقة بالجيش، ودعوته للسيطرة على الأمن الداخلي، ولإخضاع قوات حرس الحدود بشكل تام ومطلق لصلاحياته، وتمكينه من تشكيل قوة أمنية تابعة له، وتخضع لتعليماته… هذه الأمور وغيرها من تدخلات بن غفير دفعت قادة الجيش للتدخل والتهديد بعدم إطاعة الأوامر من طرف وزير الأمن الداخلي. وقد حصلت تظاهرات عدة في تل أبيب ضمت أطيافًا عدة من داخل الكيان والأحزاب وجماعات حقوقية وقانونية، عبّرت عن سخطها ومعارضتها للحكومة الحالية، وتشكيلتها وسياساتها المؤثرة على الدولة داخليًّا وخارجيًّا. وهذه الحركة هي في تنامٍ وازدياد وتهدّد بالانشقاق في مجتمع يهود بشكل عام. وقد تظاهر أكثر من 120 ألفًا في تل أبيب ليلة السبت 27/1/2023م، وندّدوا بالقوانين الجديدة، وبالأحزاب التي لا تحترم ديمقراطية الدولة؛ خاصة ما يخص قانون المثليين وقوانين حرية المرأة.

لقد ولّد هذا الواقع الكثير من ردات الفعل الخارجية والداخلية، وأدى إلى زيادة التفسخ داخل مجتمع يهود المنقسم أصلًا. ومن ردات الفعل هذه على سبيل المثال:

1- في الجانب الدبلوماسي: فقد أعرب ما يزيد على 100 سفير ودبلوماسي متقاعد في وزارة الخارجية عن قلقهم من إمكانية أن تلحق سياسة الحكومة، التي يقودها نتنياهو، الضرر بعلاقات تل أبيب الخارجية.

2- قبل ساعات من أداء الحكومة الجديدة اليمين، وقع أكثر من 300 حاخام يهودي في أمريكا على رسالة؛ تحذر من أن هذه الحكومة يمكن أن تسبِّب ضررًا لا يمكن إصلاحه لعلاقات الكيان مع اليهود في الشتات. ووصف الموقِّعون بعض سياسات الإدارة الجديدة بأنها لعنة على مبادئ الديمقراطية، واتهموا الحكومة بالتخطيط لتقويض حقوق النساء والمثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية، والعابرين جنسيًّا من يهود، وبالتخطيط لضم الضفة الغربية المحتلة وجعل محكمة يهود العليا تابعة للبرلمان.

3- صحيفة هآرتس العبرية اليسارية وصفت الائتلاف الحكومي الجديد برئاسة نتنياهو بأنه الأكثر تطرفًا وعنصرية، ولديه رهاب المثلية، والأكثر ثيوقراطية في تاريخ كيان يهود، يمكن أن يعمق الانقسامات الداخلية أكثر، ويحدّ من حقوق الأقليات ويفاقم الصراع بين يهود والفلسطينيين بشكل أكبر.

4- صرح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن بعد تشكيلة الحكومة الجديدة بأن أمريكا ستواصل معارضة أي أعمال تقوِّض بشكل لا لبس فيه آفاق حل الدولتين، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، التوسُّع الاستيطاني، والتحركات نحو ضم الضفة الغربية.

5- ذكرت القناة العبرية أن نائبات عن أحزاب المعارضة في الكنيست أرسلن رسالة إلى نتنياهو، يطالبنه فيها بإلغاء بنود في الاتفاقات الحكومية تمسُّ بمكانة المرأة. وحسب القناة فإن النائبات أشرن بشكل خاص إلى بند في الاتفاق بين حزب الليكود وحركة يهدوت هتوراة الديني الحريدي، الذي ينص على وجوب الفصل بين الجنسين في الأنشطة التي تنظمها المؤسسات الرسمية، وتضمنت رسالة النائبات إشارة إلى بند في الاتفاق مع حركة شاس؛ يتيح للمحاكم التوراتية النظر في قضايا مدنية ليست على علاقة بقضايا الأحوال الشخصية، محذرات من أن قضاة المحاكم التوراتية من الحاخامات ينحون إلى إصدار أحكام متحيِّزة ضد النساء. وفي السياق هاجمت رئيسة المحكمة العليا القاضية دورون بينيش الحكومة الجديدة، مشيرةً إلى أن دولة يهود دخلت مع انطلاقها مرحلة مظلمة. وفي مقابلة أجرتها معها إذاعة الجيش أشارت بينيش إلى أن الحكومة الجديدة معادية للمرأة وتكرس عدم المساواة.

6- اتَّهم قادة أحزاب المعارضة، على رأسها رئيس حزب المعسكر الوطني، ووزير الأمن السابق بيني غانتس، 10/1/2023م رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه يجرُّ كيان يهود إلى حرب أهلية خطيرة إذا ما تم تنفيذ خطة وزير القضاء ياريف ليفين التي تبنتها الحكومة ودعمتها أحزاب الائتلاف، وتتضمن تغييرات جذرية داخل جهاز القضاء بهدف تقويض صلاحية المحكمة العليا، وجعل الكنيست المنبر الأخير للمصادقة على جميع القوانين والقرارات التي تعرضها الحكومة وتهدف إلى تحقيقها.

7- زعيم حزب يوجد مستقبل يائير لبيد حذَّر من فوضى جرَّاء خطة تسعى إلى القضاء على الديمقراطية. وقال «دولة مسموح فيها بكل شيء، وتلغى فجأة جميع التوازنات والكوابح لدى السلطة هي ليست دولة ديمقراطية، بل حكومة همها الأساس هو التمسك بالحكم من دون معارضة أو منازعة، ولا حتى إجراءات تعرقل أي نشاط في غير صالح المواطنين، وهذه حرب على البيت بدأناها ولا نعرف كيف ستنتهي».

8- هاجم رئيس وزراء يهود الأسبق إيهود باراك في 9/1/2023م، وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، ورئيس الحكومة نتنياهو، متوعِّدًا بمظاهرات أوسع في كيان يهود.

وهاجم باراك بن غفير ونتنياهو وقال: «المواجهة فُرضت علينا، وسوف يتجرَّعون ذلك بشكل كبير». وقال: «بن غفير يتوعد أن الشرطة ستواجه التظاهرات ونتنياهو يدعمه، وكلاهما سيجلسان ليندما على ذلك». وأضاف: «هذا يكشف هذه الحكومة على حقيقتها؛ مرتشون، ضعفاء، واستغلاليون يستخدمون العنصرية».

9- استمرار الاحتجاجات المتنامية في أوساط يهود، والمناداة بإسقاط الحكومة. ويقول المعارضون إن الإصلاحات المقترحة من شأنها تقويض استقلال القضاء، ودعم الفساد، كما تعدُّ انتكاسة على صعيد حقوق الأقليات، فضلًا عن تهديدها مصداقية الجهاز القضائي في كيان يهود. ورفع متظاهرون لافتات وصفت الائتلاف بأنه حكومة عار.

إن هذا الواقع السياسي الذي تعيشه حكومة يهود الحالية يضعها أمام صعوبات متعددة، داخلية وخارجية، وينذر بزيادة المعارضة تجاهها وربما تقويضها؛ خاصة في ظلّ ضغوط الأحزاب اليمينية التي تسيطر على 14 مقعدًا في الكنيست و15 حقيبة وزارية. وأمام هذا الواقع المتفاقم؛ فإما أن يقوم نتنياهو بافتعال أزمات في المحيط تخفّف الضغط الداخلي والمعارضة، وتؤجل نهاية حكومته حتى يحقق مصالحه وأهدافه. وإما أن يخضع لليمين المتشدد في توسيع المستوطنات، والسيطرة على مزيد من مناطق (ج) في الضفة، والسكوت على اقتحامات الأقصى؛ بما تولّده من انفجار الوضع الأمني في القدس وكافة مناطق فلسطين المحتلة، وبالتالي يضع الحكومة أمام سياسة التحدّي لأمريكا ونظرتها الحالية لقضية فلسطين. وأسهل الأمور أمام حكومة نتنياهو للخروج من الأزمة السياسية التي تواجهه هو الهروب إلى الخارج؛ أي إلى خارج الأزمات الداخلية، وعدم مواجهتها، والعمل على توحيد يهود أمام الأخطار الخارجية، بافتعال الأزمات الأمنية العسكرية؛ بالاقتحامات المتكررة لمناطق السلطة وبشكل دموي وتخريبي؛ كما جرى في مدينة جنين قبل أيام، أو بتوجيه ضربات جوية لقطاع غزة… وهكذا إشغال الأوساط السياسية والعسكرية حتى يتم استقرار الوضع الداخلي.

وفي الختام نقول: إن طبيعة الأحداث الجارية اليوم في حكومة يهود، والصراع السياسي القادم يذكرنا بحقائق منها:

 1- إن ما يجري داخل هذه الحكومة يذكرنا بقوله تعالى: (لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۢۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ ١٤) [سورة الحشر: 14]. فهذه الأحزاب لا يجمعها إلا العدو المشترك وهو الإسلام. فهي متناقضة متنافرة، منقسمة إلى شرقي وغربي، وإلى فقراء ورأسماليين، وإلى سادة وعبيد من حيث الطبقة السياسية والوصول اليها، وإلى متدينين متشددين، وإلى يساريين في أقصى اليسار؛ فهي عبارة عن لقيط وخليط ليس له لون ولا عنوان ولا دين مشترك.

2- رئيس حكومة يهود يحاول نقل المعركة إلى خارج نطاق الحكومة والمعارضة، وإبعاد الأمور عن دائرة المحاسبة القضائية على فساده السابق، وفساد بعض وزرائه. وهذا الأمر يقتضي اللجوء إلى تصدير الأزمة للخارج عن طريق افتعال أزمات مع الفلسطينيين. وهي كما يسمونها الخاصرة الأضعف في الصراع، أو نقلها إلى ضربات محدودة ومدروسة وسريعة إلى غزة. وهذا ما يفسر وضع مصر المحطة الأولى في برنامج زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة؛ وذلك لممارسة ضغوط على كلا الطرفين من أجل تهدئة الأجواء وعدم التصعيد.

3- إن طبيعة الأحداث وتسارعها وفساد يهود يضع السلطة الفلسطينية في موقف صعب أمام أهل فلسطين، وأمام حكومة يهود. ويكون الأمر أكثر صعوبة إذا أقدم الجيش على اجتياح لكامل مناطق السلطة، والقيام بأعمال معينة ضد بعض الأفراد العسكريين والسياسيين.

4- إن الأحداث الجارية في الأقصى وأكنافه تثير في الأمة الإسلامية النقمة على حكامها، وتدفعها إلى إزالة العقبات التي تحول بينها وبين نصرة أهل فلسطين؛ خاصة أنها تتشوَّق لذلك بدافع حبّ الإسلام، وحب الأقصى وكراهية يهود.

فنسأله تعالى أن تكون هذه الأحداث فاتحة خير على أمة الإسلام، وأن يكون فساد يهود سببًا في عودتها إلى دينها تحت قيادة واحدة في دولة خلافة واحدة، تمامًا كما حدث في أيام إفساد الصليبيين وقيام آل زنكي والأيوبيين بتحرير كامل البلاد والعباد. اللهم آمين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *