العدد 334 -

السنة التاسعة والعشرون ذو القعدة 1435هـ – أيلول 2014م

بعد كل جرائمه، الشيطان الأميركي يقدم نفسه في ثوب ملاك مخلِّص!

بعد كل جرائمه، الشيطان الأميركي يقدم نفسه في ثوب ملاك مخلِّص!

ذاكرة الناس في بلادنا ليست قصيرة، إنما همومهم كثيرة، وأحمالهم ثقيلة، وخيباتهم متكررة، وهذا هو الذي تعول عليه أميركا لفرض حلولها الاستسلامية عليهم ولطي صفحات سجلها الإجرامي وتبييض صفحات تاريخها الأسود بحق الإسلام والمسلمين.

لقد كانت أميركا وما زالت الداعم الأول لـ(إسرائيل) وشريكة كاملة في كل جرائمها، كذلك فإنها هي التي تركت النظام السوري يبطش بالناس من غير رقيب ولا حسيب بتواطؤ مفضوح مع روسيا والصين لمنع أهل الشام من الخروج على هيمنتها ونفوذها، كما أنها هي من دمر أفغانستان وحول العراق إلى كيان مسخ بعد أن احتلته 8 سنوات بذرائع باطلة، فشردت الملايين من أهله في الداخل والخارج، وقتلت مئات الآلاف، ودمرت بنيته التحتية والفوقية، وقضت على كيان الدولة فيه، واستبدلته بنظام سياسي هجين شاذ تفوح منه روح الطائفية المقيتة والقومية النتنة، مع دستور يرسخ الكراهية والانقسام (دستور الأقاليم الاتحادية!)، صانعة بذلك بيئة خصبة لصراعات متنوعة وحروب مستديمة.

وعندما فشلت في اعتماد العراق كنقطة ارتكاز لمشروعها الجهنمي في بناء شرق أوسط جديد سحبت جيوشها منه (2011م)، مع إبقاء هيمنتها الاستخباراتية والأمنية والسياسية عليه.

لقد أفسحت أميركا المجال منذ بدء احتلالها الغاشم للعراق إلى يومنا هذا بإجراء عمليات تصفية وتطهير عرقي وطائفي واسع النطاق في كافة أنحائه، فضلاً عن ممارستها أبشع أساليب القتل والتعذيب الذي فضح زيف حضارتها وديمقراطيتها المزعومة.

وبعد أن اشتعل الصراع في الشام، وتمدد في العراق، وكثر الهرج والمرج والعبث الدموي وعمت الفوضى المدمرة التي غضت أميركا الطرف عنها طويلاً، عادت من جديد بأسراب طائراتها وأسلحتها المدمرة تقصف من تريد لتشكيل الخارطة السياسية في العراق وسوريا بذريعة حماية الأقليات الدينية، بل واستصدرت قراراً من مجلس الأمن بسرعة البرق يبرر تدخلها! لكن لماذا تسمح أميركا بحصول هذا، ولماذا تظهر تردداً وسلبية بل و «عدم مبالاة» ثم تتدخل بشكل حاسم ومباشر لضبط الأوضاع وتحجيم قوى بعينها فيما تدعم أخرى!؟

إنّ أميركا دولة براغماتية، ولها مصالح استراتيجية في المنطقة، ولن تتخلى عنها إلا مرغمة؛ لهذا فإنّ سماحها بحدوث كل تلك الفوضى أمر مقصود، تهدف منه إلى خلق بيئة تجعل تدخلها ضرورة وحلها مقبولاً؛ فتعيد بذلك صياغة الأوضاع بحسب مصالحها، مقدمةً نفسها بوجه «إنساني» يحرص على إنقاذ المنطقة من «التطرف والإرهاب» الذي تمثله «دولة البغدادي»، التي يتم تقديمها للرأي العام العالمي على أنها دولة ظلامية، تريد استئصال الأقليات، وتقمع وتفجر وتسفك الدماء بلا رحمة، مع تشويه كل ما تمثله من نظام سياسي باسم الخلافة، وتشويه تحكيم الشريعة باسم تطبيق الإسلام، وتشويه فكرة توحيد البلاد باسم كسر حدود الاستعمار بصورة مروعة يصاحبها سفك الدماء واستثارة العداء بين مختلف شعوب الأمة الإسلامية الواحدة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *