العدد 390-391-392 -

السنة الثالثة والثلاثون -رجب – شعبان – رمضان – 1440هـ – آذار – نيسان- أيار 2019م

رمضان شهر الله… وشهر القرآن… فأكرموا أنفسكم فيه

رمضان شهر الله… وشهر القرآن… فأكرموا أنفسكم فيه

شهر رمضان خصه الله بإنزال القرآن فيه، فكان أعظم الشهور، وليلة القدر فيه هي خير الليالي، وقد جعله الله موسمًا سنويًا للطاعات، يعظم فيه الأجر، ويجزل العطاء، ويفتح أبواب الخير لكل راغب… هو  شهر يصفد الله فيه الشياطين ليفتح لعباده سبيل العبادة والتقرب إليه أكثر مما في غيره؛ لذلك تكون فيه الرحمة والمغفرة والعتق من النار أكثر من غيره، اشتهرت بفضله الأخبار وتواترت فيه الآثار:

– ففي الصحيحين عن أبي هريرة  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين» وإنما تفتح أبواب الجنة في هذا الشهر لكثرة الأعمال الصالحة , وترغيبًا للعاملين، وتغلق أبواب النار لقلة المعاصي من أهل الإيمان، وتصفد الشياطين فتغل فلا يخلصون إلى ما يخلصون إليه في غيره. فلا يصلون إلى ما يريدون من عباد الله الصالحين من الإبعاد عن الحق والتثبيط عن الخير وهذا من معونة الله لهم أن حبس عنهم عدوهم؛ ولذا نجد عند الصالحين من الرغبة في الخير والعزوف عن الشر في هذا الشهر أكثر من غيره

– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني. يعني إيمانًا بالله ورضًا بفرضية الصوم عليه، واحتسابًا لثوابه وأجره، ولم يكن كارهًا لفرضه، ولا شاكًّا في ثوابه وأجره، فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه.

– وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصلوات الخمس،  والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».

– ومن فضائل الصوم أن الصائم يعطى أجره بغير حساب، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم. والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه».

 – ومن فضائل الصوم : أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة، فعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي، منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيشفعان». رواه أحمد.

– عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للجنة بابًا يقال له الريان. يقال يوم القيامة: أين الصائمون؟ فإذا دخلوا أغلق ذلك الباب» رواه البخاري ومسلم.

– إذا قام الصائم بواجب صيام رمضان فقد فتح لنفسه باب التقوى، قال تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ وهكذا تبرز الحكمة الشرعية من الصوم، إنها التقوى. فالصائم مأمور بتقوى الله عز وجل، وهي امتثال أمره واجتناب نهيه، وهذا هو المقصود الأعظم بالصيام، وليس المقصود تعذيب الصائم بترك الأكل والشرب والنكاح، فالتقوى تستيقظ في القلوب عندما تؤدى هذه الفريضة طاعة لله، وإيثارًا لرضاه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». رواه البخاري. وإذا تمشَّى الصائم بمقتضى الآية السابقة والحديث، كان الصيام تربية لنفسه، وتهذيبًا لأخلاقه، واستقامة لسلوكه، ولم يخرج من شهر رمضان إلا وقد تأثر تأثرًا بالغًا يظهر في نفسه وأخلاقه وسلوكه.

ومن آدابه المستحبة:

– أن تستقبل رمضان بنية أن تصومه إيمـانًا واحتسابًا بالعزم على التزود فيه بصالح الأعمال، فمن أدركه رمضان ولم  يغفر له فقد خاب وخسر.

– إذا رأيت هلال رمضان فقل كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله هلال رشد وخير». رواه الترمذى وحسنه. وهذا الدعاء فى كل شهر، وهو فى رمضان ألزم .

– تأخير السحور، وأن ينوى بسحوره امتثال أمـر الله ورسوله ليكون سحوره عبادة، وأن ينوي به التقوِّي على الصيام ليكون لـه بـه أجر.

– تعجيل الفطـر، وذلك عند غروب الشمس ، فعـن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال أمتي بخيـر ما عجلوا الفطر». رواه البخاري ومسلم.

– أن يفطر علي رطبـات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء، كما في الحديث الصحيح، فإذا صلى المغرب تناول حاجته من الطعام.

– الدعاء عند الفطر؛ إذ ثبت عنه صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقول عند فطره: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله». رواه أبو داود وحسنه الألبانى.

– أن يستحضر الصائم قدر نعمة الله تعالى عليه بالصيام، حيث وفقه له وأتمه عليه، فليحمد الصائم ربه على نعمة الصيام التي هي سبب لمغفرة  الذنوب، وتكفير السيئات، ورفع الدرجات في دار النعيم.

– قيام رمضان بصلاة «التراويح»، وهي سنة مؤكدة، وتسن فيها الجماعة، ولها ميزة وفضيلة عن غيرها لقوله صلى الله عليه وسلم :«من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما  تقدم من ذنبه» رواه الجماعة.

– اغتنام العشر الأواخر، ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» رواه البخاري. وفي رواية لمسلم عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره».

– الاعتكاف: ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى».

12- تحرى ليلة القدر: التي هي خير من ألف شهر؛ لأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن. ومن فضائل هذه الليلة ماثبت في الصحيحين من حديث أبى هريرة رضى الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه». وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة والدعاء؛ لما روت السيدة عائشة رضى الله أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال:«قولي: اللهم  إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنى» رواه الترمذى وابن ماجه وصححه الألباني.

– كثرة القراءة والذكر والدعاء والصلاة والصدقة، روى البخاري عن ابن عباس – رضي  الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في  رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة». وكان جوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في رمضان لشرف وقته ولمضاعفة أجره، وإعانة العابدين فيه علي عبادتهم، والجمع بين الصيام والإطعام.

– العمرة: لما رواه ابن عباس، رضى الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة» رواه أحمد وابن ماجه.

– شرع الله لنا في ختام رمضان عبادات تزيدنا منه قربًا، وتزيد إيماننا قوة؛ فشرع لنا التكبير عند إكمال العدة من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، قال تعالى: ﴿وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا
هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ وشرع لنا صدقة الفطر، وشرع سبحانه لعباده صلاة العيد، وهي من تمام ذكر الله تعالى، ومما شرعه الله عز وجل صيام ستة من شوال، ففي صحيح مسلم من حديث أبى أيوب الأنصاري رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال، كان كصيام الدهر كله».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *