العدد 390-391-392 -

السنة الثالثة والثلاثون -رجب – شعبان – رمضان – 1440هـ – آذار – نيسان- أيار 2019م

تعامل الآباء المؤسسين لأميركا مع الهنود الحمر… صور من البشاعة المغيبة عن الأنظار

تعامل الآباء المؤسسين لأميركا مع الهنود الحمر…

صور من البشاعة المغيبة عن الأنظار

المهندس شفيق خميس – اليمن

هذا المقال يبين عقلية أميركا الإجرامية، ليس في حق المسلمين فقط، بل بحق البشرية جمعاء، وهي عقلية مبنية على فكر عقدي قائم على (فصل الدولة عن الدين) أُقصي فيه الدين عن الدولة إقصاء كاملا؛ً بحيث لا تبرز في تصرفاتها إلا الناحية المادية القائمة على الأنانية المفرطة وتحقيق المصالح على حساب الآخر، سواء أكان هذا الآخر يحمل عقيدة المبدأ نفسه، أم كان معاديًا له. فالهنود الحمر، أو العبيد، أو المسلمين، أو حتى ما حدث من حربين عالميتين، كانت ضحاياهما بعشرات الملايين، غالبيتهم من أهل  المبدأ نفسه … فالنظرة واحدة، (أنا، ولا أحد غيري) (أنا، ومن بعدي الطوفان)؛ لذلك جاء هذا المقال ليفضح العقلية الأميركية المشبعة بالإجرام، والفكر الرأسمالي الذي ما عرف العالم معه إلا القتل والدمار والأزمات والإرهاب (على اعتبار أنهم هم الإرهابيون الأصليون)، والاستعمار والحروب، والإفقار، حتى إن ما يحدث في الطبيعة من كوارث: زلازل، وتغير مناخ، وتصحُّر، وانتشار أوبئة وأمراض… إنما هو وليد هذه الحضارة البائسة، التي أصابت شرورها حتى أهلها. لقد آن أوان هذه الحضارة أن تزول… وآن لحضارة الإسلام أن تقود من جديد.

ذكر المؤرخ الأميركي ريتشارد سلوكتين: «إذا كان لا بد من شعار يرمز لأميركا وتاريخها، فليس هناك ما يعبر عن هذه الحقيقة سوى هرم هائل من الجماجم». لقد أنهك الأوروبيون الإنجلوساكسون البروتستانت الفارون من ظلم الكنيسة وإفسادها لحياتهم في أوروبا، أنهكوا الهنود الحمر السكان الأصليين للعالم الجديد باستعمار أراضيهم، ثم تقتيلهم بحملات إبادات فظيعة بدأت بالحروب الجرثومية من جدري وحصبة وطاعون وإنفلونزا وسل ودفتيريا وتيفوس وكوليرا، ثم برصاص البنادق والسكاكين والحرق والتدمير… في أبشع صور حروب الإبادة البشرية على الإطلاق.

قد تستغرب من أفعال الإبادة التي تعرض لها الهنود الحمر على أرضهم، فإنها حدثت بالفعل، حتى إن أحفاد الفاعلين لا يتوارون عن القوم بسوء أفعالهم تلك، ويعتبرون حدوث ذلك العمل صحيحًا بعيدًا كل البعد عن الخطأ، وكان ضروريًا القيام به؛ لأن الهنود الحمر يستحقون ما حل بهم؛ لأنهم متوحشون بربريون… فجاز إفناؤهم لإفساح العيش أمام غيرهم من البشر المتحضرين!! وعلى مر السنين التي تلت إبادة الهنود الحمر لا بد لأحفاد من قاموا بإبادتهم أن يحتفلوا ويرفعوا الأنخاب ويتبادلوا التهنئة مفاخرين بأفعال أسلافهم. فـقد كتب كريستوفر هيتشنز، وهو كاتب وناقد صحفي أميركي: «من لا يحتفل بإبادة سكان أميركا الأصليين إنسان يكره إنسانيته. إنه مخبول، جاهل بليد… هذه الإبادة تستأهل التمجيد والفخار لأنها ساهمت في تحسين الوضع الإنساني».

ولدت الولايات المتحدة في 1776م، بعد أقل بقليل من 300 عام على بدء إبادة السكان الأصليين من الهنود الحمر على أكوام من جثثهم تحت شعار “شعب مكان شعب، وثقافة مكان ثقافة”، فهل اختلف تعامل الأميركيين ورؤسائهم من الآباء المؤسسين مع الهنود الحمر أم استمر المنوال على ما هو عليه؟

يردد الأميركيون على أسماع الناس مصطلح الآباء المؤسسين، ويطلقون عليهم الألقاب والنياشين، ويضفون عليهم بالغ الاحترام والتقدير، بل وحتى التقديس. ويقصدون بالآباء المؤسسين عددًا من السياسيين الأميركيين الذين وقعوا على وثيقة الاستقلال والدستور الأميركي، وحاربوا الاستعمار البريطاني بمساعدة خفية من فرنسا التي كانت تشاطر بريطانيا وإسبانيا احتلال العالم الجديد بعد فتحه أمام الهجرات من بلاد أوروبا المختلفة، والذين عاصروا قيام الدولة الأميركية “من ثلاث عشرة ولاية” على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية اليوم، وأرسوا قواعدها.

عدد لا بأس به من الآباء المؤسسين صاروا في وقت لاحق رؤساء للدولة الأميركية الوليدة. كجورج واشنطن، وجون كوينسي آدامز، وتوماس جيفرسون، ووليم هاريسون، وأندرو جاكسون. مجّدهم التاريخ الأميركي، وسميت بأسمائهم عدد من المدن والشوارع والجامعات والحدائق وغيرها من المرافق، ونُصبت لهم التماثيل. ومنهم من كتب الدستور بيده كهاريسون. ويقتطف السياسيون الأميركيون ممن جاء بعدهم أجزاء من خطبهم وكلماتهم كمرجعية يستشهدون بها في مناسبات مختلفة. لكن دعونا ننظر كيف تعامل أولئك الرؤساء الأميركيون مع الهنود الحمر؟

جورج واشنطن هو أول رئيس للولايات المتحدة، مُلهِم أميركا ورمز من رموزها ومفخرة من مفاخرها. تنسب إليه العاصمة واشنطن، وتزين أيقونته ورقة الدولار، وتصوره آلاف التماثيل، وتحمل اسمه عشرات المدن على طول وعرض الولايات المتحدة الأميركية.

قاد جورج واشنطن الحرب على الهنود الحمر، وأوقع فيهم تقتيلًا، تذكره كتب المؤرخين، ولم ينسَه ضحاياه من الهنود الحمر. حين نُصّب جورج واشنطن رئيسًا لأميركا أمر قائده العام في الحرب على هنود الأروكوا عام 1779م بأن يدمر كل ما يجده على وجه الأرض، ويحضُّه على أن يصمَّ أذنيه عن نداءات السلام أو الرحمة قبل أن تصبح أرض هنود الأروكوا قاعًا صفصفًا. وكتب الجنرال جون سوليفان يبشر رئيسه جورج واشنطن بدمار كل شيء، وبتحويل «تلك الجنان الجميلة إلى قفار مخيفة». [أميركا والإبادات الجنسية، منير العكش، ص: 69].

لقد لقب الهنود الحمر جورج واشنطن بـ”هدّام المدن” بعد أن هدم ثمانيًا وعشرين مدينة من أصل ثلاثين مدينة من مدن هنود السينيكا، وكذلك فعل بمدن هنود الموهوك والكايوغا الواقعة من شمال البحيرات الكبرى شمالًا حتى نهر الموهوك وغيرهم من هنود الشمال، خلال خمس سنوات من سني توليه الرئاسة في أميركا. حتى إن كومبلانتر زعيم هنود الأروكوا قال لواشنطن في 1792م «عندما يذكر اسمك تلتفت نساؤنا وراءهن مذعورات وتشحب وجوههن، أما أطفالنا فإنهم يتلببون بأعناق أمهاتهم من الخوف». [أميركا والإبادات الجنسية، منير العكش، ص70].

تلا جورج واشنطن جون كوينسي آدامز الذي تشارك معه في ملاحقة ما تبقى من الهنود الحمر في مواطنهم الأصلية، وعدم الالتفات إلى ما سيلاقونه على أيدي القوات الأميركية المدججة بالسلاح والعتاد. كان على آدامز أن يستمر في التوسع الذي بدأه سلفه واشنطن، غربًا حتى نهر المسيسيبي.

الرئيس توماس جيفرسون انضم إلى من سبقه من الرؤساء الأميركيين في سياسة الإبادة للهنود الحمر الذين يقفون في وجه التوسع الأميركي باستخدام كافة الأسلحة بما فيها السكاكًين. وكانت كلماته وأوامره صريحة في إيقاع الأذى بالهنود الحمر ومحوهم من العالم الجديد. جيفرسون أصدر أوامره لوزير حربه: «لن نرفع هذه البلطة عن رؤوسهم حتى يبادوا عن بكرة أبيهم أو يرحلوا إلى ما وراء نهر المسيسيبي. نعم قد يقتلون بعضًا منا، لكننا في النهاية سندمرهم جميعًا؛ إذ ليس لدى الحكومة الأميركية من خيار سوى مطاردة الهنود واستئصالهم من الأرض». [أميركا والإبادات الجنسية، منير العكش، ص: 70].

الرئيس أندرو جاكسون الذي تزين أيقونته المقدسة ورقة العشرين دولارًا كان يتباهى بالقول إنه يسلخ جلود كل من يقتلهم ويحتفظ بها، وأنه سلخ جثث مئات الهنود وجدع أنوفهم ودبغ جلود أجسادهم لجعلها أعنّة للخيول. وكان يأمر القوات الأميركية بقتل كل نساء الهنود وأطفالهم والبحث عنهم في مخابئهم لاستكمال هذه الإبادة. [أميركا والإبادات الجنسية منير العكش، ص: 68].

كذلك يروي دافيد ستانراد قصصًا مؤلمة عن مذابح النساء والأطفال التي ارتكبها الرئيس أندرو جاكسون لاستكمال مهمة الإبادة. [أميركا والإبادات الجنسية، منير العكش، ص: 54].

جاكسون أكد أنه الحفيد المقتدي بمن سبقوه من مبيدي الهنود الحمر، يحمل نفس مخطط الإبادة، ولا يتوانى عنه بحكم منصبه الرفيع في الدولة الأميركية، يشحذ همم من خنعوا من الأميركيين، وتبادر إلى ذهنه بأنهم سيتوقفون، حين سنحت له الفرصة بتذكيرهم في رسالته السنوية الثانية للكونجرس قال: “على بعض الأميركيين الذين يتباكون على طرد الهنود الحمر إلى القبور أن يفهموا بأن هذا لا يختلف عن موت جيل من أجل أن يفسح المجال للجيل الذي يليه”. [المصدر السابق، ص: 68].

وليام هاريسون الذي كان رئيسًا أميركيًا من الآباء المؤسسين استعرض أمامه الجنود الأميركيين، تم التمثيل أمامه بالهنود الحمر، ثم قُتل الزعيم الهندي تيكومسه شر قتلة ومزق جلده وفروة رأسه ليأخذه الجنود تذكارات لهم، ومع ذلك تحمل اليوم عدد من المدن الأميركية اسم هذا الرئيس وعشرات التماثيل متقلدًا سيفا وممتطيًا حصانًا، منها ما هو تحت قبة الكونغرس، ومنها ما هو قبالة البيت الأبيض بواشنطن، تخليدًا لما فعله بهنود الجنوب الحمر.

إن الكلمات التي نقلت عن باشغنتاكيلياس زعيم شعب دولاوير الهندي أنه قال سنة 1787م، تعني مدى ما أحدثه المهاجرون القادمون من وراء الأطلسي من جرائم ظنوا أنها دفنت بمجرد الانتهاء منها، مستخدمين في تحقيقها السكاكين كغيرها من أدوات القتل بجانب الوعود الكاذبة إذا لم يستسلم الهنود الحمر لما يمليه عليهم القديسون بالسيادة عليهم «إنهم يفعلون ما يحلوا لهم، يستعبدون كل من ليس من لونهم. يريدون أن يجعلوا منا عبيدًا، وحين لا يتحقق لهم ذلك يقتلوننا. إياك أن تثق بكلماتهم أو وعودهم. إنها أحابيل، صدقني، فأنا أعرف سكاكينهم الطويلة جيدًا». [أميركا والإبادات الجماعية، منير العكش،  ص: 53]

يتألف الهنود الحمر من أربعمائة أمة عاشت في الأميركيتين، تعرضت مع قدوم الرجل الأبيض للإبادة بصورة تشبه المحو لوجودها ليستبدل الرجل الأبيض ثقافته بثقافتها. البعثات الأوروبية التي قدمت إلى أميركا للتعرف على من تبقى من أمم الهنود الحمر سجلت التناقص الخطير في أعداد الأمم الهندية، كبعثة لاسال، التي جاءت على إثر بعثة دوستو، وصلت إلى أميركا في 1682م، أي بعد قرابة المئتي عام على قدوم كولومبوس إلى العالم الجديد؛ حيث كانت الأمم الهندية قد تعرضت لأعمال محو وإبادة واضحة ظهرت حين قامت تلك البعثة بتسجيل الأمم الهندية، وتعرفت على 52 أمة فقط من الأمم الـ400. تبعتها بعثة عالم الأحياء الفرنسي جان لوي برلاندييه في عام 1828م، فسجلت تناقصًا آخر للأمم الهندية التي سجلت أربع أمم هندية فقط. فيما سجلت غيرها من البعثات ست أمم فقط هي موهوك، أونيدا، أونونداغا، كايوغا، سينيكا، توسكاريرا، تنضوي تحتها شعوب الهنود الحمر وقبائلها.

مؤخرًا أجرت الولايات المتحدة في 1892م إحصاء لما تبقى من الهنود الحمر على أرضها، وكانت نتيجته ربع مليون نسمة [أميركا والإبادات الثقافية، منير العكش، ص: 74] بدلًا من 18,5 مليون قبل خمسة قرون!

مؤسسة سميثسونيان الرسمية الأميركية ظلت لفترة طويلة تنافح بأن عدد الهنود الحمر حين قدوم كولومبوس لم يتجاوز المليون. فرانسيس جننغز الرئيس السابق لجمعية الدراسات العرقية والمدير السابق لمركز تاريخ الهنود الأميركيين فند الزعم الباطل والافتراضات الزائفة المبنية على العنصرية.

درج الرؤساء الأميركيون فيما بعد على ما فعله الرؤساء من الآباء المؤسسين بالهنود الحمر فحذوا حذوهم واقتدوا بهم، فهذا الرئيس شارل غرانت من جهته أطلق سياسة السلام التي دارت حول اجتثاث الهنود بالتعليم والتبشير. وتكشف عن إصرار الرجل الأبيض على المضيِّ قدمًا في استبدال أنفسهم بالهنود الحمر، ومحو أية آثار قد تدل على أن غيرهم عاش على أرض العالم الجديد. وسياسة السلام هذه جاءت بعد فشل الرجل الأبيض في القضاء المبرم على الهنود الحمر بالحرب. هكذا يكون الكونجرس والبيت الأبيض ضالعين في تصفية الهنود الحمر في أرضهم. سياسة السلام تلك تنضح بذلك، والنص التالي يكشفها: «لقد انقضى عهد الحرب مع الهنود. ما نحتاج له اليوم هو جيش (مسيحي) من المعلمين. هذا هو الجيش الذي سيربح الحرب. إننا سنقضي على البربرية، ولكننا سنفعل ذلك بالقضاء عليهم بربريًا بعد بربري. سنغزو عقل كل فرد منهم، كل ذكر، وكل أنثى، وكل طفل، وسنعلّمهم الحضارة الحق. إننا سنقهر الهنود ونسحق هنديتهم بجيش من المعلمين المسلحين بالأفكار، ونحقق انتصاراتنا بالتدريب الصناعي وبإنجيل المحبة وإنجيل العمل». [أميركا والإبادات الثقافية، منير العكش، ص: 97] والرئيس ثيودور روزفلت مضى على أثر سابقيه فقال: «لن تنتصر قيمنا الحضارية ما لم نتخلق بالأخلاق البربرية» [أميركا والإبادات الجنسية، منير العكش، ص: 53]. وقوله كل تاريخنا الوطني كان تاريخًا للتوسع. ففي عهد واشنطن وآدامز توسعنا غربًا حتى الميسيسبي. وفي عهد جيفرسون توسعنا في القارة حتى ثغر كولومبيا. وفي عهد مونرو توسعنا في فلوريدا ثم في تكساس وكاليفورنيا. [أميركا والإبادات الجنسية، منير العكش، ص: 77]

كذلك فعل الرئيس الأميركي جورج بوش الأب في حرب الخليج الأولى حين استخدم جيشه الرصاص والقذائف المصنوعة من اليورانيوم المنضب فلوثت الهواء وأضرت بالإنسان والحيوان والنبات والبيئة، وكشفه الأطباء، ولم يرحم حتى جنوده فأصيب منهم 200 ألف بـ«مرض حرب الخليج» حتى لا يتسنى للسامع معرفة كنهه. مات منهم 15 ألفًا، وولد لهم أطفال مشوهون، نتيجة تمركز غبار اليورانيوم في الرئتين والنخاع والعظام، وسبب لآخرين أمراض السرطان المختلفة ومنها سرطان الدم والكبد. إن استنشاق غبار اليورانيوم يغير المورثات الجينية للإنسان. [من مقال لأحمد منصور في الأسبوع العربي العدد 184 تاريخ 16/11/2002م].

وكذلك فعل بيل كلينتون في حصار العراقيين لفترتي رئاسته لأميركا، وأدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء، وتحدثت وزيرة خارجيته مادلين أولبرايت أنه لا يهمها موت ملايين من أطفال العراق جراء الحصار.

ثم تبعهم جورج بوش الابن في الحرب الظالمة على أفغانستان التي شنتها أميركا في أيلول/سبتمبر 2001م، وأعادت استخدام اليورانيوم، لكن هذه المرة غير المنضب “الأشد خطورة” في القذائف فألقت منه 6 آلاف قذيفة في شرق وجنوب ووسط أفغانستان، مما جعل الجميع عرضة لخطره المضاعف عن اليورانيوم المنضب؛ لأن غباره يتطاير في الهواء عند انفجار القذائف.

وللمقارنة بين استخدام اليورانيوم المنضب وغير المنضب أخذت عينات من دم الأفغان في المناطق التي تعرضت للقصف بالقذائف الأميركية، فإن أجسادهم تحتوي على 200-460 ضعفًا مما في أجساد العراقيين من استخدام اليورانيوم المنضب. [المصدر السابق] وواصل أوباما ثم ترامب حروب أميركا بالأسلحة نفسها ورموا أهدافًا في سوريا والعراق وغيرهما.

إن أناسًا فعلوا ما فعلوا، وفاخرت أجيالهم بكل ما فعلوه من جرائم يشيب لها الولدان، ويدّعون أن فعلهم ذلك قصدوا به العناية بالشعوب المتوحشة وتمدينها، ولم يشعر الأحفاد بالخزي من تلك الأفعال، وبالتالي الاعتذار للهنود الحمر… صاروا فيما بعد رأسماليين، ولم يتغيروا أو يأسفوا على ما اقترفته أيديهم، وصاروا زعماء المبدأ الرأسمالي، وانتهاء ما انتهى بهم الحال إلى إقامة مطاعم لاستقبال وطهي وأكل لحوم البشر، والمتاجرة بالأعضاء البشرية… إن أناسًا هذا حالهم حري أن يؤولوا إلى السقوط والاندثار قبل أن يتعرض العالم لأفعالهم السيئة. هذا ما عبرت عنه الكاتبة الهندية وينونا لا دوك التي تقدمت لنيل منصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية الأميركية سنة 1996م: «إن تجربتنا مع البقاء يشاركنا فيها الكثير من الشعوب، فهي ليست خاصة بالسكان الأصليين وحدهم، بل هي تجربة بقاء كل هذه الإنسانية التي تهددها أميركا بمصير السكان الأصليين» [أميركا والإبادات الجنسية، منير العكش، ص: 79]

إن ظهور دولة الخلافة الراشدة الثانية على المسرح الدولي بمبدأ الإسلام الذي اختاره وارتضاه وأنزله رب العالمين ليكون عليه نظام الحياة على الأرض حريٌّ بأن تنقذ العالم مما مر به ووصل إليه من شرور ومصائب دامت لقرون خلت، وما زالت، إن دولة الخلافة تحمل عقيدة الطمأنينة للعالم، التي يجد فيها الهنود الحمر وأمثالهم السكينة فوق أرضهم، وإن لم يوافقوها ويجيبوها إلى ما تدعوهم إليه من اعتناق عقيدة الإسلام، فإن نظامه لا يبيد الإنسان ولا الحيوان، ولا يفسد الماء ولا الشجر ولا الهواء… بعد أن سلبها منهم الهاربون من الظلم في بلادهم ليمارسوه على غيرهم.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *