العدد 388 -

السنة الثالثة والثلاثون – جمادى الأولى 1440هـ – ك2 / يناير 2019م

“ما بعد الإسلام السياسي”: خلافة راشدة على منهاج النبوة (بإذن ربها)

“ما بعد الإسلام السياسي”: خلافة راشدة على منهاج النبوة (بإذن ربها)

 

قامت مراكز أبحاث في بلاد المسلمين، تجمع فيها من لا خلاق لهم ممن يسمَّون بباحثين علمانيين، وهؤلاء لا تقل جهودهم خطرًا عن نظرائهم الغربيين، فقد كثرت مؤتمراتهم ومقالاتهم وأبحاثهم التي يخدمون بها الغرب في حربه الفكرية على الإسلام. ووصل تماديهم إلى درجة أن تعقد مؤتمرات دولية في بلاد المسلمين بالتنسيق فيما بين مراكز أبحاثهم، وذلك من مثل المؤتمر الدولي الذي عُقد في الأردن بترتيب من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ومؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية. والذي حمل عنوان“ما بعد الإسلام السياسي” تخلَّله على مدى يومين، جلسات عديدة من الأبحاث والنقاشات بين الباحثين والخبراء في مجال الحركات الإسلامية.

وواضح في هذا العنوان المسموم أنه إعلان صريح لفشل ونهاية الإسلام السياسي بنظر الباحثين، وإعلان مبطن لانتصار الغرب على هذا المفهوم، وهذا غير صحيح البتة، فالغرب في هذه الحرب الفكرية لم ينتصر، والإسلام السياسي لم ينهزم، والمعركة ما زالت سجالًا بينهما، ولن تنتهي إلا بظهور الإسلام وإقامة الخلافة الراشدة التي بشر بها الرسول الكريم. بعون الله تعالى.  

 لقد تناولوا في المؤتمر حركات إسلامية وأعلنوا عن تخليها عن مفاهيم وفرضيات أيديولوجية، تبنّتها عقودًا من الزمن، وقبولها بدلًا من ذلك بمفاهيم الدولة المدنية والتعدّدية والديمقراطية صيغة نهائية لنظام الحكم، وفصل الدعوي عن السياسي، وأعطوا مثالًا على ذلك أحزاب العدالة والتنمية في تركيا والمغرب، والنهضة في تونس… ولكنهم تغافلوا أن هذه الحركات مشبوهة في منشئها وطروحاتها، وبالتالي هي ساقطة لدى المسلمين من قبل، وهي عندهم إنما وجدت لتلعب هذا الدور بالأصل، وهي إن كانت تلقى تاييدًا فهو تأييد لا يعتدُّ به، وهو تأييد مضمون بضمان الحكام لهم. فأمثال الريسوني والغنوشي هم في الحضيض لدى الأمة، أما أكثرهم جدلًا، وهو أردوغان، فهو أكثرهم سقوطًا لكثرة ما يرتكبه من موبقات صراحٍ، فهو ظهير لكيان يهود، وحليف لأميركا في حربها على الإسلام في كل من أفغانستان والعراق وسوريا. وتقييمنا هذا للرجل هو تقييم عام للأمة، وليس تقييمًا لجزء منها لا يعتد بتقييمهم. والمدقق بموقف المؤيدين له يرى أنهم يصدقونه فيما يدعيه من نصرة الإسلام؛ إذًا فإن تبعيتهم الحقيقية هي للإسلام وليس له، وتحديدًا للإسلام السياسي، كونه حاكمًا سياسيًا.

وتجري الآن ضغوط على حركة الإخوان المسلمين من أجل اللحاق بهذا الركب الذاهب إلى الجحيم، فسواء أكانت هذه الضغوط حقيقية أم شكلية، فإن من يسير بهذا الاتجاه يحكم على نفسه بالسقوط؛ إذ الأمة باتت أوعى من مثل هذه الحركات التي سبقها وعي المسلمين، ومعلوم أن المسبوق لا يقود.

الوعي: إننا في حالة صراع فكري بين الإسلام والغرب، وبدل أن يكون المبدأ الرأسمالي هو مجال المراجعة والتخلي عنه، يحدث العكس. وبدل أن يكون الإقناع بالحق هو السائد لدى هؤلاء الباحثين نراهم يسيرون مع الغرب في فرض إرادته في منع العمل بالإسلام السياسي. إن هؤلاء الباحثين الذين هم من جلدتنا هم خونة لدينهم ولأمتهم. ومن يسير معهم ممن يصنَّفون أنهم مسؤولو حركات إسلامية رضوا بفصل العمل الإسلامي عن السياسة هم أكثر خيانة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *