العدد 51 -

السنة الخامسة – العدد 51 – ذو الحجة 1411هـ الموافق تموز 1991م

من خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم (خُطبة حَجة الوداع)

ضُحى يوم النحر في مِنىًّ بَيْنَ الجَمرات، وهو صلى الله عليه وسلم على ناقته.

 «أيها الناس، اسمعوا قوْلي، فإني لا أدري لَعَلّي لا أَلْقاكُمْ بعّد عامي هذا بهذا الموقف أبدا».

«أيها الناس، إن ربكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ، كلكم لآدم وآدمُ من تراب. وإنَّ أكرمكُمْ عند الله اتقاكم، ليس لعربيٍّ فضل على عجميّ إلاّ بالتقوى. ألا هل بَلَغْتُ؟ قالوا: نَعَم. قال: اللهُمَّ اْشْهَد».

«أيها الناس، أيُّ يوم هذا؟ قالوا: يومٌ حرامٌ. قال: فأيُّ بلدٍ هذا؟ قالوا: بلدٌ حرام. قال: فأيُّ شهر هذا؟ قالوا شهرٌ حرام. قال: فإنَّ دماءكُمْ وأموالكُمْ وأعراضكُمْ عليكمْ حَرامٌ كحُرّمَة يومكمْ هذا في بلدكُمْ هذا في شهركم هذا إلى يوم تَلْقوْن ربكمْ. فأعادها مراراً. ثم رفع رأسه فقال: ألا هل بلَّغتُ؟ قالوا نَعمْ. قال: اللهمَّ اشْهَدْ. فَلْيُبَلِّغِ الشاهدُ الغائبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى من سامعٍ. فلا تَرْجعوا بعْدي كُفَّاراً يضرب بعَْضُكمْ رِقابَ بعضٍ».

«فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. وإنَّ كل ربا موضوعٌ، ولكن لكم رؤوس أموالكم، لا تَظلمون ولا تُظلمون، قضى الله أنه لا ربا، وإنَّ ربا العباس بن عبد المطلب موضوعٌ كُلُّه».

«وإن كُلَّ دمٍ كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضعُ دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطْلِب (وكان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل) فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية».

«أما بعد أيها الناس، فإن الشيطانَ قد يئس أن يُعبَد بأرضكم هذه أبداً، ولكنَّه إن يَطعْ فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم».

«أيها الناس، إن النسيء زيادة في الكفر، يُضَلُّ به الذين كفروا، يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عِدَّةَ ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحلَّ اللهُ. وإن الزمانَ قد استدار كهيئتهِ يومَ خلق الله السموات والأرض. وإن عِدَّةَ الشهور عند الله اثنا عشر شهرا، منها أربعة حُرُم: ثلاثة متوالية ورجب مضر الذي بين جُمادى وشعبان».

«أما بعد أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقَّا؛ ولهنَّ عليكم حقا؛ لكم عليهنَّ أن لا يُوطِئنَ فُرشَكُم أحدا تكرهونه، وعليهنَّ أن لا يأتينَ بفاحشةٍ مُبينَّة، فإن فعلن فإن الله قد أذِنَ لكم أن تهجروهنَّ في المضاجع، وتضربوهنَ ضرباً غير مُبَرَّحٍ. فإن انتهينَ فلهنَّ رزقُهُنََ وكسوتهن بالمعروف. واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهنَّ عندكم عوانٍ لا يملكن لأنفسهنَّ شيئا. وإنكم إنما أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلماتِ الله، فاعْقِلوا أيها الناسُ قولي، فإني قد بلَّغت».

«وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا: أمرا بينا، كتاب الله وسنة نبيه».

 «أيها الناس، اسمعوا قولي واعْقِلوه: تعلمُنَّ أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلِمُنَّ أنفسكم. اللهم هل بلغت؟. قالوا: اللهم نعم. فقال: اللهم اشهد».

     «وقام إليه صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يوم النحر رجلٌ فقال: كنت أَحْسِبُ أنَّ كذا قبل كذا. ثُمَّ آخر فقال: كنتُ أحْسِبُ أن كذا قبل كذا، حلقت قبل أن أنحر، نحرتُ قبل أن أرمي، وأشباه ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم افعل ولا حرج لهنَّ كلَنَّ، فلما سُئل يومئذٍ عن شيء إلا قال افعل ولا حرج». (البخاري ومسلم وسيرة ابن هشام)1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *