في رحاب الوحي: موالات الكافرين تقود للكفر
1995/08/31م
المقالات
1,466 زيارة
قال تعالى في سورة آل عمران: (لا يتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويذركم الله نفسه وإلى الله المصير)
ويقول تعالى في نفس السورة: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)
يقول الإمام القرطبي في تفسير هذه الآيات: قال ابن عباس: نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفار فيتخذوهم أولياء، ومعنى فليس من الله في شيء أي فليس من حزب الله ولا من أوليائه في شيء.ويقول: أكد الله سبحانه وتعالى ازجر عن الركون إلى الكفار وهو يتصل بما سبق من قوله: إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب.. والبطانة مصدر ما يسمى به الواحد والجمع، وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر. بطن فلان بفلان يبطن بطونا إذا كان خاصة به.
فقد نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء ولجاء يفوضونهم في الأمر ويستشيرونهم في أمورهم. وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
ثم بين الله المعنى الذي لأجله نهى عن المواصلة فقال: لا يألونكم خبالا، يقول فسادا. يعني لا يتركون الجهر في فسادكم، يعني أنهم وإن لم يقاتلوكم في الظاهر فإنهم لا يتركون الجهر في المكر والخديعة.
وروي أن أبا موسى الأشعري استكتب ذميا، فكتب إليه عمر يعنفه وينكر عليه هذا الأمر.
وقال محمد بن جرير الطبري في تفسيره: القول في تأويل قوله (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء). قال أبو جعفر: وهذا نهي من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانا وأنصارا وأظهارا، ولذلك كسر يتخذ لأنه في موضع جزم بالنهي، ولكنه كسر الذال معه للساكن الذي لقي ساكنا. ومعنى ذلك لا تتخذوا أيها المؤمنين الكفار ظهرا وأنصارا توالونهم على دينهم وتناصرونهم على المسلمين من دون المؤمنين وتدلونهم على عوراتهم، فإن من يفعل ذلك ليس من الله في شيء يعني بذلك فقد بريء من الله وبريء الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر.
وقال أبو علي الفضل بين الحسن الطبري في كتاب جمع البيان في تفسير القرآن: يقول تعالى: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء، لما بين أنه مالك الدنيا والآخرة والقادر على الإعزاز والإذلال نهى المؤمنين عن موالاة من لا إعزاز عنده ولا إذلال من أعدائه، لتكون الرغبة فيما عنده وعند أوليائه المؤمنين دون أعدائه الكافرين، فقال: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء أي لا ينبغي للمؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء لنفوسهم وأن يستعينوا بهم ويلتجئوا إليهم ويظهروا المحبة لهم، كما قال في عدة مواضع من القرآن الكريم، مثل قوله (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) ،وقوله (لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء)، وقوله (لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء). وقوله: من دون المؤمنين معناه يجب أن تكون الموالاة مع المؤمنين، وهذا نهي عن موالاة الكافرين ومعاونتهم على المؤمنين.
فعلماء التفسير متفقون على تفسير هذه الآيات، وهو حرمة موالاة الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم. وما نلاحظه من حكام المسلمين هو عكس هذه الآية، فإنهم يوالون الكفار من يهود ونصارى، بل ويسيرون تحت مظلتهم يأتمرون بأمرهم وينتهون بنهيهم، وهم أداة للكفار لضرب المسلمين وإذلالهم وإبعاد الإسلام عن حياة المسلمين ومحاربة الله ورسوله بل وصل الحد ببعضهم من أمثال ملك الأردن إلى اعتبارهم مؤمنين وجعلهم إخوانا له، فقد صدق في ذلك فهم إخوة له لا للمؤمنين، فإن الله سبحانه وتعالى يقول (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)، وصدق رب العالمين وكذب ملك الأردن.
وكما قال الشاعر: لا تسأل عن المرء واسأل عن خليله، فهو حين يتخذ رابين خليلا فهو مثله.
فحكام المسلمين ظاهرو الكفار محل المسلمين وجعلوهم بطانة لهم، بل وكما ذكرت جعلوهم أسيادا لهم وجعلوا من أنفسهم عبيدا فهم يؤمرون فيطيعون.
لذلك نجد هؤلاء الحكام الذين يدعون زورا وبهتانا أنهم جزء من هذه الأمة يوالون الكفار ضد المؤمنين فيحاربون الله ورسوله، ونجدهم يتهمون كل من يدعو إلى الإسلام بالتطرف والإرهاب ويقتلونه ويسجنونه، ويمنعون كل ما يمت إلى الإسلام بصلة ويشيعون في الأمة الفاحشة والرذيلة وأفكار الكفر.
ومظاهرة حكام المسلمين لليهود والكفار الغربيين وموالاتهم أمر ظاهر للعيان لا يحتاج إلى برهان. ولذلك وجب على الأمة أن تزيلهم وتغيرهم وتغير عليهم حتى يعود الحق إلى نصابه ويرجع الأمر إلى أهله وتعود هذه الأمة كما كانت وكما يجب أن تكون خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولا توالي ولا تعادي إلا في الله ولله.
فإن من نصبوا من قبل الكفار حكاما عليها جعلوا ولاءهم للكفار أعداء الله وأعداء المسلمين، وتبرأوا من الإسلام وأهله، ألا ساء ما يعلمون.قال ق
1995-08-31