العدد 324 -

السنة الثامنة والعشرون محرم 1435 هـ – تشرين الثاني 2013م

شهيد من داغستان: عابالوفا عبد الله محمد رسول

الشهيد (بإذن الله تعالى)

عابالوفا عبد الله محمد رسول في داغستان

كانت أمة الإسلام وما زالت أمة واحدة من دون سائر الأمم مصداقاً لقوله تعالى: ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، ويشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء، وقد ذاقوا منها ما ذاقوا حتى إنهم ليخشونها أشد الخشية، ويعملون على تفريقها وشرذمتها  بأفكار الوطنية والقومية والعرقية… وقسموا بلاد المسلمين الواحدة إلى دويلات وعملوا على جعلها متنافرة حتى لا تجتمع من جديد على دولة واحدة ودعوة واحدة ورسالة جهاد واحدة، وحاربوا كل دعوة تعمل على توحيد الأمة من جديد، عن طريق إقامة دولة الخلافة الراشدة، وأولاها دعوة حزب التحرير  وهذه حادثة تبيِّن كيف أن أمة الإسلام واحدة،لم يستطع أن يفرقها الغرب بالرغم من كل أفاعيله، وتظهر كيف أن هذه الأمة موصولة ببعضها برابطة العقيدة، ويجمع بينها فهم واحد لمعنى الحياة، وتوجه واحد لإقامة شرع الله، وهدف واحد وهو العيش برحاب العبودية لله وحده والعمل على تعبيد الناس جميعاً لله رب العالمين، وهذا ما يجعل حزب التحرير متغلغلاً بفكره في جميع جنبات العالم الإسلامى:

(1)

كلمة للشهيد (بإذن الله تعالى)

عابالوفا عبد الله محمد رسول في داغستان قبل اغتياله

هذه كلمة سابقة للشهيد )بإذن الله( عابالوفا عبد الله محمد رسول في جنازة أحد إخوانه الذين قتلوا على أيدي أعداء الله، وهو، رحمه الله، لم يكن يعلم أنه بعد أشهر سيلحق بأخيه هذا ويرتقي إلى ربه شهيدًا – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا – حيث سقط شهيداً مساء يوم الأحد في 15/09/2013م بمدينة كزلار في جمهورية داغستان؛ بأيدٍ غادرة آثمة اغتالته أثناء عودته إلى منزله لا لشيء إلا لأنه يقول [ربنا الله] ويعمل في صفوف حزب التحرير لإعلاء راية الإسلام خفاقة، حيث قام بعض الإخوة بإيصال الأخ عبد الله إلى منزله فلاحظوا وجود سيارة سوداء اللون من طراز جيغولي 14 بدون لوحة أرقام كانت تقف بالقرب من منزل الشهيد (بإذن الله تعالى)، وما أن ترجل الأخ عبد الله من السيارة متوجهاً نحو باب منزله حتى أطلق أعداء الله النار عليه فأصابوه إصابات بالغة في الصدر، نقل على إثرها إلى المستشفى حيث فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها. وقد تم دفن جثمانه الطاهر صباح يوم الاثنين 16/09/2013م في مقبرة مدينة كزلار.

فإنا لله وإنا إليه راجعون

نص الكلمة:

«إخواني الأعزاء يقول الله سبحانه وتعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، يبين الله الحق أن كل نفس ستذوق ما ذاق أخونا اليوم (الموت)، ولن يمنعه من ذلك لا غنى ولا صحة ولا حرص ولا حراسة، ولن ينفعه من ذلك شيء إلا ما قدم لله وفي سبيل الله. وكما ورد عن حببينا المصطفى صلى الله عليه وسلم أننا في نوم ولا يوقظنا منه إلا الموت، فأفيقوا منه قبل موتكم. وقال نبينا الحبيب أكثروا من ذكر هادم اللذات (الموت). انظروا كيف نعيش اليوم وفي أي حال، وكيف نخشى الله سبحانه وتعالى. انظروا كيف كان يخشى أبو بكر الصديق ربه، وكان يقول يا ليتني كنت شجرة. انظروا كيف كان يخشى الفاروق عمر اللهَ سبحانه، هذا الرجل المبشَّر بالجنة، والذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو كان نبي بعدي لكان عمر، يقول: لو كان عندي ذهب مثل مد الشمس لأنفقته، لو علمت أن ذلك يؤجل لي في موتي ولقاء ربي».

أين نحن من هؤلاء الحكام أمثال عمر وأبي بكر اللَّذيْن خشيا الله وخافاه حق الخوف، فها هو عمر يقول لو أن دابة عثرت في العراق لسألني الله عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر، دابة وليست إنسانًا، انظروا إلى حال حكامنا اليوم.

انظروا إلى حال أخينا، اثنا عشر يوماً بقيت جثته هناك واثنا عشر يوماً في مكان آخر، مع أنه يجب الإسراع في دفن الميت كما اتفق أصحاب المذاهب كلها على ذلك سواء هنا في داغستان أو في الأماكن الأخرى.

عندما ذهبنا لطلب الجثة من لجنة التحقيق (أعداء الله) وأخبرهم الإمام بأنه يجب الإسراع في دفنه فليدفن اليوم الجمعة، رد عليه المسؤول قائلاً: أنا أطبق قانوني العلماني ولا يهمني ما تقولون. الآن هو يقول إنه علماني، ولكن عندما سيأتيه الموت سيتذكر الله وسينطق بالشهادتين، ولكن هيهات أن ينفعه ذلك.

انظروا إلى حال الأمة، والتي داغستان هي جزء منها، انظروا كيف يعاني المسلمون اليوم في سوريا، ماذا يفعل بهم عدو الله بشار أهلكه الله ومن والاه، إنه يدفن الناس أحياءً، ويقتل الأطفال، ويغتصب أخواتنا، ما عليك إلا الذهاب إلى يوتيوب حتى ترى ذلك. الكل شاهد الفيديو المشهور عندما قام الطغاة بدفن أحد المسلمين ولم يبق ظاهراً من التراب إلا رأسُه، وطلبوا منه أن يكفر بالله ويقول: لا إله إلا بشار، وهو يقول لا إله إلا الله، ويموت على ذلك.

هذه الصورة تتكرر من لدن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة؛ فالله خلقنا وابتلى بعضنا ببعض ليميز الله الصادق من الكاذب ويرى من يثبت ويبقى على طريق الله. هؤلاء الفراعنة موجودون في كل وقت، انظروا إلى ذلك الفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى ماذا فعل الله به (لعنة الله عليه). يذكّرنا الله تعالى في سورة البروج بالقوم الذين آمنوا به وبدأ كفار قومهم يرمونهم بالنار الواحد تلو الآخر ليردّوهم عن دينهم، ولكنهم لم يرتدوا وماتوا شهداء في سبيله سبحانه. هذا وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أن سبب تعذيبهم وحرقهم إنما هو إيمانهم بالله سبحانه، قال تعالى:[ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ]، كما بيَّن الله سبحانه وتعالى حال الظالمين الذين عذبوا المؤمنين بأن لهم عذاب الحريق في جهنم قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) ثم بيَّن حال المؤمنين الموحدين الذي قدموا أرواحهم وأموالهم بأن لهم الجنة فقال جل من قائل: ( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)

من هنا يتضح السبب الأول لما تعانيه الأمة اليوم؛ وهو كراهية الكفار لهم، فيقول الله سبحانه وتعالى في ذلك ]وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[، فهم لن يقبلوا بنا ويكفُّوا عنا حتى نتحول إلى دينهم ونترك ديننا؛ ولكننا نصرخ ونقول بملء أفواهنا بأننا مسلمون… لن يرضوا عنا حتى نكون معهم ونمارس ما يمارسون من رذيلة كالجلوس معهم في الخمارات واقتراف الزنا وغيرهما من المعاصي؛ ولكن عندما نقول: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، ونتبرأ من كل عبادة وعمل لغيره، فساعتها لن يحبونا ولن يرضوا عنا، هذه كلمات الله وليست كلماتي؛ ولهذا يتوجب علينا أن نختار: هل نكون معهم أم مع الله الذي قوله الحق؟

إن الله سبحانه وتعالى كتب للإنسان أجله ورزقه عندما أرسل الملك بعد أربعة أشهر من حمله، وكتب له مستقبله، فلماذا نخاف من قول كلمة الحق ولا نخاف منه سبحانه، ولا نخاف ذلك اليوم الذي سنقف فيه بين يديه؟. تصوروا أننالم نستطع أن نواري جسد أخينا في قبره إلا بعد أكثر من اثني عشر يوماً، فالكل كان آثماً إلا من تلبَّسَ بمحاولة أخذه ودفنه.

أما السبب الثاني، إخواني الأعزاء، ما ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: ]ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [ نعم، يضغطون علينا كي نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض، ونأخذ ونترك من الإسلام ما يعجبنا وما يسمح به بوتين وأعداء الله. نصلي ونحج، ولا يتسنى لنا القيام بالحج إلا بعمل الحرام من دفع للرشوة، لا نستطيع أن نرسل بناتنا للمدارس لأنهم يفرضون عليهن خلع الحجاب ومشاكل أخرى. هناك أمر من الله بأن نأخذ بالكتاب كله وإلا ينتظرنا خزي في هذه الحياة الدنيا وينتظرنا أشد العذاب يوم القيامة.

أنا لا أخشى ما سيحصل لنا ولا أخشى ما سيحصل لأخينا فإنه حي يرزق عند ربه قال تعالى: ] وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ  [ أحياء سعداء عند ربهم.

يجب أن نخاف على أنفسنا حيث سيسألنا الله سبحانه وتعالى أين كنتم؟ لماذا لم تدفنوه في وقته؟ إلى أين كنتم تنظرون؟ سيسأل الله كل منا عن كل حكم معطل من أحكامه.

واللهِ إنها مذلة ليس بعدها مذلة، سيستمرون في منعنا من دفن أبنائنا وسيقتلون المسلمين ويغتصبون المسلمات في العالم أجمع حتى نعود إلى ربنا… وسيبقى حالنا كذلك ما لم نُقِم الخلافة ونعطي البيعة لإمام كما أعطيت لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»

إذا لم يتأثر قلب المسلم عندما يرى المنكر، وعندما يرى السكارى والنساء العاريات في الشوارع، وعندما يرى قتل المسلمين وذلك أضعف الإيمان، فهذا لا إيمان في قلبه كما بيَّن رسول الله وهو من أثقل الذنوب.

أدعو الله أن يتقبل أخانا ويغفر له ولأمة الإسلام ويعيد لنا خليفتنا الذي سيحمينا ويحاسبهم على كل مسلم وعلى كل قطرة دم سالت منا.

قمنا بالدفن حسب وصية أخينا الشهيد مسلم، والذي طلب منا عدم قراءة القرآن في المقبرة، ونحن وبعد استشارتنا للشيخ حسين إمام المسجد المركزي أخذنا بوصية أخينا مسلم، فتقبله الله وغفر الله لنا وله وقوَّانا وأعزّ دينه.»

(2)

كلمة عند تغسيل الشهيد (بإذن الله تعالى)

عابالوفا عبد الله محمد رسول

هذا وقد ألقيت كلمة صغيرة طيبة عند غسيل الشهيد (بإذن الله تعالى) ومما جاء فيها:

هذا أخونا عبد الله، شهيداً إن شاء الله، أخونا الجميل الطيب…

ذهب إلى ربه بقضاء الله وحكمته…

انظروا إلى إصابته والطريقة الخسيسة التي أطلق النار عليه بها من أعداء الله… انظروا إلى جرحه، وكيف تم إطلاق النار عليه وتفجير جسده

من عرف هذا الأخ، وأنا أعرفه تماماً، لا يذكره إلا بكل خير… كان ،رحمه الله، لا يهمه في الله لومة لائم، ولعل الله يجمعه مع النبيين والصديقين والشهداء، فقد كان يقول الحق وكان مساعداً وداعماً لإخوته المسلمين

وفي النهاية نقول: ما علينا إلا مضاعفة عملنا في سبيل الله.

(3)

كلمة أثناء مراسم تغسيل ودفن الشهيد (بإذن الله تعالى)

عابالوفا عبد الله محمد رسول

وكذلك ألقيت كلمة طيبة أخرى عند مراسم دفنه (رحمه الله)

«الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

إخوتي الأعزاء الأفاضل:

اليوم شهدنا المحطة الأخيرة في هذه الحياة الدنيا لأحد الإخوة الذي عهدناه من أفضل المسلمين ديناً وخلقاً، ومن أكثرهم جرأة ونشاطاً، وذلك من خلال محاولاته الدائمة والدؤوبة للوصول إلى ما كان يتمناه للأمة الإسلامية من عزة ورفعة، فقد شهدنا محاولاته الحثيثة مع أبناء أمته ومع جمعيات المجتمع المدني الإسلامية وغيرها. لقد قام عبد الله بمساعدة جمعية اتحاد العدالة وغيرها من الجمعيات، وبذل جهده في تنظيم احتفالات الأعياد كعيد الأضحى، ومن فترة قصيرة عيد الفطر في منطقة محشكلا.

لقد سخَّر عبد الله كل وقته في خدمة الإسلام سواء في سعيه من أجل تطبيقه أو تعلم أحكامه. لقد كان رحمه الله يتوقد أملاً وتفاؤلاً، ونضارة وحيوية، وكان جواداً يحب الضيف ويكرمه، ومن القليلين الذين يهتمون بمشاكل الآخرين. لن ننسى ابتسامتك أبداً يا عبد الله، وسنفتقدك دائماً؛ ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر.

إن الله سبحانه وتعالى القاهر فوق عباده كتب لكل منا أجله، فقال عز من قائل: [إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ]، فالله سبحانه وتعالى يبين في هذه الآية أن الأجل إذا جاء فلا يتقدم ساعة أو يتأخر؛ ولذلك فإننا نسلم لأمر الله وحده ونرضى بقضائه، ولا نقول إلا ما يرضيه عنا: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

إن هذه الأيدي المجرمة والقلوب الآثمة التي لا تعرف ربها أقدمت على قتل أخينا لأنها تخاف من كلمة الحق وتخشى سماعها، ولو عرف هؤلاء المجرمون الظلمة ما تسببت به فعلتهم النكراء هذه لذوي الشهيد وأصحابه من ألم جراء فقدانه، ولو عرفوا ما ينتظرهم من عذاب عند ربهم الجبار المنتقم لما ارتكبوا جريمتهم.

أيها الإخوة الكرام، إننا نعيش في أيام الفتن، وكما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من علامات يوم القيامة أن يقتل المسلم دون جرم اقترفه.

يقول الله سبحانه وتعالى(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ )، فندعو الله أن تتنزل الملائكة على أخينا الشهيد ونقول له: لا تخف ولا تحزن وأبشر بجنة عرضها السماوات والأرض بإذن الله.

إن هؤلاء الظلمة يظنون أنفسهم سيعجزون الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل يقول (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) وهو سبحانه خير الناصرين، ولكنهم ينظرون بقلوبهم المريضة وعقولهم الضيقة ويظنون أنهم هم المسيطرون، ولا يرون حكمة وقدرة الله الذي يمهل ولا يهمل. نسأله سبحانه أن يرفع أخانا في الدرجات العلى وأن يجزيه الجزاء الأوفى لما قدَّم للإسلام والمسلمين.

إن هذه الأعمال الإجرامية لن تفت في عضدنا ولن تثني إرادتنا، بل على العكس فهي تشحذ هممنا وتشد من عزائمنا؛ لأن استشهاد أخينا وغيره من الشهداء تذكرنا بهدفنا الحقيقي في الحياة وهو استئناف الحياة الإسلامية وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

منذ وقت قصير كنا مجتمعين بالشهيد الذي كان يبتسم ويتحدث معنا عن الإسلام وعن حاجة الأمة للعزة والكرامة، وهو الآن قد ذهب إلى لقاء ربه، وكلنا سيؤول إلى ما آل إليه عبد الله، يقول الله سبحانه وتعالى: ]ﭽ  ﭾ  ﭿ[  ﮀ  فكفى بالموت واعظاً؛ لذلك علينا أن نضع نصب أعيننا هذا الأمر؛ فنبذل جهدنا ونسخّر وقتنا للعمل لنصرة الإسلام والمسلمين، فالموت يطرق أبوابنا وكلنا راحل عما قريب، فها هو الشهيد الذي عرفته حق المعرفة كان حريصاً على الأمة أشد الحرص، كان حريصاً ألا يضيع وقته في غير خدمة الإسلام، فعزفت نفسه عن الدنيا وزخرفها الزائف وباع نفسه لله؛ فاصطفاه الله سبحانه وتعالى مع الشهداء. ولكي نصل إلى ما وصل إليه فلا بد لنا من أن نحذو حذوه، وإلا سيكون لنا الخزي في الدنيا والآخرة.

سنبقى نذكرك أخي، وندعو الله أن نلقاك في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في مقعد صدق عند مليك مقتدر.»

(4)

هذا وقد أصدر المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير البيان الصحفي الآتي نعى فيه عابالوفا عبد الله محمد رسول:

بيان صحفي

شهيد كلمة حق جديد في داغستان!

ارتقى إلى ربه شهيدًا – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً – مساء يوم الأحد 15/09/2013م في مدينة كزلار في جمهورية داغستان عضو حزب التحرير عابالوفا عبد الله محمد رسول المولود عام 1976م؛ حين اغتالته أيدٍ غادرةٌ أثناء عودته إلى منزله.

حيث قام بعض الإخوة بإيصال الأخ عبد الله إلى منزله فلاحظوا وجود سيارة سوداء اللون من طراز جيغولي 14 بدون لوحة أرقام كانت تقف بالقرب من منزل الشهيد بإذن الله، وما أن ترجل الأخ عبد الله من السيارة متوجهاً نحو باب منزله حتى أطلق أعداء الله النار عليه فأصابوه إصابات بالغة في الصدر، نقل على إثرها إلى المستشفى حيث فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها. وقد تم دفن جثمانه الطاهر صباح يوم الاثنين 16/09/2013م في مقبرة مدينة كزلار.

فإنا لله وإنا إليه راجعون

لقد عرفنا أخانا عبد الله، أسداً من أسود الإسلام، عفيفاً شريفاً جريئاً متحدياً أعداء الله، فقد أثار عبد الله الرعب في صفوف الخائنين بصدقه وجرأته وبحلمه وصبره، وكان كالريح قوة ونشاطاً، لقد كان رحمه الله شعاع نور يبدد الظلم والظلام في داغستان.

الجدير ذكره أن الخونة قاموا بتهديد أخينا عبد الله بتصفيته جسدياً عدة مرات، ولكنّ نور العقيدة وقوة الإيمان لم يسمحا للخوف أن يتسلل إلى قلبه، ولم يَدَع الشكّ في صحة ما هو عليه من الحق يراوده، ولم تتزعزع ثقته بقناعاته أبداً.

إننا نتوجه إلى الله العلي القدير، أن يجزي أخانا عبد الله خير الجزاء، وأن يتقبله في زمرة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، مصداقاً لقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله»، ونسأله سبحانه أن يحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. وأما أنتم يا طواغيت روسيا وأذنابها في المنطقة عامة وفي داغستان خاصة فإننا نضرع إلى المنتقم القوي الجبار أن ينتقم منكم وأن يقتلكم في نحوركم شر قتلة، وأن يجعلكم عبرة لمن يعتبر.

وفي الختام، لا يسعنا في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير إلا أن نتوجه إلى عائلة أخينا بالدعاء وحسن العزاء، سائلين الله سبحانه أن يلهمهم الصبر والسلوان. وحسبنا الله فهو المستعان وعليه التكلان.

  المكتب الإعلامي المركزي

        لحزب التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *