العدد 41 -

السنة الرابعة – صفر 1411هـ، أيلول 1990م

الدستور اللبناني الجديد

يتوقع القارئ أن تكون كلمة المحرر عن الوضع المتفجر في الخليج وليس عن لبنان، لأن مشكلة لبنان صارت وضعاً عادياً مألوفاً. ولكن لا يجوز أن تمر هذه المحطة من مسيرة لبنان دون لفت النظر إليها.

في يوم الثلاثاء 21/08/1990 اجتمع مجلس النواب اللبناني بعد أن فشل في الاجتماع يوم الثلاثة في 14/08/90. لوحظ أن أميركا، بلسان سفيرها في دمشق (وهذا مؤشر على أن أميركا ألغت سفارتها في لبنان وأناطت شؤون لبنان بسفارتها في دمشق) ضغطت على الذين عرقلوا اكتمال النصاب في 14/08/90 فانصاعوا.

أقرّ مجلس النواب في جلسته الطويلة مرسوم التعديلات المأخوذة من اتفاقية الطائف. وبذلك يكون لبنان ـ حسب رأيهم ـ قد قطع ثلثي الطريق نحو حل مشكلته وعودته إلى الوفاق والاستقرار!

فهل هذا صحيح؟

نحن في «الوعي» لا نكترث بالتعديلات الدستورية بالدستور اللبناني في شكله الجديد، ذلك لأن الدستور الجديد هو نظام كفر كما كان الدستور القديم. ولا يهمنا إن كان عدد النواب 108 أو 99 أو كان نصفهم أو أكثر من نصفهم من النصارى ما دام النواب من نصارى ومسلمين يسيرون في منهج واحد. ولا يهمنا إذا زادت صلاحيات الحكومة أو نقصت صلاحيات رئيس الجمهورية ما دام الجميع ينفذون مخططات أجنبية ترسم لهم.

كان الناس يتوقعون أن يتحسن سعر الليرة بعد نجاح النواب في عقد جلستهم وإقرار تعديلاتهم وبعد وصفهم ليوم الجلسة بأنه تاريخي ويوم مشهود وبعد تبادل التهاني والتبريكات، وكان الناس يتوقعون أن يسيروا خطوة أو خطوات نحو الاستقرار. ماذا كانت النتيجة؟

الدولار قفز إلى ما فوق الألف ل.ل. رغم تراجعه في الخارج. وتنكة البنزين قفزت من خمسة آلاف ليرة ل.ل إلى أحد عشر ألف والغاز والمازوت والكاز تضاعفت أسعارها، والمواد الغذائية تضاعفت أسعارها، ولم يعد في مقدور الناس أن يركبوا في (السيرفيس).

هذه كانت الثمرة المباشرة للدستور الجديد ولليوم التاريخي. من كان يتوقع أن تصبح أجرة الراكب في السرفيس 500 ل.ل علماً أن راتب الموظف (الحد الأدنى) هو 45 ألف ل.ل. وكثير يعلمون بأقل من الحد الأدنى، والغالبية عاطلون عن العمل لأن البلد خربان.

يعللون الناس بصندوق دولي لدعم لبنان. وبعد أزمة الخليج طار هذا الصندوق فهل يبقى لبنان أو يطير؟

إذا استمرت الأحوال على هذا الموال فإن موجة الهجرة من لبنان ستزداد، ومن لا يستطيع الهجرة ولا يستطيع تأمين قوته فسيتحول إلى السطو والتشليح لأن الجوع كافر.

هذا هو لبنان الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. فهل اتعظ أهله واعتبروا بما يصيبهم؟ وهل قرروا أن يعودوا للاندماج مع بقية بلاد الشام كي يتخلصوا من هذا العناء أو يبقون في خرابهم ومصائبهم غارقين؟¨

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *